Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

أم حلبجية ....

لا شئ يمنعها أو يقيدها أنْ تکون بعيدة عن فلذة کبدها
لاشئ يجعلها تلهو عن حبيبها
لاشئ ينسيها مواعيدها معه‌
في کلّ ساعة تحتضنه‌ , وتضمه‌ لصدرها المليء بالحب والحنان .
عندما تسمعُ صوته‌ يرتجفُ بدنها , وتزدُاد نبضاتُ قلبها وفؤادها المشحون بحبه .‌
وعندما يغفو , وينام برهة تزدادُ لوعة شوقها وتتمنى لو يستيقظ لتداعبه‌ وتلاعبه‌ وترضعه‌ من حليب روحها ومن عسل حنانها..
کيف لا وهي أم!
کيف لا والأمهاتُ خلقهنّ الله‌ لتجعلن من بساط أروحهن قبلة لأولادهن في قيامهم وقعودهم .
هو ثمرة عشقها.
والحبيب الذي انتظرته‌ بفارغ الصبر
ووهبه‌ الله‌ إياها ليکونَ من الصالحين وبارا بوالديه.‌
لکنه‌ صغيرٌ جدا , فعمره‌ فقط أيامٌ معدودة...ومازال رضيعا .
کلّ ما يحسُّ به‌ هو عشقُ والديه‌ , فالرضيعُ يحسُّ بوالديه‌ ومن موسيقا صوتهما يدركُ أنهما اللذان أنجباه‌...
کانت تحدقُ به‌ وهو نائم...
ولا تشبعُ من النظر إليه‌ عندما کان يفتح عينيه‌ ،يراها بقربه‌ تنتظره‌ کما تعوّد منها... وإنها حاضرة لتلبي طلباته‌ التي کانت ضمة صدر منها وسقيه‌ من حنانها ،فکانت ترضعه‌ بحبها وتغذيه‌ من عشقها ....
و تقول سيکبر, ُ وسيدخلُ المدرسة ,وسيحصلُ على شهادة مرموقة وأفتُخر به‌ عند الجميع وأقول إنه‌ ابني الحلبجيي...
لکنها کانت تتحسر وتفکر في الساعات الذي سيمضيها في المدرسة وکيف ستتحمل هي فراقه‌ ولو لساعات...
کانت تقول آنذاك سأدخل أيضا مدرسة لمحو الأمية حتى أساعده‌ في دروسه‌ ،وياليت مدرسته‌ ومدرستي بجانب بعضهما حتى أتمکنَ من رؤيته‌ وأراقبه‌ من بعيد فقد يحتاج إليّ أو ربما يضربه‌ أحدُ التلاميذ ‌ فأسرعُ لأحميه‌...
حمايته‌ کلّ ما تفکر به‌ رغم أنه‌ مازال رضيعا في المهد....
وفي صباح آذاري غريب وصباح ربيعي تفوحُ منه‌ رائحة الموت ...
ذبلت الزهورُ وماتت الورود , هاجمت ألوانٌ غريبة بلدتهم والموت اقتحم بيوتهم و و و
هرعت لولدها الرضيع وهي تتعثر بالجثث , والذهولُ سيطر على عقلها ..ما لهذا الموت؟؟
ما لهذا الموت؟؟ ...دخلت دارها وکانت قد وضعت صغيرها الحبيب على فراشها غارقا في النوم...
هرعت إليه‌ وضمته‌ إليها بکلّ ما آتاها الله‌ من قوة ورکضت إلى المجهول.....
إلى أين ستتجه‌؟؟ إنه‌ الضياعُ ؟؟ ومن سيؤويها مع رضيعها وأين والده‌ ..أين ...أين...أين ؟
کان الصمتُ هو الجواب وکان الموت هو المهلك ...
لکنها عبرتْ على جثث أحبائها وأقاربها وأصدقائها وأهلها وأحبتها .......
ولا تحمل غير الرضيع الحبيب والذي ظل صامتا من شدة ضمها له‌ ...!!!
ووصلت إلى حدود ايران حيث بعضٌ من السلام والمأوى .........ولا تدري کيف وصلت؟؟
جلست والخوف يحرقها
جلست والحزن يقتلها
جلست ومشاهد الموت تلاحقها
جلست والظمأ يعطشها ...
ويداها تضمان حبيبها الرضيع بقوة ...وهو صامت!!؟
وهو ساکت؟؟ لا يصرخ ...لا يبکي ...ولاااا
استجمعت قوتها و أخذتْ تفكه‌ من ضمتها .........ويا لهول ما رأت؟
إنّ الذي تضمه‌ ليس إنسانا ؟؟؟ ليس طفلها ورضيعها وحبيبها؟
لقد کانت وسادتها؟
=======================
قصة حقيقية من حلبجة .........
پريزاد شعبان
في الذکرى الواحدة والعشرين من مجزرة حلبجة
peri@live.se
Opinions