أين الصوت المسيحي في المشرق العربي ؟
ونتساءل مباشرة وتحديدا في هذا المشرق العربي اليوم ( 2006 ) ، أي في البلدان المحصورة جغرافيا ما بين إيران شرقا ( 75 مليون نسمة ) وتركيا شمالا ( 75 م ن ) ومصر غربا ( 75 م ن ) وشبه الجزيرة العربية جنوبا، وبشكل أكثر دقة:العراق ( 25 مليون نسمة ) : 750 ألف مسيحي
سورية ( 20 م. ن. ) : 650 ألف مسيحي
لبنان ( 4 م. ن. ) : 850 ألف مسيحي
وفلسطين والأردن .. وبقية المشرق كله : 100 – 150 ألف مسيحي
ومع انحسار مسيحي ( بالمطلق ) في السعودية جنوبا ولغاية اليمن ( ماعدا مسيحيي آرامكو والمارينز ) .
60 – 100 مليون نسمة في أمريكا اللاتينية من أصول مسيحية مشرقية عربية شامية .. والتي تراكمت عبر مدار القرنين الماضيين .
إن المشرق العربي عبارة عن بلاد الرافدين والشام شمالا وشبه الجزيرة العربية جنوبا ، وبالتالي فالحديث عن مسيحيي هذه المنطقة يعني مسيحيي الحلقة الجغرافية ( المغلقة ) التالية:
من نينوى / الموصل شمال العراق إلى ماردين والرها و انطاكية ثم حلب وحمص واللاذقية ودمشق ثم طرابلس وبيروت إلى القدس وبيت لحم وسيناء ثم عمان ودبي والكويت ثم بغداد وإلى البدء الموصل. والهدف ( ومن أية جهة كانت وتحت أية ذريعة كانت ) هو: تفريغ هذه المنطقة من مسيحييها سواء من داخل الحلقة أو أطرافها ، أسوة وتقليدا لعهد الإمبراطورية العثمانية التركية في أوائل القرن الماضي.
ويبدو أن المشرق العربي عموما لا يهتم بأرقام ( الإحصائيات أو استطلاعات الرأي أو الوقائع على الأرض ) ، وإنما الأمور تقاس ( عالبركة )، علما بان حضارات العالم القديم قد قامت هنا في المشرق على ضفاف دجلة والفرات والعاصي وبلاد الشام وذلك قبل بلاد النيل الذي يتدفق بعكس اتجاه الفرات ، أي هناك تلك العقلية في تحقيق توازن ( العدالة ) : بعدم المساس بالمسيحية ( النصرانية ) من ناحية بالتوازي مع ( اضطهاد ) المسيحيين المشرقيين تحديدا ، وهذا يذكرنا بعقيدة ( القنبلة النيترونية ) التي تقتل البشر وتبقي على الحجر .. وبالتالي تكثر الأحجار ( الميتة ) المسيحية في المشرق العربي ويتلاشى أصحابها ( قسرا أو طوعا تبعا للظروف المتاحة ) .
ونحدد الحلقة الجغرافية السياسية مرة أخرى :
الموصل ، انطاكيا ، حلب ، بيروت ، دمشق ، القدس ، عمان ، سيناء ، اليمن ، دبي ، الكويت ، بغداد ، الموصل . هذه الحلقة ( المشرق العربي ) تضم اليوم ( 75 ) مليون نسمة ، بينهم ( 2.5 ) مليون مسيحي شرقي ، والنسبة ( 3 – 4 ) % . وبانضمام إيران وتركيا ومصر تدخل الحلقة إطار ( الشرق الأوسط ) ، حيث مسيحيو مصر ( الأقباط ) 10 + 4 مليون نسمة داخل مصر والمغتربات ويشكلون ( ربع ) سكان مصر ، كما مسيحيو لبنان ( اليوم وليس الأمس ! ) أيضا يشكلون ( ربع ) سكان لبنان .
وكما نلاحظ وبوضوح بأن نسبة المسيحيين في مجتمعاتهم الوطنية هي منخفضة تماما .. وتميل نحو الانخفاض ( الممنهج ) وخاصة في العصر الحديث ( عام 1924 ) ثم ( 1984 ) وبعد ذلك (2001 ) ولغاية شرق أوسط ( طارد مركزي ) .. وذلك بالرغم من مقولة ( إن المسيحية معززة وبخير ) ! ولكن المسيحيين ( أبناء المسيحية ) ليسوا كذلك !! سواء حقوقيا أو مدنيا أو حتى ( عسكريا / كشفيا ) أو سياسيا أو اقتصاديا .. والخ . فنجد الكثير من الكنائس والأديرة وعماراتها الواسعة وحجارتها .. وكذلك الكثير من ( الشعارات والخطابات وحتى حريات .. ) .. ولكن بدون ذلك ( ا – ل – ص – و – ت )الإنساني الحضاري التقدمي المدني وخاصة ( الدنيوي ) مع العلم أن السيد المسيح / ربنا ومخلصنا يسوع المسيح – قد اهتم بالدنيا أيضا وعمل نجارا وصيادا للسمك مع تلاميذه ومشى فوق سطح ماء البحر وبارك السمكات الثلاث واطعم الجموع الغفيرة التي أتت إليه ليروه ويسمعوا كلامه .. وحول جرات الماء إلى شراب في عرس قانا الجليل . والسيد المسيح لم يتفوه أبدا بكلمة ( العلمانية ) المائعة الفاترة ( لا في العير و لا في النفير ، أو خسارة الدنيا والآخرة معا ) ، بل بالعكس قد قال: بأن الماء الفاتر سيلفظ من الفم خارجا . المسيح محبة ولكنه قد قاوم وجاهد ضد الظلم والشر .. جاع وتعذب واطعم الجياع ( ولم يجلس مكتوف الأيدي ويتأمل فقط في السماء ) !!
ويبقى التساؤل والسؤال:
أين الصوت المسيحي الحقيقي إيمانيا ووطنيا وإنسانيا ( المشرقي العربي تحديدا ، حيث أن الصوت المسيحي العالمي بخير ) ، وأين تلك ( الذاكرة المسيحية) الجمعية الجماعية الشعبية المدنية الأهلية ( المستقلة ) عبر القرنين الماضيين أو في بدايات القرن (20) والحالي (21) .. في هذه الأراضي المقدسة التي شهدت ميلاد وقيامة السيد المسيح والانطلاقة المسيحية الأولى إلى كافة أرجاء العالم .. وأين الصوت المسيحي المميز الإيجابي الفاعل والمبادر .. صوت صارخ في البرية .. بعيدا عن الديكور والفولكلور .. أو الهجرة !
عن موقع تباين