أيها الثوار الأحرار الأبرار: أحسنتم وإلى الأمام!
-1-ظاهرة نادرة وغير مسبوقة في تاريخ العرب قط.
فلم يسبق للعرب، أن ثاروا كما يثيرون اليوم.
ولم يسبق لهم أن طالبوا برؤوس حكامهم، كما يطالبون اليوم.
وهم محقون كل الحق في ذلك.
فلم يسبق أن حكم منطقة من مناطق العالم، حكام "غنم وبجم" كهؤلاء الحكام السارقين، الناهبين، الغاصبين بالقوة، والسطوة، وبالتاريخ، وبالدين، وبالمال .. الخ.
-2-
لقد استطاع الثوار العرب الآن، أن يضعوا في أعيننا جميعاً – نحن المثقفين - "ملحة" و(يُخجِّلوننا) من أنفسنا – نحن المثقفين الثرثارين المتقاعسين - ومنهم.
فهم يخجِّلوننا من أنفسنا، لأنه ما زال بيننا من المثقفين الأكاديميين من يُشكك، ومن يُجدِّف بقاربه المثقوب، في مياه نهر الثورة المتدفق. فهو يقف كالصخرة الصمّاء البلهاء وسط نهر الثورة المتدفق. فلا الصخرة قادرة على امتصاص الماء، ولا هي قادرة على الانزياح جانباً، لكي تدع ماء نهر الثورة يتدفق.
-3-
وهم يخجِّلوننا من أنفسنا، لأن ما زال بيننا بعض الدينيين المتطرفين القروسطيين، يحذروننا من مغبة الشرب من مياه نهر الثورة، التي يرمونها بالتلوث الغربي، وبالجهل الشرقي، وبالظلامية. وما زال هؤلاء يرددون كلام الحكام البلهاء، من أن هؤلاء الثوار الأحرار الأبرار مجموعة من العابثين، والمشعوذين، الخارجين على القانون (قانون الحكّام) والنظام (نظام الحكّام).
-4-
وهم يخجِّلوننا من أنفسنا، لأن ما زال بيننا من يُصدِّق وعود هؤلاء الحكّام في الإصلاح والتغيير، وبناء المؤسسات الدستورية، وتغيير وتعديل الدساتير (البساطير)، وكتابة دساتير جديدة، وإجراء انتخابات نزيهة وشفافة.
فلماذا كل هذا الآن، وليس البارحة؟!
فلماذا الآن، كل هذه الوعود الوردية الكاذبة، وليس قبل شهر أو شهرين، أو سنة أو سنتين، وهم - أي الحكّام- في الحكم منذ عشرات السنين، ولم يفطنوا، ولم يسمعوا صراخ الشعب، إلا الآن فقط؟!
فيا للعجب..!
ويا للكذب..!
فهؤلاء الحكام لا يعلمون أن الأنظمة العربية، شأنها شأن الاتحاد السوفيتي المنهار، إذا حاول أحد إصلاحه (كما حاول غورباتشوف في البروسترويكا عام 1985) انهار بالكامل، كبرج البسكويت، وامَّحى من الخارطة السياسية الدولية. كذلك هي الأنظمة العربية، التي بُنيت على أساس فاسد، فكان بناؤها فاسداً!
-5-
ونحن نخجل من أنفسنا الآن، لأننا ننافق هؤلاء الثوار المسفوكة دماؤهم، بينما لا نسفك نحن غير الحبر الأبيض، الذي لا يقول، ولا يفعل شيئاً.
ونحن نخجل من أنفسنا الآن، لأننا عجزة سناً، وطاقةً. ولا نجيد غير الثرثرة على المصاطب، وتصيّد ذباب أخطاء بعضنا.
-6-
لقد سبق وقلنا أن في العالم العربي نوعين من الدكتاتورية: حمراء، وخضراء.
الحمراء، وهي التي تتمسك بالحكم، وترفض التخلّي إلا بالحرابة كليبيا، واليمن، وسوريا الآن.
والخضراء، وهي التي تسارع إلى التخلّي عن الحكم بمجرد إشارات من الشارع، كما تمَّ في مصر، وتونس.
ولكن تبيَّن لنا الآن، أن ما تبقى من أنظمة الحكم العربية، هي دكتاتوريات حمراء، لن تتخلّى عن الحكم إلا بالحراب والحرابة.
لماذا؟
لأن كرسي الحكم – بالنسبة لها - كالدجاجة التي تبيضُ ذهباً كل يوم، لصالح صاحب الكرسي، ولجيبه الخاص.
ألم تبض هذه الدجاجة في الأمس (كواشين طابو) الأراضي (الميري) التي استولى عليها صاحب الكرسي؟
ألم تبض هذه الدجاجة في الأمس، المليار دولار الخليجي الذي استولى عليه صاحب الكرسي، واستقال محافظ البنك المركزي (فارس شرف) على إثرها احتجاجاً، وتبعته والدته (ليلى شرف) بالاستقالة من مجلس الأعيان؟
-7-
أيها الثوار الأحرار الأبرار على الضفة الشرقية من النهر، امضوا على بركة الله، وبركة الحق والحقيقة.
لقد استيقظتم مؤخراً، وخرجتم من الكهف، عندما أدركتم أن السمكة – كما يقول الفرنسيون – تفسد من رأسها. فطالبتم – لأول مرة - بقطع رأس السمكة الفاسد، كما طالب الفرنسيون برأس لويس السادس عشر في 1789.
فبوركتم.
وقد اقتنعتم، بأن السمكة، هي التي التهمت أراضي الوطن (الميري) البارحة، لكي تبيعها، وتقامر بها.
ثم اقتنعتم، بأن السمكة، هي التي استولت على المليار دولار الخليجي، لكي تقامر به في لندن، وباريس، ومونت كارلو، ولاس فيجاس..
لذا، طالبتم بكل وضوح وشجاعة، وأنتم على الضفة الشرقية من النهر بقطع رأس الفساد .. رأس السمكة، التي تحوّلت إلى حوت بالع، وإلى قِرْش مفترس، لكل مدخرات وثروات الوطن الفقير بماله، الغني بكم، وبصوتكم الثائر الحر الشجاع.