إلى متى ستبقون تضحكون علينا وعلى الآخرين؟؟
أقصد بـ (علينا) نحن أبناء الشعب العراقي المبتلون بالسلطة منذ عقود ماضية وربما لعقود قادمة، أما (الآخرين) فأقصد بهم الرأي العام العالمي ومنه الأميركي والبريطاني وباقي دول التحالف، أما (تضحكون) فأقصد بها الساسة الذين وُضعت مقدرات العراق في أيديهم بعد سقوط النظام الدكتاتوري القمعي السابق، الأميركان منهم والبريطانيون والحلفاء والعراقيون بمختلف أطيافهم على حد سواء.وآخر فصول الضحك علينا وعلى الآخرين كان الزيارة الأخيرة للرئيس الأميركي جورج بوش إلى العراق في الثالث من أيلول سبتمبر الجاري برفقة عدد من أركان إدارته وفي مقدمتهم وزيرة الخارجية رايس ووزير الدفاع غيتس.
لقد حط الرئيس بوش في محافظة الأنبار بقاعدة الأسد الجوية الأميركية، وأراد أن يقول بذلك لمعارضيه في الكونغرس وللرأي العام العالمي والأميركي، حسب المحللين، أنه حط في أخطر مدينة عراقية كانت حتى قبل أشهر قليلة أكثر مناطق العراق سخونة.. لكنها استقرت الآن واستتب الأمن فيها وهو تقدم ونجاح كبير للقوات الأميركية وللإدارة الأميركية في العراق قد بتيح لها خفض قواتها في هذا البلد (المستنقع)!!.
هذا الأمر كان سينال مقدارا وافرا من الصحة لو أن الرئيس بوش ومرافقيه حطوا في مدينة الرمادي وتجولوا في شوارعها مع ما شاؤوا من حماية برية وجوية.. لا أن يحطوا في قاعدة أميركية محصنة وسط الصحراء يقول البعض أن ليس هناك طريق بري مؤدي إليها والتنقل منها وإليها يكون بطائرات النقل العسكرية والمروحيات!!.. لا سيما إذا علمنا أن محافظة الأنبار هي أكبر محافظات العراق مساحة، وأن ما يزيد عن 75 % من مساحتها عبارة عن صحارى شاسعة غير مأهولة، ولا تبلغ نسبة العمران والمناطق المأهولة فيها (مدينة الرمادي وبعض الأقضية والنواحي والقرى) إلا أقل من 25 %؟!.
لماذا لم يحط الرئيس بوش ومعاونيه في بغداد العاصمة كما هو البروتوكول والتقاليد الدبلوماسية؟.
وقبل هذا الفصل من الضحك علينا كانت هناك فصول أخرى كثيرة منها أنه وخلال رده على انتقادات بعض المسؤولين الأميركيين له والمطالبين باستبداله، أكد السيد نوري المالكي رئيس الوزراء أن هذا يعد تدخلا في شؤون العراق بينما العراق دولة مستقلة ذات سيادة وليس ضيعة تابعة لـ (هيلاري كلنتون)!!.
إذا كان الأمر كذلك، وعند زيارة رئيس دولة لدولة أخرى مستقلة ذات سيادة، ألا يُفترض أن يحط الرئيس الضيف في العاصمة ويكون رئيس تلك الدولة أو رئيس حكومتها في استقباله؟؟، لكننا لاحظنا أخيرا أن بوش مع وصوله إلى قاعدة الأنبار في زيارته هذه.. بقي فيها، وهو الذي قام باستدعاء رئيس جمهورية العراق ونائبيه ورئيس الوزراء ليستقبلهم في تلك القاعدة ويجري معهم المباحثات.
وبمناسبة تصريحات السيد رئيس الوزراء فقد كان يؤكد مرارا وتكرارا على إنجازات العملية السياسية في البلاد وأن الحكومة الحالية منتخبة من قبل 12 مليون عراقي وهي بذلك متفوقة في شرعيتها على الكثير من بلدان العالم.
يا سيدي رئيس الوزراء المحترم: هؤلاء الـ 12 مليون لم ينتخبوا أشخاصا بل قوائم مغلقة، وتعيين المواقع جاء بطريقة المحاصصة الطائفية وحسب الكتل البرلمانية التي قامت بدورها على المحاصصة الطائفية (المذهبية والقومية: سنة وشيعة وأكراد)، والإنجازات التي تتحدث عنها هي إنجازات نظرية هشة، فلا الدستور هو دستور واقعي نال رضا كل الشعب، فضلا عن أنه أخترق عد مرات، ولا المصالحة الوطنية قائمة فعلا، ولا الأمن مستتب ولا الخدمات متوفرة، بينما الفساد مستشري في كل أركان الدولة، والمواطن هو ضحية كل ذلك، فهو إما مقتول أو مهجر أو مهاجر أو ينتظر دوره.. وواقع الحال على الأرض شاهد على الأمر.
هذه أمثلة قليلة وبسيطة من مسلسل الضحك علينا والذي ابتدأ منذ عهد مجلس الحكم.
كم استبشرنا خيرا بزوال عصر القمع والدكتاتورية واللاقانون والقهر والظلم والهوان والكذب والفساد.. لكن آمالنا في العراق الجديد لا زالت على مهب الريح منذ أربع سنوات.
نحن لسنا ضد الحكومة ولا ضد أي عراقي وطني غيور.. لكننا لا نقبل أن يستمر الضحك علينا إلى أبد الآبدين.. لا من الإدارة الأميركية ولا من الحكومة العراقية ولا من أي طرف آخر.. كونوا صادقين من الله أولا ومع أنفسكم ثانيا ثم مع شعبكم، ففي النهاية.. لا يصح إلا الصحيح.