Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

ارحموا العراق

المشهد السياسي اليومي في العراق الجريح لا يسر عدوا ولا صديق ، فالامور دائما تعود الى نقطة الصفر بعد طول الدوران في حلقة مفرغة لا تنتهي والحصاد بالنسبة للمواطن العراقي المغلوب على امره هو المزيد من الخيبات والقنوط واتساع الهوة بينه وبين السياسيين ابطال الدراما اليومية النمطية المتكررة على المسرح العراقي الغارق في المأساة والغائر في بحر الانين والدموع .
فقبل ايام استيقظ العراقيون على خبر تحالف جديد بين اقطاب العملية السياسية لم يأت بجديد ولم يحمل في ثناياه ترياق الخلاص والراحة لهذا الشعب البائس ، تحالف جديد لا يحمل جديدا ولا ينطوي على دفع للعملية السياسية كما يزعمون والتي تحتضر اليوم موشكة ان تلفظ انفسها الاخيرة .
تحالف اليوم هو تحالف الامس بنفس الرموز ونفس الكتل والاقصاء والتهميش الذي اصاب اطراف الامس لا زال ساري المفعول وهو يترسخ الان اكثر ، فعن اية مصالحة يتحدثون ومع من..؟ واين نحن من العراق الديمقراطي الذي يدعون عزمهم على بنائه وهم موغلون في اقصاء وابعاد الاخرين كبيرا كان ام صغيرا..؟
العراق الديمقراطي الجديد يجب ان يتسع لجميع ابنائه وان يكون للجميع لبنة ولو صغيرة في صرحه ، اما التغييب والاقصاء فانه لن يحل الازمة ولن يوصل الى بر الامان المنشود .
اكثر التحليلات واقعية تذهب الى القول ان التحالف الجديد بين الكبار والممسكين اصلا بزمام الامور منذ العام 2003 وحتى الان جاء دعما لحكومة المالكي وجرعة منشطة متأخرة بغية انتشالها من مصير محتوم نتيجة المشاكل العصيبة التي تواجهها ونظرا للضغوط الداخلية والخارجية المنهالة عليها بعد فشلها في استقطاب اطراف عراقية سياسية مؤثرة الى حلبة المشهد السياسي من جهة ومحدودية نجاحها في خطة فرض القانون التي بدأتها قبل اكثر من ستة اشهر من جهة اخرى بالاضافة الى النخور الداخلي الذي اصابها بسبب انسحاب اطراف مهمة من تشكيلتها بدءا بانسحاب وزراء الكتلة الصدرية مرورا بانسحاب وزراء جبهة التوافق العراقية وليس انتهاءا بانسحاب وزراء القائمة العراقية ، فما الذي بامكان الحلف الجديد ان يفعله بعد توالي الانشقاقات وتواتر الانسحابات من هذه الحكومة وعن اية اصطفافات جديدة منقذة يتحدثون ..؟ واي عراقي ديمقراطي ينشدون ..؟ والعراق يذبح يوميا الف مرة من الوريد الى الوريد بسيوف تعددت الوانها وعناوينها ، لكن المذبوح واحد هو العراق .
ايها السادة ارحموا العراق يرحمكم الله ، فوضوا امره الى خالقه وارفعوا عنه مطارق الطائفية والاستئثار والانانية ، عسى ان تعود اليه العافية ويسترد انفاسه فينهض من كبوة طالت ومحنة عظمت وفجيعة اضحت بحجم الكون .
لسنا بحاجة الى اعلانات يومية عن تحالفات لا تنتهي ولا تحقق لشعبنا شيئا من امنياته المتواضعة وفي مقدمتها امنيته الاغلى في العيش بامان وتحقيق الوفاق الوطني والحد الادنى من الخدمات الانسانية الاساسية التي يحتاجها الانسان اينما كان .
ان شعبنا الذي تحول الى جموع لاجئين في مشارق الارض ومغاربها او مشردين مرحلين بسبب العنف الطائفي والمذهبي داخل الوطن مستعطيا فقراء الارض وضعفائها بعد ان كان السيد الواهب ومضيفا وعونا لكل فقير ومحتاج بحاجة الى الامن والى لقمة الخبز المغمسة بالعزة والكرامة ، بحاجة لأن يعود سيدا على ارضه عوض ان يكون لاجئا لدى الاخرين ومعتاشا على فتاتهم ، فأين انتم من شعبنا ايها السادة اصحاب المشاريع والاحلاف واهل الحل والربط واصحاب القرار ..؟ اين انتم من مأساة شعب ضاقت به الدنيا فلم يجد الا في الهروب خلاصا وفي الغربة اهلا وعشيرة وفي البعد والمنفى وطنا ..ام انكم اغمضتم العيون واعرضتم الاسماع عن محنته وفوضتم امره الى الاقدار ..؟ واذا كان الامر كذلك فان العناية الالهية لن تتركه بل سترعاه بعين رحمتها وما اوسعها ، هي عين لا تغفل ولا تغيب ولا تخذل ولا تخيّب ..؟ Opinions