Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

استياء وغضب في الشارع الآشوري والمسيحي في الجزيرة السورية عشية الاحتفالات بأعياد الأكيتو والفصح المجي

18/03/2007

زهريرا/القامشلي/
يكاد، آشوريو ومسيحيو الجزيرة السورية عامة، يطوون جراحهم وحزنهم العميقين اللذان تسببا بهما اغتيال الشابين ميخائيل حنا وسائقه جميل شمعون، يعملان في المصرف الزراعي بمدينة المالكية، من قبل جهة مجهولة على طريق عام وفي وضح النهار، بقصد سلب مبلغ من المال وهم في طريقهم الى المصرف. من غير أن يلقى القبض على القتلة المجرمين حتى الآن. حتى اهتزت مدينة الحسكة لاغتيال الشابين الآشوريين، ابراهيم عبد الأحد ويلدا يعقوب في تشرين الأول 2004، ومن غير سبب وبطريقة ابتزازية أمام أهالي الحي على أيدي عرب متطرفين في مدينة الحسكة.

وقبل أيام،عشية احتفالات الآشوريين بطوائفهم المختلفة(سريان/كلدان) بأعياد الأكيتو (بداية السنة الآشورية) الذي يصادف في الأول من نيسان من كل عام وهو ابرز أعيادهم القومية،والاحتفال بأعياد الفصح المجيد في الأسبوع الأول من نيسان،من جديد عم الاستياء والاحتقان الممزوج بالقلق الشارع الآشوري والمسيحي عامة في الجزيرة السورية إثر اغتيال الشاب المدرس غازي يونان الوحيد لأسرته والأب لأربعة صغار، في العاشر من آذار الحالي في أحد شوارع مدينة المالكية من قبل مجموعة عربية مدعين أنهم قتلوه لثأر قديم مع عائلته وقع قبل نحو نصف قرن، جدير بالذكر أن حالة القتل الأولى التي تمت في خمسينات القرن الماضي غير مؤكدة على المتهم والد المغدور به غازي، فضلاً عن أن عملية مصالحة كانت قد تمت آنذاك بين العائلتين بفضل وجهاء عشائر عربية ومسيحية.ومنذ اغتيال الشاب غازي يسود حالة من الغليان والاحتقان الشعبي والتوتر في مدينة المالكية.وقد زادت وتصاعدت حالة الاحتقان في الشارع بالمدينة بسبب تلكؤ وعدم القاء القبض على القتلة من قبل السلطات الأمنية بالرغم من المعرفة بهم.وقد لاقت هذه الجريمة البشعة استنكار واستهجان شعبيين في معظم الجزيرة السورية ،من كل الشرائح والقوميات والطيف السياسي والاجتماعي. ومن المتوقع أن يقوم أهالي مدينة المالكية بتنظيم مسيرة شعبية سلمية غاضبة استنكاراً للجريمة وللمطالبة السلطات المعنية بتحمل مسؤولياتها والقيام بواجبها في القبض على القتلة.كما من المقرر أن تعلق جميع الكنائس في المدينة احتفالاتها بأعياد الفصح المجيد القادم حداداً واحتجاجاً على جريمة اغتيال الشاب غازي…

وفي بلدة القحطانية(قبور البيض)، التي تبعد عن القامشلي شرقاً نحو ثلاثين كلم. في الثالث والعشرين من شباط الماضي فوجئ خوري البلدة الأب سمعان عيسى بوجود صليباً ألقي به في حديقة منزله من قبل جهة مجهولة، ارفقت معه رسالة قصيرة كتبت بخط اليد تحمل رقم واحد جاء فيها حرفياً:(( أيها النصارى….أيها القس….أنزعوا الصليب الموضوع على أعلى العمود فنحن ها قد نزعنا الصليب المجاور له. وإن لم تنزعوه فسنجعلكم تندمون على ما فعلتم. ….. والله يشهد…)).يذكر أن الصلبان المشار اليها هي ما تبقى من صلبان زين بها الحي الآشوري (السرياني) في احتفالات عيد الصليب.المثير في هذه القضية ليس نزع الصليب بحد ذاته على أهميته وإنما الرسالة وما حملته من تهديد وصيغة الجمع التي كتبت بها. فهذه مؤشرات ترجح أن الجهة التي خططت ونفذت العملية وكتبت الرسالة ليست فرداً وإنما مجموعة مرتبطة بأحد التنظيمات الإسلامية التكفيرية و السلفية مثل القاعدة التي بدأت تنمو وتنتشر بكثرة في المنطقة العربية الإسلامية.فتعبير (النصارى) درجت على استخدامه وإطلاقه قادة هذه التنظيمات في خطابها العدائي التكفير للغرب والذي غالباً تكفر اليهود والنصارى.في حين أن العامة من المسلمين عادة يستخدمون تعبير المسيحيين وليس النصارى.

للوقف على حقيقة ما جرى ذهبت الى المجلس الملي- الهيئة الإدارية- لكنيسة السريان الأرثوذكس بالقحطانية، التقيت خوري الكنيسة الأب سمعان عيسى و رئيس المجلس السيد،سليمان ملكي.في حديثهم الينا استنكر الجميع بشدة هذا العمل المستهجن الذي وصفوه بالغريب والشاذ عن أخلاق أهل بلدتهم بمسيحييها ومسلميها الذين عاشوا على مر التاريخ بوئام ومحبة وسادت بينهم أطيب العلاقات.أكد المتحدثون أنهم ليسوا مع التصعيد، لكنهم لن يسكتوا عما جرى لأنه قد يكون مقدمة لأعمال استفزازية أخرى مستقبلاً، لأجل هذا أبلغوا الجهات المعنية في الدولة لتتحمل مسؤولياتها في الكشف عن الجهة التي تقف خلف هذا العمل ولمنع حصول أعمال مشابه، كذلك أعلموا المرجعيات الدينية العليا للكنيسة السريانية الأرثوذكسية، مطران الجزيرة والبطريرك زكا عواص الذي يأخذ من دمشق مقراً له.

قال رئيس المجلس الملي: ((من أجل اصال رسالتنا الى المتعصبين والظلاميين، كخطوة أولى أعدنا وضع الصليب المنزوع الى مكانه ومن ثم سنرفعه مع الصليب الآخر لاحقاً بعد فترة، ذلك لقطع الطريق على من يريد زرع الفتنة بين أهالي البلدة وزعزعة الاستقرار في وطننا سوريا الذي نعتز بانتمائنا اليه .وأضاف: منذ حصول الواقعة ونحن نعمل جاهدين للتخفيف من حالة الاحتقان والتوتر في الشارع السرياني والمسيحي عامة الذي شعر بالمهانة والاستياء مما حصل، خاصة في أوساط الشباب المستنفرين.وبالفعل عند خروجنا من الكنيسة كانت جموع كبيرة من شباب السريان الغاضبين في ساحة الكنيسة جاؤوا للضغط على مجلس الطائفة ليبقي على جميع الصلبان مرفوعة في الشارع بشكل دائم.

ما أريد قوله هنا ككاتب وناشط سياسي : أن ما حصل في بلدة القحطانية لم يكن حدثاً دموياً ،لكنه بدلالاته يعد حدثاً خطيراً باتجاه زعزعة استقرار المسيحيين ودفعهم لهجرة وطنهم كونه مس المشاعر والحساسيات الدينية في مجتمع متحفظ، للدين قدسيته ومكانته الخاصة في وجدان أبنائه،خاصة وأنه جاء في مرحلة دقيقة تخيم الاحتقانات الطائفية والمذهبية والعرقية على أجواء المنطقة كإحدى مضاعفات الغزو الأمريكي للعراق . أن ما حصل في القحطانية يكشف عن المستوى الخطير الذي بلغته الأصولية الإسلامية المتطرفة في نموها وانتشارها في قاع المجتمع السوري بعد أكثر من أربعة عقود من حكم نظام قومي يدعي العلمانية.

فهي المرة الأولى في تاريخ سوريا الحديث، ينزع فيها صليباً بهذه الطريقة المهينة ويهدد مسيحيون على تزيين شارعهم بالصلبان.جدير بالذكر أن الآشوريين السوريين وإن هم محرومون من حقوقهم القومية والسياسية لكنهم كمسيحيين يتمتعون بحريات دينية جيدة قياساً لما هو عليه حال المسيحيين في بقية الدول العربية والإسلامية. لذلك يخشى أن يكون ما حصل في بلدة القحطانية مؤشر خطير وخطير جداً باتجاه إثارة المزيد من القلاقل والفتن وزعزعة الاستقرار ليس في الجزيرة السورية فحسب وإنما في سوريا عامة،خاصة إذا ما صدقنا رواية السلطات السورية عن وجود خلايا لمجموعات إسلامية تكفيرية ارهابية تطلق عن نفسها(جند الشام)،اشتبكت معها قوات الأمن السورية في مناطق عدة من سوريا وتم اعتقال وقتل العديد منهم، بعضها جرت في مدينة الحسكة. وقبل أيام تحديداً 11آذار الحالي على المدخل الجنوبي لمدينة القامشلي اشتبكت دورية من الأمن السوري مع مجموعة ارهابية قيل أنهم جند الشام قتل أثنين وجرح آخرين من المجموعة ومصادرة أسلحة ومتفجرات،كما أفيد عن اصابة عنصر من الأمن السوري.

بلا ريب، لا نريد أن نحمل هذه الحدث أكثر مما يحتمل ولا نهدف من الحديث عنه الإثارة وتأجيج المشاعر، لأن لا أحد مستفيد من إثارة الفتن والقلاقل في المجتمع سوى أعداء الوطن، لكن ثمة أسئلة عديدة وإشارات استفهام يطرحها هذا الحدث المثير للجدل والغريب عن الحياة السورية هذه الأسئلة تتعلق بأسباب إخفاق الأجهزة المعنية المحلية في الوصول الى الجهة التي قامت بهذا العمل في بلدة صغيرة ،علماً هناك خيط (الرسالة) لا بد وأنه يفيد التحقيق في القضية؟.

أملنا كبير أن تحث هذه الأحداث الخطيرة القيادة السورية على لفت انتباهها لما يحصل في الجزيرة السورية ولما يخطط لها، النقطة الأضعف في البناء الوطني،خاصة وأنها (الجزيرة) لم تطو جراحها بعد، الناجم عن الأحداث المؤلمة التي شهدتها في آذار وتشرين الأول 2004.

الكاتب الصحفي والناشط السياسي الآشوري

سليمان يوسف… سوريا- القامشلي

هاتف محمول: 093910177

shosin@scs-net.org Opinions