Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

اشكالية الدعوة والمجلس

لم يكن يوما من الايام حزب ذا قيم و اخلاق وذا سمات يمكن ان يتطلع اليها المرء ويعجب بها.
فعلى مرور عقود من الزمن قاربت الاربعة جاء بكل جريمة وحشية وكل اختراع في تعذيب العراقي البريء ليتمكن من التسلط والبقاء فترة اطول في حكم العراق ، ذلك هو "حزب البعث" الذي يمقته غالبية العراقيين الابرياء وانا شخصياً واحد منهم ، هذه مقدمة للذين سيتهموني بالميل البعثي.
فطالما عشنا وسمعنا تداعيات الاشكالات بين الدعوة والمجلس منذ ان تم تشكيل المعارضة العراقية خارج العراق والى يومنا الحاضر فقد مرت فترات عصيبة على أتباع هذين الحزبين في ايران وخارجها في محاولات كثيرة لاثبات الوجود بين الطرفين فكلاهما كان سباقاً لنيل مرتبة الشرف في التصدي للقضية العراقية وقد تكون تلك العملية منافسة شريفة فيما لو كانت خالية من التسقيط والتحريض على الأخر.
فبالحقيقة كان الطرفان خصمين كبيرين وعداء مستمر بحيث ادرجوا انصارهم في دائرة الظلام الدامس الذي لا يعرف الى اين يتجه واوهموهم ان الطرف الاخر هو عدو لدود فعليه جرت مصادمات عدة عندما كانوا في ايران منها على المستوى الاعلامي ومنها على المستوى الجاهلي فأصبح ذلك الصراع مستديم ومستفحل حتى على القيم والتقاليد التي كان يحملها الفريقين.
بدأت مرحلة الصراع في ايران فالمجلس يرى بوجوب ولاية الفقيه والامتثال لاوامر المرجعية في ايران اما الدعوة فانهم لايرون بوجوب اتباع ولاية الفقيه ولاتوجد ضرورة لاتباع مرجع ليس بعراقي بل أنهم لم يتبعوا أي من المرجعية سواء خارج او داخل العراق بعد قرار حذف المجلس الفقهي في الثمانينيات فكانوا يرون بأنفسهم انهم منظرون ولهم القدرة على العمل السياسي والديني معاً ، استمرت هذه القضية حتى سقوط الصنم في العراق ويمكن القول انهم جميعاً لم يكونوا السبب الرئيسي في اسقاط صدام ، بل يمكن القول ان الفضل يعود الى أمريكا في جمع شتات المعارضة العراقية في مؤتمرات أعدت لاخبار المعارضة ان امريكا سوف تسقط صدام وحتى رفض حزب الدعوة في المشاركة في مؤتمر لندن التي اعدته امريكا للمعارضة العراقية لم يكن بسبب الاعتراض على المشروع الامريكي وانما بسبب ترأس المجلس الاعلى للجنة الخماسية وشعور تنظيم حزب الدعوة بالتهميش وكان رأي حزب الدعوة ان يتم تشكيل لجنة سداسية وتقليل دور المجلس الاعلى فيها. لذا تراهم ذهبوا الى التفاوض في واشنطن ومباشرة مع الولايات المتحدة وعندما سقط صدام كانوا السباقين للمنطقة الخضراء مع الامريكان لتشكيل مجلس الحكم
دخلت المعارضة العراقية الى العراق وحاولوا ان يتغاضوا عن العداء فيما بينهم خصوصاً بين الدعوة والمجلس بأعتبار أن صفحة جديدة فتحت وطويت صفحات الماضي ولكن المبادئ التي كانوا يحملونها كلاهما حالت دون ذلك. فالصراع على السلطة والتصدي هي الهوية التي سادت بينهما.
فلم يهدأ لهما بال وعادت قضية التصدي الى الساحة ، وبالحقيقة فان المجلس اول من بادر في حسن نية باتاحة الفرصة امام الدعوة لتسلمه منصب رئيس الوزراء بعد صراع خفيف تسلم الدكتور ابراهيم الجعفري رئاسة الوزراء بعد ان جمع الدعوة والمجلس في ائتلاف واحد وفاز في انتخابات عام 2005 ولكن القضية لم تقف الى هذا الحد فقد أعطي الدعوة رئاسة الوزراء وتم تقسيم الوزارات فيما بينهما كحصص مستبعدين بذلك عامل الكفاءة والقدرة العلمية وحينها عاش العراق بدائرة من الصراع الطائفي والعرقي بالاضافة الى دائرة الارهاب الخارجي القادم من دول الجوار.
بعدها احتفل العراقيون بالادلاء باصواتهم في انتخابات 2006 بفوز الائتلاف العراقي الموحد الذي يضم بطياته المجلس والدعوة وبعد صراع مرير على منصب رئاسة الوزراء آلت القضية الى تسلم نوري المالكي رئاسة الوزراء بدعم من المجلس الاعلى على أمل ان يكون بارقة خير للمجلس وتمشية بعض الامور ، الا ان رئيس الوزراء العراقي لم يكن يحلم بذلك فكان صيداً ثميناً ان تعود الدعوة للتصدي من جديد بحيث تم انشقاق ابراهيم الجعفري عن الدعوة لاجل رئاسة الوزراء فحيث كان الاخير يمثل رئاسة الدعوة فكيف يمكن له قبول من ادنى منه رئيساً عليه. وبعد فترة من تصدي المالكي لرئاسة الوزراء عادت الخلافات القديمة الى المربع الاول فبدأت المناوشات بين المجلس والدعوة ولم يكن خافياً فجلسات البرلمان كانت شاهد على ذلك.
استلم رئيس الوزراء نوري المالكي وبالحقيقة ان رصيده قد ارتفع عند العراقيين عندما قام بتنفيذ حكم الاعدام بصدام فهذه النقطة جداً مهمة بالنسبة للشعب العراقي وكذلك صولة الفرسان التي قام بها في مدينة البصرة ضد الهرج والمرج الذي عم مدينة البصرة من عصابات قطاع طرق واعاد الى تلك المدينة مكانتها وهيبتها. هاتان القضيتان هما الحسنتان والوحيدتان خلال تصدي المالكي لرئاسة الوزراء فلا يمكن ان ننكر الفساد الاداري في حكومتة والحكومات التي قبله وهو القائل عندما استلم رئاسة الوزراء " سوف نقضي على الفساد الاداري في البلد" ولم نر من ذلك الا وزراء قد اوغلوا في الفساد والرشوى كوزير التجارة الذي حاول بطريقة او باخرى التستر عليه وكأن شيئاً لم يكن حتى وافق على استقالته قبل الحكم عليه اما الطرف الاخر فهو كان يراقب الاحداث ويعمل على توكيدها ويحاول النيل من حكومة المالكي بطريقة اعلامية في محاولة لاظهار الوزراء الفاسدين في حكومة المالكي كالتهم ضد وزير الكهرباء ووزير النفط والتجارة .
نشأت حالة من التصعيدات في التصريحات النارية بين الدعوة والمجلس والكل يدعو الى نفسه متناسين رغبة الشعب العراقي الذي يراقب الاحداث بتأني ورؤية ناخب متبصر شهد انتخابات مجالس المحافظات بنزول شعبية المجلس على غير المتوقع وذلك لعدم تقديمهم اي شيء للناخب العراقي الذي انتخبهم منذ ان جاؤا الى العراق فالمحسوبيات وتقديم الولاءات على الكفاءات والاعتبارات الشخصية كانت المنطلق للمجلس في شغل المناصب الادارية ، هذا بالاضافة الى رفع اسم المرجعية شعار لذلك برفض المرجعية ذلك فلم يكن يوما من الايام احد المراجع ان فضل حزبا او فئة على الاخرى ولكن المجلس حاول ومنذ الانتخابات الاولى رفع صور المرجعية في محاولة منه لكسب الناخب العراقي وبالفعل نجحوا في ذلك لفترة حتى تبين غير ذلك وكانت نتيجة انتخابات مجالس المحافظات دليل واضح على عزوف الشعب العراقي عن المجلس.
هذه رؤية عابرة عما دار من المجلس والدعوة في الفترة السابقة أما ما يجري في الوقت الحالي فقد عمد المجلس الى تشكيل ائتلاف والدعوة كذلك الى ائتلاف ولكن يبقى الحزبان الرئيسيان هما الدعوة والمجلس على رئاسة الائتلافين رغم تنوع الاطياف المختلفة في كلا الائتلافين في محاولة منهما لكسب ود ومشاعر الناخب العراقي والالتفاف عليه من كل مكان حتى لا يرى غيرهم وهم بالتالي نفس الوجوه والمبادئ والعداء والاشكالية الباقية منذ سنين ، اما الخاسر الوحيد في هذه المعادلة هو الناخب العراقي الذي سأم من الوعود والتعهدات الغير مجدية نفعاً.
ومن خلال ذلك والعراق مقبل على انتخابات برلمانية حاسمة فيتوجب على الناخب العراقي أن ينتخب من تكون له القدرة على قيادة العراق في امان ومن دون اختلافات واشكاليات خصوصاً وان غالبية الوجوه قد فشلت في تأدية الجزء اليسير عليها ، فلتكن لدى الناخب رؤية مستقبلية لانتخاب الاصلح من الكفاءات التي تخدم البلد وممن هم خارج اطار حزبي وتجمع تقليدي بعيداً عن الطائفية والعنصرية ، بعيداً عن البعثيين ، بعيداً عن الاختلافات السلطوية.
Opinions