Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الإرهاب من أجل حكومة أمريكية للعراق بقيادة عادل عبد المهدي

 

تتسارع الأحداث في العراق وتصل مرحلة خطيرة لم تصلها من قبل. فتصاعدت حملة شعواء كردستانية ضد الشهرستاني الذي كان يهدد بمقاضاة كردستان على امتناعها عن ضخ النفط المتفق عليه، ونعد بالكتابة عن الموضوع لاحقاً. ثم تبع ذلك تدهور شديد على المستوى الأمني بسلسلة أنفجارات ومهاجمة سجني التاجي وابو غريب واطلاق سراح عدد كبير من الإرهابيين. تلا ذلك حراك إعلامي وسياسي نشط، أستهدف إسقاط حكومة المالكي(1) ، وهذا الحراك الأخير هو ما أحاول أن أسلط عليه بعض الضوء في هذه المقالة العاجلة. 

فرغم أني عبرت بشكل غير مباشر بأن حكومة المالكي بعيدة عن ان تكون ما يأمل به العراقيون، وإنني أطمح إلى تغييرها بحكومة أفضل منها، وأكثر قدرة على محاربة الفساد والإرهاب وتحقيق الإستقلالية في القرار العراقي، وعدم الركض وراء الرضا الأمريكي وذيوله الخليجية والأردنية، كما يفعل المالكي الآن، إلا أن ما أخشى منه أن المخطط يهدف بالذات إلى تغيير بالإتجاه المعاكس، وإلى جلب حكومة منبطحة لأميركا تماماً وربما تقوم بتطبيع تدريجي للعلاقات مع إسرائيل والأصطفاف مع الأجندات الأمريكية الإسرائيلية، أسوة بدويلات الخليج والأردن، لمحاربة إيران وسوريا، وإدخال العراق في متاهات جديدة ودمار جديد.

لم تكن هذه هي المرة الأولى لمحاولات إسقاط المالكي، تقودها الكتلة الكردستانية والقائمة العراقية، وبمشاركة متقلبة من التيار الصدري وبموقف انتهازي وانتظاري من قبل المجلس الأعلى. 

الكتلة الكردستانية والقائمة العراقية كتلتان تتبعان الأجندة الأمريكية (التي تتبع بدورها الأجندة الإسرائيلية في العراق) بحذافيرها، عدا لحظات زمنية نادرة حين تكون تلك الأجندة في تعارض تام وشديد مع مصالح تلك الكتلتين، وليس في أي موقف يتعلق بالعراق ومصلحته. أما كتلة التيار الصدري التي تابعتها منذ البداية وطالما دافعت عنها وعن مواقفها البرلمانية الرائعة، فقد مرت بتغير حاد غريب منذ فترة الإنتخابات البرلمانية السابقة، وكأن مياهاً كانت تجري تحت التيار وتدفع به إلى أحضان أميركا، رغم استمرار الخطاب المضاد لها.

لقد لاحظت أول تغيير خطير على التيار الصدري عندما تخلى التيار عن خيار جماهيره الصريح واختار النقيض لها تماماً بدون أن يقدم أي مبرر لشرح ذلك! فقبل سنوات قام التيار بحركة ديمقراطية امتدحناها كثيراً في وقتها، فأجرى استفتاءاً لانتخاب من ترشحه جماهيره لرئاسة الحكومة، وتعهد بالإلتزام بالنتيجة ودعم ذلك المرشح في حالة تمكن التيار من تحديد ذلك المنصب. وبالفعل فاز إبراهيم الجعفري بالدرجة الأولى، ولم يكن ذلك غريباً، فقد كان لهذا الرجل فضل على التيار وجماهيره في فترة صولة الفرسان التي قام بها المالكي ضدهم، وكان له جهد كبير في السعي لإيقاف العنف والتفاوض على حل سلمي. 

لكن المفاجأة الكبيرة كانت أن التيار قام بنقض كلمته لجماهيره بصراحة غريبة، وقام خلال صراعات السلطة بعد الإنتخابات، بدعم عادل عبد المهدي بدلاً منه! والمفاجأة لم تكن فقط لتراجع التيار الصدري عن كلمة الشرف التي اعطاها لجمهوره، وإنما أيضاً لخياره الغريب لعادل عبد المهدي. 

وأسباب الغرابة في الخيار هي: 

أولاً أن عادل عبد المهدي كانت تلاحقه شبهة التورط مع حرسه في السطو على بنك الزوية، وصعوبة التصديق بأنه لم يكن على اطلاع على الموضوع. وحتى لو لم يطلع عليه فهو يتحمل مسؤولية مشتركة عن ترشيح لصوص سطو مسلح لحمايته! 
والسبب الثاني هو أنه كان معروفاً من خلال تصريحات المسؤولين الأمريكان أن عادل عبد المهدي هو المرشح المفضل الثاني للولايات المتحدة بعد أياد علاوي، الذي يبدو أن أوراقه قد احترقت لكثرة فضائحه. وبالتالي فأن اختيار المرشح الأمريكي يتناقض تماماً مع الموقف المبدئي الأساسي للتيار الصدري بمحاربة الإحتلال والتأثير الأمريكي في العراق. 

والسبب الثالث هو أن عبد المهدي قيادي في المجلس الأعلى، الذي أذاقت ميليشياته التيار الصدري وجماهيره الويل والثبور، فأحرقت بيوتهم وقتلت الكثير منهم وعذبت الكثير واختفى في معتقلاتها الكثير من اعضائه، حسب ادعاءات التيار الصدري نفسه! واشتراك كل من الأمريكان والمجلس الأعلى بأعمال عنف واشتباكات ضد التيار، يعني أن وضع رئيس الحكومة من المجلس، يمثل خطراً مباشراً على التيار حيث ستكون الحكومة مع الأمريكان مثل الكماشة التي تقضم هذا التيار.

أما السبب الرابع للدهشة فهو التالي: خلال حكومة نوري المالكي الأولى، قام البرلمان بتمرير "حزمة" من ثلاث قوانين بتوافق كل من المجلس الأعلى والتحالف الكردستاني والتيار الصدري، الذي كان يريد تمرير قانون انتخابات المحافظات الذي يأمل منه الحصول على نتائج طموحه ليزيل الظلم الذي لحق به في الإنتخابات السابقة وظروفها، بينما اشترط الكردستاني تمرير تمديد لصوصية الـ 17%. 

تم تمرير الحزمة في البرلمان، لكن عادل عبد المهدي، الذي كان نائباً لرئيس الجمهورية، كان ينتظر الحزمة في أسفل "النهر"، أي عند رئاسة الجمهورية التي يشترط موافقتها على القوانين. هناك قام عادل عبد المهدي باصطياد الحزمة و"فلهاّ" ومرر القانون الذي يريده المجلس والآخر الذي تريده كردستان واعترض على قانون انتخابات المحافظات الذي يريده التيار الصدري واشترط الموافقة عليه للموافقة على القانونين الباقيين! 

شعر التيار أن عبد المهدي خدعه، وصار يرسل التهديد تلو التهديد، بإسقاط الحكومة وباتخاذ "إجراءات أخرى" الخ، وأرسل الوساطات تلو الوساطات.. دون فائدة! فقد رفض عادل عبد المهدي بـ "مبدئية" نادرة كل الوساطات والتهديدات وبين بدراسة علمية مطولة أن القانون الذي اعترض عليه، فيه تناقضات دستورية تجعل رفضه من قبل الرئاسة ضرورياً، وأصر على رفضه جملة وتفصيلاً. 

وفجأة، وبدون سابق إنذار، قبل عادل عبد المهدي القانون وقام بتمريره، حتى بدون أن يشترط أو يقترح أي تعديل!! وجاء الخبر عن السبب من النائب محمود عثمان الذي صرح بأنه سأل عادل عن سبب قبوله المفاجئ للقانون، فقال له عادل، أن ديك تشيني، الذي كان في زيارة مفاجئة للعراق، كان مهتم جداً بالقانون!! 

هذا السبب الغريب، لا يدل فقط على أن عادل عبد المهدي منبطح تماماً للإرادة الأمريكية، التي يعاديها التيار الصدري كما نفترض، وإنما أيضاً أنه يفضلها على كل الإرادات العراقية التي حاولت التوسط لديه للتراجع عن قراره فأهملها تماماً، لكنه خضع فوراً لأوامر ديك تشيني! وقد كتبت عن الموضوع مقالة بعنوان : "متى يعترض عادل عبد المهدي ومتى يقبل" (2)

هذه القصة تقول لنا الكثير عن كل من مرشح الأمريكان عادل عبد المهدي وعن التيار الصدري الجديد. التيار الذي كان المدافع الأول عن مصالح الفقراء، فلم يعد يتحدث إلا عن خصخصة الكهرباء والإستثمار، وهي مواضيع اللصوص الكبار وليس من يهتم بمصالح الفقراء. 

وبإضافة انتهازية المجلس الأعلى وطموحه برئاسة الحكومة بدعم من الجانب الأمريكي وممثليه الثابتين في العراقية والتحالف الكردستاني، وإضافة التيار الصدري "الجديد"، فأن "دولة القانون" يجد نفسه في موقف صعب لا يدعمه إلا مستقلون وكتل صغيرة، ويبدو أن خصومه كانوا مترددين في إنهاء المعركة خشية جماهير المالكي وإحساسهم بالمؤامرة عليهم، لكنهم يبدون مصممين هذه المرة، ولو من خلال الإرهاب، أن يفرضوا مرشحهم، ومرشحهم خطير على العراق بخطورة أجندتهم على البلاد. ونذكر هنا أن "العلمانيين" في مختلف الإتجاهات يتخذون على الأغلب موقفاً محابياً لعادل عبد المهدي أملاً برئيس حكومة "معتدل" من ناحية التشدد الديني، غير مدركين أو غير مقدرين أو غير مبالين بخطورة هذا الرجل وتاريخه المشبوه، على العراق.

ما الذي يتوجب على المواطن، وما الذي يتوجب على دولة القانون عمله؟ 

أولاً يجب أن يعي المواطن أن عادل عبد المهدي مرشح أمريكي خطر للغاية على العراق. ورغم فضيحة الزوية وفضيحة انبطاحه لديك تشيني (التي لم تعط حق قدرها للأسف في الإعلام) فأن اسمه يطرح كبديل عن المالكي من قبل جهات مختلفة بمناسبة وبدون مناسبة. ويبدو لي أن دفع إسمه إلى الأمام سيكون بشكل حملة سريعة منظمة يشارك فيها الإعلام العراقي المعادي للعراق، وجله كذلك، حيث تدفع تكاليفه جهات مجهولة أو جهات أمريكية معلومة دون أن يثير ذلك قلق العراقيون أو الحكومة في الماضي كما يبدو. 

فالمالكي رغم تقديمه البرهان تلو البرهان على استعداده من اجل بقائه في السلطة، لتقديم تنازلات هائلة لأميركا وذيولها– حتى الخطرين أمنياً منهم، والتغاضي عن حقائق الإرهاب الكبيرة مثل أجهزة كشف المتفجرات المزيفة، وإعادة البعث إلى الأجهزة الأمنية والتغاضي أو حتى الدفاع عن الفساد الكبير متمثلاً أخيراً بوزير الرياضة والشباب، وإحاطته بالفاسدين والمتملقين له والتغاضي عن فضائحهم مثل فضيحة رئيس المحكمة الجنائية العليا المحسوب عليه، وغض النظر عن جرائم الأجهزة الأمنية التابعة له، رغم كل هذا فهو ليس الرجل الأنسب لأميركا. فهو يفتح فمه معترضاً بين الحين والآخر، ويعارض أميركا حين تكون القضية تهدد حزبه ومصالحه وموقفه من جماهيره، مثل موقفه من سوريا، الذي رغم ضعفه، إلا أنه استطاع تحييد موقف وزير الخارجية، الذي يبدو صاحب سلطة على الخارجية العراقية مستقلة عن الحكومة، وبالتنسيق مع الأمريكان.

صحيح أن المالكي دعم بلا مبرر النظام العميل لإسرائيل في الأردن رغم عدائه المكشوف للشعب العراقي وللشيعة بالذات التي يتكون منها جمهور المالكي، ولا يمكننا أن نتخيل أي سبب لذلك سوى الخضوع للضغوط الأمريكية، لكن لا يمكننا أن نتخيل مثلاً أن يتورط العراق تحت حكم المالكي (أو الجعفري أو الشهرستاني) بشن حرب أمريكية إسرائيلية أخرى على إيران، أو إعلان مقاطعة سوريا (رغم امتناعه عن تقديم أية مساعدات لها رضوخاً للضغوط الأمريكية) كما فعل المتملق محمد مرسي. ولا يمكننا أن نتخيل العراق تحت حكم المالكي أو الجعفري او الشهرستاني وهو يتخذ خطوة ولو صغيرة للتطبيع الرسمي مع إسرائيل، لكن ذلك سهل جداً إن كان عادل عبد المهدي أو أياد علاوي على رأس السلطة. 

أميركا لا تتحمل أية كلمة "لا" من أي حاكم لأي بلد، وستسعى فوراً لتغييره بأي شكل، حتى لو كان أحد أصدقاءها في الإتحاد الأوروبي، فكيف إن كان يحكم ما تحسبه "غنيمتها" - العراق؟ لذلك فإن كل تنازلات المالكي لها لم تكن ذات جدوى بالنسبة له، بل أن تلك التنازلات (مثل إعادة البعث إلى الأمن، وإطلاق سراح المجرمين) سوف تستغل من أجل ضربه من قبل ذيول أميركا أولاً، وثم من قبل أميركا مباشرة في اللحظة المناسبة. وسوف يحرص الخندق الأمريكي الإسرائيلي أن لا توجه الضربة إلى المالكي وحده بل إلى كل مجموعته، لتلافي أن يستلم السلطة أشخاص مثل الجعفري أو الشهرستاني. ومن المحتمل جداً أن يدفع المالكي للتخلص من هؤلاء بنفسه أولاً بأمل إرضاء أميركا وإنقاذ جلده، قبل توجيه الضربة النهائية إليه. لكن المالكي المشغول في الحفاظ على سلطته، بعيد عن إدراك ذلك، وهو ما يعرض حزبه والعراق للخطر الشديد. خطر حكومة كاملة الإنبطاح للخندق الأمريكي الإسرائيلي، تحول العراق إلى هراوة أمريكية خليجية تصدر الإرهابيين إلى الدول الأخرى التي تزعج أميركا في المنطقة كما حدث لليبيا بشأن سوريا وغيرها.

لكل ذلك أتوقع أن يتم السعي للإطاحة بالجعفري والشهرستاني إضافة إلى إسكات أي صوت له استقلاليته مثل عالية نصيف جاسم وسترتفع أسماء من المجلس الأعلى (وهو وكر للمتملقين لأميركا) والعراقية التي تكاد تكون حصراً على الفاسدين والمستعدين للإنبطاح (لأياد علاوي و...) لأي سيد يقدمه الإحتلال لهم، والفاسدين المتكاثرين في التيار الصدري، وبخاصة اؤلئك الذين جعلوا من التحول إلى اقتصاد السوق وخاصة إلى خصخصة الكهرباء وإقرار قانون النفط الأمريكي هدفاً لهم. وأتوقع أيضاً إن نجحت المؤامرة، أن يعاد تلميع عميل إسرائيل الصريح مثال الآلوسي وأن يبرز عملاء صريحون آخرون ممن سوف يتبين أنهم كانوا قد زاروا إسرائيل وحظوا بمباركتها، ولا يستبعد أن يكون أياد جمال الدين من بينهم، إضافة إلى قيادات بعض الأحزاب العلمانية الجديدة التي ستقدم أوراقها للعمل السياسي. 

سترتفع أيضاً أسماء المتمحكين من مثل علي الشلاه وحسن السنيد (رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية!) ، وسوف تهمش حنان الفتلاوي أو تدفع إلى الإستقالة، ومن المحتمل أن تترك هي وعدة قليلة، كديكور لصوت مستقل يوحي بأن السلطة الأمريكية ليست مطلقة على الحكومة والبرلمان. 

ما الذي يجب على الشرفاء في حزب الدعوة عمله؟ يجب أن يدرك هؤلاء أولاً أن لامكان لهم في أية حكومة، (وعاجلاً) ولا حتى المعارضة، إن جاءت سلطة تختارها أميركا، فيجب التوقف فوراً عن السعي لإرضاء أميركا، ليس فقط لأنها تتم دائماً على حساب العراق، ولكن أيضاً لأنها غاية غير ممكنة. أن يدركوا أن تقديم أية تنازلات لأميركا من قبلهم لن تستخدم إلا لتحطيمهم مستقبلاً. فمهما قدم هؤلاء من تنازلات وأبدوا من استعدادات لتمرير الأجندة الأمريكية الإسرائيلية، فلن يستطيعوا منافسة ذيول العراقية والمجلس الأعلى في انبطاحهم، ولذلك فلا مفر لهم من أن يمتلكوا الشجاعة اللازمة للوقوف بوجه المخطط بصراحة ووضوح يثبت دعم جماهيرهم لهم وكسب الجماهير الأخرى من بقية الأحزاب الشيعية والسنية على السواء والتي ستدرك المؤامرة تدريجيا. 

العمل المحدد الذي يجب على حزب الدعوة القيام به، هو أن تتم الإستعدادات الداخلية والإعلامية، لترشيح بديل للمالكي يختاروه بأنفسهم لا أن يترك ليختاره غيرهم لهم، ويفرض عليهم شخص كعادل عبد المهدي مثلاً. يجب أن يدرك حزب الدعوة أن المالكي قد احترقت الكثير من أوراقه، بسياسته البعيدة عن الصدق والشفافية للأسف والأمل برضا الأمريكان ومجاملتهم والتزلف إلى عملائهم على حساب العراق. ومهما يكن رأي حزب الدعوة وقادته، حتى إن ارتأوا أن المالكي مازال الأنسب للحكم ، فعليهم أن يستعدوا للّحظة التي لا يستطيعون الإستمرار بالدفاع عنه، أن يتحلوا بالمرونة وأن يستعدوا لأن لا يغرقوا معه، ويغرقوا العراق معهم، إن غرق المالكي. أن يهيئوا الخطة "ب" والتي ترشح رجلاً (أو إمرأة) يثقون به لخلافته، مثل الجعفري أو الشهرستاني (الذي يتعرض اليوم لهجوم شديد جداً)، وأن لا يترددوا بفضح مرشحي الأمريكان للمنصب وأن لا يجاملوا وان لا يسمحوا أن تدفعهم الدبلوماسية والعلاقات الشخصية إلى مواقف ضبابية تشوش الصورة على جماهيرهم وتحرمهم الدعم الحماسي الذي يقدمه جمهور يفهم ما يجري حوله ويثق على أساس ذلك بقادته. 

يجب أن لا يتهاون الناس في من سيولى على العراق، فعندما يريد الأمريكان وضيعاً، فإنهم يأملون منه تنفيذ أجندة وضيعة للبلاد. كان ذلك صحيحاً في القادة الذين جاءوا بهم لمختلف دول العالم التي سيطروا عليها، وسيصدق ذلك بالتأكيد بالنسبة للعراق. لقد اختاروا سوموزا لنيكاراغوا وبينوشيت لشيلي وقادة العسكر للأرجنتين وسوهارتو لأندونيسيا وصدام للعراق والشاه لإيران وحسني مبارك لمصر، وتسببوا بكارثة كبرى لكل دولة من هذه الدول، تختلف شدتها وتدميرها حسب ظروف الدولة وحسب تصورهم لمستقبل علاقتهم بها، ولا أتصور إلا الأسوأ بالنسبة للعراق. 

علينا أن نفهم أن أجندة أميركا لبلدان العالم الثالث تختلف عن اجندتها لأوروبا، وفوق ذلك فهي بالنسبة للدول العربية تتعلق بالأجندة الإسرائيلية لذلك البلد. أما بالنسبة للعراق بالذات وعلاقته الديموغرافية والمذهبية ومصالحه بإيران وسوريا، وثروته النفطية الكبيرة، فإن الأسوأ هو المتوقع للعراق. وتدل المقدمات التي جاء بها الإحتلال من موظفين مختصين بالإرهاب إبتداءاً بنيكروبونتي وانتهاء بجيمس ستيل وفرق الموت القذرة التي اسسها وحقن بها الموسسات الأمنية العراقية، وما نراه من نتائج ذلك على أمن العراق على أن التدمير والسيطرة على البلاد كان نية أمريكية مبيتة. ويفهم هذا بوضوح أيضاً من السفارة الهائلة التي زرعتها في قلب بغداد وما تحتويه من آلاف الموظفين الذين لا يعلم إلا الله والمخابرات الأمريكية ما يفعلون. 

العراق مخترق حتى العظم من قبل أميركا وإسرائيل، وخط الدفاع الأخير هو حكومة منتخبة تستطيع أن تقول "لا" عندما يتطلب الأمر ذلك، ويجب عدم التنازل عن هذا الخط الأخير، فما بعده الهاوية. بالتأكيد لم يكن المالكي وتنازلاته للفساد والإرهاب والأمريكان ما نأمل به من هذا "الخط الأخير"، لكن الأمريكان لا يكتفون بتلك التنازلات، وما يخططون له هو شيء أكبر وأكثر خطورة على البلاد، شيء لا يحققه لهم إلا شخص وضيع يمكن أن يلعب في العراق دور بينوشيت أو سوموزا في أميركا الجنوبية، ويحيط به حزب يخلو من أي شريف يمكن أن يضع علامة استفهام أو محاسبة على الأجندة الوسخة التي سيكلف بها، وما العملية الإرهابية الخطيرة الأخيرة، التي سنكتب عنها، إلا مقدمة للهجوم الأمريكي على ما تبقى من الإرادة العراقية، أما الهدف فهو تولية شخص يأتمر بشكل مباشر وبلا مناقشة للسفير الأمريكي، وقد برهن عادل عبد المهدي أنه يمكن للأمريكان أن يعتمدوا عليه في ذلك.

(1) علاوي يدعو المالكي الى تقديم استقالة "فورية" 

http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=26042

(2) متى يعترض عادل عبد المهدي ومتى يقبل

http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/20usa.htm

23 تموز 2013 

Opinions