البطالة العسكرية تتقدم الصفوف ... كابوس البطالة يؤرق آلاف المواطنين في الموصل
24/11/2009شبكة اخبار نركال/NNN/الموصل/باسل طاقة/
تعد البطالة من المشكلات الكبيرة التي يعاني منها المجتمع العراقي في الوقت الحاضر وهذه المشكلة تؤثر سلبا ليس فقط على الطاقة البشرية وإنما على مجمل النشاطات السياسية في العراق وتعيق النمو الاقتصادي وتعطي فرصة كبيرة للتوتر الداخلي أن ينمو ويتطور إلى معضلات شتى يصعب حلها على المدى المنظور.
البطالة في العراق ازدادت بمعدل لم يعهده البلد وذلك في اعقاب الغزو الأمريكي و ما لحق بمؤسسات الدولة من تدمير وسلب ونهب وأيضا ما نتج عن عملية إلغاء بعض الوزارات وتسريح منتسبيها ومنها وزارة الدفاع و حل الجيش العراقي السابق .
الأثر الاجتماعي والنفسي
ولمعرفة التأثيرات الاجتماعية والنفسية لمشكلة البطالة على المجتمع يقول الدكتور موفق ويسي التدريسي في كلية الآداب قسم الاجتماع في جامعة الموصل: البطالة مشكلة ذات طبيعة اجتماعية كما هي اقتصادية فالحلقة الأولى من سلسلة تأثيراتها تبدأ بفقدان مورد العيش أو انه يكون متقطعا ولا يفي بالمتطلبات الضرورية ومن ثم تأتي المشكلات؛ أولها مشكلة السكن والقدرة على تأمينه ثم مشكلات الغذاء اللازم الذي ينعكس على صحة العاطل وصحة أسرته وفقدانهم فرص التعليم الذي ينتج عنه ضياع فرص اكتساب المهارات اللازمة للعمل مما يؤدي بالتالي إلى تراجع إمكانية الحصول على فرص عمل جيدة وهذا يعني المزيد من الإخفاق في الحصول على سكن مناسب وغذاء مناسب وتعليم وصحة مناسبين مما يعني المزيد من فقدان فرص العمل وهكذا يدور العاطل في حلقة جهنمية تضيق عليه شيئا فشيئا وبالتأكيد فان ذلك ينعكس سلبا على علاقاته مع الآخرين حيث تتسم بالتوتر والقلق وكثرة المشاحنات فلا هو يستطيع توفير المطلوب ولا هو يستطيع أن يسكت الأفواه من حوله فتبدأ المشاجرات داخل الأسرة والتي عادة ماتنعكس على شكل من أشكال العنف وربما تصل إلى حد الانفصال وتحطيم الأسرة. أما تأثيرات البطالة على الجانب النفسي فمشكلاتها تؤدي إلى القلق فضلا عن ضعف تقدير الذات والشعور بالنقص تجاه الآخرين وما يترتب على ذلك من انسحاب عن الحياة الاجتماعية اضافة إلى مشكلات أخرى مثل الفراغ الذي قد يدفع إلى وسائل غير مقبولة اجتماعيا للتخلص منه ومن ضغط المشكلات بالاتجاه نحو المشروبات المسكرة أو الأدوية المهدئة وهذا الأمر يؤدي بالتالي إلى الجريمة والعنف وتهديد امن المجتمع.
البطالةالعسكرية
أدى قرار حل الجيش العراقي السابق إلى زيادة كبيرة في أعداد العاطلين عن العمل في العراق ولكن تأثيره على مدينة الموصل كان مضاعفا بالنظر للعدد الكبير من المتطوعين في الجيش السابق من أهالي محافظة نينوى.
يقول السيد (فواز احمد محمد) عقيد في الجيش السابق ان عدد الضباط من أهالي محافظة نينوى كان اكثر من (20000) ضابط وعدد المتطوعين والمراتب يبلغ أكثر من (80000) متطوع وبعملية حسابية بسيطة يتبين ان عدد المتضررين من قرار حل الجيش السابق في الموصل وحدها هو بحدود نصف مليون مواطن إذا اعتبرنا ان لكل فرد عائلة مكونة من خمسة أفراد وهذا الرقم يمثل خمس سكان محافظة نينوى تقريبا.
تعدد (المساطر)
من السهل جدا ان تلتقي بالعاطلين في شوارع الموصل وأسواقها فهم شريحة كبيرة ومن السهل تمييزهم. السيد ناظم خليل (33) سنة قال : تخرجت في معهد التكنلوجيا عام 1995 وبعد إكمالي الخدمة العسكرية حاولت أن اعمل في بعض دوائر الدولة برغم قلة الراتب آنذاك ولكنني لم افلح في الحصول على وظيفة مناسبة. عملت في مهن كثيرة وبشكل متقطع ولكن هذا لا يساعدني على تكوين أسرة أو بناء مستقبل وأعاني الآن أيضا من مشكلة البطالة وانتظر أن أتمكن في يوم ما من العمل في مؤسسة حكومية وبراتب ثابت.
أما السيد صلاح عبدالله (40 سنة) وهو نائب ضابط في الجيش السابق يقول : خدمت البلد مدة (22 سنة) وألان أجد نفسي عاطلا عن العمل ولدي عائلة مكونة من تسعة أفراد ولا ادري كيف سأحصل على عمل مناسب وانأ في هذا العمر كما إنني لا أتقن أية مهنة أو حرفة , السيد (أبو زكريا 38سنة) التقيناه في المنطقة التي تسمى (الوقفة) سألناه عن عمله فاجابنا : أنا ومعي العشرات نأتي يوميا كي نحظى بفرصة عمل سواء في البناء أو الحمالة أو أي عمل من هذا النوع. في بعض الأحيان نحصل على عمل لمدة أسبوع كامل وأحيانا نبقى لثلاثة أسابيع دون عمل والسبب في هذا كثرة الباحثين عن العمل وقلة الفرص والركود الذي يشهده قطاع العمل.في السابق لم تكن تجد في المدينة غير مكان واحد يتجمع فيه العمال أما الآن فهذه الأماكن منتشرة في المدينة ويمكن أن تشاهدها حتى في الأحياء الغنية نسبيا. الكل يبحث عن فرصة للعمل لكن دون جدوى.
توجهنا الى بعض الدوائر الحكومية في مدينة الموصل والتقينا بمدرائها واستفسرنا منهم حول إمكانية تعيين العاطلين بصيغة العمل الوقتي أو العقود ولكن المدهش ان إجاباتهم جميعا كانت متطابقة وهي لاتوجد تعيينات أو عقود في الوقت الحاضر وان هذا من صلاحيات الوزارات فقط، كما لاتوجد إمكانية لصيغة العمل الوقتي بسبب محدودية الصلاحيات والافتقار الى التخصيصات المالية.
الاعمار يحسم المشكلة
في دائرة التشغيل والعمل التقينا السيدة (ميثاق طالب) مديرة الدائرة وسألناها حول الامكانيات المتوفرة لتشغيل العاطلين في الموصل فأجابت: دائرة التشغيل من الدوائر المستحدثة حديثا وهي الآن في مرحلة وضع الاحصائيات عن عدد العاطلين في المدينة ومن ثم إرسالها الى وزارة العمل لأجل وضع إحصائية متكاملة حول نسب البطالة و طرق معالجتها مستقبلا ووضع دراسات علمية لهذا الغرض.. من الممكن إيجاد فرص عمل للعاطلين ولكن ذلك يتوقف على البدء بعملية أعمار العراق وقدوم الشركات الأجنبية الذي يتوقف بدوره على تحسن الوضع الامني في البلد..لقد قامت دائرة التشغيل بإيجاد ما يقارب (10000) فرصة عمل في الموصل عن طريق المعامل والورش الاهلية وفق برنامج أطلقنا عليه (التدريب أثناء العمل) وفيه تدفع الدائرة نصف الراتب على أن يدفع صاحب المعمل أو الورشة النصف الآخر من الأجر وهذا كل ما استطعنا فعله.