Skip to main content
التاريخ يتكلم الحلقة 8 الفن Facebook Twitter YouTube Telegram

التاريخ يتكلم الحلقة 8 الفن

المعروف عن المجتمع القبلي يبعد المراة عن الثقافة والعلم والفن خوفا من تكسر العلاقات القبلية البالية . لكن المراة العراقية جازفت وكسرت الطوق منذ العشرينات . حينها كانت مجازفة اجتماعية كبيرة في مجتمع قبلى مثل العراق كان لا يسمح للمراة ان تطرق ابواب المدارس والثقافة والفن لكن برزت طليعيات منذ تأسيس الدولة العراقية 1921. ونتيجة مساهمتها تغنى بها كبار الشعراء العراقين مثل الشاعر الكبير الجواهري والزهاوي والرصافي . وأعطى امثلة رائعة لمساهمة المراة في مجال الفن . الفن هو المجال الذي يجمع البشر مع بعضهم دون اللجوء الى الاثنية والقبلية والدين ونحن اليوم بامس الحاجة الى توحيد صفوف المجتمع العراقي . كيف نطالب من الشعب العراقي ان يتعايش مع بعضه وهو محروم من الفن والحضارة والترفيه. اليوم في العراق بحاجة الى الفن اكثر من اي وقت. اليوم تخاف الفانة او الفنان العراقي من التجول في الاماكن العامة وكانه ارتكب جريمة . للفن بكل اشكاله واصنافه ذو تاريخ عريق في المجتمع العراقي بما فيه الرجل والمراة .. ساورد امثلة على الفنانات العراقيات .
- زكية جورج اول مغنية عراقية في الثلاثينات لم يكن هدْا اسمها الصريح اسمها لطفية من اهل الجنوب كانت تحب الغناء وتجرأت لتخرج الى الاعلام وكانت تغني في الراديو فقط لعدم وجود التلفزيون في حينها في الثلاثينات . كانت تستعمل اسم مستعار لتحمي نفسها من غضب المحيطين بها .
أول مطربة عراقية تغني القصيدة عفيفة اسكندر صوت غنائي قدم لأسماعنا اجمل الاغنيات واعذب الألحان طيلة ما يقارب اربعين عاما واثرها مازال خالدا في الاذهان وذكراها لم تزل نضرة، رغم انها حبست صوتها عن جمهورها بإرادتها وحرمته من نعمة الاستمتاع به لأسباب غير معروفة ولا معقولة، ولا اجافي الحقيقة اذا قلت ان صوتها ما زال مطلوبا, وبحماس شديد من قبل الجمهور، رغم ان التلفزيون والاذاعة تنكرا لهذه الموهبة الكبيرة بفنها وشخصها. في الثلاثينات .
خيرية المنصور - المرأة العراقية الوحيدة التي ولجت ميدان الاخراج السينمائي وبرعت فيه وقدمت فيلمين روائيين طويلين وعشرات الافلام القصيرة اضافة إلى مسلسلين تلفزيونيين، عملت مساعدة لمخرجين كبار امثال يوسف شاهين وتوفيق صالح وعبد الهادي مبارك وغيرهم. (المدى) التقتها وكان هذا الحوار..
ليس من السهل ان يفسح الطريق الفني لأي احد في القاهرة لأنها بلد الفن وبمعنى اصح انها (هوليوود العرب) .. لقد حفرت في الصخر لأصل الى ما وصلت اليه والموهبة والعمل الجيد يفرضان نفسيهما دوماً وقد كنت هناك مخرجة جاهزة ولست مبتدئة ولي اشرطة روائية، اخرجت هناك (5) اعمال فنية. الافلام الخمسة تتحدث عن بلدي وهي (اللوحة الاخيرة) عن الفنانة ليلى العطار وفيلم (الملائكة تموت) وفيلم عن (نازك الملائكة) انتاج محمود حميدة بجزئين وفيلم (حدث في العامرية) وهي عبارة عن مقطوعة موسيقية للفنان نصير شمة وقد عرضت في مصر ولاقت ردود افعال جيدة . لدي مسلسل بـ (33) حلقة كتبه صباح عطوان اسمه (جودي) يتناول تاريخ العراق في بداية 1947 و 1948 ودور العراق في انتفاضة فلسطين، وهناك مشروع لعمل فني مصري روائي سأعلن عنه في حينه
سليمة مراد سميت رائدة الغناء العراقي الملقبة سليمة باشا زوجة المغني المحبوب ناظم الغزالي توفيت في التسعينات .منحها الملك لقب الباشا لاعمالها الجيدة . سليمة مراد يهودية الاصل عاشت طول عمرها تعتز بعراقيتها قبل ان تذكر عرقها ونسبها وديانتها . كان العراق والغناء العراقي كل شيئ لهذه الفنانة الراحلة . الفنانة العراقية تقلد القاب عالية قبل عقود من السنين لكن اليوم نحن في العراق نبعد الفنانة لا بل تقتل الفنانة "مع اخيها الفنان" وهي طالبة تزاول دراستها وهي على عتبة الجامعة . يقتل الفن بلاد الرافدين البلد الذي كان يمجد الفنان امراة اورجل .

اطلقت العديد من الالقاب الفنية على الفنانة الكبيرة الراحلة (زينب) لكن اهمها وافضلها هو لقب (سيدة السينما والمسرح في العراق)
زينب ممثلة كبيرة ومثقفة رائعة دخلت الى الفن بتحد كبير خاصمت من اجلها اهلها ومعارفها وابناء محلتها لكنها ربحت الفن وعالمه الأثير.
يعود تاريخ دخولها الى الفن عام 1957 على اثر قراءتها لموضوع كتبه الفنان الكبير (يوسف العاني) في جريدة الاخبار تحدث فيه عن ازمة الممثلة في المسرح العراقي فاثار فيها الخبر قضية العمل كممثلة وهي التي تختزن احساساً كبيراً بانها ممثلة في داخلها وتنتظر من يفجر عنصر الابداع في داخلها.. فجاءت رسالة الفنان العاني لتعلن لها عن بداية لمشوار فني طويل تكلل بالجهد والتعب والدموع والغربة والموت خارج الوطن.
الاسم الحقيقي لزينب هو (فخرية عبد الكريم) وهي معلمة من مدينة الحلة مفصولة من وظيفتها لاسباب سياسية وتقدمت الى الفن كممثلة رغم انها لم تتخرج من كلية فنية لكنها تمتلك الموهبة والاحساس الفني بالفطرة.. فكتبت للفنان العاني رسالة شخصية تعلمه فيها عن استعدادها للعمل كممثلة رغم انه لا صلة بينهما.. انما رسالتها جاءت اجابة على مقال العاني الذي يشكو فيه عدم وجود ممثلة لا سيما انه كان يستعد لفيلم (سعيد افندي) الذي اخرجه كاميران حسني عام 1957 وهو من اهم افلام السينما العراقية.
وتصف مواصفاتها بانها سيدة متزوجة بعمر 27 عاماً متوسطة الجمال وتمنت ان تكون الممثلة الاولى التي تتقدم الى الفرقة لمشاركة اخوانها الرجال في تقديم مسرحيات لتكون قدوة لاخواتها الفتيات.
وتقول ايضاً ان وجودي معكم سيكون تضحية لبلادي ولاثبت للجميع ان المرأة العراقية المثقفة قادرة على الدخول في كل ميدان من دون خوف أو وجل ما دامت واثقة من خطواتها وتصون كرامتها
فرقة مسرح الفن الحديث ومسرحية (الجوع) ومسرحية (يا غريب اذكر هلك) ومسرحية (قارب في غابة) في عام 1994 عرفت ان مرض السرطان يسري في جسمها لكنها واجهته بشجاعة كما واجهت النظام السابق وظلت تقاومه الى يوم 13 آب 1998 حيث وافتها المنية… وجرى لها تشييع مهيب من العراقيين والعرب والسويدين من اصدقائها واحبائها ولفت بالعلم العراقي لثورة 14 تموز 1958 وكتبوا على نعشها (سنحدث الناس عنك.. كل الناس.. فسيعرفك كل العراق بكل اطيافه وطبقاته.. سيبقى رمزاً للمسرح الهادف الحر.. وفنك شجرة وارفة وحية في قلوب العراقيين).

رشقة ثريات
الدكتور شفيق المهدي.. المخرج المسرحي.. العراقي..المعروف.. عن الفنانة زكية خليفة وما عانته في السجون، بعد ان انحدرت من عائلة ريفية مناضلة، حتى اصبحت سيدة العراق الاولى.. جماهيريا.. اذ ان هذا اللقب محصور بزوجات رؤساء الجمهوريات.. عادة. وهذا انتصار للثقافة على السياسة. تسامت عن الطائفية، انحيازاً للوطن والحق.
حوار مع السياسية والممرضة والممثلة والموظفة في وزارة الزراعة والشاعرة.. (زكية خليفة)
ذكرها (حنا بطاطو) حين تحدث عن أعضاء الكونغرس الذي عقدته اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في عام 1964. وذكر مهنتها: ممرضة
قالت: كان عمري (12) سنة حين عملت مع أخي، وهو مناضل كبير بهور العمارة كان يجمع الناس والمعلمين وكنت أنا يده اليمنى. كان يريدني أن أكون شيئاً كبيراً، بعكس والدتي التي أرادتني أن أكون مثل كل النساء (الزواج والاستقرار).
ناهدة الرماح "هي ناهدة إسماعيل القريشي ".. أول فتاة عراقية تقف لتمثل بكل إبداع ولم تكن قد تجاوزت بعد سن السادسة عشر ربيعا . كان دورها الاول في فلم" من المسؤول" عام 1956-1957.. وبذلك نالت عن جدارة لقب رائدة السينما والمسرح العراقي ، ولدت وترعرعت في محلة " الحيدرخانة " في بغداد في بداية أربعينيات القرن الماضي في كنف عائلة سعيدة متكاتفة ،حيث يأتي ترتيبها الرابع بعد أخ واحد وثلاث أخوات قبلها،
لقد نشأت ناهدة الرماح في بيت يعج بالحياة السياسية حيث كان أخوها أول نقيب لعمال المطابع في بغداد ،بالإضافة إلى زوج أختها الأكبر منها والتي كانت لصيقة بها دائما، لذلك كانت غير بعيدة عن الاضطهاد والتعسف الذي كان يجري في العهد المباد ، حيث ما تزال تذكر وبشكل واضح مذبحة سجن بغداد، عندما رأت بأم عينيها كيف كان السجناء المضربون عن الطعام يقتلون.. لقد اثر ذلك تأثيرا كبيرا على صقل شخصيتها.. تزوجت وهي ابنة الخامسة عشر ربيعا ، بناءا على رغبة أهلها في ذلك الوقت ، لكن الزواج لم يثنها عن إكمال دراستها الثانوية ثم الالتحاق بعد ذلك بالعمل الوظيفي ..عن هذه المرحلة من حياتها تتكلم بألم بالغ ، وبحسرة على أحلى سنوات العمر فتقول :"لم اكن اعرف ما معنى هذا الارتباط ، ولما سألوني عن رغبتي بالزواج أم لا.. لم أستطع إبداء رأي بذلك وتركت الآمر لأهلي ، لكني بعد حين أصبت بخيبة أمل فلم تكن هذه الحياة التي اطمح أن أعيشها، ولم يكن هذا ما تصبو إليه نفسي ، لكني لم اخبر أحدا بالإحباط الذي كاد أن يدمرني، وكثيرا ما كنت اطلب من والدتي العودة بي إلى دارنا، لأعيش بينهم من جديد..كنت شديدة التكتم على معاناتي الداخلية ، كنت رافضة تماما لتلك الحياة".
اليوم اين نحن من الفن في ظل بلد دمرته الحروب والان جاءت القوى المتخلفة من الدول الجارة مع ميليشياتها الاكثر تخلفا لتقول نحن بالمرصاد امام الفن . كان المسرح العراقي معروف بجمهوره الكبير . اليوم الفنان العراقي اكثر معانات من اي شريحة عراقية . الفنان له مواهب وطاقة مكبوتة في جسمه يجب ان يضعها لخدمة الجمهور . الفنان حياته مرتبطة بمدى عطاءه للجمهور . اليوم الفنان العراقي محروم من كل هذه العطاءات ومحروم معه جمهوره . لابل اصبح الفنان والمفكر والمثقف والعالم العراقي يعيش حالة شاذة في العراق فهو الضحية الاولى امام تصاعد التيار الدخيل المتزمت القادم الينا من الدول الجارة . انصار الديمقراطية هم الذين يدافعون ويدعمون عن كل هذه الفئات لكن اليوم متفتتين في العراق , على العكس مؤيدي التخلف والرجوع الى القرون الوسطى موحدين اكثر والصراع السياسي يدور في اكثر من حلبة والفنان العراقي مغلوب على امره امام هذه الصراعات . حقا الذي يدافع ويفكر بازمة الفنان العراقي هو المثقف العراقي الذي يبقى يطالب وينتقد ويفضح ما يجري على الساحة العراقية اليوم .


Opinions