التيار الصدري يتهم مليشيا "علماء المسلمين" بأحداث ذكرى الإمام الكاظم
22/08/2006دبي- خالد عويس
فيما اتهم صحافي عراقي مقرب من "هيئة علماء المسلمين"، مليشيات شيعية، سيما "جيش المهدي" التابع لمقتدى الصدر، بمهاجمة مساجد سنية وقتل بعض من كانوا بداخلها، قال الشيخ أوس الخفاجي، المتحدث باسم مكتب الشهيد الصدر إن هيئة علماء المسلمين تسببت عبر المليشيا المسلحة التابعة لها، في أحداث العنف التي واكبت ذكرى وفاة الإمام موسى الكاظم.
لكن عضوا بارزا في هيئة علماء المسلمين، أوضح أن المسؤولية فيما جرى أمس، وراح ضحيته 20 شخصا، يترتب على الحكومة العراقية لغياب التغطية الأمنية اللازمة في مثل هذه المناسبات. وزاد الدكتور عصام الراوي، عضو الهيئة بأن أيا من الطرفين، الشيعة والسنة "لا يعقل أن يقدموا عن عمد على مهاجمة بعضهم بعضا في مثل هذا اليوم"، ملمحا إلى أن الأحداث وقعت عن غير قصد.
وقتل يوم أمس الأحد 29-8-2006 حوالي 20 شخصا وأصيب نحو 300 آخرين بجروح في هجمات على مواكب شيعية في بغداد في ذكرى وفاة الإمام موسى الكاظم.
وفي تصريحات خاصة لـ"العربية.نت"، قال الشيخ أوس الخفاجي المتحدث باسم مكتب الشهيد الصدر، أن اعتداءات الأمس وقعت بحق المواكب، و"ليس معقولا أن تبدأ عناصر جيش المهدي التي كلفت حماية الزائرين بمهاجمة السنة"، مضيفا أن عناصر الجيش المسلحة تسليحا خفيفا سعت للرد لحماية المواكب.
التيار الصدري يتهم "علماء المسلمين"
واتهم الشيخ الخفاجي صراحة، هيئة علماء المسلمين بالضلوع في الأحداث، لافتا إلى أن الأيام القليلة الماضية كشفت عن "مليشيا مسلحة" تابعة لهذه الهيئة، سبق أن اعتدت على الشرطة العراقية، وأطلقت سراح بعض "المجرمين" على حد تعبيره.
وأضاف بأن "القناصة" الذين قتلوا بعض الزائرين الشيعة، ينتمون لمليشيا هيئة علماء المسلمين، وأن بعضا منهم حين أوقفتهم الشرطة العراقية، اعترفوا بانتمائهم للهيئة، وأنهم "كانوا مكلفين من قبلها لتنفيذ هذه المهمة"، مشيرا إلى أن الأحداث بدأت باطلاق نار من داخل المساجد وخصوصا مسجد "الفرقان".
وقال إن ما دفع عناصر جيش المهدي لحمل أسلحة خفيفة يوم أمس، هو عدم مقدرة أجهزة الأمن بأعدادها المحدودة على تأمين الحماية الكافية لمئات الآلاف من الزائرين، وأن ثمة تنسيق جرى بين جيش المهدي والأجهزة الأمنية بهذا الخصوص.
غير أن الشيخ الخفاجي أوضح أن هذه الأحداث لن تثني التيار الصدري عن مواصلة جهوده للتقريب بين العراقيين، موضحا أن مساعيهم في هذا الصدد لم تلق إلى غاية الآن الاستجابة المطلوبة من طرف هيئة علماء المسلمين، على الرغم من إنهم - التيار الصدري – ووجهوا باتهامات من قبل بني جلدتهم على حد تعبيره بأن لهم "علاقات مشبوهة" بهيئة علماء المسلمين. وكشف عن أن الزعيم الشيعي مقتدى الصدر كلف لجنة جديدة بإجراء حوار مع الرموز السنية على وجه الخصوص.
"علماء المسلمين" : الحكومة تتحمل مسؤولية العنف
من جانبه، حمّل الدكتور عصام الراوي عضو هيئة علماء المسلمين الحكومة العراقية مسؤولية العنف الذي ترافق مع ذكرى وفاة الإمام موسى الكاظم. وقال الراوي لـ"العربية.نت" إن "بعض الهيئات الشيعية ومن ضمنها جيش المهدي رأت أن أداء الشرطة والحرس الوطني ضعيف في بعض المناطق خصوصا أن العام الماضي شهد توترا واتهامات على الشاكلة ذاتها"، معتبرا أن ذلك هو ما دفع بعض المليشيات الشيعية لحمل أسلحة خفيفة بغرض حماية المواكب.
وتابع أن بعض حراس المساجد السنية حين رأوا الأسلحة بأيدي عناصر جيش المهدي، توجسوا خيفة من ذلك، فحدثت الاشتباكات.
لكنه جزم بأن "أيا من الطرفين لم يكن يبيّت نية العدوان على الطرف الآخر". وأضاف بأنه ليس من مصلحة الشيعة مهاجمة السنة في مثل هذا اليوم الذي تجوب فيه مواكب شيعية ضخمة بغداد، كما أنه لا يمكن لأية جماعة سنية تتمتع بأدنى درجة من العقلانية أن تتورط في مهاجمة الشيعة في يوم كهذا.
ولفت إلى أن القتل في العراق يجري لأسباب كثيرة، اقتصادية وسياسية ولأجندات مختلفة، ليست بالضرورة مذهبية أو طائفية، لكن الخطير فعلا، النظر إلى كل حادث من منظور طائفي. وأبدى الرواي تخوفه من أن الاستنفار الطائفي في العراق، بات الانسياق وراء العواطف في كيل التهم بحق الطائفة الأخرى شائعا.
وزاد بأن بعض المرجعيات الدينية شيعية وسنية "تساهم في إذكاء نار الفتنة"، مشيرا إلى أن "الخطاب الديني والسياسي في العراق، اليوم، غير منضبط".
ويرفض الدكتور الراوي التوسل بالدين في العمل السياسي، معتبرا أن ما تعيشه بلاده حاليا مرده لأسباب ثلاثة، هي الاحتلال، وغياب الحكومة المركزية، وتداخل الدين بالسياسة تداخلا غير متوازن. ولفت إلى أن عددا من الأحزاب التي تشارك في حكم العراق حاليا، هي أحزاب دينية سياسية.
وأشار إلى أن الإسلام، عوض أن يكون عامل توحيد، "أضحى للأسف عاملا للفرقة". وأوضح في هذا الصدد بأن ثمة مؤشرات واضحة على نزعة دينية قومية، تتجسد مثلا في حزب الدعوة كحزب "عربي شيعي"، والحزب الإسلامي العراقي كحزب "عربي شيعي"، بالاضافة لأحزاب كردية سنية وشيعية، وغيرها.
واعتبر الراوي أن الأحزاب الدينية تؤثر تأثيرا بالغ السوء في العراق، داعيا لعدم خلط الدين بالسياسة، مشيرا إلى أنه يؤكد هذه المعاني على الرغم من انتمائه لهيئة دينية، لكنه كسياسي، كما هو شأنه كجيولوجي، لا يحمل هيئة علماء المسلمين معه إلى قاعة الدرس في الجامعة التي يدرس فيها.
صحافي: مساعٍ لتهجير السنة من بغداد
من ناحيته، فتح الصحافي العراقي شاكر العزاوي، المقرب من هيئة علماء المسلمين، النار على مليشيا جيش المهدي، متهما حكومة بلاده بالسعي إلى تهجير السنة من بغداد. وقال العزاوي لـ"العربية.نت" أن "مليشيا الصدر التي كانت تحرس المواكب الشيعية تعرضت في طريقها لمساجد سنية" مؤكدا أن عناصر جيش المهدي داهمت مساجد، وقتلت من كانوا في داخلها.
وأضاف بأنهم - عناصر جيش المهدي – عمدوا لتغيير اسم مسجد "الجنابي" في شارع فلسطين، إلى مسجد "الإمام موسى الكاظم"، معتبرا ألا غضاضة في ذلك كون "الإمام موسى الكاظم، هو سيدنا، كما هو مرجع للشيعة"، لكن المسألة لم تتوقف عند هذا الحد، إذ اعتقلت عناصر جيش المهدي إمام مسجد وبعض حراسه في منطقة الدولعي.
وأفاد بأن الحكومة العراقية صوّرت الأمر على أنه اعتداء على الشيعة، وغضت الطرف عن الضحايا في جانب السنة، مشيرا إلى أن مساجد سنية في مناطق الدولعي والصليخ والفضل، تعرضت لاعتداءات، وسقط خلالها قتلى وجرحى سنة.
وأضاف بأن الحكومة العراقية تنقل وجهة نظر واحدة، هي وجه النظر الشيعية، متهما إياها - الحكومة – بأنها اعطت المليشيات الشيعية على حد وصفه الضوء الأخضر لـ"استغلال حظر التجوال في الاعتداء على السنة". وأردف اتهامه بآخر فحواه أن حكومة المالكي تسعى لإفراغ العاصمة العراقية من المواطنين السنة، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء العراقي قال سابقا إن الخطة الأمنية في مرحلتها التالية ستستهدف "المناطق الساخنة" الأمر الذي يفسر بحسبه "مناطق سنية" في حين أن مناطق أخرى تعد مأوى للمليشيات المسلحة، لا يجري تمشيطها أمنيا، ولا تدرج ضمن الخطة الأمنية في بغداد.