Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الجنرال باتريوس لمجلس الشيوخ: هناك تقدم في العراق ولكنه غير منتظم الوتيرة

09/04/2008

شبكة اخبار نركال/NNN/
قدم الجنرال ديفيد بيترايوس شهادته أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ عن العراق، في واشنطن، في 8 نيسان/أبريل 2008 – في ما يلي نص شهادة الجنرال ديفيد باتريوس، قائد قوات التحالف متعددة الجنسيات في العراق، أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ اليوم عن تقييمه للأوضاع في العراق بصورة عامة في الأشهر الستة الماضية:

بداية النص
الجنرال ديفيد أتش. باتريوس
قائد القوة متعددة الجنسيات في العراق
8 – 9 نيسان/إبريل، ‏2008‏‏

حضرة رئيس اللجنة، حضرة نائب الرئيس، حضرات أعضاء اللجنة، شكرًا للفرصة التي أتحتموها لي لكي أقدم لكم تحديثا للوضع الأمني في العراق ولكي أناقش التوصيات التي قدمتها مؤخرًا لقيادتي.

منذ أن مَثُلنا، السفير كروكر وأنا، أمامكم قبل سبعة أشهر، كان هناك تقدم ملحوظ ولكن غير منتظم الوتيرة في العراق. فمنذ شهر أيلول/ سبتمبر، انخفضت مستويات العنف والوفيات بين المدنيين انخفاضا ملحوظاً. وقد تم تسديد ضربات خطيرة إلى القاعدة في العراق وعدد من العناصر المتطرفة الأخرى، كما نمت قدرات عناصر قوة الأمن العراقية، وكان هناك اشتراك ملحوظ من قبل عراقيين محليين في الأمن المحلي. ومع ذلك، لا يزال الوضع في بعض المناطق غير مرض، ولا تزال هناك تحديات لا تحصى. أضف إلى ذلك، كما ذكّرَتنا الأحداث التي جرت خلال الأسبوعين الماضيين، وكما سبق لي أن حذرت تكرارًا، فإن التقدم الذي تحقق منذ الربيع الماضي هش وقابل للإنتكاس. لكن الأمن في العراق مازال أفضل مما كان عندما قدمنا، السفير كروكر وأنا، تقريرينا اليكم في أيلول/سبتمبر الماضي، وهو أفضل بكثير مما كان عليه قبل 15 شهرًا عندما كان العراق على شفير حرب أهلية وتم اتخاذ القرار بإرسال قوات أميركية إضافية إلى العراق.

لقد أسهمت عدة عوامل في التقدم الذي تحقق. أولاً، بالطبع كان هناك تأثير للأعداد المتزايدة من قوات التحالف والقوات العراقية. وتدركون جيدًا زياردة عديد القوات الأميركية. ولكن ما هو معروف أقل، أن العراق قام أيضا بزيادة عدد قواته، مضيفًا أكثر من 100.000 جندي وشرطي إلى صفوف قواته الأمنية عام 2007، ومضاعفا بصورة تدريجية قدرته على نشر واستخدام هذه القوات.

وثمة عامل ثان هو استخدام قوات التحالف والقوات العراقية في القيام بعمليات ضد التمرد عبر البلاد، والانتشار معًا لحماية الشعب العراقي، ومطاردة القاعدة في العراق، ومكافحة المجرمين والمليشيات المتطرفة، ورعاية المصالحة الوطنية، والتمكين من حدوث تقدم سياسي واقتصادي.

وثمة عامل آخر مهم متمثل في التحول السلوكي في مواقف عناصر معينة من السكان العراقيين. فمنذ "الصحوة" السنية الأولى في أواخر عام 2006، رفضت المجتمعات السنية في العراق بصورة متزايدة العنف الذي تقوم به القاعدة بدون تمييز فضلا عن أيديولوجيتها المتطرفة. وقد أدركت هذه المجتمعات أيضا أنها لن تستطيع أن تشارك في خيرات العراق إذا لم تشارك في المعترك السياسي. وبمرور الوقت، حفزت " الصحوة " عشرات الآلاف من العراقيين – بعضهم من المتمردين السابقين – على المساهمة في الأمن المحلي تحت اسم "أبناء العراق". وبمساعدتهم، وبمطاردة القاعدة في العراق بلا هوادة، أمكن تخفيض التهديد الذي تشكله القاعدة في العراق تخفيضًا كبيرًا -- على الرغم من أنه لا يزال جوهريًا وفتاكًا.

وقد أبرزت المواجهات الأخيرة التي جرت في البصرة، بجنوب العراق، وفي بغداد، أهمية وقف إطلاق النار الذي أعلنه مقتدى الصدر في الخريف الماضي باعتباره عاملاً آخر يسهم في تخفيف العنف بوجه عام. وفي الآونة الأخيرة، بطبيعة الحال، أصبحت بعض عناصر من المليشيات ناشطة مرة أخرى. وعلى الرغم من أن أمرًا بوقف إطلاق النار أصدره الصدر حل الموقف إلى حد ما، إلا أن اندلاع القتال أبرز أيضًا الدور الهدام الذي لعبته إيران في تمويل وتدريب وتسليح وتوجيه ما تسمى "بالجماعات الخاصة" وولد قلقًا متجددًا بشأن إيران في أذهان كثير من القادة العراقيين. وهذه الجماعات الخاصة، إذا لم يوضع حد لنشاطها فإنها ستشكل أكبر خطر على الأمد الطويل يهدد قابلية قيام عراق ديمقراطي.

وإذ نتطلع إلى المستقبل، فإن مهمتنا مع شركائنا العراقيين ستكمن في البناء على التقدم الذي تحقق ومجابهة العديد من التحديات التي لا تزال قائمة. وأنا أعتقد بأننا نستطيع أن نفعل هذا بينما نستمر في تخفيض عديد القوات.

طبيعة النزاع

في أيلول/سبتمبر، قمت بشرح الطبيعة الأساسية للنزاع في العراق على أنها تنافس بين مجتمعات عرقية وطائفية من أجل السلطة والموارد. وهذا التنافس مستمر ومتأثر تأثرًا كبيرًا بعناصر خارجية، وحله يظل المفتاح لتحقيق استقرار طويل الأجل في العراق.

هناك عناصر متعددة تدفع بالتنافس العراقي العرقي – الطائفي نحو العنف. ويشكل الإرهابيون والمتمردون والمليشيات المتطرفة والعصابات الإجرامية كلهم تهديدات ملحوظة. ويرسل كبار قادة القاعدة الذين ما زالوا ينظرون إلى العراق على أنه الجبهة المركزية في استراتيجيتهم العالمية، الأموال والتوجيهات والمقاتلين الأجانب إلى العراق. وتضاعف الأعمال التي تقوم بها دول مجاورة من التحديات التي يواجهها العراق. وقد اتخذت سورية بعض الخطوات لتخفيض تدفق المقاتلين الأجانب عبر أراضيها، ولكن ليس بما يكفي لغلق الشبكة الرئيسية التي تدعم القاعدة في العراق. وإيران زادت العنف اشتعالا بصورة تدميرية بشكل خاص، عن طريق دعمها المميت للجماعات الخاصة. وأخيرًا، فإن قدرة الحكومة العراقية غير الكافية، وانعدام الثقة المستمر بين الطوائف فضلا عن الفساد، كلها تضيف إلى مشاكل العراق.

إن هذه التحديات، على الرغم من العنف الذي جرى في الأسابيع الأخيرة، والتنافس العرقي – الطائفي بين العراقيين في كثير من المجالات، تجري الآن عبر النقاش بصورة أكبر وعبر العنف بصورة أقل. والحقيقة أن تصاعد العنف في بغداد وجنوب العراق في الآونة الأخيرة، قد جرت معالجته بصورة مؤقتة، على الأقل، من قبل معظم الأطراف التي ترى أن الطريقة العقلانية الحصيفة أمامها تكمن في الحوار السياسي وليس قتال الشوارع.

الوضع الحالي والتوجهات

كما ذكرت في البداية، فعلى الرغم من أن العراق يبقى بلدًا يسوده العنف، إلا أننا نرى تقدمًا على الصعيد الأمني. وكما توضح هذه الخريطة (الصورة رقم 1) فإنه ولمدة ستة أشهر، كانت الحوادث الأمنية في مستوى لم يُر مثله منذ الفترة من أوائل إلى منتصف عام 2005، على الرغم من أن المستوى قد تصاعد في الأسابيع الأخيرة نتيجة العنف في البصرة وبغداد. ومع ذلك، فإن مستوى الحوادث قد أخذ يتدنى مرة أخرى، ولو أن الفترة القادمة ستكون فترة حساسة.

ولما كانت مهمتنا الأساسية أن نساعد على حماية السكان، فنحن نراقب عن كثب عدد المدنيين العراقيين الذين يُقتلون بسبب العنف. وكما تبين هذه الخريطة (الصورة رقم 2)، فإن عدد الوفيات بين صفوف المدنيين انخفض خلال العام الماضي إلى مستوى لم يُشاهد مثله منذ تفجير مسجد سامراء في شباط/فبراير عام 2006، الذي أطلق شرارة العنف الطائفي الذي مزق نسيج المجتمع العراقي عام 2006 وأوائل عام 2007. وهذه الخريطة تبين أيضًا استخدامنا المتزايد للتقارير التي يقدمها العراقيون، ويعكس الخط الأعلى بيانات التحالف والبيانات العراقية، في حين يعكس الخط الأدنى البيانات التي يؤكدها التحالف فقط.

وأيًا كانت البيانات التي تُستخدم، فإن الوفيات بين المدنيين نتيجة العنف قد انخفضت انخفاضًا ملحوظاً، على الرغم من أنه من الواضح بأن مزيدًا من العمل ينبغي القيام به.

إن العنف العرقي – الطائفي هو مثار قلق بوجه خاص في العراق، حيث أنه بمثابة سرطان يستمر في الانتشار إذا تُرك دون أن يُوقف. وكما يبين المربع الذي في أسفل الخريطة إلى اليسار (الصورة رقم 3) فإن عدد الوفيات نتيجة عنف عرقي – طائفي قد انخفض منذ أن أدلينا بإفادتينا في أيلول/سبتمبر الماضي.
وثمة عامل كبير هو الانخفاض في العنف العرقي – الطائفي في بغداد، كما هو مبين في المربعات التي تصور العاصمة العراقية على مر الزمن. وبعض هذا الانخفاض مؤداه، على وجه التأكيد، إلى التلاحم الطائفي في بعض أحياء بغداد، إلا أن هذا مجرد تفسير جزئي حيث أن عددًا لا يحصى من خطوط التصدع الطائفية والأحياء المختلطة العديدة لا يزال قائمًا في بغداد وأماكن أخرى. والحقيقة أن قوات التحالف والقوات العراقية ركزت على خطوط التصدع لتخفيض العنف وتمكين القادة السنة والشيعة من البدء في عملية طويلة لمعالجة الجراح في مجتمعاتهم المحلية.

وكما تبين هذه الخريطة (الصورة رقم 4) فعلى الرغم من أن عدد الهجمات التي تسلطت عليها الأضواء قد ازداد في آذار/مارس عندما زادت القاعدة من نشاطها، فإن المستوى الحالي لمثل هذه الهجمات يبقى دون ذروته التي سُجلت قبل عام بكثير. إضافة إلى ذلك، بينما ساعدنا على تحسين الأمن وركزنا على شبكات العدو، رأينا انخفاضًا في فعالية مثل هذه الهجمات. وبقي عدد الوفيات من جراء العنف العرقي – الطائفي، بوجه خاص، منخفضًا نسبيًا، مما يوضح عدم قدرة العدو حتى الآن على إعادة إشعال دورة العنف العرقي – الطائفي.

وقد شكل بروز المتطوعين العراقيين للمساعدة على تأمين مجتمعاتهم المحلية تطورًا مهمًا. وكما تبين هذه الخريطة (الصورة رقم 5)، فهناك الآن أكثر من 91.000 من "أبناء العراق" – شيعة وسنة – عاقدي العزم على مساعدة قوات التحالف والقوات العراقية على حماية أحيائهم وتأمين البنية التحتية والطرق. وقد ساهم هؤلاء المتطوعون مساهمة بالغة في مختلف المجالات، كما فاق التوفير في السيارات التي لم تفقد نتيجة انخفاض العنف – ولا نقول الأرواح التي تم انقاذها والتي لا تقدر بثمن – فاق كلفة عقودهم الشهرية بكثير.

وساهم أبناء العراق أيضا في اكتشاف مخابىء عبوات متفجرة وأسلحة ومتفجرات. وكما تبين هذه الخريطة (الصورة رقم 6) فإننا في الحقيقة عثرنا على مخابىء أسلحة عام 2008 أكثر مما عثرنا عليه في عام 2006 بالكامل. ونظرًا إلى أهمية أبناء العراق، فإننا نعمل بصورة وثيقة مع الحكومة العراقية لنقلهم إلى قوات الأمن العراقية أو أشكال أخرى من التوظيف، وقد تم قبول أكثر من 21.000 عنصر منهم حتى الآن في الشرطة أو الجيش أو مناصب حكومية أخرى. وكانت هذه العملية بطيئة لكنها جارية وسنستمر في مراقبتها بعناية.

وتدرك القاعدة أيضًا أهمية أبناء العراق، وقد استهدفتهم عناصر القاعدة تكرارًا، إلا أن هذه الهجمات، فضلا عن استخدام القاعدة للنساء والأطفال والمقعدين كمتفجري قنابل انتحاريين، قد زاد من نفور الشعب العراقي من القاعدة. وقد خفضت المطاردة الشرسة للقاعدة في العراق، مع خسارة القاعدة في العراق للدعم المحلي في كثير من المناطق، من قدرتها وأعدادها وحريتها في الحركة تخفيضًا كبيرًا. وتبين هذه الخريطة (الصورة رقم 7) التأثير الإجمالي للجهد المبذول ضد القاعدة في العراق وحلفائها المتمردين. وكما ترون، فإننا خفضنا وبشكل كبير المناطق التي تتمتع فيها القاعدة في العراق بدعم وملاذ آمن، رغم أنه من الواضح أن ما زال هناك الكثير الذي ينبغي عمله.

ورغم تنويهي بالتقدم الحاصل، فإن تنظيم القاعدة في العراق لا يزال قادرًا على شن هجمات فتاكة، ولذ يتعين علينا مواصلة الضغط بلا هوادة على هذه المنظمة وعلى الشبكات التي تساندها خارج العراق وعلى تدفقات الموارد التي تديم بقاءها. هذا الرسم البياني (الصورة رقم 8) يبين الاستراتيجية الشاملة التي نستخدمها نحن والعراقيون والوكالات المشتركة والشركاء الدوليون الآخرون لتجفيف الموارد التي تحتاج إليها القاعدة في العراق. وكما ترون، فإن دحر القاعدة في العراق يتطلب ليس فقط الإجراءات التي تقوم بها الصفوة من قوات مكافحة الإرهاب، وإنما يتطلب أيضا عمليات كبرى تشنها قوات التحالف والقوات العراقية التقليدية، كما يتطلب مجهودات استخباراتية متطورة، والتوصل إلى مصالحة سياسية، وبرامج اقتصادية اجتماعية، ومبادرات عملياتية ومعلوماتية، ونشاطًا دبلوماسيًا مكثفًا، وتوظيف مبادئ مكافحة التمرد في العمليات المتصلة بالمعتقلين والعديد من الإجراءات الأخرى. وفيما يتصل بهذا الجهد، أشيد بدعم الكونغرس لتوفير الأموال الإضافية للاستخبارات، والمراقبة والاستطلاع في الميزانية الإضافية المقبلة، لأن طلب الميزانية الإضافية يعد حيويًا لنجاح عملياتنا في العراق وفي غيره من الأماكن.

وفي الوقت الذي نقاتل فيه تنظيم القاعدة في العراق، يجب ألا يغيب عن بالنا بأن القيام بذلك لا يحد من فعالية مصدر رئيسي من مصادر عدم الاستقرار في العراق فحسب؛ وإنما أيضًا يضعف منظمة ينظر إليها كبار قادة تنظيم القاعدة باعتبارها أداة لنشر نفوذهم وإثارة عدم الاستقرار الإقليمي. وقد دعا كل من أسامة بن لادن وأيمن الظواهري باستمرار إلى استغلال الوضع في العراق، وقد رأينا أيضا القاعدة في العراق تشارك في أنشطة زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط الأوسع.

وبتكاتف الجهود التي نبذلها مع قوات الأمن العراقية، فقد ركزنا أيضا على الجماعات الخاصة. وهذه العناصر يمولها ويدربها ويسلحها ويوجهها فيلق القدس الإيراني بمساعدة من حزب الله اللبناني. إنها هي الجماعات التي أطلقت الصواريخ وقذائف الهاون الإيرانية على مقر الحكومة العراقية منذ أسبوعين، مسببة خسائر في الأرواح البشرية البريئة والخوف والهلع داخل العاصمة، مما تطلب ردًا من قبل قوات التحالف والحكومة العراقية. وقد أعرب الزعماء العراقيون وقادة التحالف عن رغبتهم مرارًا وتكرارًا في أن تلتزم إيران بالوعود التي قطعها الرئيس أحمدي نجاد وغيره من كبار الزعماء الإيرانيين بوقف دعمهم للجماعات الخاصة. بيد أن الأنشطة الشريرة التي يمارسها فيلق القدس تستمر، وقد بات القادة العراقيون يدركون مدى الخطر الذي تشكله هذه القوة على العراق. ويتعين علينا جميعًا مراقبة التصرفات الإيرانية عن كثب خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، حين يظهرون نوع العلاقات التي ترجو إيران أن ترتبط بها مع جارتها وطبيعة مستقبل التورط الإيراني في العراق.

قوات الأمن العراقية

وقد واصلت قوات الأمن العراقية تطورها منذ شهر أيلول/ سبتمبر، وحولنا المسؤوليات الأمنية إلى القوات العراقية حسبما تسمح به قدراتها والظروف الراهنة على الأرض. وحاليا، كما هو مبين في (الصورة رقم 9)، تخضع نصف محافظات العراق الـ18 للسيطرة العراقية الإقليمية. والعديد من هذه المحافظات — ليس فقط المحافظات الناجحة في المنطقة التي تخضع للحكومة الإقليمية الكردية، ولكن أيضًا عدد من المحافظات الجنوبية – تسير الأمور فيها سيرًا حسنًا.

وقد ظهرت تحديات في البعض الآخر، ومنها بالطبع، البصرة. ومع ذلك، ستستمر هذه العملية، ونحن نتوقع تحول محافظتي الأنبار والقادسية في غضون الأشهر القليلة المقبلة. وقد ازداد عديد القوات العراقية بشكل كبير منذ أيلول / سبتمبر، حيث أصبح عدد أعضاء قوات الأمن العراقية 540 ألف فرد. وارتفع عدد الكتائب القتالية القادرة على أخذ زمام المبادرة في العمليات، ولو أن ذلك يتم ببعض الدعم من قوات التحالف، إلى أكثر من 100 كتيبة (الصورة رقم 10).

وأصبحت هذه الوحدات تتحمل نصيبًا متزايدًا من الأعباء، كما يتضح من حقيقة أن خسائر قوات الأمن العراقية في الآونة الأخيرة فاقت خسائرنا بثلاثة أضعاف. وسوف نجري، بالطبع، مراجعة لما بعد الحدث مع شركائنا العراقيين في أعقاب العمليات الأخيرة، حيث أنه تبين، في بعض الحالات، أن هناك بعض الوحدات وبعض القادة كانوا مقصرين، ونتيجة لذلك يمكن التخفيف من تقييماتنا. ورغم ذلك، فإن أداء العديد من الوحدات كان قويًا، وخصوصًا بعد أن ثبّتت أقدامها واكتسبت قدرًا من الثقة، حيث أثبتت بعض عناصر القوات العراقية قدرتها التامة.

وتمثلت دعامة التقدّم الذي تحقق في السنة الماضية في التحسينات التي شهدتها المؤسسات الأمنية العراقية. إذ مكنت قاعدة التدريب القوية التي تجري بإدارة عراقية، مكنت قوات الأمن العراقية من النمو إلى ما يزيد على 133 ألف جندي وعنصر من الشرطة على مدى الأشهر الستة عشر الماضية. ومن المتوقّع أن تتمكن قاعدة التدريب التي لا زالت في توسع مستمر من تخريج 50 ألف جندي عراقي و16 كتيبة جيش وعمليات خاصة خلال الفترة المتبقية من عام 2008، بالإضافة إلى أكثر من 23 ألف شرطي و8 كتائب شرطة تابعة للشرطة الوطنية.

وبالإضافة إلى ذلك، تعكف الوزارات العراقية المعنية بشؤون الأمن على تحسين قدرتها على تطبيق الميزانيات الخاصة بها على نحو مطرد. وكما يوضح هذا الرسم البياني (صورة رقم 11) فقد أنفقت هذه الوزارات في عام 2007، كما في عام 2006، على قواتها أكثر مما قدمته الولايات المتحدة من خلال صندوق قوات الأمن العراقية. ونحن نتوقع أن تنفق ما يزيد على 8 بليون دولار على الأمن هذا العام، و11 بليون دولار العام المقبل، وقد مكننا هذا التصور مؤخرًا من تخفيض قيمة الاعتمادات التي طلبناها لقوات الأمن العراقية للعام المالي 2009 من 5.1 بليون دولار إلى 2.8 بليون دولار.

ورغم التحسن الذي حققته قوات الأمن العراقية، إلا أنها ما زالت غير مستعدة بعد للدفاع عن العراق أو الحفاظ على الأمن في جميع أنحاء البلاد بمفردها. وتبرز العمليات الأخيرة التي جرت في البصرة مدى التحسينات التي تمت في قدرة قوات الأمن العراقية على نشر أعداد كبيرة من الوحدات والإمدادات والبدائل خلال فترة زمنية قصيرة جدًا؛ لكنها بالتأكيد لم تكن قادرة على نشر قوة تتكون من فيلق كامل من وحدات الجيش والشرطة في فترة قصيرة جدًا منذ سنة. ومن ناحية أخرى، فإن العمليات الأخيرة أكّدت أيضًا على أنه لا يزال هناك الكثير مما يتحتم القيام به في مجالات النقل والإمداد وتمكين القوات وتطوير الموظفين والقيادة والسيطرة.

ونحن في الوقت ذاته نواصل مساعدة العراق من خلال برنامج الحكومة الأميركية للمبيعات العسكرية الخارجية. وحتى آذار/مارس 2008، كانت الحكومة العراقية قد ابتاعت أعتدة وخدمات عسكرية ذات منشأ أميركي بقيمة تزيد على بليوني دولار من خلال البرنامج المذكور. ومنذ أيلول/سبتمبر الماضي وبتشجيعكم لمنظمات هي جزء من عملية البرنامج، تحسن إيصال الأسلحة مع سعي نظام برنامج مبيعات الأسلحة لدعم متطلبات عاجلة في زمن الحرب. وكنقطة متصلة بذلك، سأطلب من الكونغرس دراسة إعادة تمويل "البرنامج الدولي للتدريب والتعليم العسكري" الذي يدعم التعليم لضباط عسكريين عراقيين من الرتب الوسطى والعليا ولقادة مدنيين، كما أنه عنصر هام في تنمية القادة الذين سيحتاجهم العراق مستقبلا.

التحديات المقبلة:
وفي حين شهد الوضع الأمني تحسّنا في العديد من المجالات وأصبحت قوات الأمن العراقية تتحمّل جزءًا أكبر من العبء فإن الوضع في العراق لا يزال في منتهى التعقيد وفي غاية التحدي. ويجوز أن يواجه العراق انبعاث القاعدة من جديد كما يمكن لجماعات شيعية أخرى أن تخرق أمر مقتدى الصدر بوقف إطلاق النار وأن تعاود العنف. أما الجهات الخارجية مثل إيران فيمكنها أن تذكي أوار العنف داخل العراق فيما يمكن لأعمال جارات أخرى للعراق أن تقوّض الوضع الأمني أيضًا.

ومن المفارقة أنه يمكن أن تتأتّى تحديات أخرى نتيجة لتحسّن الوضع الأمني الذي وفر فرصًا لإحراز تقدم سياسي واقتصادي وتحسين الخدمات على المستويات الوطنية والإقليمية والمحليّة. الا أن هذه التحسينات ولدّت توقعات بأن التقدم سوف يستمر. وفي الأشهر القادمة سيكون لزامًا على زعماء العراق أن يعززوا من طاقات الحكومة وينفذّوا بنود الموازنة ويقروا تشريعات أخرى ويجروا انتخابات محلية (في المحافظات) وينظموا تعدادًا للسكان ويقرروا مصير مناطق متنازع عليها ويعيدوا توطين لاجئين ومواطنين نازحين داخل البلاد. وهذه المهام ستمثّل تحديات لأية حكومة، ناهيك عن حكومة لا تزال في مرحلة تطور وضعتها الحرب على المحكّ.

أما برنامج القائد للردّ الطارئ، وصندوق الردّ السريع لوزارة الخارجية الأميركية، وبرامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية فهي تمكننا من مساعدة العراق على التعامل مع هذه التحديات. وتحقيقًا لهذا الغرض فانني أتقدم منكم بطلب توفير مبالغ أضافية لبرنامج القائد للرد الطارئ بحلول حزيران/يونيو التي طُلب اعتمادها في الميزانية الإضافية. وسيكون لهذه المبالغ أثر هائل. وكما أسلفت فان الرواتب التي تدفع لتنظيم "أبناء العراق" وحدها تكلف أقل بكثير مما يتم توفيره من نفقات العربات التي لا نفقدها نتيجة للأمن المعزز في كافة البلدات المحلية. وما هو مشجع أن الحكومة العراقية خصصت لنا مؤخرًا 300 مليون دولار لإدارة شؤون برنامج الرد الطارئ للقيام بمشاريع من أجل شعبها وفي نفس الوقت بناء طاقتها الذاتية للقيام بذلك. وقد تعهدت الحكومة العراقية بمبلغ 163 مليون دولار للوفاء بصورة متدرّجة بعقود "أبناء العراق"، إضافة الى مجموع 510 ملايين دولار لقروض مشاريع صغيرة، و196 مليونًا "للبرنامج المشترك للتدريب والتعليم وإعادة الدمج." وتعهدت حكومة العراق أيضًا بتوفير المزيد من الأموال وهي تنفّذ بنود موازنتها التي تم إقرارها قبل شهرين. ومع ذلك ومن الأهمية البالغة بمكان أن تظل مواردنا متوفرة حتى حينما يتجاوز ما سيخصصه العراق من أموال مبالغنا.

التوصيات:

في الشهر الماضي رفعت الى سلّم القيادة العسكرية توصيات بخصوص المسار القادم في العراق. وخلال هذه العملية أشرت الى هدف الاحتفاظ بمكاسبنا الأمنية التي تحققت بجهد بالغ، والبناء على أسسها، في الوقت الذي نسحب قوات ليبلغ مجموعها 15 لواءاً قتاليًا أي ما كانت عليه قبل زيادة عديد القوات. وشدّدت على الحاجة لمواصلة العمل مع شركائنا العراقيين لبسط الأمن في أوساط السكان ونقل المسؤوليات الى العراقيين بالسرعة التي تتيحها الظروف، لكن دون تعريض المكتسبات الأمنية التي تحققت للخطر. وكما في أيلول/سبتمبر، ترتكز توصياتي على اعتبارات استراتيجية وعملياتية.

والإعتبارات العملياتية تشمل الإقرار بما يلي:
- زيادة عدد القوات العسكرية أحرزت تقدّما، لكن هذا التقدم يمكن أن يزول؛
- عززت قوات الأمن العراقية قدراتها وإن لا يزال يتعين عليها تنميتها أكثر؛
- الإنتخابات المحلية في خريف هذا العام، وعودة اللاجئين والإفراج عن محتجزين وجهود تسوية النزاعات الحدودية في المحافظات، ومسائل تتعلق بالمادة 140، ستتسم بتحد بالغ؛
- تحويل "أبناء العراق" إلى قوات الأمن العراقية أوالمشاريع الأخرى سيتطلب وقتا ومتابعة دقيقة؛
- سحب عدد كبير من القوات وعلى وجه السرعة يمكن أن يهدّد التقدم الذي تحقق في العام الماضي؛
- أداء المهام الضرورية في العراق سيقتضي وجود عدد كبير من القوات التقليدية، إضافة الى قوات عمليات خاصة وفرق مستشارين؛

أما الإعتبارات الإستراتيجية فتشمل الإقرار بما يلي:
- إن الضغوط على الجيش الأميركي لا سيما القوات البرية كانت ولا تزال جسيمة.
- إن عددًا من التحديات الأمنية داخل العراق متصل بتهديدات كبيرة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
- إن وجود دولة فاشلة في العراق سيكون له تداعيات خطيرة للكفاح الأعظم ضد القاعدة وللإستقرار في المنطقة، وللأزمة الإنسانية القائمة فعلا في العراق، ولمجهود التصدي لنفوذ إيراني خبيث.

وبعد دراسة هذه العوامل أوصيت لسلم القيادة بأن نواصل سحب القوات القتالية التي تم إضافتها من قبل في إطار عملية زيادة عديد القوات، وأنه بعد سحب آخر لواء قتالي منها في تموز/يوليو سنقوم بعملية توحيد وتقييم على مدى 45 يوما، على أن نبدأ في نهايتها عملية تقييم لدراسة الظروف على الأرض، وبمرور الوقت نقرر متى يمكننا أن نرفع توصيات حيال إجراء تخفيضات أخرى في عديد القوات.

وهذه العملية ستكون متواصلة تنفذ خلالها تخفيضات كما تسمح الظروف. وهذا النهج لا يتيح وضع جدول زمني محدد للإنسحاب، لكنه يوفر فعلاً المرونة التي يحتاجها منا في الميدان للحفاظ على المكاسب الأمنية التي لا تزال هشّة والتي قاتلت قواتنا جاهدة وضحّت بالكثير لتحقيقها.

ومع اعتماد هذا النهج، فإن الإنجازات الأمنية في عامي 2007 و2008 يمكن أن تشكل الركيزة لترسيخ متدرج لأمن مستدام في العراق. وهذا لا يعتبر هامًا فقط لـ27 مليون مواطن عراقي فحسب، بل أنه ذو أهمية لشعوب منطقة الخليج ولمواطني الولايات المتحدة وللمجتمع العالمي أيضًا. ومن الجلي أنه في مصلحتنا القومية أن نساعد العراق على الحؤول دون انبعاث القاعدة مجددًا في قلب العالم العربي والمساعدة في مقاومة التحرشّات الإيرانية ضد سيادته وتفادي تجدد أعمال العنف العرقية-الطائفية التي يمكن أن تتسرّب الى خارج حدود العراق وأن تفاقم أزمة اللاجئين الحالية، كما أنه ينبغي أن نمكن العراق من توسيع دوره في الإقتصادات الإقليمية والعالمية.

ملاحظات ختامية:

في الختام أود أن أدلي بتعليقات مقتضبة حول الذين يخدمون أمتنا في العراق. لقد طلبنا الكثير جداً منهم ومن أسرهم، وقد قاموا بتقديم تضحيات هائلة. إن إدراكي الشخصي الواثق بالضغوط التي يتعرضون لها جميعاً هم والقوة العسكرية هناك كانت تشكل عنصرًا هامًا في توصياتي.

إن السلطة التشريعية (الكونغرس) والسلطة التنفيذية ومواطنينا قد أبدوا قدرًا كبيرًا من الدعم لقواتنا ولأحبّتهم، وجميعنا ممتنون لذلك. وما من شيء أكثر أهمية لهؤلاء الذين تحيق بهم الأخطار من إدراكهم بأن بلادهم تثمّن غاليًا تضحياتهم وتضحيات أسرهم. وفي الحقيقة، يجب أن يعتز جميع الأميركيون بالرجال والنساء الذين يخدمون أمتنا في العراق وببسالتهم ورباطة جأشهم وعزيمتهم ومبادرتهم التي يظهرونها ويتحلون بها يومًا بعد يوم.
وإنه لأعظم شرف لي أن أكون جنديًا إلى جانبهم.
شكرا جزيلاً لكم.

Opinions