الحكم الذاتي .... الى أين ؟

تردد في وسائل الأعلام , لا سيما في المواقع الألكترونية وقناة عشتار دعوات ملحّة في طلب أدراج الحكم الذاتي للمسيحيين في الدستور العراقي ودستور اقليم كردستان , قسم منهم يذكر وبخجل في مناطق تواجدهم التاريخية في شمال العراق والقسم الآخر يحددها في منطقة سهل نينوى لتجنب غضب الحزبين الكرديين اللذين يشجعان وبصورة غير مباشرة مجموعة من كتاب المقالات المسيحيين على هذا الطرح , غالبا بأسلوب الأغراء المادي والمصلحي , والغاية الأساسية التي لا تخفى على أحد هي ضم منطقة سهل نينوى وأن أمكن من الساحل الأيسر لمدينة الموصل الى ما تعتبر منطقة حكم ذاتي للأخوة الأكراد , وتسارعت وتيرة هذه الطروحات في الآونة الأخيرة ولا سيما بعد تصويت مجلس النواب العراقي على المادة (24)والخاصة بكركوك والمشكلة التي حصلت جراء ذلك من رفض رئيس الجمهورية ونائبه عادل عبد المهدي من التصديق على قرار مجلس النواب الخاص بتلك المادة . كما كانت عمليات ( بشائر الخير ) التي جرت في محافظة ديالى وما نجم عنها , كمشكلة أخراج قوات البيشمركة الكردية من بعض أقضية ونواحي محافظة ديالى التي تعتبر تابعة للحكومة المركزية اسوة بالمحافظات الأخرى ( عدا محافظات اربيل والسليمانية ودهوك )حافزا آخر لأشتداد هذا الطرح من قبل المكلفين بالترويج له .الا أن المشكلة التي حيّرت مسيحيّي العراق , عدم الوضوح الذي يحيط بطروحات ومطلب الحكم الذاتي , ففي الوقت الذي يدعو كافة الرؤساء الروحيين من الآباء الأجلاء البطاركة والأساقفة من الذين أدلوا بدلوهم في موضوع الحكم الذاتي , كقداسة البطريرك مار دنخا الرابع بطريرك كنيسة المشرق الآشورية , وسيادة المطران عبد الأحد كلو شابو مطران السريان الأرثدوكس في السويد وكذلك سيادة المطران مار سرهد يوسف جمو وسيادة المطران مار باواي سورو, بمطالبتهم بالحكم الذاتي في مناطقنا التاريخية ضمن العراق الموحد ( بلدنا الأصلي ) , ويدعو الى ذلك ايضا حزب الحركة الديمقراطية الآشورية ( زوعا ) وهو نفس رأي الأحزاب الكلدانية التي لم تشارك فيما يسمى بالمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري.أما الكنيسة الكلدانية التي تمثل 70% من مسيحيي العراق وكذلك الكنيسة السريانية الكاثوليكية في العراق والتي تمثل 20% من مسيحيي العراق . فأن موقفهم واضح من مسألة الحكم الذاتي وهو أن العراق بكافة مناطقه ومحافظاته هو وطن جميع المسيحيين العراقيين , وليس وطنهم محصورا في بقعة صغيرة من العراق . وهؤلاء بمجموعهم يمثلون اكثر من 95% من مسيحيي العراق في الداخل والخارج وجميعهم غير متفقين على الطروحات والآراء التي خرج بها رئيس واعضاء المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري في اجتماعه الأخير الذي عقد في مدينة دهوك ( نوهدرا )والذي نادى بتثبيت الحكم الذاتي لمسيحيي سهل نينوى فقط في دستوري العراق واقليم كردستان , وبرأيي فأن هذا مطلب مبتور وهو دعوة الى تقسيم مسيحيي العراق الى ثلاثة أقسام على الأقل وهم مسيحيي سهل نينوى , ومسيحيي شمال العراق خارج سهل نينوى , ومسيحيي بقية أنحاء العراق , فهل هناك شعب من الشعوب يرضى لنفسه هذا التشرذم وهو شعب واحد بلغة واحدة وديانة واحدة وثقافة واحدة

والحكم الذاتي الذي يجب أن يكون قد هيأ له واشبع دراسة وتمحيصا لأنه يخص مستقبل شعب بأكمله يجب أن يبنى بناء سليما لا تأثير عليه من أية جهة سوى أبناؤه والحريصين عليهم لذلك فرأيي هو

يجب أن يشمل الحكم الذاتي كافة القرى والبلدات المسيحية سواء في سهل نينوى أو خارج سهل نينوى وكافة القرى المسيحية في أقليم شمال العراق , وهذا يتم بأستحداث محافظة خاصة بالمسيحيين كأن تكون محافظة دهوك التي هي منطقة تاريخية للمسيحيين في الشمال العراقي لتشمل قرى واقضية ونواحي ( سهل نينوى - محافظة دهوك - منطقة اربيل وعقرة )

يتم ربطها بالحكومة المركزية للدولة العراقية , أسوة بمنطقة كردستان العراق , ولها ما لكردستان من امتيازات في الحكم الذاتي

يتم اجراء احصاء دقيق للسكان مستند على سجلات الكنائس في منطقة الحكم الذاتي للمسيحيين يبين عدد نفوس كل قومية من القوميات المسيحبة ( الكلدانية - السريانية - الآشورية ) ليكون اساسا في توزيع المناصب والوظائف حسب عدد نفوس كل قومية

أن الذين يدعون وبعجالة الى الحكم الذاتي لسهل نينوى , يتوهمون ان كانوا يعتقدون بأن مسيحيي العراق غافلون عن غاياتهم واهدافهم التي لا تصب اطلاقا في مصلحة المسيحيين العراقيين الذين هم على درجة عالية من الذكاء ليميزوا الشعوب التي يستطيعون العيش معها دون أية أعتداءات او عداوات وهم الذين خبروا كافة الشعوب التي تعايشوا معها أو بجوارها

وهم لا ينسون أبدا , قوافل شهدائهم على أيدي الحكام الفرس في القرن الرابع الميلادي . ولا المذابح التي تعرضوا لها على أيدي الأتراك العثمانيين وحلفائهم الأكراد في الحرب الكونية الأولى

أن الشعب العربي هو الشعب الوحيد الذي عاش معه المسيحيون دون أية أعتداءات أو مذابح منذ دخول الأسلام هذا البلد ( العراق ) وكتب التاريخ هي خير دليل على عصر الأزدهار المسيحي مع أخوتهم المسلمين العرب لا سيما في العصر العباسي عندما كان العلماء والأطباء ورجال السياسة المسيحيين لهم دورهم المشهود في الوظائف العليا في الدولة الأسلامية العربية

وكلمة أخيرة للأخوة الكتاب الذين قد أنبهروا أمام بريق المال وموائد السلاطين أورد هذا الحوار الذي دار بين الفيلسوفين اليونانيين (( ديوجينوس . و أريسيتيبوس ))

كان الفيلسوف اليوناني ( ديوجينوس ) يأكل عدسا مسلوقا , حين دخل عليه الفيلسوف , أريستيبوس الذي كان يعيش حياة ترف بفضل تزلفه للملك , فقال له : يا صديقي ديوجينوس , لو تتعلّم الزحف أمام الملك , لما كنت تتغذّى بطعام زريّ كهذا العدس المسلوق

فأجابه ديوجينوس : وأنت لو أنك تعلّمت أن تتغذى بعدس , لما صرت تزحف عند أقدام الملك

بطرس شمعون آدم

تورونتو - كندا