Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الحكم الذاتي بين صياغة التشريع واستحالة التطبيق وأشياء اخرى

لا نغالي إذا قلنا أن معظم شعوب الأرض تشترك في أمنية واحدة وهي الحرية في تقرير مصيرها السياسي. وهذا يعني أن كل شعوب العالم تتمنى أن يكون لها دولة مستقلة يحكمونها بمشيئتهم. وعندما تتحقق هذه الأمنية تبدأ ببروز أمنيات أخرى تتعلق بالعدالة والمساوات والحريات الفردية. لتتطور الى نظام الإشتراكية المجتمعية التي بدأت بعض الشعوب تنادي بها، وأخرى تطبق بعض فقراتها.
وشعبنا (الكلداني السرياني الاشوري ) ليس بمختلف عن ما تتمناه كل الشعوب لنفسها. سواء كانت هذه الامنيات مجرد أحلام وردية. أو أمنية قابلة لتحقيق، منتظرة فرصة التوافق الظروف الذاتية والموضوعية لتحقيقها.
بعد إقرار المادة 35 في دستور أقليم كوردستان العراق بصيغتها التالية : ((يضمن هذا الدستور الحقوق القومية والثقافية والادارية للتركمان، العرب، الكلدان السريان الاشوريين، الارمن بما فيها الحكم الذاتي حيثما تكون لأي مكون منهم أكثرية سكانية وينظم ذلك بقانون)).
الحكم الذاتي لشعبنا في المناطق التي يشكل فيها الأكثرية. هنا لا بد من الوقوف على عدة أمور من أجل تحويل هذا المبدأ الى قانون وصيغة قابلة للتطبيق. في البداية ضمن الحدود الإدارية لأقليم كوردستان. لأن الهدف من القانون هو تمتع أبناء شعبنا بحقوقه. والحكم الذاتي هو السقف المسموح به ضمن الحدود الإدارية لإقليم.
في البداية نود أن نذكر ان معنى الأكثرية القانونية تعني نصف زائد واحد من العدد الكلي. وهنا لا بد من الوقوف على بعض الأمور وتوضيحها.

1- من واقع توزيعنا الديمغرافي في أقليم كوردستان لا يمكن تحقيق أي وحدة إدارية ضمن الصيغة الحالية كمحافظة أو قضاء أو ناحية. حيث يمكن أن يشكل فيها أبناء شعبنا اكثرية لكي نتمكن من تطبيق مبدأ الحكم الذاتي عليه. وهنا لا بد من تحديث وحدة إدارية صغيرة (بأسم بلدية) أو أي تسمية إدارية أخرى، يمكن من خلالها تطبيق الحكم الذاتي لأبناء شعبنا. وانا اقترح وحدة إدارية صغيرة تسمى "البلدية"، تتكون البلدية من مجلس بلدي كهيئة تشريعية ورقابية. وإدارة البلدية كهيئة تنفيذية.
2- لا بد من تغير مصطلح ذات الاكثرية الى مصطلح ذات الكثافة حتى يكون القرار قابل للتطبيق في الوحدات الإدارية والقصبات أو (البلديات) عديدة من أقليم كوردستان. إن كان المشرع فعلا يقصد تطبيقه ضمن أقليم كوردستان. أما إذا كان المقصود منه تطبيقه في مناطق خارج أقليم كوردستان الحالية كما ورد في المادة الثانية أولا من دستور أقليم كوردستان. فهذا يدخل ضمن مشروع توسيع أقليم كوردستان. وشعبنا يرفض أن يدخل في صراع قد يجر البلد الى الصراع. تكون مناطقنا ساحة الحرب، ونخسر فيها كل ما تبقى لدينا. لأن هذه المناطق تقع خارج اقليم. و لا يستطيع برلمان الأقليم كوردستان إلا المساندة ودعم حقوق شعبنا من خلال النواب الكورد والكودستانيين في البرلمان العراقي حصرا.
3- لا بد من إقرار مبدأ أن الوحدات الإدارية التي ستشكل والتي سيكون شعبنا فيها يشكل كثافة سكانية، أو اكثرية، هي حدود التي ينطبق عليها قانون الحكم الذاتي. وبمجموعها تتكون منطقة الحكم الذاتي حتى وإن كانت هذه الوحدات متباعدة جغرافيا.
4- إن مصطلح حيثما في المادة 35 مبهم وسيخلق نفس الإشكالية التي خلقها مصطلح المناطق المتنازع عليها في مادة 140 من الدستور العراقي. عندما سألت الدكتور أياد السامرائي الرئيس الحالي للبرلمان العراقي حول الخلاف على مادة 140 بين الاخوة الكورد والأخوة العرب حول المادة 140 قال "في البداية المادة مبهمة بسبب مصطلح (المناطق) لا يوجد في القوانين الإدارية والجغرافية والزراعية العراقية أو وحدة قياسية تسمى المناطق. وفي الحقيقة صيغت هذه المادة مبهمة من البداية وكان كل طرف يفسرها بحسب ما يشاء وستبقى موضع خلاف لأنها صيغت على عجالة وكل طرف أراد إستغلال الآخر في تفسيرات المستقبلة". انتهى الإقتباس إذا ما المقصود بحيثما هل من وحدة إدارية أو جغرافية تسمى (حيثما) أم أن المقصود من المصطلح هو وقوع في الشرك الذي وقع فيه الاخوة الكود في صياغة مادة 140 من الدستور. رغم أنهم ساهمو في إشكالية الصياغة المبهمة.
5- لا بد من تصحيح مثل هذه الصياغات، قبل دخول في أي مشروع مستقبلي. وهذه هي المشكلة مع الكثير من المواد القانونية في الدستور العراقي ودستور أقليم كوردستان حيث أن المواد والفقرات تورد كيف ما اتفق دون أن تمر بهيئات إستشارية قضائية لتصحيحها قبل أن توضع كمواد دستورية. تشكل مثل هذة المواد والفقرات عبوات ناسفة ممكن أن تنسف المشروع السياسي في أي لحظة. بسبب خطأ مقصود أو غير مقصود في الصياغة.
6- لا بد من إقرار في تنظيم قانون مبدأ الحقوق. بأن القرارات المصيرية المتعلقة بأبناء شعبنا لا تخضع لصيغة التصويت في البرلمان الكوردستاني. بل يكون للكتلة التابعة لشعبنا القرار النهائي (الفيتو) فيها. مع إيجاد صيغة لإستفتاء في حالة القرارات ذات الطابع المصيري.
7- يتم إقرار اللغة السريانية كلغة رسمية في دوائر الدولة الى جانب الكوردية والعربية والتركمانية. يمكن المخاطبة بها على كافة المستويات. إلى جانب فتح قسم اللغة السريانية في كلية اللغات والآداب في الجامعات الحكومية في إقليم كوردستان.
8- الصيغة المتبعة حاليا في إنتخابات نواب البرلمان بالنسبة للكوتا المخصصة لأبناء شعبنا يمكن أختراقها من قبل الأحزاب الكوردية. فيفوز النائب الذي تسانده القوى الكوردية. وهنا تكون إرادة أبناء شعبنا مصادرة. فلابد من أن تكون هناك صيغة اخرى لإنتخاب النواب (الكلدان السريان الآشوريين). ضمن دوائر إنتخابية مغلقة في الإقليم.
9- أن يكون لأبناء شعبنا القرار الفصل في صياغة قانون المتعلق بآليات تحقيق الحكم الذاتي لينسجم مع ظروفه الذاتية. أما أن يفصل الحكم الذاتي على مقاسات لا تنسجم وواقعنا فسيكون الحكم الذاتي حبر على ورق. لقد ناضل الأخوة الكورد لسنوات وكان شعارهم الحكم الذاتي الحقيقي. فعليهم أن لا يرضوا لنا ما لم يرضوه لأنفسهم، ونحن دفعنا من التضحيات بقدر الأخوة الكورد بحسب تعدادنا من أجل تحرير كوردستان والعراق من الأنظمة الشوفينية والدكتاتورية.
10- لا يمكن ربط الحكم الذاتي ضمن أقليم كوردستان بقضية سهل نينوى. لأن قضية سهل نينوى قد تكون صيغتها مختلفة. عن قضية الحكم الذاتي في إقليم كوردستان. ولا شك أن شعبنا يأمل من القوى الكوردية والعربية الديمقراطية، واليسارية، أن تسانده في حقوقه. لأن حرية الإرادة عند أبناء شعبنا هي جزء لا يتجزء من إرادة الشعب العراقي. في الإرادة الحرة والحياة الكريمة.

أما في ما الأشياء الأخرى فهي.
1- كيف يمكن الحديث عن الحكم الذاتي وبعض الدوائر الأمنية في أقليم كوردستان، كدائرة آساييش زاخو تمنع إطلاق أسماء غير كردية على المحلات التجارية، وقد يتطور الأمر الى أسماء الأشخاص، والمدارس وغيرها من المنشآت.
2- كيف يمكن تحقيق إي إدارة والشؤون الإدارية للوحدات الإدارية تسير من المقرات الحزبية وكأن الشرطة والسلطات التنفيذية هي منظمات تابعة للأحزاب السياسية المتنفذة. كما يحصل اليوم في كل من شرطة قضاء قره قوش وشرطة ناحية تلكيف وقضاء شيخان وقضاء تلكيف.
3- كيف يمكن أن نؤمن بأن هناك حرية الرأي وديمقراطية في العملية الإنتخابية، وعدد الشكاوى في الدعاية الإنتخابية في أقليم كوردستان تجاوز الـ(150) دعوة، وانك من قضاء عمادية الى محافظة أربيل لا تجد سوى دعاية لقائمة واحدة فقط، بالنسبة للقوائم الكوردية.
إذا التشريع وحدة لا يكفي وما يشرع اليوم قد يبقى لعشرات السنوات مجرد حبرا على ورق وقد لا يتحقق إلا بعد تغيير الواقع السياسي.


Opinions