الحل الأفضل للخروج من نظام المحاصصة وديمومة الاحتجاجات
ان فكرة إنشاء أقاليم تتمتع سلطاتها بقدرة اتخاذ القرار النهائي في كل ما يتعلق بالشؤون المحلية لا تزال لدى الكثير الناس فكرة مشوشة وينظر إليها بريبة وشك، ويمكن نسبياً تقسيم أصحاب هذه النظرة إلى مجموعتين ، مجموعة وطنية حسنة النية تخشى ان تؤدي الإقليمية إلى تقسيم العراق إلى دويلات او عدم عدالة توزيع الثروات العامة او غيرها...، ومجموعة أخرى سيئة النية ترى في طرح وتطبيق النظام الفيدرالي امراً يتعارض وطموحاتها المشبوهة في استرداد الحكم والعودة بالعراق إلى مربع الحكم الدكتاتوري، ذلك ان الإقليمية تُعقد عليها مسألة الخطاب السياسي والحراك الميداني وتضعها في دوامة يصعب الخروج منها، وتزخر المواقع المشبوهة بالأدبيات التي تزعم بسلبيات إقامة نظام الأقاليم ضمن العراق الفدرالي.والحال ان نظام الفيدرالية الذي يحميه دستور رصين يحدد بدقة صلاحيات الحكومة الفيدرالية وصلاحيات الأقاليم سيكون مانعاً من أي محاولة للتفتت والتدويل او عدم العدالة.
ذلك إن نظام الأقاليم سيوفر لكل إقليم سلطة تنفيذية ومجلس تشريعي ومجلس قضاء وأجهزة رقابية، تتمتع باستقلالية في إدارة شؤون الإقليم من الناحية الإدارية والمالية والاقتصادية (الزراعة ، الصناعة) والتشريعية والقضائية فضلاً عن ميزانية مالية مستقلة، وفي ذلك مدعاة للنمو والتطور في كافة الميادين الحضارية والتعليمية والصحية والخدماتية ...، لان مثل هذه الحكومات ستكون الأقرب إلى تطلعات وآمال سكان الإقليم. وتكون محل محاسبة سكان الإقليم دون انتظار لجان تحقيقية وأوامر تأتي من العاصمة إلا استثناءاً وفي الأحوال التي يسمح بها الدستور الفيدرالي ودستور الإقليم.
وقد اثبت التجارب الفيدرالية نجاحاً كبيراً كما هو الحال في الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة واقليم كوردستان في العراق الذي حقق نمواً كبيراً في جوانب متعددة كانت محط إعجاب كل من زار الإقليم سواء من العراقيين أو الأجانب.
ان نظام الفدرالية الذي يخضع لنظام حكم رئاسي هو الأقرب لحاجات العراق في ظل المرحلة الراهنة، فهو يبعد عن النظام العام السياسي المشاكل الاجتماعية الناتجة عن سوء الخدمات والفساد وغيرها لأنها ستكون من مهام ومسؤوليات الحكومات المحلية التي تتمتع بميزانية مالية مستقلة، وستكون الاحتجاجات، ان كان هناك مقتضى، موجهة إليها لا للحكومة المركزية والنظام السياسي برمته.
ولكي لا تكون الفدرالية مكلفة من الناحية المالية وتشكل عبأً على ميزانية الدولة يفضل أن يتم انضواء أكثر من محافظة متقاربة من حيث النظام المجتمعي في إقليم وتكون رئاسة الإقليم دورية بين هذه المحافظات وعلى أساس الانتخابات في تلك المحافظة حتى لا تكون للمحافظات ذات الأغلبية السكانية هيمنة دائمة على شؤون الإقليم.
وعلى هذا النحو نرى ان أفضل حل للخروج من نظام المحاصصة سيء الصيت والمحافظة على النظام السياسي من اية تهديدات تناله هو نظام الأقاليم. لان كل مجموعة سكانية من أبناء العراق ستدير نفسها بنفسها وتختار لذلك خيرة الكفاءات من أبنائها، بينما تتفرغ الحكومة الفدرالية للأمور ذات الطبيعة العامة التي تهم كل أبناء المجتمع كإدارة الثروات العامة والشؤون الدفاعية والدولية.
*******
فارس حامد عبد الكريم ـ ماجستير في القانون ـ نائب رئيس هيئة النزاهة سابقاً