Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الديمقراطية في العراق.. إختطاف وقتل وتهجير وسرقة المال العام !


ادور ميرزا
اكاديمي مستقل



وانا اشاهده التلفاز لأتابع ما يحدث في البصرة من اقتتال وخراب بين الميليشيات العراقية المتنوعة للسيطرة على ادارة المحافظة نفطيا وسلطويا ! شعرت بحزن عميق لما يحدث للعراقيين الذين ما هدأت لهم ولا محافظة من محافظات وطنهم منذ غزوه قبل خمسة سنوات حتى اليوم , ولفضولي الزائد وودت التعرف اكثر على ما يحدث من جهات اعلامية محايدة اخرى , فانتقلت الى محطة فضائية تدعى "الحرة" علّني اسمع خبرا طيبا او متحدثا صادقا عن ما يحدث في العراق فكانت الصدمة ...حيث كان يناقش "موضوع العراق" ضمن برنامج ساعة حرة , ومن بين المتحاورين الثلاثة واحدا كان يمثل اللإئتلاف العراقي الذي يحظى باهتمام كبير من قبل الجارة ايران, ولست هنا بصدد تقييم هذا السيد او التقليل من شأنه , بل وليس من حقي ان اشكك في وطنيته ولا في وطنية اي من اعضاء حكومته فكلهم يتحدثون عن الوطن والوطنية ويعتبرون انفسهم منقذي الشعب العراقي من الدكتاتورية والظلم ! كما ليس لي الحق ان اشكك في فضائية الحرة ومن السؤول عن تمويلها او حتى خطها السياسي , انما ما لفت نظري وانا استمع الى المتحاورين هو اصرار ممثل الأئتلاف على انهم يعملون لسعادة شعب العراق و "انهم" قد حققوا في العراق الديمقراطية والسلام , والأكثر استغرابا هو طريقة حديثه الهادئة وكأنّ العراق ينعم بالأمن والخيرات , شاهدته كالنسر منتصباً امام الكامرة ليوحي الى المشاهدين عن مدى سيطرته وتمكنه من موضوع الحلقة .. ثم جاء دوره ليشرح مُبحراً بديمقراطيته وهو مرفوع الرأس واثقاً ومقتدراً ومتأكداً من ان في العراق ديمقراطية لا مثيل لها , متناسياً ومع الأسف حال العراق واحزان شعبه ...فيستطرد في حديثه متسائلاً مستغرباً ومتعجباً من الحاضرين معه في اللقاء ,

{ لماذا لا يتراكض العرب للحاق بديمقراطية حكومة العراق الجديد , ولماذا لا تقوم الدول العربية بارسال سفرائهم للإستفادة من تجربة هذه الديمقراطية الفتية , ويعلل ذلك من ان السبب هو خوف العرب من ديمقراطيته لأنها ستملئ شوارع بلدانهم بدماء المغدورين والمخطوفين والمذبوحبن , وستتظرر دول جيرانهم من افواج الهاربين والمهجرين من بلدانهم } ..هذا هو كل ما توصل اليه السيد المتحاور !



لكني اسأله كيف تجرأ ايها السيد على وصف حالة العراق اليوم بالديمقراطية , الا تشاهد ما يحدث لأخوانك العراقيين , عن اي ديمقراطية تتحدث , فديمقراطيتكم يعيشها العراقيون كل يوم بؤساً وقتلاً وتهجيراً في البصرة وفي النجف والموصل وبغداد العزيزة وفي كل ارجاء العراق , نعم ان ديمقراطيتك يتبارك بها العراقيون صباحا ومساءا عند مداوات جرحاهم , وآخرون بؤساء حاملين بايديهم مناقل بخورهم يلفون حول قبور احبائهم من الشهداء مسلمين ومسيحيين وغيرهم , اين ديمقراطيتك ايها السيد هل هي التي يتهافت عليها العراقيون الهاربون في ازقة سوريا والأردن ومصر وبقية بقاع الأرض , اتدري ماذا عملت ديمقراطيتك بكنائس ومساجد العراق , لقد احرقتها وهدمتها على رؤوس اخوانك العراقيين مسلمين ومسيحيين , هل شاهدت جريمة قتل المطران الجليل بولس في الموصل ؟ وهل نسيت جريمة تفجير جامع سامراء .. والله اجزم لو قامت فضائية الحرة المحترمة بسؤال اي عراقي عن حالة وطنه لن يجرأ ان يوصف حالة العراق اليوم بالديمقراطية , كفى ضحكاً على ذقون العراقيين ايها السادة, الم يعد للمستحى وجودا في ذاتنا !

اعود لما هو وراء العباءة حيث لم يعد خافيا على احد من ان المخطط الامريكى للمنطقة كما هو معلن على لسان كبار المسؤولين الأمريكان , يقضى بتفكيك دول المنطقة والسيطرة على منابع النفط ، ولكي تسهل لها تنفيذ ذلك فانها ستلجأ الى احتضان ومساعدة بعض من مكونات العراق ودفعها للمطالبة لإقامة اقاليم او دول صغيرة لها بحجة حقها في الحصول على الحقوق القومية او المذهبية , وهذا بالطبع سيشمل دول الجوار ، وبهذا تكون اميركا قد حققت الفوضى في المنطقة لتنقض على الجميع بعد ذلك , لكنّ البعض من هذه الأقليات التي انكوة بنار اميركا وبريطانيا في العراق ومنها "الأقلية الأشورية" على سبيل المثال لا الحصر ما زالت تعتقد بان خلاصها سيأتي على يدهم وانها ستمنح لهم ارضا يقيمون عليها دولتهم , لكن المخلصين يدركون بان الاعيب اميركا هذه باتت مكشوفة , وانهم غير واثقين لصداقتهم . إن الإنتماء الى الوطن موقف مقدس لا يتعارض مع المسميات الدينية او القومية , حيث في الوطنية تنصهر كل المسميات لتفصح المواطنة عن وجودها في وجدان العراقيين والتي أفداها المخلصون العراقيون الأوائل بدمائهم منذ الاف السنين , حيث لم يكن هناك من نادى بتقسيم العراق او تجزئه طائفيا , فلماذا ينادى بها اليوم .



{ اننا نسمع هنا وهناك دعوات لقيام نظام فدرالي كحل دائمي للوضع العراقي الجديد , لكن الحقيقة هي ان الفدرالية وما يشبهها والتي ينادي بها البعض لا تعدو سوى كونها مشاريع تحقق مصالح فئات طائفية معينة ليس لها اي علاقة بمصالح وحقوق الفئات الأخرى ومنهم الأقليات المنحدرون من بابل وآشور ذو الأصول القومية , فالأجدر بنا البحث عن صيغة عمل سياسية تضمن حقوق وسلامة الجميع وتقضي على التمايز الذي يعتبر مصدرا لنشوب الخلافات التي تتحرك لتصبح صراعات على السلطة والتي تؤدي الى ما لا يحمد عقباه من قتل ودمار والغاء وتهجير , وصورة ما يحدث في البصرة اليوم والذي سيمتد الى بقية المحافظات دليل على ما تصبوا اليه بعض الفئات المتنفذة معتقدة ان ما يحدث في البصرة دليل على الحاجة الى الفدرالية .

ان مشاريع الفدرالية وما يشبهها ذات المصالح الفئوية ليست حلا ناجعا لأن النزاعات والخلافات ستبقى قائمة ما دام التمايز المذهبي او العرقي باق في ذهن الحاكمين دون حل ! }

شعبنا العراقي المنكوب يستغيث كل الشرفاء للكشف عن حقيقة ما يجري في وطنهم , ويطالبونهم بإيصال نداءه الى مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان في جميع دول العالم الغربي والشرقي , اما الذين ما زال في عقلهم حيّز من الأحقاد والثأر وهم ما زالوا في السلطة نقول لهم , أن العراق اكبر منا جميعا وان التأريخ لن يرحمكم , ولكي لا يصِـفكم العراقيون بالعصابة المجرمة اعلنوا اعتذاركم ورفضكم لتمزيق شعب العراق واظهروا محبتكم قبل فوات الأوان , اما من ساهم وما زال يزيد في التخريب فسينعله التأريخ اليوم والى يوم الدين .




Opinions