السينودس الكلداني: أزمة الثقة و فقدان رؤية
من خلال متابعة مجريات السينودس الأخير المنعقد في دير السيدة قرب ألقوش، يبدو أن هناك أزمة ثقة بين آباء الكنيسة الكلدانية. وذلك واضح من خلال مقاطعة أغلب أساقفة العراق لأعمال هذا السينودس. بينما حضره غبطة البطريرك ومعاونوه وأسقف أبرشية واحدة من العراق. بالإضافة إلى الأساقفة الكلدان من خارج العراق الذين تهافتوا لحشد الصفوف لاتخاذ قرارات مصيرية حسب متطلبات هذه المرحلة الصعبة.وكانت المفاجأة تسرب مقررات السينودس قبل أن تعلن رسمياً من قبل الآباء المجتمعين خلافاً للقوانين الكنسية المرعية، حاملة البشرى السارة لمؤمني الكنيسة عن انتخاب أسقفين جديدين، واحد لمركز شاغر، وأخر لمركز مستحدث. وكأنهم بهذا القرار وضعوا إصبعهم على الجرح النازف، ونجحوا في تضميده. وهكذا أدوا واجبهم بعد تحملهم عناء السفر من البلاد البعيدة، ومغامرتهم بحياتهم الغالية في ظل الأوضاع الأمنية غير المستقرة في العراق.
وهنا لا بد من السؤال لماذا لم يشترك في السينودس أساقفة يمثلون أهم الأبرشيات الكلدانية في العراق، علماً أن هؤلاء الأساقفة مشهود لهم بتفانيهم في خدمة شعب الله رغم الصعوبات والمعانات والتحديات. كان على البطريرك عمل كل شيء لإقناعهم في الحضور وإزالة الأسباب ولربما الاكتفاء بدراسة وضع المسيحيين في العراق والماهجرين إلى سوريا والأردن ولبنان ومد يد العون لهم بدلا من الاكتفاء بانتخاب أسقفين ؟ وكان بالامكان الاستعانة ببعض الكهنة والعلمانيين المتمرسين في هذا الجانب المصيري ؟ إن وضع المسيحيين في العراق يتطلب من السينودس أن يبقى في حالة انعقاد دائم في ظل ما يجري لمواكبة المستجدات. بدل أن يعقد مرة واحدة في السنة ولمدة يوم واحد أو يومين. ولا يتحقق فيه شيء يذكر، سوى تحقيق بعض الرغبات الخاصة والضيقة على حساب مصلحة الكنيسة.
أسئلة مطروحة من قبل مؤمني الكنيسة، وعلى الرئاسة أن توضح أسباب المقاطعة، حتى نكون في الصورة الصحيحة لما يجري. علماً أن موقع البطريركية الكلدانية وموقع عينكاوة العزيز وعلى لسان المطران شليمون وردوني برر عدم حضورهم بالقول: " البعض منهم لأسباب صحية، والآخر لأسباب أمنية، وغيرهم لأسباب شخصية ". لم نسمع في وقت انعقاد المؤتمر أن أحد هؤلاء الأساقفة يعاني من متاعب صحية، أما الأسباب الأمنية أو الشخصية فكيف يأتي أساقفة من أمريكا وكندا وأستراليا وإيران ولبنان، وأسقف ألقوش على جوار الدير لا يحضر؟
ويختم المطران وردوني قوله: : " خرجوا بقرارات ناجحة لمجد الله ولخدمة الكنيسة ولخير لمؤمنين ". إنها بشرى سارة فقد خرج آباء السينودس بقرارات ناجحة، وعلى المؤمنين الانتظار بفارغ الصبر لتلقف المن والسلوى ؟.
و الملفت للنظر مع الأسف جاء التقرير خاليا من أية كلمة رجاء وتشجيع للمؤمنين الخائفين المروعين وكان السينودس هو فقط للانتخابات.
هل درسوا ما سبب ترك أغلب كهنة العراق مراكزهم والتوجه إلى الغرب، والرئاسة تتفرج غير مبالية بما يجري، بل تصدر مراسيم تعينهم هنا وهناك، وكأن العراق لا يحتاج إلى الكهنة. من الممكن أن للكهنة الهاربين من جحيم العراق أسبابهم، لعدم وقوف الرئاسة إلى جانبهم في تذليل معاناتهم. وأمام عدم مبالاة الرئاسة يتركوا مراكزهم تاركين القطيع بدون راعي، في وقت هو أحوج إليه من أي وقت مضى. وعندما يترك الراعي رعيته ماذا يكون مصيرها، وهل طبق فيها قول الرب بأشعيا النبي: " أن شعبي أضحى قطيعاً ضالاً، ورعاته أضلوه ".
أمام هول ما يجري نطالب آباء السينودس الكلداني بتحمل مسؤولياتهم في هذه الظروف المأساوية التي تمر بها كنيستنا الكلدانية الجريحة والمعذبة وليعملوا مع شعبهم ومن اجله ما هو لمنفعته . وليعلموا أن مستقبل كنيستنا هو في أرض الآباء والأجداد، وليس في تلك البقاع البعيدة التي مع السنين سوف نفقد فيها هويتنا وتراثنا شئنا أم أبينا.