Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الشدة والارهاق واثره على الشعب العراقي/ الجزء الاول

الارهاق والشدة هو مصطلح للدلالة على الاحوال الداخلية او الخارجية والتي تؤثر على عملية تنظيم الاستقرار او الاتزان الداخلي للفرد....!
وكتابتي لهذا المقال ماهو الا لتوضيح دور الشدة واثره في الاعياء والانهاك الذي اصاب والملاحظ على الشعب العراقي بشكل عام بسبب استمرار تعرضه لمصدر الشدة لمدة طويلة ولايزال .
والارهاق حالة غير جديدة في حياة الانسان وتفاعلاته مع ظروف حياته غير ان الجديد فيها انها حالة اكثر شيوعاً وانتشاراً في عصرنا الحاضر وانها في تزايد مستمر لاسيما في بلدي العزيز وهي كالقلق اصبحت من سمات هذا العصر ومن مرادفات اسمائه وصفاته.وعلم النفس الحديث خاصة في المجال الطبي يهتم كثيراً بهذه الظاهرة وبطرق علاجها وبوسائل التخفيف من امكانية حدوثها في حياة الفرد والمجتمع.
ان الحياة الانسانية تعتمد فيما تعتمد عليه من الاسس الهامة للبقاء على الاحتفاظ بحالة من التوازن مع المحيط الداخلي للفرد وبحالة من التوافق بين هذا المحيط وبين المحيط الخارجي الذي يعيشه وكما اشرنا سابقاً مراراً ان هناك(معادلة التعامل) اي تعامل الفرد مع نفسه ومحيطه في ان واحد وفي حالة عدم توازن هذه المعادلة يشعر الفرد بعدم الاستقرار والاتزان الداخلي وما يتبعه من تأثيرات عقلية وجسدية وتهديد لكفائته.
لكل انسان مقدرة محدودة ومجال محدود لهذا التوافق فبعض الناس يستطيعون التعامل والتوافق مع محيطه الخارجي في حدود واسعة من حيث الشدة والتنوع بينهم وبين محيطهم وبعضهم لايحتملون اي تبديل او تجربة طارئة تزيد على ماتعودوا على احتماله وقد ادركت هذه الحقيقة منذ القدم ، الا ان العالم الفيزيولوجي كانون Cannon (1926) كان اول من فسر الامر على اساس فيزيولوجي ووصف عملية التنظيم الفيزيولوجية في المحيط الداخلي للفرد وسماها بالاستقرار Homeostasis وهي العملية التي بموجبها تتم المحافظة على ثبات المحيط الداخلي للفرد. واستعمل كانون مصطلح (الارهاق او الشدة Stress) للدلالة على تلك الاحوال الداخلية او الخارجية التي تؤثر في عملية تنظيم الاستقرار او الاتزان الداخلي لذلك اقول ان استمرار هذه الشدة والارهاق على الشعب العراقي ولمدة طويلة ولا يزال ادى بالعدد الكبير من ابناء شعبنا العراقي بمقاومتها بالهجرة وترك الوطن الى ارض الله الواسعة عسى ان يحصل على الاستقرار او الاتزان الداخلي والذي ينشده .
ومن الفرضيات التي ظهرت منذ وضع مبدأ الاستقرار في المحيط الداخلي هو ان الكائن الحي يقوم تلقائياً في معظم الحالات بتنظيم الحالات المكونة لتوازن عمليات استقراره الداخلي. وبأن اي اختلال في مجال او اخر من هذه الحالات يدفع بالضرورة الى منع اعادة التوازن له ان يؤدي الى ايذاء وتهديد لكفاءة الفرد في تعامله مع محيطه الخارجي وربما لحياته العقلية او الجسدية او كليهما وهذا مانشاهده على العديد من ابناء شعبنا العراقي وبمختلف الصور والمظاهر وباشكال واندفاعات ونتائج واضحة وصريحة.
لقد جاء العالم (هانس سيلي Hans Selye ) من بعد كانون بأهم النظريات التي يرتكز عليها موضوع الاجهاد او الشدة او اثرهما على الفرد المتعرض لهما. فقد لاحظ سيلي ومعاونوه بأن الناس يستجيبون بصورة نمطية لمجموعة متباينة من مراحل الشدة بما في ذلك التسمم والالتهابات والشدة على الجسم والاجهاد العصبي والحرارة والبرودة والاشعاع والتعب العضلي ومع ان لكل من هذه العوامل اعراضها المميزة والخاصة ، الا ان هذه العوامل من الشدة تشترك في نمط واحد من الاستجابة للشدة في حد ذاتها وهذا النمط من الاستجابة للشدة يمر في ادوار ثلاثة متلاحقة وهي دور الانذار ودور المقاومة ودور الاعياء، وقد اعطى سيلي هذه الادوار الثلاثة مصطلح حالة التكيف (Adaptaion Syndrome) اما الدور الاول دور الانذار فانه يتألف من مرحلتين، المرحلة الاولى هي مرحلة الصدمة Shock ،المرحلة الثانية هي مرحلة مقاومة الصدمة Counter Shock ، حيث حاول ابناء شعبنا العراقي العزيز مقاومة هذه الصدمة التي اصابته بوسائل عديدة ومحاولات كثيرة بالتكيف الناجم على الشدة الواقعة عليه لكن استمرار تعرضه لمصدر الشدة ولمدة طويلة فأن مقاومته توقفت في التكيف عليه وهذا ادى لبداية الدور الثالث وهو دور الاعياء والانهاك كما هو ملاحظ على ابناء الشعب العراقي بشكل عام .
هذا وقد لوحظ بأن الاعراض الجسمية او النفسية او كليهما قد تحدث في اي دور من هذه الادوار ، كما لوحظ ايضاً بأن بعض هذه الاعراض تتركز على عضو او وظيفة معينة وبأن هذا التركيز يختلف بين مريض واخر وذلك تبعاً لشخصية المريض وتجاربه الحياتية السابقة. وهذه الاختلافات لها ان تقرر ايضاً مدى مقدرة الفرد على التكيف او تحمل نوع او اخر من انواع الشدة، وكل هذا يفسر لماذا يحس الفرد باجهاد عند التعرض لشدة ما بينما لايحس فرد اخر بذلك مع تعرضه لنفس الشدة ، كما يفسر لماذا يجهد فرد ما عند التعرض لعامل من الشدة دون غيره من العوامل حتى لو كانت اكثر شدة ولكن عند استمرار الشدة ولمدة طويلة يؤدي الى اضعاف الى حد كبير وبالنتيجة الاعياء والانهاك.
وسيليه الجزء الثاني.....

عادل فرج القس يونان
بغداد العراق
9 حزيران 2011

Opinions