الصابئة المندائيون يتطلعون إلى الأمن والسلام في بلد السلام
20/03/2006زهريرا نيت:مع أول خيط ضياء في السماء توشح رجال الدين المندائيين بالبياض ورُفعت الراية المتقنة "الدرفش" لتعانق ملائكة السماء والأُثريين.. واُفترشت الأرض بالآس والسرور.. واستعدت المياه الجارية "اليردنا" لاستقبال النوارس البيضاء من أبناء الصابئة ليتعمدوا وينهلوا بتبريكات يحيى بن زكريا "يهيا يهانا" مبارك اسمه.. وذلك في أيام خمسة بيضاء غير محسوبة من التقويم الميلادي في حساباتهم باعتبار السنة المندائية "360" يوما.. أيام خمسة وكأنها يوم واحد بنهاراتها ولياليها.. يجتمع فيها المندائيون على الحب والوئام ونبذ الخلافات وتقوية الأواصر الإجتماعية وصلات الرحم، وتترك الأحقاد والأضغان.. هكذا يوصي كتابهم المقدس "كنزاربا" مبارك اسمه "من وسم بوسم الحي، وذكر اسم ملك النور عليه، ثم ثبت وتمسك بصبغته وعمل صالحا، فلن يؤخره مؤخر ! يوم الحساب". يتعمد الجميع كبارا وصغارا.. نساءا ورجالا.. والكل يطلب مغفرة الخطايا من صاحب القدرة العظيم.. يقيمون نحر الذبائح وعمل طعام الغفران "اللوفاني" على أرواح الأسلاف ويسمى "لوفاني ذخرانا" أي طعام الذكرى وتسمى أيضا أيام الذخرانا أو ذكرى الأرواح. ويتم في هذه الأيام عمل القماشي "طار طبوني دخيا" أي الملابس الطاهرة لإكساء المتوفين ببدلات النور لمن لم يأخذها قبل وفاته. وفي الأصول الصابئية المندائية تُعتبر البرونايا من أسعد وأجمل أيام السنة لا تضاهيها أيام اخرى.. فيها تم بأمر الخالق خلق وتكو! ين عوالم النور والمخلوقات الأثرية الأولى، وفيها تُفتح بوابات النور وتنزل الملائكة الطاهرة بأمر الله على الأرض لتصبح جزءا من عالم النور.. فهي أيام للعبادة وطلب الرحمة ومغفرة الخطايا وتستجاب فيها الدعوات.. وتُعتبر فجر الحياة الاولى التي أوجدها الحي العظيم والتي تبتهج فيها النفس والروح لأنها سر الأب "الخالق- مُسبح أسمه"، لذلك فأنها من حصة النفس والروح المعرجة الى أصلها الحياة الاولى. فاليوم الأول "إيلايا ربا- الرب العلي" واليوم الثاني "مارا أد ربوثا- رب العظمة" واليوم الثالث "مندا اد هيي- عارف الحياة" واليوم الرابع "دموث كشطا- رب الحق" واليوم الخامس "يردنا- المياه الجارية الحية".. وفي هذه الأيام تُجرى جميع الطقوس الدينية للمندائيين.. وما يميز هذه الأيام أن الذي توافيه المنية والأجل المحتوم في أيامها تصعد "النيشمثا" الى الباري عز وجل دون المرور بالمطهرات الى ميزان أباثر ليسكن عالم النور. ! ونحن نشارك أبناء الصابئة المندائيين إحتفالاتهم بعيد البرونايا كانت لنا وقفة مع شخصيات مندائية مختلفة لتقديم تهانيهم ولمعرفة آرائهم حول مستقبل العراق الجديد.. عراق ما بعد الدكتاتورية، وكان أول من إلتقيناه فضيلة الكنزابرا الشيخ "ستار جبار حلو" رئيس الطائفة ورئيس المجلس الروحاني الأعلى الذي قال: العيد.. كلمة بهيجة لها وقع خاص في نفوس البشر ويتناغم ويتصاعد هذا الوقع أو يتأثر سلبا بالظروف المحيطة بهم.. فالعيد ليس بالمأكل والمشرب والملبس الجديد بل في نقاء القلب وحب الآخرين.. "تذكر بأن حبك لاخوانك البشر يتحول الى حبك للرب العظيم" من كتاب دراشه اد يهيا.. عندها فالعيد هو في إشباع الجائع وإكساء العريان وإملاء حضن الأرملة وتقديم المساعدة لمن يحتاجها.. العيد لدى الإنسان هو بالإبتعاد عن كل ما يسيء لعل! اقته بالخالق. وعن مستقبل العراق أضاف فضيلة الكنزابرا أنه على الحكومة الجديدة ان تمسك الأمر بيد من حديد لا تميز بين فئة واخرى فالذي أسقط الحكومات السابقة وجعلها ديكتاتورية هو ظاهرة التمييز.. نريد حكومة غير طائفية تنظر للعراق كوحدة واحدة بعيدا عن القتل أو الحرق أو التدمير أو تغييب الآخرين. نتمنى من الحكومة الجديدة ان تأتي وتصحح لنا هذه المفاهيم وتقول لنا أنتم على خطأ.. وأنا أقول ليكن الله في عونها ويسدد خطاها نحو بناء عراق موحد ديمقراطي.. وكل عام والجميع بألف خير. وقد أضاف المفكر المندائي "مؤيد مكلف سوادي" قائلا: عيد البرونايا هو مناسبة سعيدة، يتطلع إليها المندائيون بشوقٍ ولهفة.. فأيامها الخمسة لها قدسية خاصة، فهي أيام بيضاء تكتسي بجمالية روحية عميقة، ففي! ها تمت عملية الخلق، ولذلك فهي من أقدس أيام السنة والدعاء فيها مستجاب، وفيها تظهر العلاقة الروحية العريقة التي يتحلى بها المندائي، بتمسكه بدينه، واستجابته لمتطلبات الدين.. وأتمنى أن يعيد الله هذا العيد على جميع المندائيين في عراقنا ومن انتشر منهم في العالم، وهم يرفلون بالأمن والسعادة والفرح، إنه سميع مجيب للدعاء. أما الأديب والكاتب المندائي "ياسين الناشئ" فقد صور لنا العيد بلغة شعرية حيث قال:
برونايا أغنية من شفاه الربيع
مع يردنا، تتوحد
أكف للريح
ومرايات للصقيع
جسمنا المنهوك يغس
له يردنا،
في وعاء الطهر، على مرافئ الغسق..
! في لجة الحبور،
العيد يغفو، فوق أذرع الظلال
مطلا، يبارك مريديه من شرفات النخل
يردنا يا ذاكرة الزمان
تولد كل عام.. ولادة الطلع المهتاج..
! يحملنا الى الآس والزيتون
ودرفش شيشلام
حيث مرافئ السلام.
أما السيد "ستار جبار رحمن" سكرتير البرنامج المندائي فقدم التهاني بهذه المناسبة الى أبناء الصابئة المندائيين واخوتهم العراقيين كافة متمنيا أن يعم الاستقرار، وأن تصبح الأعياد والمناسبات الدينية احتفالات تجلب البهجة بعد أن عانى كافة أبناء الشعب من الظلم والاضطهاد. في حين تمنت ا! لآنسة "صمود عبد الأحد" أن تعاد هذه المناسبة على أبناء الصابئة بالخير واليمن والبركة.. كما تمنت أن يعم السلام والأمان في العراق وأن يكون صوت للصابئة في الحكومة القادمة حيث لم يكن للصابئة المندائيين ممثل في البرلمان الجديد.
أما عضو الجمعية الخيرية المندائية السيد "غزوان يحى" فقد تمنى الصحة والعافية الى جميع المندائيين وأن يعم الأمن والسلام والمحبة في عراقنا العزيز مشددا على تشكيل حكومة وحدة وطنية تشمل جميع مكونات الشعب العراقي ونبذ الطائفية والعنصرية في تشكيل الحكومة. وشاركته الآنسة "سمر عبد الجبار" نفس الأمنيات أن يعم الأمن والسلام أبناء الوطن العزيز وأن يحفظ الله العزيز العراق من كل مكروه. وقدم السيد "رعد جبار صالح" رئيس مركز البحوث والدراسات المندائية التهاني والتبريكات لأبناء الطائفة خاصة وأبناء الوطن الغالي عامة بمناسبة عيد الخليقة ودعا الحي العظيم أن يمن على الجميع بالخير والبركة وأن يحفظ العراق وأهله ويعم الخير والسلام في موطن الأنبياء والحضارات. وشاركه الرأي السيد "سام جندي فرحان" عضو اللجنة السياسية للصابئة المندائيين قائلا: بمناسبة حلول عيد الخليقة يسعدني أن أتقدم للجميع بأجمل التحايا وأزكى التبريكات بهذه المناسبة السعيدة متمنيا للمندائيين وجميع أبناء وطني العراق الصحة والسلامة والسعادة.. راجيا من الحي العزيز أن يمنحنا الاطمئنان والاستقرار وأن يعيده علينا بالخير والبركة. ونحن بدورنا نقول لأبناء الصابئة المندائيين أينما كانوا على أرض البسيطة سواء في وطنهم الأم العراق أو بلدان المهجر التي اضطروا للعيش فيها مرغمين.. كل عام وأنت بألف خير متمنين للجميع دوام التقدم والازدهار، مع أمنياتنا بتحقيق كل ما تصبون اليه في عراق ما بعد الدكتاتورية.