Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الصلاة من اجل السياسة خطيئة


في البداية كانت الكلمة (( الشعب العراقي )) والأخيرة طفل مرهق أودع في أحضان جدة تجيد رواية القصص الأسطورية (( أمريكا )) وأوكل لها مهمة قيادته إلى النوم في العسل (( الديمقراطية )) وبعد أن تليت علينا سورة الفاتحة لكي لا تراودنا الاحلام المزعجة ونحن نسمع الكلمات الجميلة ، تخيلنا العراق بقيم تختلف كليا عن تلك التي سادت فيه ولأننا لم نصلي قبل أن ننام أزعجتنا أصوات واقعنا المرير وفاجأتنا الكوابيس حتى قبل أن نغوص في العسل فأنقلب وجه العجوز إلى خيال مرعب أذ لم تعد مهتمة بخلودنا للنوم لأنها تعبت هي أيضا وتريد أن تنام . وبرهنت لنا الأيام بأن الديمقراطية لم تكن سوى عنوان كبير لدخول أمريكا ومعها المعارضة العراقية إلى ساحات كانت بالأمس القريب محظورة يمنع الأقتراب منها .
وبعد أن شعر (( الفاتحون )) الجدد بالخطر أصبحوا يقبلون بحلول غير عادلة وغضوا النظر عن الكثير من القيم التي بشروا بها فأصبحت الأحزاب متحررة في نشر مفاهيمها وتوجهت إلى الشعب بأطروحة واحدة مشتركة تنص على شرط أساسي ... إذا أردت أن تبرز أو تكون شيئا ما يمكن أن تنطلق بكل حرية في فضاء العراق ولكن راعي مشاعرنا الدينية والطائفية وأحصر نفسك ضمن أهدافنا ولا تحاول التجاوز على توجهاتنا أو المس بمصالحنا ... فهل تبقى في النهاية للعراق والعراقيين شيئا من الحرية ...؟
وفي سبيل ذلك لم تتوانى أحزابنا السياسية وأجنحتها العسكرية ولا مراجعنا الدينية وسلطتهم الأجتماعية وعصاباتهم وفصائلهم المسلحة عن أستخدام كل الوسائل المتاحة سواء بالترغيب أو بالترهيب . المهم أن يخضع العراق .
لم نتوقع أن يتراجع المبشرون الجدد عن مبادئهم بمجرد أصطدامهم بحقيقة البلد وواقع شعبه الذي ينتظرهم وأن يتخلوا بكل سهولة عن كل ما سبق ذكره مقابل دراهم مساوماتهم ويبيعون العراق لقيم اوطأ من تلك التي سادت فيه كما باع يهوذا المسيح .
هل تصورتم العراق الجديد بهذه المحاصصة والطائفية أو بأحزاب وفقهاء هم أكثر قوة وهيبة حتى من الدولة نفسها . ؟
كان أملنا أن نعيش في بلد تحكمه القوانين المدنية التي سمحت أمريكا للطائفيين بان يدوسوها تحت اقدامهم وان تحترم فيه الحريات بكل انواعها فلا رادع ولا رقيب ولكن العنف والخوف والمصالح غيرت المسارات وبدل ان تذوب الاعراف الاجتماعية خصوصا تلك التي اكل عليها الدهر وشرب في مجتمع مسالم . سطع




نجم العشيرة والقبيلة وافرغت المدن من زبدتها بعد ان امتلئت بالنفايات الاجتماعية. وبدل الولاء للوطن والانجرار نحو اثبات شخصية المواطن انزلقنا الى اولوية الانتساب العرقي والطائفي وسمحنا للمشاعر الدينية والعاطفية لان تجرنا الى ماوصلنا اليه0
حكومة يرعاها الاحتلال تارة وتخنقها المساومات وموازين القوى تارة اخرى وتنبطح في النهاية تحت العشائر وصحوتها كأننا نعيش في عهد التناقضات كأي مريض او مصاب بدوار يترأى له الاسفل اعلى او بالعكس .
ولكن هل يوجد بدائل غير تلك المتاحة امام امريكا (( اليوم التي تبحث عن حلفاء او اصدقاء وليس عن الديمقراطية )) والحكومة العراقية ، ربما الجواب على الاغلب سيكون نعم الان ولكن في تبادل المواقع ستكون الاجابة كلا ، فالخيارات معدومة وانبار تسيطر عليها العشائر وابنائها لقاء تقاضيهم رواتب تنسيهم ما كانوا يتقاضونه من اموال من النظام السابق هي افضل من انبار الامس المتوترة الساقطة في احضان القاعدة .
وربما يكون المتشائمون حيال سير الاوضاع في العراق ومنهم محدثكم على خطأ.
فما نعتبره سيطرة للمد الديني والطائفي هو نفسه ما كنا نتمنى اطلاقه من قيم تحررية ولكنها افكار الطرف الاخر متجسدة ومنتصرة في الشوارع وعليه يجب ان نهضمها ونتقبلها كما نريد ونتوقع منهم أن يفعلوا في حال انتصار افكارنا ولكن الاعتراف بقوى الواقع فضيلة فهم استخدموا وسائل واساليب اقوى وانجع وافضل واقرب واسرع في الوصول الى اهدافهم حتى لو تطلب ذلك رموزا دينية ومشاعر طائفية.
لا يوجد انسان متقبل لاخيه الانسان بدرجة مائة في المائة بل في كل يوم جديد نكتسب المزيد من المعارف في هذا السياق وكلنا طلاب الى ما لا نهاية في مدرسة انسانيتنا ولا زلت مثلا اعلم نفسي رغم الصعوبة التي اجدها في ذلك بأن اصغي بنفس الدرجة من الاهتمام للسيد اياد جمال الدين والسيد مقتدى الصدر واوازن في نظرتي الى صروح نسائية داخل البرلمان بعضهن خضعن بالكامل لشروط الجهة التي اوصلتهن الى هذا الموقع واخريات لم يتقيدن بشروط تيار ديني ولا خرجن عن المألوف في سبيل ارضاء تيار علماني .
ولكنني بصراحة اميل للاول و يبتهج قلبي برؤية القسم الثاني و بالرغم من انني اعرف بأن الصلاة من اجل السياسة خطيئة ولكن سأصلي دائما لكي يأتي يوم لا ينسب فيه الطفل لأسم والده ولا لأسم امه لكي لا تتكرر مأسي الهوتو والتوتسي في العالم كله . ولكي لا ينظر للشاب وهو يخوض في صعاب مجتمعه بأنه ينتسب لتلك القبيلة او يعتنق ذلك المذهب او ينتمي للديانة الفلانية او يدين بوفائه لحزب معين والاكثر من ذلك اتمناه لوطني بأن يعيش في ظل حكومة قوية تبسط نظامها على





الجميع وتحكم قوانينها الاقوياء قبل الضعفاء ويكون العراق الجديد بذلك نواة لعالم اخر يقبل فيه الفرد لانسانيته ويسجل لذاته ولا يعد مجرد رقما في سجل اجداده
ويبرز ويطفو على السطح بأنجازه وبأعماله وليس بتبعيته والوان مرؤوسيه
وبدول تدافع عن المبادىء بقوة اكبر من تلك التي تبديها امريكا التي تراجعت عن مفاهيمها امام التحديات وقبلت بأضعف الايمان .





Assyrian_publisher@yahoo.com
Opinions