Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

العائدون

في حياتنا نشهد الكثير ممن يشدون الرحال ويعشقون الترحال تارةً من اجل السياحة وأُخرى طلباً للرزق او هروباً من واقع مؤلم او حلماً ببقعةٍ اكثر إستقراراً وارضاً تدر لبناً وعسلاً فإنها ارض الميعاد حيث يفوز بها الحالمون ليصنعوا حداً لرحلة الحياة الشاقة، وهذا حق إنساني طبيعي، بل من غير الطبيعي ان لا تكون للانسان احلاماً بغدٍ افضل لان ذلك هو النشاز بعينه.

لكن الحياة العامة سواءاً في العراق او غيره من دول المهجر تتطلب من الانسان ان يعمل لنفسه ميزاناً للحسنات والسيئات لمسألة البقاء ام الهجرة مستفيدة من الحالات التي سبقته من مجاميع البشر الذين لديهم روح المغامرة ويلجأون بإستمرار لسبر غور المجهول ويتلذذون بذلك ومنهم من ينجح ويثبت اقدامه في الارض الجديدة ومنهم من يندب حظه ويلعن الساعة التي خرج بها من عشه ليعلق بعيداً حيث الغربة والبعد عن الاهل وانعدام العواطف والعمل الشاق والمُضني والتعب والانفلات الاخلاقي والبعد عن الله والقريب.

ومنهم من ينجح في موقعه الجديد ومنهم من يبقى متشبثاً بالهامش يعيش على المعونات ويعمل بطرق ملتوية لكي يتلاعب على القوانين في بلده الجديد لكي يأخذ المعونات ويعمل في الخفاء وينجو من الضرائب ...

ومنهم من ينقل امراضه في وطنه الى الموطن الجديد فيمتهنون القمار والاحتيال والمشاركة في عصابات الشر وغيرها من العادات والممارسات السيئة التي ينطلق البعض في ممارستها خاصة عندما يبتعد عن رصد الآخرين من الاقارب الذين كان يتحسب لهم من منطلق المبادئ والعيب والسمعة ليفقد في بلده الجديد كل المثل والقيم ويتمرس في العنف والجريمة والغش والخداع ...

ويبقى الانسان هو رقيب نفسه قبل ان تكون السلطة او يكون القانون هو الرقيب عليه وكذلك المبادئ التي يحملها والتي من المفترض انها ليست مبادئ مرحلية بل هي قناعات عليه الالتزام بها مهما تغير الزمان والمكان ...

لكن الجميع يجب ان يفكر لماذا لا يعمل المواطن في وطنه الاصلي في الاعمال التي يمارسها في المهجر؟ وهل غسل الصحون في المطاعم في المهجر حلال وذات المهمة في الوطن عيب ولا يصح القيام بها، ونحن ورثة شيوخنا الذين مافتئوا يقولون ان الشغل مو عيب والعيب هو ان تمد يدك وتستعطي من الآخرين وتثير مشاعرهم لكي تعيش على هامش حياتهم!! أليست المعونة التي تدفعها الدول الغربية للعاطلين كمن يستعطي في الطرقات لكن بإسلوب غربي متطور ليجمعوا الشحاذين ببطاقةٍ ذكية ويعطوا لهم المقسوم حتى لا يسيئوا للذوق العام ويقفون في التقاطعات كما يحدث لدينا في العراق الذي تفاقم الوضع فيه الى الحد لو أُعطيت لكل من تصادفه لفرغت جيوبك قبل مسافة كبيرة من وصولك لمنزلك!!

وفي الانجيل نتذكر مثل الابن الضال الذي وصل به الحال ان يأكل من اكل الخنازير التي كان يرعاها بعد ان بدد مال ابيه لكنه تحلى بالحكمة اخيراً ليعود ويعترف بالخطأ ويبدأ من جديد،

وهكذا نجد من اهلنا في الوطن من توطن في دول المهجر تاركاً خلفه املاكه لتدار بواسطة آخرين هنا في العراق ويعيش هو من مالها او يتاجر بها حتى الازمة المالية الاخيرة التي دفعت الكثيرين لخسارة الكثير ودخولهم تحت نير الديون واعباء القروض الامر الذي دفعهم لتصفية المورد المالي الذي كان معيناً لهم لينقذهم من المأزق!! وبعد ذلك ماذا سيفعلون؟

أليس من الاجدر ان نفكر مثل الابن الضال ونعود لنبني الوطن معاً ولا نخاف من الموت او التعب او التراب او الحر او ... الكثير مما نعتبرها منغصات الحياة في العراق لكن كل ذلك تبقى فقاعات امام الكرامة والاحساس بها وانت على ارضك وبين اهلك واصدقائك حيث المشاعر والكرم والاواصر الاجتماعية والتضحية من اجل الآخر وهذه مقابل شر الاشرار في العراق لا يمكن مقارنتها مطلقاً لان الشر موجود في كل مكان وكم من المهاجرين قُتلوا في امريكا او تعرضوا للابتزاز فيها او في غيرها.

انها دعوة للتفكير وربما في العودة مجدداً.


عبد الله النوفلي
9/حزيران / 2009
Opinions