Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

العراق يواجه خطراً داهماً ، وعلى الشعب أن يأخذ الأمر بيده قبل فوات الأوان!

يتعرض العراق هذه الأيام إلى خطر داهم بات يهدد مصيره ومستقبله لكارثة أشبه ما تكون بالكارثة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني منذ الاحتلال البريطاني لفلسطين وسائر أجزاء العالم العربي ، وكانت مقدمة تلك الكارثة قد جاءت بعد صدور وعد بلفور السيئ الصيت، وما أعقب ذلك الوعد من مباشرة المحتلين البريطانيين في تسهيل هجرة اليهود من مختلف بلدان العالم إلى فلسطين ، ودعم تشكيل الميليشيات الصهيونية ومدها بالسلاح استعداداً لليوم الموعود عندما حان موعد قيام الكيان الصهيوني عام 1948 ، حيث أعلنت بريطانيا سحب قواتها بعد تسليم أسلحتها إلى الميليشيات الصهيونية حيث أعقبها بصورة مباشرة إعلان قيام دولة إسرائيل، واعتراف الولايات المتحدة وحلفائها بذلك الكيان فور الإعلان عن قيامه، وقيام تلك الميليشيات الصهيونية بعملية تهجير واسعة النطاق للشعب الفلسطيني مستخدمة أبشع وسائل القتل والحرق والتخريب والتدمير لمساكن الفلسطينيين الذين غادروا موطنهم هرباً من بطش هذه العصابات الفاشية، ولجأوا إلى الدول العربية المجاورة وما يزالوا لاجئين حتى يومنا هذا رغم كل الحروب التي جرت بين الدول العربية والكيان الصهيوني المدعوم من الإمبريالية الأمريكية التي صنعت من هذه الدولة القاعدة المتقدمة لها في الشرق الأوسط ، والسيف المسلط على رقاب العرب تستطيع تحريكه متى شاءت وأنى أرادت .
واليوم يجري تكرار ما جرى في فلسطين من جديد لكن هذه المرة في تخوم العراق على يد نفس القوى الإمبريالية التي بدأت تعد مشروعها الجديد في إقامة دولة مسعود البارزاني وجلال لطالباني ، حيث مهدت السبيل لقيام هذا الكيان منذ عام 1991 على أثر إعلان الحماية الجوية المستديمة للمنطقة الممتدة شمال خط العرض الثاني والثلاثين، والذي دعته بـ [ كومفورت بروفايد]،وسلخ المنطقة الشمالية من الوطن الأم ، وإقامة كيان دولة أمراء الحرب البارزاني والطالباني ، في حين تخلت عن حماية الشعب العراقي، في جنوب ووسط العراق، وتركته فريسة لقوات الجلاد صدام حسين الذي نكل بالمواطنين أبشع تنكيل، حيث ذهب ضحية ذلك الهجوم الوحشي لقوات صدام وحرسه الجمهوري ما يزيد على 300 ألف شهيد تم دفنهم في مقابر جماعية جرى كشفها بعد سقوط النظام على أيدي المحتلين الأمريكيين وحلفائهم بدعوى تحرير الشعب العراقي من نير النظام الصدامي الذي صنعوه هم أنفسهم، وسخروه لخدمة مصالحهم الاستراتيجية في المنطقة ، فكانت حرب الخليج الأولى التي قادها صدام ضد إيران بالنيابة عن أسياده الأمريكيين تلك الحرب التي دامت 8 سنوات كما خططت لها الإدارة الأمريكية، فكانت الكارثة الكبرى التي حلت بالعراق، الذي دفع أرواح نصف مليون مواطن ، ناهيكم عن مئات ألوف الجرحى والمعوقين والأرامل والأيتام ، ودمرت بنيته التحية ، واستنفذت
كل مدخرات العراق، وكل موارده النفطية خلال سنوات الحرب، وأغرقته بالديون التي بلغت أرقاما خيالية، وخرج العراق من تلك الحرب يمتلك جيشاً جرارا ، وأسلحة دمار شامل فتاكة، واقتصاد منهار.
ولم تكد الحرب تضع أوزارها، ويتنفس الشعب العراقي نسيم السلام حتى باشرت الإمبريالية الأمريكية بمخططها التالي الذي يرمي إلى تجريد الجيش العراقي من أسلحته ليس فقط أسلحة الدمار الشامل بل وحتى أسلحته التقليدية فنصب للصدام فخاً محكماً لكي يحتل الكويت كي يعوض عن خسائر العراق في تلك الحرب، ويسدد الديون الفلكية المتراكمة ، فكانت حرب الخليج الثانية، التي أعدت لها إدارة بوش الأب وكأنها تخوض الحرب العالمية الثالثة ، مجندة إلى جانبها قوات 30 دولة أجنبية وعربية ، ومستخدمة أحدث ما ابتكرته المصانع الحربية الأمريكية ، وأشدها تدميرا ، لتنتهي بتدمير قدرات العراق العسكرية ، وتدمر كافة مرافقه الحيوية، وتفرض على نظام صدام في خيمة صفوان الشهيرة شروطها المجحفة بحق العراق والعراقيين .
ولم تنته المشاريع الأمريكية العدوانية ضد العراق عند ذلك الحد ، حيث استمرت الهجمات الجوية طيلة عهد الرئيس كلينتون، ليأتي بعده بوش الأبن ويشن حربه على العراق من جديد في 20 آذار 2003 مدعوما من قبل بريطانيا وحلفاء آخرين كان من بينهم ميليشيات البارزاني والطالباني اللذان يفخران في رسالتهما الموجهة لبوش بأنهما قد قدما من الضحايا في تلك الحرب أكثر مما قدمه حلفاء أمريكا !!.
أدعى بوش أنه قاد الحرب لتحرير الشعب العراقي من نظام صدام ، فأصبح العراق بلداً محتلا، وقد حكمه الحاكم الأمريكي بريمر عاماً كاملا، شاد في البلاد أسس النظام الطائفي والعنصري الشوفيني، وشرع للعراق دستورا مؤقتا وضع فيه أسس تمزيق العراق من خلال المادة 58 السيئة الصيت. وجاء الدستور الدائم الذي تولى سنه التحالف الشيعي بزعامة الحكيم والتحالف الكردي بزعامة البارزاني والطالباني نسخة مطابقة لدستور بريمر. وهذا هو سر تمسك القيادة الكردية بهذا الدستور الذي جرى تفصيله على مقاس البارزاني والطالباني.
واستحصل بوش قراراً من مجلس الأمن يشرعن الاحتلال، وما زال المحتلون يمسكون بتلابيب العراق منذ ذلك الحين، ويبذلون أقصى جهدهم لفرض معاهدة أمنية طويلة الأمد على النظام الطائفي والعرقي الذي أقاموه بعد الاحتلال ، بعد أن هدموا الكيان العراقي بكل مؤسساته العسكرية والأمنية والمدنية والخدماتية، وتركوه يعبث فيه النهابون والسراق المجرمون ممن أطلق عليهم الشعب تسمية [الحواسم] !.
فكانت أكبر عملية نهب في تاريخ العراق لم تبق فيه على شيء بدءً من المتحف العراقي الذي ضم النفائس التي لا تقدر بثمن مروراً بالمصارف بما فيها البنك المركزي و فروعه، ومكتبة العراق الوطنية الثمينة ، وامتدت أيدي ميليشيات البارزاني والطالباني لتسرق أسلحة ثلاثة فيالق عسكرية عراقية كانت متواجدة في المنطقة الشمالية ، وليهدد بها البارزاني فيما بعد الشعب العراقي عبر القنوات التلفزيونية بالحرب الأهلية الحقيقية التي قال أنها ستندلع من هنا [ كردستان] إذا لم تعود كركوك وما يسمى بالمناطق المختلف عليها،والتي تمتد في سهل الموصل وسنجار وخانقين وحتى بدرة وجصان إلى دولته العتيدة.
وما أن صدر قانون الانتخابات لمجالس المحافظات حتى قامت قائمة البارزاني والطالباني ، وتصاعدت التهديدات بضم كركوك بالقوة ، وأخذت التصريحات الهستيرية تتولى من جانب غلاة العنصريين الكرد تتهم كل من يخالفهم بالشوفينية والعنصرية وهم العنصريون الشوفينيون حتى العظام والذين ينطبق عليهم قول الإمام علي كرم الله وجهه:
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله*****عار عليك إذا فعلت عظيمٌ
أن القادة الكرد قد استغلوا الأوضاع الأمنية في العراق لتحقيق أقصى ما يمكنهم من التمدد في المناطق العربية، وخاصة في مدينة الموصل التي تتعرض للتكريد بنفس الأسلوب الذي طبقه الصهاينة في فلسطين، حيث تسيطر ميليشيات البيشمركة على مناطق واسعة من الموصل ، وحيث تمارس أبشع الوسائل لتحقيق أهدافها الشريرة.
إن القادة الكرد سيقعون في خطأ جسيم إذا ظنوا أنهم قادرون على تنفيذ تهديداتهم ، وفرض إرادتهم على العراقيين ، وسينقلب السحر على الساحر ، وعندها سيخسرون كل ما استطاعوا تحقيقه منذ عام 1991 وحتى يومنا هذا، وستندحر مشاريع التقسيم سواء جاءت من القادة الكرد أم من قبل زمرة الحكيم، وسيبقى العراق موحداً رغم انف أصحاب مشاريع التقسيم .
كلمة أخيرة أوجهها لأبناء الشعب العراقي الغيارى إن العراق لن يحميه سواكم ، انه بيتكم الكبير الذي لا غنى لكم عنه سواء كنتم عرباً أم كرداً أم تركماناً أم آشوريون، مسلمون شيعة وسنة أو مسيحيون أو مندائيون أو أيزيديون، وأن الحرص على مستقبلكم، هو الحرص على مستقبل العراق. أن هناك أيادي تعمل في الظلام على تمزيقه باسم الفيدرالية التي جاوزت كل الحدود ، وتمارس هذه الأيادي كل الوسائل لتحقيق أهدافها الشريرة، ومنها الرشاوى التي تقدمها للعديد من المسؤولين الكبار الذي هان عليهم بيع الوطن .
أن عليكم يا أبناء وطني مهمة صيانة وحدة وأمن واستقلال العراق ، وتحريره من الاحتلال ، وأنتم جديرين بحمل هذا الشرف الرفيع ، والقيام بهذا الواجب ، وقد أثبتت أحداث التاريخ القريبة والبعيدة أنكم أهل لهذه المهمة بكل جدارة.


حامد الحمداني
3/8/2008 Opinions