المثقف بين الامس واليوم
atheerba2000@yahoo.comنود اعطاء لمحة عن مثقف الامس حيث ان هذا الاصطلاح كان يطلق بالتحديد على كل من حصل على شهادة اولية فما فوق او كان ضمن الجهاز الوظيفي للدولة ، وكانت هذه الشريحة متفاوتة في درجة ثقافتها ، فمنهم من كان مثقف بالحق والحقيقة ، ومنهم من لم تكن لديه اي ثقافة تذكر ، وكان المثقفون يغذون ثقافتهم بالوسائل المتاحة انذاك والتي كان يأتي في مقدمتها الكتاب وقرأته ، وكانت المكتبات زاخرة بأمهات الكتب وفي شتى المجالات والمثقفون يتابعون وبشغف الاصدارات الجديدة منها ، ويتبارون في اقتناء امهات الكتب عبر مكتبات شخصية ويتباهون بها ، واضافة الى الكتب كانت هناك الاصدارات الدورية لمجلات شهرية او فصلية ، وكان اقتنائها يسير جنبا الى جنب مع اقتناء الكتب ، وهذه الاخرى كانت زاخرة بالعلوم والمعارف وتصل الى يد المثقف من جميع الاقطار ، ثم تليها الجرائد اليومية والاسبوعية السياسية منها وغير السياسية لتشكل هي الاخرى زادا جديدا على مائدة المثقف الذي كان يحرص على متابعتها وبشكل يومي ويضاف اليها محطة استراحة المثقف اليومية مع المذياع ( الراديو ) الذي كان يمكن من خلاله ان يجوب العالم عبر مختلف الاذاعات التي كانت مترعة بشتى البرامج الاذاعية ، وهذه كلها كانت تساهم في خلق المثقف الموسوعي وكانت حلقات تكمل احداها الاخرى ، وهذه افرزت مئات بل الاف المثقفين من كتاب وشعراء ونقاد ولازالت اعمالهم واسمائهم تملأ اوساطنا الثقافية .
ولو القينا النظرة الى مثقف اليوم فاننا للوهلة الاولى قد نجد عناوين كثيرة ، واذا تمعنا النظر اكثر فان اصحابها يبدون منهمكون في مشاغل الحياة وهمومها وليس هناك على ما يبدو اي نية في تطوير شيء ما ، قتبقى القابلية على مدى التحصيل الدراسي الذي ينعدم الى التواصل ، فالاصدارات الجديدة من الكتب على قلتها لم يعد احد يكترث بها او يجري الحديث عنها وكذلك المجلات الثقافية الشهرية وغيرها انحسرت هي الاخرى واصبحت تحمل طابع خاص لكل منها حيث تغذي شرائح محدودة فقط ، وانحسر دور المذياع كثيرا امام التلفاز الذي اربك الجميع بمئات القنوات الفضائية والتي اضاعت المتعة في المتابعة .
اما وسيلة العصر واعني بها الشبكة العنكبوتية ( الانترنيت ) فهي حقا رائعة ولكنها لا تسهم في خلق المثقف الذي نحتاجه ، حيث القوالب الجاهزة التي نسارع اليها حين الحاجة ، ويلفنا النسيان بعد ذلك .
ولاجل خلق المثقف الذي نرتأيه نتمنى ان يخرج ويستفاد من وسائل الامس ووسائل اليوم لنغني الوطن بما يحتاجه من مثقفين حقيقيين مبدعين يجسدون هذه الكلمة الكبيرة جدا في معانيها ودلالاتها