Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

المطران لويس ساكو ليس الاول ونتمنى ان لا يكون الأخير

رب سائل يتساءل بإستغراب , لماذا الإهتمام بما يقوله او يصرح به رجل الدين ثم التعويل عليه في موضوع السياسة ؟ وهو سؤال وارد ومشروع لأننا غالبا ما نؤكد نحن(المدنييون من المثقفين والسياسيين) و هكذا رجال الدين على ضرورة فصل الدين عن السياسه, اي اننا في الخطاب المعلن يتفق كلانا على ضرورة هذا الفصل , ولكن على أرض الواقع يأخذ الأمر هيئة مغايره من الممارسه, ماذا يحسب هذا التلوّن, ولماذا هذه المسماة بالإزدواجيه أن صح التعبير ؟ إن كان الهدف من التساؤل هو إيجاد المدخل الى الحل الذي يخدمنا جميعا, علينا اولا معرفة سبب هذه الازدواجيه , و الجواب بكل بساطه هو أننا كشعب ندرك جيدا بأننا فعلا نعيش ونمارس هذه الإزدواجيه الثقافيه التي هي من إحدى مخلفات ظاهرة تناوب او تصارع السياسة (الفكروالفلسفه الماديه) مع الدين( الروحانيات واللاهوتيات) في حكم مجتمعاتنا , فتاريخ حكم المؤسسه الدينية كنخبة قادت مجتمعنا زمنا طويلا و نالت حصة الاسد في حكمنا قرونا من الزمن مما يجعل من الصعب عليها مغادرة عروشها وصلاحياتها بهذه السهوله والحال نفسه ينطبق علينا(كمسيحيين) في تلكؤ نخبنا وعدم إستساغة التخلي عن الإتكاء على فلسفة الوصايه الروحيه وتحميلها الكثير في بناء مستقبلنا , لذا سنبقى كشعب نعيش هذا الصراع ونعاني من تأثيراته الجانبيه وسنظل نمارس هذه الإزدواجيه الى ان تتحقق الثورة الفكريه الإصلاحيه ليس في عقلنا المدني فقط , بل في كلا العقليتين , عقلية المؤسسه الدينيه وكيفية ترويضها لتصب في صالح عقلية الانسان المتطلع للحريه والانعتاق .

الجزبل الإحترام المطران ساكو يخاطب الأكليريوس في سينودس روما المخصص لبحث مشاكل مسيحيي الشرق ومصيرهم المجهول, ومن خلالهم وكعادته وجـــّه نيافته الموقره رسالته الى مثقفينا وحذرهم بوضوح من مغبة التعصب و الانجراف وراء تخبطات الإنقساميين حيث المصير المجهول بانتظارنا, وهذا ديدنه الذي نقرأه غالبا في طروحاته السابقه , وهو مشكور على جرأته في إثارة مكمن المواجع الحقيقيه ,و لا ننسى أننا وبنفس هذا النسق والمعنى سبق وسمعنا وشاهدنا العديد لمثل هذه النداءات ومن رجال دين من مختلف المذاهب في مختلف الحقب الماضيه , منها على سبيل المثال وليس الحصر ما سمعناه قبل سنوات وعلى الملأ, حين شاهدنا المرحوم البطريرك بيداويذ حين ظهريومها وهو يتحدث عبر قناة فضائيه لبنانيه مؤكدا على مخاطر آفة التعصب التسمويه وزج( الدين) ومذهبياته في موضوعة القومية (السياسه) وهو يوجه كلامه بكل وضوح الى أولئك الذين يبنون من جهلهم للحقائق أحكاما ومسلّمات بعيدة كل البعد عن منطق الأشياء الذي يبدو من الصعب عليهم هضمه أو قبوله .

لكن هنا علينا ان نقول ما ينصفنا ويراعي حقيقة واقعنا اليوم, البطريرك المرحوم بيداويذ قد ذهب الى طريق الحق أسكنه الله في العلليين, كان في غاية الصراحة والجرأة وهو يحاجج مقدمة البرنامج واحد المتسائلين عندما قال عن نفسه أن قوميته هي أشوريه وطائفته الدينيه (المذهبيه)هي كلدانيه, وكلامه هو كلام رجل مسؤول يفترض أنه قد بناه على حقائق تاريخيه علميه توصل اليها بنفسه ربما نحن نجهلها وهذا ليس بعيب , لكن أعود واقول ليس من باب التمجيد بما قاله ولا من باب هضم حقه في قول ما يراه , أليس من الوارد جدا أن يكون قد فاته إضافة القول باننا ككلدواشوريين سريان ,بعد عقود وقرون من المتغيرات و تشابك الثقافات , بتنا نعيش اليوم وضعا يختلف كليا عما كان قبل قرن او قرنين في عموم نواحي الحياة , اي ليس من المستهجن ان يكون هناك اليوم من يفكر أو يعتقد عكس ما ذهب اليه مثلث الرحمة , كأن يكون إعتزاز أحد ابناء كنيسته الكاثوليكيه بتسميته الكلدانيه سببا يجعله يؤمن بانها تسميه قوميه وليس طائفه دينيه كما آمن طيب الذكر بيداويذ وبغض النظر عما تحكيه لنا وثائق التاريخ أو الحقائق التي بنى عليها او توصل اليها المرحوم بيداويذ, وللعلم هنالك الألاف من الاشوريين في العراق وهكذا من اورمي هم منتمون الى كنيسة البطريرك بيداويذ الكاثوليكيه الكلدانيه لكنهم أشوريون أقحاح وهذا ما أكده الكاردينال عمانوئيل دللي , انا لست هنا بصدد زيادة عقد الشليله اكثر لكني أريد أن أدعي بان فك ألغاز بعض الإشكاليات التي نعاني منها وليس كلها, هو عند رجال الدين المتعمقين في دراساتهم (التاريخية الدينيه) لأنهم كما يقول المثل ابناء مكة ادرى بشعابها , إذن فكر وقرار صادر من مرجعيه كنسيه بمستوى مرموق كمرتبة بطريرك كنيسة الكاثوليك الكلدانيه يتطلب منا دراسته وتفسيره واخذ المفيد منه قبل أن نرجمه(حاشاه) أو نلصق به شتى الأتهامات به ووصفه حاشاه بالخرف والهذيان كما فعل البعض من المتعصبين يومها؟

مشكلتنا يا سادتي هي اننا في بعض محاور فعالياتنا , حين يتحكم ثوران الرغبة الشخصيه و يتسيد عامل الميل المذهبي الروحي على طريقة تفكيرنا السياسية لنصنع من عقدة خطاب المذهب الكنسي نقطة للإنطلاق الى تأسيس مشروعا قوميا , بالتأكيد سوف لن يكتب له النجاح ولن يحقق أي فائده لشعبنا ما دام الإنفعال والتحشيد المذهبي الكنسي التقسيمي هو الداينمو الذي يحركه, علينا اليوم نبذ ورفض زج النزاعات المذهبيه الكنسيه في تفاصيل العمل بالسياسه, وهذا ما أكد عليه نيافة الوردوني في مطالبته بضرورة توحيد الكنائس من اجل حماية شعبها على ارضه , يبقى لنا ان نقول بأن مشروعنا القومي الوطني في التوحيد يحتاج الى خط سياسي علماني ( يحترم المراجع الدينيه) و يؤمن بأننا بدون توحدنا (سياسيا) لن نستطيع أن نخطو خطوه واحده للأمام.

الوطن والشعب من وراء القصد
Opinions