Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

انتخابات نوفمبر 2006 الأمريكية ومستقبل العراق

تتكون الحكومة الأمريكية من ثلاث أجزاء رئيسة وهي رئاسة الجمهورية ومجلس الشيوخ ومجلس النواب. قبل انتخابات نوفمبر 2006 كانت الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب من الحزب الجمهوري-من حزب جورج بوش الحاكم نفسه- وبذلك كان يضم أغلبية الأعضاء في المجلسين أكثرية أصواتهم مع مقترحات جورج بوش خلال السنوات الست الماضية. أما الآن وبعد فوز الحزب الديمقراطي الأمريكي بمجلسي الشيوخ والنواب، ضعفت قوة جورج بوش بالحكومة ويفترض أن لا تلاقي مقترحاته دعما من المجلسين.

يتفق العالم على أن احد أهم أسباب خسارة حزب بوش الجمهوري في انتخابات 2006 هو حرب العراق. فقد شن بوش حرب العراق ولم يأتي بخطة ناجعة أو بأي خطة من أي نوع لما بعد الحرب في العراق. والسؤال الذي يطرح نفسه دائما هو ما هي الأسباب الحقيقية وراء حرب جورج بوش في العراق؟ إن الاعتقاد الشائع بين كم وافر من العراقيين هو أن حرب بوش كانت من أجل نفط العراق، وبلا شك هناك وجهات نظر أخرى متعددة بهذا الخصوص، إلا أن هناك مظاهر تؤشر على كون السبب للحرب في العراق هو من نوع آخر. بالطبع أنا سعيدة جدا لأن جورج بوش أنقذ العراقيين من المجرم الطاغية صدام حسين ومن زمرته العفنة، حتى وإن كان ذلك موضوع ثانوي بالنسبة لبوش.

يصف العديد من الديمقراطيين جورج بوش ألابن بأنه war hawk أي مثل الصقر الذي يبحث عن الحروب كي يتغذى على جثث الأموات. لنفترض أننا متفقون مع رأي الديمقراطيين ونسألهم ما سبب بحث بوش عن الحروب؟ يجيب بعضهم بأن الحرب تعني أرباح طائلة في جيب بوش من الخزينة الأمريكية نفسها وليس بالضرورة من نفط العراق. وهم يعتقدون بأن حرب بوش في العراق كانت وما تزال حرب من أجل منح العقود التجارية لكم شركة تجارية لتجني هذه الشركات أرباح خيالية من الخزينة الأمريكية تحت حجة تجهيز مكنة الحرب. ومن بعد ذلك يستلم بوش سراً حصة الأسد من هذه الشركات. ويبدو أن بوش وبعد موافقة مجلسي الشيوخ والنواب السابقين والمؤيدين له كان يمنح أغلب أو كل العقود الكبيرة لثلاث شركات أساسية وهي شركة (لاكـْهيد مارْتـِن) Lockheed Martin وشركة (كـَي بي آر) KBR وتسمى أيضا (هالي بـِرتـِن) Halliburton وشركة L-3 Communications ولكل شركة من هذه الشركات الثلاث قصة مهمة جدا مع مجريات الأمور في العراق.

قصة شركة (لاكـْهيد مارْتن) Lockheed Martin: هذه هي الشركة التي ربحت المناقصة من جورج بوش لصناعة وتجهيز المواد الحربية كالصواريخ والقنابل والأسلحة والعدة العسكرية وغيرها من المواد للحرب في العراق. وهي شركة كانت قد أغلقت أبواب أحد فروعها بمدينة سانـْديـَكو بكالِفورنيا لابتزازها لأموال الدولة وكانت قد كتبت عن فضيحة هذا الابتزاز الصحف المحلية الأمريكية. وفجأة ارتفعت أسعار أسهم هذه الشركة وصارت من أغلى الأسهم في العالم بسبب تجهيزاتها لحرب العراق. ومن يدري إن كانت عائلة بوش نفسها تمتلك هذه الشركة تحت أسماء مخفية؟ للعلم أن مقر الشركة الرئيسي هو الآن في ولاية فلوردا التي يحكمها (جـَف بوش) الذي هو أخو الرئيس الأمريكي كما وأن المدير العام لهذه الشركة اسمه (مايـْكِل بوش) وغير معروف إن كان للأخير علاقة قرابة مع الرئيس أم لا.

أما عن تفاصيل فضيحة الابتزاز، فقبل حرب العراق كانت شركة (لاكـْهيد مارْتـِن) قد أسست فرعا لها في مدينة سانـْديـَكو وذلك لجباية غرامات المرور -نيابة عن الدولة- من المخالفين لقوانين المرور على أن تسلم الشركة مجموع المبلغ من هذه الغرامات للدولة في نهاية الأعوام الخمسة القادمة. إلا أن الشركة أعلنت إفلاسها حال انتهاء السنوات الخمس أي مباشرة قبل موعد تسليم المبلغ للدولة واحتفظت بالمبلغ كله لنفسها. وكان المبلغ ضخما إذ لم تقل غرامة المرور الواحدة عن 350 دولارا لكل مخالفة يخالفها سائق السيارة وصورته تظهر في الكامِرة وهو يخترق الضوء الأحمر أو يسوق فوق معدل السرعة المسموح بها. وكتبت الصحف المحلية عن كون الكامِرات التي نصبتها هذه الشركة في الشوارع هي كامِرات مغشوشة وغير مضبوطة لأنها تلقط صورة السائق الذي يعبر الضوء الأصفر على انه عبر الضوء الأحمر وذلك لجمع أكبر كمية ممكنة من أموال المواطنين. وبالفعل تم إهمال هذه الكاميرات لاحقا بعد أن تم اكتشاف الحقيقة. أغلقت شركة (لاكـْهيد مارْتن) أبواب فرعها في مدينة سانديكو بكالـِفورنيا بعد أن أعلنت إفلاسها وكتبت عن هذه الفضيحة الصحف المحلية في مدينة سانـْديـَكو مثل صحيفة (The San Diego Union Tribune) ثم سكتت هذه الصحف ونسى المواطنون المنشغلون-كالعادة بأمور العيش-تاريخ شركة (لاكـْهيد مارْتن). ألسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو لماذا وقع اختيار (جورج بوش) على هذه الشركة اللصة والمعروفة بابتزازها لأموال الدولة دون غيرها؟ لماذا منح (بوش) عقودا لا تحصى لهذه الشركة؟

أصبحت أرباح شركة (لاكـْهيد مارْتن) خيالية وهي تقبض من خزينة الدولة الأمريكية مليارات الدولارات يوميا. فمثلا قال الكاتب الأمريكي البروفسور المحاضر بجامعة UCSD الدكتور (جالـْمَرْس جانـْسِن) Chalmers Johnson وهو مؤلف كتاب (بـْلو باك) Blowback ومؤلف عدد آخر من الكتب المهمة وبعد عمله مع الـ CIA لمدة أكثر من 30 عام وبعد أن كان قد عمل فترة طويلة مع عائلة بوش-بالتحديد-قال بأن أضخم عصابة في العالم اليوم لم تعد عصابة المافيا الإيطالية بل هي عصابة عائلة بوش ألأب والأبناء. ثم جاء بمثل واحد عن كون كلفة القنبلة الواحدة التي أطلقها الصاروخ الأمريكي على أفغانستان حينها كلفت خزينة الدولة ثلاثة أرباع مليون دولار للقنبلة الواحدة، وحتما ازداد سعر القنبلة الواحدة في حرب العراق لان الأسعار ترتفع بسرعة بالغة في أمريكا. ولابد ممن يتساءل عن مدى تأثير هذه الشركات في اتخاذ القرار السياسي والعسكري كاتخاذ القرار في عدد القنابل المطلقة على أفغانستان وعلى العراق وحتى على الكويت أثناء تحرير الكويت من المجرم صدام. لرب ساءل يسأل، هل كان من الضروري سحق البنية التحتية لهذه الدول الثلاث بالقنابل الكثيرة؟ لماذا استمر القصف ولماذا سحقت البنية التحتية في العراق والمجرم صدام كان قد سقط واختفى منذ الأيام ألأولى للحرب؟

للمزيد من المعلومات عن الدكتور Chalmers Johnson ومؤلفاته زور الموقع الالكتروني:
http://www.thenation.com/doc/20011015/johnson

ربما الجواب على هذه الأسئلة أصبح بديهي وممكن أيضا أن نضيف تجربة قصف الكويت المستمر والمبالـَغ به بعد طرد زمرة المجرم صدام منها. فقد تكالبت شركات بناء الطاقة والأعمار الأجنبية للحصول على عقود لإعادة أعمار الكويت وبالطبع كلما تهدمت البنية التحتية للكويت ازدادت أرباح هذه الشركات لإعادة البناء. كانت شركة (أنـْران) Enron حينها أقوى شركة عالمية لبناء الطاقة الكهربائية وكان مندوبوها قد تسارعوا بالذهاب للكويت لأجل الحصول على المناقصة لتأسيس نظام طاقة كهربائي جديد في الكويت، وكان الرئيس (بـِل كـْلـِنـْتـِن) قد أرسل مستشاره (ران بـْراوْن) للمنطقة لمنح هذه العقود للشركات التي يختارها هو-أي المستشار بـْراوْن. ولم يمنح المستشار (ران بـْراوْن) عقد بناء الطاقة في الكويت لشركة (أنـْران) مما أثار نقمة هذه الشركة وتم بعد ذلك في عام 1996 سقوط طائرة (ران بـْراوْن) ومات مع زوجه في الطائرة وكانت حجة سقوط الطائرة هي وجود عاصفة رملية. بعد ست سنوات وفي عام 2002 تفاجأ العالم بسقوط شركة (أنـْران) الجبارة في حجمها وفي سطوتها، ونهبت (أنـْران) بذلك أموال هائلة من لمستثمريها وأيضا أموال موظفيها وسدت أبوابها بوجه العالم وما زالت محاكمات مسئوليها المتهمين بالسرقة مستمرة-وفي نوفمبر 2006 حـُكم أحد مسئوليها بالسجن ست سنوات واسمه Fastlaw. وقد كتب الكاتب الذي لم يهاب من احتمال اغتيال (أنـْران) له-كتب الجريء (رابـَرْت بـْرايْس) Robert Bryce أهم كتاب لخص به تاريخ (أنـْران) حين كانت في أوجها ولخص جشعها ثم لخص حالة موتها-واسم هذا الكتاب هو (بايـْب دْريمـْز) Pipe Dreams وها هو اسم الكتاب بالإنكليزية ثم عنوان الموقع الالكتروني عن المؤلف وعن كتابه:

Pipe Dreams: Greed, Ego, and the Death of Enron by Robert Bryce
http://www.amazon.com/ Pipe-Dreams-Greed -Death-Enron/dp/158648138X

إن شركة (لاكـْهيد مارْتن) تصنع وتبيع للحكومة الأمريكية القنابل والدبابات والمدرعات والأسلحة الثقيلة والخفيفة والشاحنات العسكرية الضخمة وأجهزة الحماية والطائرات الحربية والرادارات الثقيلة وأجهزة السيطرة والمراقبة والأجهزة الصوتية وحتى الخـُطط العسكرية والملابس العسكرية والعدة لكل عسكري أمريكي. لو حسبت كل المواد التي تبيعها هذه الشركة للحكومة الأمريكية ستتطلب مساحة عدة صفحات مكتوبة هنا ومن الأفضل أن تجد هذه المواد على موقع الشركة الالكتروني. فمثلا يكلف اللباس والعدة التي يحملها العسكري الواحد أكثر من 5000 دولار واحسب عدد الجنود 150000 في العراق مضروب بالكلفة للعسكري الواحد ستجد المبلغ (5,000X150,000= 750,000,000) 750 مليون دولار سنويا. ويتم استبدال الجنود في العراق سنويا وبذلك تبع الشركة مزيدا من منتجاتها للوافدين الجدد كل عام. وقد تم تغير الزي العسكري الأمريكي وبعض العدة مؤخرا كي يزداد دخل الشركة. وهناك-مثلا-عدد كبير من الدبابات والشاحنات وغيرها التي هي عاطلة ومرمية لان صناعتها ضعيفة ويتم بعد ذلك شراء المزيد من هذه السلع من الشركة نفسها. تصور تحقيق السلام والأمان في العراق، أين سيصبح مصير شركة (لاكـْهيد مارْتن) وما الذي ستبيعه ولمن؟

هناك من يشك بأن هذه الشركة وشركات أخرى من أمثالها هم ممن يـُتاجروا بالحروب ويسعون من أجل استمرار الحرب وفقدان الأمان والاستقرار في العراق. وهناك من يعتقد بأن الإرهابيين التكفيريين هم عملاء لهذه الشركات ومن هو (أسامة بن لادِن) سوى واحد من صنعهم (راجع كتابات د. جالـْمَرْس جانـْسِن بصدد من الذي صنع بن لادِن). وصف مسئول القاعدة بالعراق المسمى بالمصري-الذي هو بلا شك عميلا لهذه الشركات المستفيدة من الإرهاب-وصف الديمقراطيين بالضعفاء لأنه يفضل الجمهوريين الذين صنعوه وعززوا مركزه وهو الذي يعزز مركزهم ويبرر أفعالهم أمام الشعب الأمريكي.

وكانت قد عرضت قناة الحرة خبرا مستعجلا صغيرا جدا لكنه برأيي كان واحد من أهم ومن أكبر الأخبار في عام 2005-عرضت القناة مجموعة صغيرة من أعضاء كنيسة أمريكية متواضعة وهم يتظاهرون أمام كنيستهم محتجين لاكتشافهم كون أحدى الشركات الأمريكية التي تصنع أجهزة رادارات مراقبة وسيطرة ثم تبيعها لإسرائيل لتحمي نفسها من الانتحاريين. وترسل هذه الشركة مندوبيها لإقناع ولدفع الرشوة لبعض المسئولين الإسرائيليين كي لا يوقعوا اتفاقيات سلام مع الفلسطينيين وانتهى الخبر هنا. وهناك من يعتقد بأن نفس هذه الشركة وغيرها من هكذا شركات-التي تتاجر من وراء الحروب ومن وراء الإرهاب-تتوجه للبعض من الكذابين المدعين زورا بأنهم رجال دين وتدفع لهم الرشوة وتطلب منهم أن يثيروا الحماس في نفوس الشباب وعلى أن يغسلوا أدمغة الشباب ويحرضوهم أثناء خطب الجمعة كي يقوموا بتنفيذ عمليات انتحارية-هذه العمليات الانتحارية التي هي لأجل زيادة أرباح شركات تجارة الحروب الكبرى الأمريكية والعالمية. قال أحد الديمقراطيين بأن ما من أحد في العالم خدم مصالح جورج بوش مثلما خدمه تنظيم القاعدة.


قصة شركة (كـَي بي آر)KBR وهي شركة (هالي بـِرتـِن) Halliburton نفسها: هذه هي الشركة التي ربحت المناقصة من جورج بوش لتقديم الخدمات ولتجهيز العسكريين في العراق بالغذاء والوقود والسكن وبالأيدي العاملة الأمريكية للبناء داخل المعسكرات الأمريكية في العراق كالمهندسين والخبراء والإداريين وتجهز أيضا الأيدي العاملة الغير أمريكية للأعمال الأخرى كالطهي والتنظيف وأحيانا للحراسة وغيرها من الأعمال الخدماتية الرخيصة التكلفة. وهذه هي الشركة نفسها التي كان نائب رئيس الرئيس الأمريكي (دِك جـَيْني) Dick Cheney المدير العام لها وما زال يمتلك معظم أسهمها علنا ودون خجل أو خشية لا من الإعلام ولا من المسئولين رغم توبيخهم المستمر له بسبب هذا التضارب بين مصلحته الخاصة مع المصلحة العامة. اقرأ عن سرقات هذه الشركة وابتزاز ( دِك جـَيْني) لأموال في دولة أمريكا نفسها أثناء عاصفة كـَتـْرينا في ولاية نيو أورْلين في هذا الكتاب على هذا الموقع الإلكتروني الآتي:
http://www.democracynow.org/ article.pl?sid=05/09/09/1411242
يبدو أن نائب بوش أي (دِك جـَيْـني) طغى وشبه اختفى عن الأنظار وهو نادرا ما يظهر في الأعلام ونادرا ما ينجز أي عمل مفيد كنائب لرئيس الجمهورية، فهو بدون أي دور يستحق الذكر بالدولة الأمريكية. الظاهر أن "الأفندي" مشغول جدا ومشغول على صعيد يومي في استلام حصته وحصة عائلة بوش من هذه الشركات الضخمة نقدا والمبالغ هي بلا شك بلايين الدولارات في اليوم الواحد-أنه حتما منهمك في استلام المبالغ نقدا ومنهمك في عدها ثم نقلها لأنه لا يستطع استلام الشكات من هذه الشركات كي لا تصبح-أي الشكات- دليلا ضده بالمستقبل فيما إذا لو اكتـُشف أمره كمرتشي.

مثلا صرح مصدر موثوق بأن وجبات الطعام لكل عسكري أمريكي في العراق تكلف الخزينة الأمريكية 200 دولار في اليوم الواحد. اضرب 200 دولار باليوم بعدد العسكريين والمدنيين الأمريكان والبريطانيين والإيطاليين وغيرهم من المستخدمين في العراق وستكون النتيجة أرباح لا يتصورها العقل ((200X150000=30000000 أي 30 مليون دولار باليوم فقط لتغذية الجيش بالمعسكرات الأمريكية في العراق، وينزل هذا المبلغ يوميا في جيب شركة KBR.

لذلك حين زار السيد نوري المالكي أمريكا وطلب من (بوش) أن يزيد من عدد العسكريين الأمريكان في بغداد، لبى (بوش) الطلب بسرعة متناهية لان ذلك يعني مزيدا من الربح له ولشركة KBR، لا غير. إذ كلما أزداد عدد العسكريين الأمريكان بالعراق، ازداد طلب (بوش) لمبالغ أضافية من الخزينة الأمريكية-هذه الخزينة ألمتكونة من جباية الضرائب من الشعب الأمريكي الكادح والمسكين. في العادة يملأ الديمقراطيون الخزينة الأمريكية ثم يأتي الجمهوريون ليفرغوا الخزينة بجيوبهم وبجيوب الشركات الكبرى. وتشير الأدلة كلها إلى أن (بوش) شبه أفرغ الخزينة الأمريكية أثناء السنوات الست الماضية.


قصة شركة (ألـ - ثري كـَمْيونِكـَيْشِنـْز) L-3 Communications: هذه هي الشركة التي ربحت المناقصة من جورج بوش لتجهيز الجيش الأمريكي في العراق بالمترجمين تحت اسم شركة (تايْـتـِن) Titan التي هي جزء من شركة L-3 الأم. وتجهز الشركة الأم أيضا مستخدمين لحماية المسئولين المهمين أثناء مكوثهم في العراق واسم هذه الشركة الفرعية هو (أيْجييز) AGES وهي شركة بريطانية واغلب مستخدميها هم من جنوب أفريقيا.

بالنسبة لشركة (تايْتِن) Titan التي تجهز الجيش الأمريكي في العراق بالمترجمين فأنها تستخدم المترجم ثم ترسله للعراق. وتدفع خزينة الدولة الأمريكية مبلغا سنويا قدره بين 500 إلى 600 ألف دولار للشركة لتشغيل المترجم الواحد. ولا تدفع الشركة إلا الجزء الضئيل من هذا المبلغ للمترجم وهي التي تربح حوالي نصف مليون دولار سنويا على المترجم الواحد الذي ترسله من أمريكا للعراق. وكلما ازداد عدد المترجمين، ازداد ربح شركة (تايْتِن) ولذلك نراها تتكالب لتشغيل أكبر عدد ممكن من المترجمين بأسرع وقت ممكن. وتستخدم هذه الشركة مترجمين غير كفوئين كالذي يتكلم ويقرأ العربية لكنه من خلفيات غير عراقية، لذلك امتلأ العراق بمترجمين عرب-أمريكان من أصول أردنية وسورية وسودانية ومصرية ومغربية ومن دول عربية أخرى وهم غير مؤهلين لسبب كونهم لا يفهموا اللهجة العراقية. ويـُظلم المسجون العراقي-مثلا- بسبب سوء فهم المترجم العربي للهجته وهو يترجم ترجمة خطأ للأمريكان وللعراقيين. وأحايين كثيرة لا يجيد هؤلاء المترجمين اللغة الإنكليزية ولا يتم توصيل الفكرة الصحيحة لا للعسكري الأمريكي ولا للمواطن العراقي.

لقد تم الاعتراض على استخدام شركة (تايْتِن) لهؤلاء المترجمين غير المؤهلين ولكن الشركة لا تسمع ولا تأبه لان الرئيس الأمريكي يدعمها ويبقى همها الوحيد هو تشغيل أكبر عدد ممكن من المترجمين بالعراق بأسرع وقت ممكن. هناك قصص ممكن كتابة كـُتب عنها وسيبكي العالم عن المصائب التي حلت بالعراقيين بسبب سوء ترجمة العرب-الأمريكان في العراق، وأحدى هذه المصائب-مثلا- كانت في قرية الضلوعية شمال بغداد عام 2003 وحين كان المترجم سوري-أمريكي ولم يفهم اللهجة القروية في الضلوعية نهائيا وأهل الضلوعية أيضا لم يفهموه. لقد تسبب هذا المترجم في سجن 400 قروي من الضلوعية وموت كم واحد منهم وعقاب البريء ومكافأ المذنب ومصائب أخرى لا يتصورها العقل. كل ذلك حصل لان هذا المترجم رفض أن يقر بأنه لا يفهم اللهجة العراقية وخاصة القروية منها، وهو الذي سبب اضطراب دائمي في منطقة الضلوعية منذ 2003 لحد اليوم إذ أن أهل الضلوعية تحولوا من أصدقاء إلى أعداء للأمريكان لما حل بهم من تعدي. وصلت لشركة (تايْتِن) أخبار هذا المترجم وأخبار المئات من أمثاله ممن سببوا موت عراقيين وموت جنود أمريكان أيضا ولم يكن للشركة أي رد فعل بهذا الخصوص لأنها ما تزال مصرة على تشغيل مترجمين من أصل عربي وليس عراقي وهي مصرة على أن تمتحن المترجمين امتحان قراءة وكتابة بالعربية الفصيحة فقط والامتحان هو سهل جدا ويقولون للمترجم لا تخاف من الامتحان لان الجميع ينجح، وبالفعل ينجح الجميع تقريبا حتى لو كان ضعيفا جدا بالإنكليزية. يوجد مترجمين محليين يعملون في (تايْتِن) لا يعرفون حتى قراءة أو كتابة الـ ABC باللغة الإنكليزية.

أما شركة (أيْجييز) AGES البريطانية فهي أيضا جزء من L-3 الشركة الأم وقد كانت قد كشفت صحيفة (صندي تلغراف) Sunday Telegraph البريطانية في 2 ديسمبر عام 2005 أن الحراس الأمنيين في العراق بهذه الشركة يطلقون النار بشكل عشوائي ضد المدنيين العراقيين على طريق مطار بغداد. وأظهر شريط الفيديو أثار القلق من احتمال أن تكون هذه الشركة الأمنية الخاصة غير الخاضعة لأي ضوابط تنظيمية لا في بريطانيا ولا في العراق مسئولة عن موت المئات من العراقيين الأبرياء. وأضافت الصحيفة "إن شريط الفيديو الذي ربط بشكل غير رسمي بالشركة البريطانية (أيـْجييز) للخدمات الدفاعية يحتوي على أربع لقطاعات منفصلة يقوم الحراس الأمنيين في كل واحدة منها بفتح نيران أسلحتهم الاوتوماتيكية ضد سيارات مدنية على الطريق بين بغداد والمطار الدولي والذي يعتبر اخطر طرق العالم بسبب ما يشهده من عمليات انتحارية وهجمات ضد قوات التحالف". وأظهرت إحدى أللقطات حراس شركة (أيْجييز) الأمنيين وهم يطلقون نيران أسلحتهم ضد سيارة من نوع مرسيديس مما أدى إلى اصطدامها بسيارة أجرة، كما تظهر أللقطة الأخيرة سيارة بيضاء تخترقها نيران الأسلحة الاتوماتيكية للحراس الأمنيين بينما كانت تقترب من مركبة تابعة لشركة أمنية غير معروفة قبل أن تتوقف ببطء.

السؤال الذي يطرح نفسه بعد هذه القصة هو ما هي مصلحة شركة (أيـْجييز) في قتل المدنيين العراقيين؟ وكيف ستستمر الشركة بالربح لو ساد الأمان والسلام في العراق؟ بالتأكيد سوف تضطر شركة (أيـْجيز) لغلق أبوابها كشركة لتجهيز الخدمات الدفاعية وهذا في الواقع يعني خسارتها لملايين الدولارات.

لماذا لم يكترث بوش بوضع خطة جيدة لإدارة العراق لما بعد سقوط المجرم صدام؟ يبدو لي أن بوش ببساطة تامة منهمك جدا وللغاية بمنح العقود وبجني الأرباح وباستلام النقود على صعيد يومي ولذلك هو عاجز عن التركيز على أي موضوع آخر. وهو أيضا غير معني لا بالعراق ولا بالعراقيين ولا حتى بالجنود الأمريكان الذين يموتون في العراق ولا بالأمريكان الذين يجوعون بسبب نفاذ الخزينة الأمريكية-نه فقط يتظاهر أحيانا في الأعلام الأمريكي بأن الأمر يهمه كي لا ينكشف أمره أمام الشعب الأمريكي. إنه ونائبه ووالده وأخيه غاطسون على صعيد يومي بالدولارات وهو لا يرى غيرها وهو كما وصفته السيدة ( نانـْسي بـِلوسي) أثناء زيارتها له في البيت الأبيض بالكلمات الآتية "غير واع، كثير النسيان، غائب الفكر، غافل ومنفصل عن الواقع" كانت هذه بعض من كلماتها بالإنكليزية:

(oblivious, absentminded, forgetful, removed)
بلغ ثراء بوش وزمرته من وراء الإرهاب درجة فوق الخيالية ولم يعد يقدر الانتباه والمشاركة في موضوع فوز أو خسارة حزبه الجمهوري في الانتخابات وخاصة أنه قد أخذ حصة الأسد ونجى باستلام الصفقات دون أن يخلف وراءه براهين مرئية. وحتى الشركات الثلاث المذكورة أعلاه لم تبذل جهدا مثل السابق لمقاومة فوز الحزب الديمقراطي، لماذا؟ أعتقد لأنها تعرف بأنه لم يعد في الخزينة الأمريكية مبلغ يستحق الذكر، ومن أفضل من الديمقراطيين لتعبئة الخزينة من جديد؟ والتقليد الأمريكي المتعارف عليه هو كون الديمقراطيون يعبئون الخزينة ويتبعهم الجمهوريون ليفرغوا الخزينة بجيوب الشركات الكبرى.

كانت هذه القصص عبارة عن محاولة لتسليط الضوء على احتمال مجرى الأحداث بين جورج بوش والحزب الجمهوري وعقود الشركات الثلاث. وما هذه القصة إلا قناعات ونظريات وهي ربما تقنع البعض ولا تقنع البعض الآخر لأنها رأي أو رؤية معينة للأمور أكثر مما هي حقائق أكيدة أو مدعومة ببراهين ملموسة، خاصة أنه من الصعب جدا جمع وتقديم البراهين الأكيدة على واحد يحتل مركز قوي مثل مركز رئيس جمهورية أمريكا الذي هو قادر على إخفاء الأدلة. ولا يتجرأ حتى الديمقراطيون ممن يتفقون مع هذه الرؤية الإفصاح عن هذه القضية علنا، لكن هناك نسبة عالية ممن لهم هذه الرؤية ليس في أمريكا فحسب، بل في العالم أجمع وخاصة في الدول الأوربية. حتى الإعلاميين، الأمريكان أو غير الأمريكان، كانوا يخشون كتابة الحقائق كلها عن هذه الشركات لأنهم كانوا يخشون العواقب. حتى مستخدمي محطةCNN كانوا يخشون مطاردة هذه الشركات لهم، والدليل على ذلك بدأت المحطة تبث الحقيقة بشجاعة أكبر حالا بعد خسارة بوش. على أية حال أن محاولة فهم الماضي تساعد في فهم المستقبل، وكذا فأن فهم ما جرى في الماضي سيساعدنا في التنبأ بالاحتمالات القادمة للعراق-الماضي هنا يعني منذ دخول بوش وشركاته للعراق عام 2003 ولحد الآن 2006.

والآن ماذا يعني فوز الديمقراطيين بالنسبة لمستقبل العراق؟
الفوز يعني ما قالته الديمقراطية والمتحدثة الرسمية الجديدة باسم مجلس النواب الأمريكي السيدة (نانـْسي بـِلوسي) Nancy Peloci حال فوزها بالانتخابات-فقالت بأن تنظيف المجاري هو في أعلى القائمة في جدول أعمالها-وفسر الإعلاميون قصدها على أنها تعني بأنها ستنظف مجاري جهاز الدولة من الرشوة. وهذا يعني أن طريقة منح العقود للشركات ستتغير وخاصة بعد سنتين من الآن حين تنتهي رئاسة بوش نهائيا بعام 2008. كما وأن بوش مضطر للتغير حالا لأنه أصبح شبه مشلول بدون أصوات المجلسين الذين كانوا يصوتون معه. والسيدة (بـِلوسي) تتمتع بثالث أقوى مركز بالحكومة الأمريكية بعد الرئيس ثم بعد نائب الرئيس.

الفوز أيضا يعني هزيمة واستقالة عدة أشخاص من إدارة بوش كما في حالة استقالة وزير الدفاع (دانـِلـْد رَمـْسْفِلـْد) Donald Rumsfeldوهروبه من مسؤولية مواجهة فعله إزاء العراق وإزاء أمريكا أيضا. يعتقد المحللون بأن سياسة وزير الدفاع الجديد (باب كـِيْتـْس) Bob Gates ستكون قريبة من سياسة وزير دفاع سابق هو (جـِم بَيـْكـَر) Jim Baker الذي ينوي الحوار مع الدول المجاورة للعراق مثل إيران وسوريا وحتى السعودية لغرض مساعدة العراق، في حين جورج بوش كان قد رفض أن يدخل في أي حوار مع الدول المجاورة للعراق.

الفوز أيضا يعني بان الديمقراطيين سيحاولون أن يأتون بخطة أفضل لحل الظروف المأساوية في العراق. جاوبت السيدة (بـِلوسي) جواب خال من الرياء حين سُئلت عن نيتها في أن تربح الحرب في العراق وقالت نحن لسنا في العراق كي نربح حرب، وان وضع العراق هو عبارة عن حالة، حالة علينا أن نضع لها حلول.

الفوز أيضا يعني بان الـِمِنـَح التي تعطى لغرض أعمار العراق ستصرف حقا لأعمار العراق على عكس ما حدث سابقا حين ابتلعت الشركات ما يقارب 95% من المنح وصفى منها 5% فقط لأعمار العراق.

لا بد وأن هناك أمل جديد للعراق، فعلى الأقل للديمقراطيين نية حقيقية بأن يضعوا خطة للعراق ولا توجد أي مظاهر تدل على أنهم مرتبطين بطريقة مرتشية بالشركات الثلاث التي دارت وما تزال تدير الأمور الحربية والأمنية في العراق. فقد بدأ أعضاء الحزب الديمقراطي الأمريكي حالا بعد فوزهم وهزيمة بوش يتباحثون فيما بينهم ويأتون باقتراحات إزاء وضع خطة للعراق وأحيانا يتفقون وأخرى يختلفون، إلا أن المهم هو أنهم مستمرون بجدية تامة بالمحاولات لإيجاد أنجع الحلول. عسى أن تثار التساؤلات وتتزاحم الأسئلة العديدة عند كل إنسان مخلص، ولعلنا بذلك نصل إلى نتائج أفضل لتحسين الظروف الصعبة التي يمر بها العراق والعراقيين. كما ونتأمل أن تؤدي هزيمة بوش في 2006 إلى إضعاف قوة هذه الشركات الثلاث ثم رحيل تجار الحروب عن العراق، وبرحيلهم يتوقف تمويل عملاء تجار الحروب من الإرهابيين التكفيريين-سوف ينهزم عملاء تجار الحروب من الإرهابيين التكفيريين الذين يلوثون اسم الدين الإسلامي الذي هو اسم مقدس في نظر كل مسلم حقيقي. إنهم يلوثونه بدماء الأطفال الأبرياء العراقيين. وسوف يرحل هؤلاء العملاء بعيدا جدا عن ارض العراق حالما يرحل ممولوهم-هؤلاء العملاء المجرمون الذين يدّعون بأن كل من لا يعمل معهم هو عميل لأمريكا والواقع يثبت كل يوم بأنهم هم العملاء المأجورون لكل عابر سبيل يرمي لهم دولار أو دولارين وهم ينحنون لالتقاط هذه الدولارات من على الأرض. إنهم يركزون على قتل المثقفين العراقيين كي لا يبقى من يتكشف حقيقة كونهم عملاء مأجورين لتجار الحروب.

وفي الخاتمة كان بوش وزمرته مرتشين ومن النوع الذي يقتل القتيل ويمشي بجنازته، ورؤيتي هي أن هزيمة بوش وسيطرة الديموقراطيين في المجلسين هي-بلا شك-حالة إيجابيا إزاء تحسن الظروف المستقبلية في العراق. Opinions