انقلابنا وانقلابهم
mattikallo@hotmail.comمنذ نعومة اطفارنا تعلمنا وسمعنا وشاهدنا بان الانقلاب يعني تغير الحكومة عن طريق الدبابات والقصف بالطائرات واعتقال السياسين وزجهم في غياهب السجون وتصفية بعضهم بدون محاكمة او محاكمات صورية لوزراء سابقين ويخرج الينا احد الابطال من صناع الانقلاب والنصر ليقرا علينا بيان رقم (1) يمنع بموجبه التجول ومستخدما الشعارات الثورية البراقة ويهنئ الشعب بحياة مستقبيلة مليئة بالرفاهية والرغد والطمائنينة وحياة سعيدة تنتظر ابناء الشعب واحفاده على مدى مئات السنين القادمة وبعد البيان نعلم بان الانقلاب تم بمؤازرة رجاله المخلصين من القوات المسلحة وتم توزيع المناصب السياسية لبعضهم ومنح رتب عسكرية عالية لصغار الجنود ويصبحون جنرالات واحيانا يمنحنون رتبا اعلى من هؤلاء الجنرالات ثم يستدعى الاقرباء من اولاد عمومتهم وعشيرتهم ليمنحوهم رتبا او وظائف عالية في وزارة الداخلية والامن والمخابرات والاستخبارات ويصدر بيان اخر يدعى فيه الى ابادة كل من يتصدى للانقلاب ورجاله المخلصين الاوفياء ويكون مصيره الاعدام بكافة انواعه و اشكاله شنقا او رميا بالرصاص او تعذيب بالتيزاب !!
ولكن في استراليا وبهدوء اعتيادي وقع انقلاب بتاريخ 24 حزيران 2010 بدون بيان رقم (1) وبدون اطلاق رصاصة واحدة ولا من سمع صوت دبابة او طائرة بل قرار من اعضاء حزب العمال الذي يقود الحكومة الاسترالية منذ 2007 بقيادة رئيس الوزراء "كيفين رود" وذلك بسبب استطلاعات الرأي الاستراية بانخفاض شعبيته منذ توليه رئاسة الوزراء وهذا يعني تاثيره الكبير على شعبية الحزب واعضائه وانصاره فكان لابد ان يجتمع الحزب ويتخذ القرار المناسب لكي يحافظ على شعبية الحزب في الانتخابات القادمة باقصاء قيادة الحكومة برئاسة رود واختيار نائبته "جوليا غيلارد" لقيادة الحزب والدولة عوضا عنه وخرج "كيفين رود" على شاشات التلفزة مبتسما ومحترما قرار الحزب باقالته وهو حرا طليقا بدون مرافقة احد ضباط الامن ماسكا كتفه ليودعه في ، زنزانة او سجن رهيب وقال وهو متاثرا خلال مؤتمر صحافي مع عائلته: «انتخبني الشعب الأسترالي رئيسا للوزراء في هذا البلد.. وفعلت حقا كل ما في وسعي» وبالرغم من تاثره بقرار الحزب فلم يهدد او يتوجه مع ابناء عمومته الى احد المعسكرات ليقود دبابة ويدك مقر الحكومة في العاصمة كامبيرا اومقر الحاكم العام لاستراليا السيدة "كوينتين برايس" ممثلة الملكة ، بل قال بعد اقصائه انه استقال من قيادة الحزب والحكومة لافساح المجال "أمام الرئيسة الجديدة للحزب لتولي رئاسة الحكومة وادت القسم "جوليا غيلارد" خلال حفل التنصيب الذي أقيم في مبنى البرلمان الفيدرالي في كانبيرا، وحضره عدد من الوزراء والنواب وكبار الشخصيات، يتقدمهم رئيس الوزراء المقيل !! "كيفن رود" وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدون لدى استراليا.
عندما حدث هذا تذكرت حكاية قديمة بان وفدا برلمانيا عربيا زار دولة اوربية بدعوة لحضور جلسات برلمان هذه الدولة ، وتم اعداد اماكن خاصة لهذا الوفد لكي يستطيع ان يشاهد عن قرب جلسة من جلسات البرلمان ، اخذ اعضاء الوفد اماكنهم المخصصة واخذ الوفد يشاهد النقاشات والمشادات الحادة بين اعضاء الحزب الحاكم واعضاء المعارضة والصراخ الذي يعلى من هذا او ذاك والتهكم بالكلمات من كلا الطرفين وبعد ساعات من النقاشات حان وقت فترة الاستراحة للبرلمان لكي يعود لمناقشة ما اعد في الجدول لذلك اليوم ، وخرج الوفد العربي مع البرلمانيين الاوربين لياخذ قسطا من الراحة في صالة الاستراحة وياخذ كل واحد منهم شايا اوقهوة او عصيرا وياخذ قطعة او اكثر من " البسكويت المحشي " فشاهدوا ان اعضاء البرلمان من اعضاء الحزب الحاكم يصافح اعضاء المعارضة وبالعكس ويعلو وجوهم الابتسامة والحديث الودي بينهم ، استدار رئيس الوفد العربي الضيف مخاطبا اعضاء وفد بلاده " انظروا الى هؤلاء ، احلفكم بالله عليكم احقا هذا برلمان انه مثير للسخرية ! كيف احدهما يصافح الاخر !! كنت اتمنى بان هؤلاء المعارضة عندنا كنت اودعتهم في زنزانات انفرادية !!