Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

ايه يا عراق وماذا بعد الضريحين!

مَن يُعزّي مَن في عراقنا الجديد ومن يرثي على حال من......

والى متى يبقى بعيرنا على التل!

... بينما بعير الفواجع حر طليق في الساحة العراقية،يجول ويصول ويبارك صولاته، ينتهلك الأعراض والأرواح والمقدسات، ويخلع القباب من اسسها لتجلس برمادها وغبارها وتبرها فوق اضرحة الصالحين،الى متى ترصف الشوارع بجثث الأبرياء وتطلى الأرصفة بدمائهم وعلى طول هذا البلد الجريح وعرضه وضمن مسلسل دموي مأساوي يتم اخراجه بتقنية عالية من الوحشية والإستهتار والوعي المنسوخ الى روث وقمامة والموضوع برفق شيطانيّ على اكبر طاولة للمقامرة في عالم اليوم..العراق..

منذ ان سقط الدكتاتور الأغر! وتفككت عربته السوداء الرعناء المحملة بكل صنوف الشرور والإستعباد، خرج الشعب العراقي من شرنقتة البغضاء ومن طور عزاءه المكبوت ليدخل في طورعزاء جديد جهور، تتلبسه اكثر من شرنقة، ولا يُعرف بعد، لأي مدى سيمتد هذا الطور وكم شرنقة ستلفح وجهه بالبؤس والمعاناة والفزع اليومي...علما بأن بعض الشرنقات تبدو من حرير! وهنا يكمن الفزع الحقيقي........

عموما.. السبابة العراقية دائما تشير الى بيت الداء ونراها تلوح الى فلول البعث المتجحفلة مع التيارات الأرهابية والتكفيرية والمرتزقة من الداخل والخارج، حتى اصبحت تلك الزمر وتشكيلاتها والأيادي الداعمة لها وحسب نوع الهدف واغراضه، هي الشماعة الأم الشاخصة بهيبة في صلب الواقع العراقي والمتلقفة لكل مآسيه .. وفي هذا ما يجانب الحق والحقيقة... ولكن ليس بشكل مطلق حسبما اظن... فتلك الشماعة التي ثقلت بالدم والإنتهاك وعلّق عليها ما علّق من الوجع والهلع والرزايا، ومنذ السقوط من اجل التحرير والديمقراطية!... واحدثها فاجعة الضريحين في سامراء.. تلك الشماعة اصبحت ملاذا لا بأس به لكل إخفاق وارتباك! وبدأ استغلالها واستثمارها لتعليق اسمال اهل الشأن الأجلاّء وبمختلف القياسات .. فمنها اسمال الأداء الحكومي المبعثر الذي اخفق بحمل حقيبته الأمنية كما ينبغي للقضاء على الفوضى والتسيب...، واسمال التخبط السياسي بشقيه السياسي السياسي والديني المسييس،.. واسمال الإعمار والبناء والتي انتفخت جيوبها اعمارا واكتست ازرارها بماء الورد والياسمين، بينما بقيت الأرض خرابا،هذا ناهيك عن الأسمال الخدمية وفي كافة الأصعدة والمستويات والتي يلهث وراءها المواطن عاريا عله يكتسي ببعض خرق منها، فلا يدركها إلا معلقة هي الأخرى فوق تلك الشماعة او مؤجلة على ظهر ذلك البعير!!...

كل ما يجري في العراق من خراب وتدهور سببه الأرهاب.. هذا ما يقال..وفي هذا القول حق.. كما به بعض إغفال..

من ادخل البعير ومن دق ركيزة تلك الشماعة،..

ولماذا يمضي بنا الزمن فيكبر البعير وتستطيل الشماعة وتكثر اثقالها واحمالها، بينما نصغر نحن ونتدهور ونفقد الإتجاه ؟..هذا ما لايحلو الخوض فيه!..كما قد لا يحلو القول بأن قلعة الأسود قد خلت او هرمت اسودها فاصبح ذاك البعير هو الأسد الرابض بعنفوان وآمان على ارض العراق، وما لتك الأرض النازفة غير الحداد ولعن تلك الشماعة باحمالها وادرانها،...واصبحت مادة الإنشاء والتعبير بمجلدات الإستنكار والتيسير لرص الصفوف وشد اللحمة هي النبراس المستنير لتحويل كل فاجعة الى حكمة عجفاء قد تستدر فيما بعد فحولا واسودا يقومون بالشأن العراقي شدما قيام....!!

شدما يخيفني ويخيف كل عراقي شريف في واقع اليوم هو الفتنة.... للفتنة شرورها وقد تأتي على الأخضر واليابس فيما لو اضرم فتيلها والعياذ بالله..ولكن كل ما اخشاه هو ان تكون الفتنة هي البعبع العراقي الجديد المُستقدَم على اعقاب البعبع الصدامي المندحر لجلد الشعب والنيل من مقدساته وحقوقه ليقف خانعا صابرا مرتاعا، مولولا تارة ومهمهما اخرى ، مفوضا أمره وعزاءه وفواجعه الى الله وكما كان يفعل في زمن الطاغية.. فأولياء الأمور منهمكون في معابدهم وأروقتهم يتفقدون الكراسي وكيفية رصفها وتفريقها وتضبيطها – وبفتنة سلطوية ما بعدها فتنة- لجلوسهم البارد كأسياد.. وكل ما تجود به قريحتهم للملايين خلفهم هو الصبر والتصبر ورص الصف..

من يوجه العوام اليوم وينظم صفوفهم للتظاهر والإستنكار أزاء كل بلية هي المؤسسات الدينية، ومن هنا نرى ان تلك المظاهرات لا تندد غالبا إلا بتلك الشماعة بعد ان تُرفع أسمال الأولياء عنها بلياقة، وبذاك البعير الأرهابي المُفسِد بالارض شدما إفساد بعد ان يحقن بجرعة عهر اضافية كي تتوقد نعرته الأرهابية...، فيتوجه العوام بسخطهم وغضبهم نحوهما بثقة عالية! وبكل ما يقع عليهم من استباحة لحقوقهم وامتهان لأرثهم الحضاري وسفك لدمائهم واعراضهم والتلاعب بمقدراتهم ومستحقاتهم..فالساحة العراقية وبكل دبقها ساحة بريئة عفيفة تناضل من اجل الخير والصلاح والوطن لولا ذلك البعير الأرعن الذي تفوق بحنكته ودهائه على تقنيات اقوى تحالف دولي وبكل امكانياته العسكرية والأستخبارية..كما تفوق على حسم وصلابة وذكاء اولياء امورنا الأفاضل وحكمتهم!!... أولا يعيبنا ان نكون دون البعير وفلوله إن كان البعير بعيرا والفلول محض فلول!! أخشى ان يكون الشعب العراقي هو الفلول المُستهان بها!!!

تلك المؤسسات الدينية قد دخلت اللعبة السياسية من اوسع ابوابها وبهذا فهي تطل على العوام من محاجر الشرف والأمانة والولاء لدين الله وللعراق وشعبه ولساسته المعصومين لتسدد سخطهم بعد كل فاجعة - وكل فاجعة اخفاق حكومي- نحو الهدف الأوحد- تلك الشماعة وذاك البعير- المتسبب بخراب العراق وفواجعه المستمرة وكأن هذا الهدف هو السبب العضال ولا يمكن ان نتصوره كنتيجة او حتى جزءا من نتيجة ولا يمكن اجتزازه او السيطرة عليه..!.. ولابد من اطلالة كتلك وتسديد كهذا.. فمن يحكم العراق اليوم هي تلك المؤسسات، ولا بد ان توجه السبابة والسخط الجماهيري بعيدا عنها وعن بيت الداء المنشغل بصراعاته ومحاصصاته ذات النفع العام! عن القيام بواجباته ومسؤولياته الموضوعة على الرف منذ ثلاث سنوات تقريبا.. ..قد توجه السبابة احيانا ومن قبل تلك المؤسسات وبشكل خجول! نحو الإحتلال للتمويه ولحصد العوام وجبر خواطرهم.. فمن دخل اللعبة السياسية فقد وقع في افق المحتل ورحابه وسقط قناعه الديني- فلا متنفس للنزاهة الدينية واحكامها في حمى الصراع السياسي- ولم يبق منه إلا العنتريات الطنانة المنددة بالمحتل والمتوعدة له وبأسم الأمانة الوطنية المنقوعة بروح الدين كواجهة للنفوذ والتغلغل وكسب العوام،هذا ظاهريا اما جوهريا وفعليا فهو لا يمتلك غير المثول المقدس امام المحتل واخفاقاته هو الأخر في استتباب الأمن وتوفير الخدمات وحسب المعاهدات الدولية وبنودها في هذا الصدد، والإنحناء الرفيع لضغوطاته كأداء لابد منه لحفظ ما في اليد او ما سيكون.! ...

سؤال كان قد وجهه احدهم للسيد وزير الأسكان والتعمير العراقي هذا الصباح وعلى احدى الفضائيات الناطقة باسم الشعب!... وهو: لماذا تُرك موقع الفاجعة (فاجعة الضريحين في سامراء) بلا طوق آمني غرضه ابعاد العوام من العبث في الأنقاض واغلبها قطع نفيسة ومباركة وصفائح من الذهب والأثريات النادرة،والنفس امارة بالسوء.. اجاب الوزير بانه لم يلتق بعد برئيس الوزراء لتوضيح الموقف وأتخاذ ما يلزم بصدد هذا!.. يا آلهي! لم اكن اعلم بأن في عراقنا الجديد، رئيس الوزراء شخصيا هو من يبت لتطويق موقع حادثة او تفجير بشريط اصفر وبضع حرس! فتلك ليست من مهام حكام المحافظات واجهزتها،ولا يقع ضمن تحركاتهم الأحترازية لحماية المقدسات وبعد ان تفجّر على اقل تقدير!.. من هنا ممكن ان نقدر حجم المسؤولية الملقاة على عاتق رئيس الوزراء!..

اما حينما سأله عن عمامة الإمام والتي شاهدناه على الفضائيات فكظمنا الغيض والألم.. فقد صرح الوزيربأن الضريح مغطى كليا بأنقاض القبة التي هوت، والجدران التي تناثرت، وحسبما شاهده شخصيا خلال زيارته المباركة، ولا مجال للوصول الى الضريح او النفوذ الى موضع العمامة لغرض التقاطها!!.. كما افاد بأن العمامة لربما كانت قد استخرجت قبل الإنفجار!،ومساءلة مَن بعهدته العمامة- اوغيرها- قد يفيد في مجرى التحقيق!!!......من المسؤول عن تلك الفوضى.....

وقد نوه الوزير من ضمن ما نوه عنه بأن التفجير كان قد وقع بتقنية عالية ومدروسة حيث تم حفر اربعة انفاق - كل ركن نصيبه نفق- وتم تعبئتها بالديناميت ثم ربط الأنفاق بعضها ببعض باسلاك، ليصعد منها سلك جامع الى سقف الحرم برأسه جهاز استقبال لتسّلم الأشارة في موعدها المحدد... وحين سُئل عن الوقت اللازم لحفر مثل الأنفاق، فقد اجاب اربع ساعات لكل نفق وحسب تقديره كمهندس و تقديركادره الفني المرافق..بمعنى انه لم يأت بالتقدير اعتباطا... تلك الأيادي اللعينة التي فعلت فعلتها كان لديها متسع من الوقت وما لا يقل عن اثنتي عشر ساعة على اقل تقدير في داخل مبنى الضريح الواقع في سامراء الربع الخالي وحسبما يبدو وليس في سامراء صلاح الدين!

وشدما يحزنني ان تستثمر تلك الفاجعة النكراء كمنبر حر لتدفق الثناء والولاء لبعض مرتزقة الأديان والأشادة بهم من قبل بعض ابناء الشعب المنكوب والفضائيات الحرة المحايدة شدما حياد،فقد اشاد احدهم وبفخر عال وعلى اثر الفاجعة وارسل تعازيه الى القائد الفذ وحسب تعبيره.. وكان بتصوري بأن القائد الفذ والقائد الضرورة وغيرها من مفردات التفخيم والتعظيم المبالغ بهما، كان من تداعيات حقبة بليدة وبغيضة انتهت! ومن ارهصات بشر غير اسوياء اصابهم الغرور بالعماء فتربعوا على العرش كآلهة آنذاك وباسماءهم الحسنى التي فاقت بفخامتها اسماء الرب..ولكن على مايبدو انها ثقافة اسطولية ستمتد ،ولكن هذه المرة سيكون امتداها معفرا بالتسبيح وبآيات الرحمن فهي الطبل والمزمار والخيل والصهيل.. ولابد من التملق!..

قلت في المقدمة بأن العراق امسى اكبر طاولة للمقامرة في عالم اليوم إلا ان في ذلك بعض تقزيم !،فهو اكبر صالة وبطاولات تكاد لا تحصى.... صالات المقامرة الصغيرة كصالات لاس فيغاس مثلا! قد تنفض الجيوب فتستدر العرق، قد يعلو وطيس المقامرة فيضع احدهم وممن نفضوا جيبوهم وما زالوا بشهوة المقامرة، مفاتيح سيارته ليقامر بها ليعود قافلا متعرقا بسيارة آجرة..وقد تتصاعد نخوة الربح والخسارة فيضع احدهم عقار ارض او متجر او دار يمتلكه ليعود قافلا الى العراء ويمسي من المتسولين لخيمة او خريبة..اما في صالة المقامرة الكبرى فالوضع يختلف تماما،..الإختلاف يكمن اولا بعدم وجود اي رائحة للعرق في هامات المقامرين!!... اما ثانيا.. فأن ما يُقامَر به يتخطى ما في الجيب وما في اليد من ممتلكات ليزحف على ما يقع في يد المتفرجين وما يمتلكون! ... فلا غرابة ان يوضع ضريح إمام على الطاولة، او ان يوضع معبد او كنسية او معلم حضاري، او رهط من لحم المتفرجين.. حيث ان الشرف كان قد استفرغ تماما من جعب المقامرين باديء ذي بدء..كما انه لا غرابة اطلاقا ان يوضع ومن ضمن ما يوضع على طاولات تلك الصالة وحسب حدة الوطيس من اعلاه الى اعلاه ،ان توضع الصالة باكملها فوق طاولاتها الميمونة المشرعة الأطراف ليل نهار لإجتذاب العتاة من المقامرين المهووسين برعاية العراق وشعبه! وما تلك الصالة!! غير رقعة ارض زهيدة بجغرافيتها عريقة بتاريخها،بثرائها وآمال اهليها اسمها .. العراق... ايه يا عراق.. ايه يا وطن...

وما بعد الضريحين!!

...وقد تصاعد التاريخ من قبابه سحبا...

فنزل التبر...... أرباً أربا....

ايه ...بلدي ..

كم انت سخيّ...!!

06/02/26

Opinions