Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

بابا الفاتيكان يعتزم زيارة اور الكلدانيين فلماذا لا ندعوه لزيارة القوش و..

habeebtomi@yahoo.no
اقترن اسم اور الأثرية في التاريخ باسم اور الكلدانيين<*> ، وحسب الرواية الواردة في سفر التكوين ان تارح كان له ثلاثة اولاد هم ابرام ( ابراهيم ) وناحور وهاران ، ومات هاران قبل تارح ابيه في ارض مولده في اور الكلدانيين ... وأخذ تارح ابنه ابرام وحفيده لوطا بن هاران ، وساراي كنته زوجة ابنه ابرام ، وارتحل بهم من اور الكلدانيين ليذهبوا الى ارض كنعان ( تكوين 11: 28 ، 31) ، وحينما وسم الكاتب الكلداني نزار ملاخا في إحدى مقالاته ابونا ابراهيم بالكلداني وجه اليه ليس قليل من النقد اللاذع ، لكن من الغريب وقبل نزار ملاخا بعقود كان المرحوم المطران يوسف بابانا قد نسب ابونا ابراهيم الى الكلدانيين ولم يكن هنالك اي اعتراض عليه حيث كتب في كتابه القوش عبر التاريخ ص 57 يقول : (( اختار الله له ابراهيم الخليل من ذرية الكلدانيين ليدعو الى عبادته في الأرض بين القبائل والممالك .. )) .

((( قبل الأنتهاء من مقدمة هذا المقال ، فقد علمت بأن هنالك جهود لطبع كتاب القوش عبر التاريخ طبعة ثانية ، وما نطلبه من ذوي المرحوم المطران بابانا المحترمون ، توخي الدقة ونقل الكتاب حرفياً ، لأن تمرير اي افكار جديدة ، تحت تأثيرات سياسية ، سيعتبر تزوير للكتاب ، وخيانة الأمانة ، ولنا ثقة كبيرة بالنخبة من ورثة آل بابانا الكرام أنهم لا يقبلون بتاتاً بأي تحريف للنص الأصلي للكتاب ))) .

هذه مقدمة لا اريد الأستمرار بها ، وسوف ابقى في رغبة الحبر الأعظم بابا الفاتيكان بندكتوس السادس عشر بالقيام بزيارة مدينة اور التاريخية في محافظة ذي قار في العراق حسب ما ورد في الخبر الذي نقلته صحيفة الصباح واقتبسه موقع عنكاوا حيث ورد فيه :

اعرب بابا الفاتيكان بندكتوس السادس عشر عن رغبته بزيارة مدينة اور الاثرية في محافظة ذي قار، فيما فاتحت وزارة السياحة مجلس الوزراء لتأمين التحضيرات الخاصة بانجاح هذه الزيارة.
وقال وزير السياحة والاثار الدكتور لواء سميسم في تصريح خص به "الصباح" ان رئيس هيئة الكرسي الرسولي في الفاتيكان والذي يعدّ المسؤول عن السياحة الدينية هناك نقل للسفير العراقي في الفاتيكان حبيب الصدر رغبة البابا بندكتوس السادس عشر بزيارة مدينة اور الاثرية في الناصرية التي تحوي دار النبي ابراهيم "عليه السلام".
واضاف ان السفير الصدر نقل هذه الرغبة الى وزارة السياحة التي فاتحت رئاسة الوزراء لتأمين متطلبات انجاح الزيارة، منوها بان الوزارة اعدت ترتيبات اولية لتهيئة زيارة رئيس هيئة الكرسي الرسولي في الفاتيكان الى العراق في النصف الثاني من العام الحالي للاعداد لزيارة البابا التي من المؤمل ان تتم مطلع عام 2012.





الجدير بالملاحظة ان البابا الراحل يوحنا بولس الثاني كان يأمل بزيارة الأمكان التاريخية المقدسة في الشرق الأوسط ومنها مدينة اور التاريخية باعتبارها مسقط رأس ابراهيم الخليل الشخصية التي تحترمها الأديان السماوية الثلاثة اليهودية والمسيحية والأسلامية ، ولم تتم الزيارة في وقتها بسبب ظروف الحصار والحظر الجوي المفروض على العراق منذ عام 1991 ، وقد تنصلت الحكومة العراقية في وقتها من توفير الحماية لزيارة الحبر الأعظم ، كما ان الولايات المتحدة لم ترغب في تحقيق تلك الزيارة لكي لا يصار الى تجييّرها لصالح نظام صدام .

وهكذا عدل عن فكرة الزيارة للعراق ، وخرجت اور الكلدانيين من برنامج زيارة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني واكتفى بزيارة الأماكن المقدسة في اسرائيل والأردن والأراضي الفلسطينية ، وزار بيت لحم والقدس والناصرة وفي الأردن حين حطت طائرته في المطار كان تقبيله لتراب الأرض ، وزار من الأماكن المقدسة في هذا البلد جبل نيبو وموقع المعمودية ( المغطس ) ، وفي وسط العاصمة عمان اقام قداساً كبيراً .

اليوم يعرب رئيس الكنيسة الكاثوليكية في العالم عن رغبته في زيارة اور التاريخية التي ورد انها مكان ولادة ابونا ابراهيم الخليل وهو من ذرية الكلدانيين ( بابانا : المصدر السابق نفس الصفحة ) .

لا ريب ان الزيارة ستحقق للعراق قدراً كبيراً من السمعة الدولية الطيبة ، حيث ستثبت للعالم انها بصدد تحقيق الأمان والأستقرار في البلد ، وتبرهن ان العنف والفوضى والكراهية هي اشياء شاذة في الوطن العراقي ، فالمألوف والطبيعي ان يكون سلام وأمان وتعايش ومحبة ، ثم ان هذه الزيارة ستفتح ابواب العراق نحو السياحة العالمية ، ولقد لا حظت ذلك حين زيارة بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثاني للأردن سنة 2000 وكنت في وقتها في عمان وكانت تنتشر في الشوارع والطرق الخارجية يافطات الترحيب بزيارة البابا المرفوعة من قبل مختلف قطاعات الشعب الأردني بما فيها العشائر العربية في هذا البلد ، وبعد الزيارة هذه شهد الأردن انتعاش كبير في السياحة حينما تدفقت مجموعات كبيرة من السياح الى هذا البلد وكان هدفها زيارة تلك الأماكن التي زارها الحبر الأعظم .

إن زيارة البابا لعراقنا سيكون لها أهمية كبيرة ليس بجهة السياحة فحسب ، إنما ستؤول بدرجة ما الى تضميد الجروح التي ظلت عميقة مؤلمة بسبب ما طال المسيحيين من مظاهر العنف والقتل والتهجير بسبب هويتهم الدينية ، إنها مناسبة لتصفية القلوب ونشر الوئام والوسطية والأعتدال بين ابناء الشعب الواحد من المسيحيين والمسلمين ، وامامنا امثلة حية لأمكانية توفر مثل هذا التعايش والتسامح كالذي نشاهده في اقليم كوردستان وفي المملكة الأردنية الهاشمية وسوريا .

فالزيارة ستساهم حتماً في فتح وتوسيع ابواب الحوار والتفاهم الأسلامي المسيحي وتعمل على إرساء ابعاد ايجابية على العراق وتجسير جسور انسانية واجتماعية بين المسيحيين والمسلمين لا سيما مع مسيحيي الشرق الأوسط الذين قطنوا هذه الديار من عصور موغلة ، إذ ليس من المعقول ونحن نودع العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين وهذا الشعب الأصيل يتعرض الى هذا القدر الكبير من العنف والظلم والقهر ، إنها معادلة بعيدة ومناقضة للمفاهيم الأنسانية والوطنية .

نعود الى موضوع زيارة الحبر الأعظم لمدينة اور الكلدانيين ، وما تحمله هذه الزيارة من معاني التسامح والتفاهم والحوار بين اتباع الديانتين الأسلامية والمسيحية ، ولدي هنا اقتراحين الأول :

ان يوجه الكاردينال البطريرك عمانوئيل دلي دعوة الى بابا الفاتيكان لزيارة الأماكن التاريخية الأخرى اثناء قيامه بزيارة جنوب العراق ، وفي مقدمة هذه الأماكن تأتي دعوته لزيارة القوش لما تحمل هذه المدينة من مواقع أثرية مسيحية وفي مقدمتها دير الربان هرمز العتيد ،ودير السيدة حافظة الزروع ودير مار ميخا النوهدري الذي اصبح مدرسة على مدى أجيال ، إضافة الى مرقد النبي ناحوم الألقوشي ، وسوف لا نذهب بعيداً لنصل الى دير مار متي ، وسيكون بالأمكان زيارة الشيخ عادي للاخوة الأزيدية في لالش ، ولا نقول كنيسة الطاهرة في الموصل بسبب الأوضاع الأمنية المتردية ، واستحالة ذلك في الوقت الحاضر ، ثم الأنتقال لمناطق اخرى كعنكاوا ومنكيش وتللسقف وباطنايا وكرملش وبغديدة وباقوفا وبرطلي وغيرها من المدن والقرى المسيحية في المنطقة وفي أقليم كوردستان .

الأقتراح الثاني ان يوجه الأستاذ مسعود البارزاني دعوة للحبر الأعظم لزيارة الأقليم ، حيث ان التركيز الديموغرافي المسيحي من كلدان وسريان وآشوريين قد تركز في مدن وقرى الأقليم بعد تهجيرهم من بغداد والبصرة والموصل ، إن هذه الزيارة ستساهم في توطيد العلاقات الأجتماعية والثقافية وتعزز مفاهيم التعايش والتسامح في هذا الأقليم .

إن زيارة البابا لألقوش ولمناطق مسيحية أخرى حتماً ستسلط الأضواء على هذا المكون المستضعف في ارضه ووطنه ، الجدير بالذكر ان اتباع الكنيسة الكاثوليكية يشكلون الشطر الأكبر من مسيحيي العراق وهم ينتمون الى القومية الكلدانية وهي ثالث قومية عراقية ، ويجري تهميشها سياسياً وقومياً من قبل حكومة اقليم كوردستان وبشكل مجحف وتفرقة مقيته من قبل الحكومة العراقية .

ونتمنى ان تساهم هذه الزيارة في نيل الشعب الكلداني الذي هو بمثابة (هنود حمر) العراق، ان ينال حقوقه القومية والسياسية .

حبيب تومي / اوسلو في 09 / 02 / 11

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

<*> = ورد في قاموس المطران اوجين منّا "قاموس كلداني ـ عربي " في مادة كلدانيون هذا التعريف = ((( الكلدانيون : هم العلماء وارباب الدولة من اهل بابل وأطرافها . او جيل من الشعوب القديمة كانوا اشهر اهل زمانهم في سطوة الملك والعلوم وخاصة علم الفلك . ولغتهم كانت الفصحى بين اللغات الآرامية وبلادهم الأصلية بابل وآثور والجزيرة اي ما بين نهري الدجلة والفرات وهم جدود السريان المشارقة الذين يسمون اليوم بكل صواب كلداناً ))) .
Opinions