بالنجاحات تتحقق المصالحة
نـزار حيدر لـ (العربية):قال نــــزار حيدر، مدير مركز الإعلام العراقي، إن المصالحة الوطنية لا تتحقق بالغرف المظلمة، وإنما بالنجاحات والانجازات التي تحققها الحكومة العراقية، وبرأيي، فان الأخيرة نجحت في نقل ملف المصالحة الوطنية من الغرف المظلمة إلى الشارع العراقي، عندما حققت النجاحات الأمنية الأخيرة التي لفتت انتباه الجميع، العدو قبل الصديق، في عدد من المناطق الساخنة، وعلى رأسها في محافظة الموصل، رأس العراق، والتي نفذت فيها الحكومة أنظف عمليات أمنية ضد أقذر مجموعات إرهابية وعصابات خارجة عن القانون.
وأضاف نـــزار حيدر الذي كان يتحدث لبرنامج (بانوراما) ليلة أمس على قناة (العربية):
لقد أقنعت النجاحات الأخيرة، الكثير من الفرقاء السياسيين، بجدية الحكومة العراقية في التعامل مع الملفات الساخنة، وعلى رأسها الملف الأمني، لذلك بدأ هؤلاء عملية جرد حسابات دقيقة لمواقفهم من الحكومة، التي أثبتت بذلك أنها حكومة وطنية بكل معنى الكلمة، فهي ليست حكومة طائفية أو حزبية، أو حتى حكومة الائتلاف، وإنما هي حكومة كل العراقيين، من دون تمييز، ولذلك اصطف خلفها أبناء الموصل بكل مشاربهم الدينية والقومية والمذهبية والسياسية، بعد أن تيقنوا بأنها تقف على مسافة واحدة من الجميع، فالنجاحات بنت الثقة بالحكومة وزادت من مصداقيتها لدى الشارع العراقي، أضاف نــــزار حيدر.
عن خطر المحاصصة على مستقبل العراق، وما إذا كانت ستحوله إلى لبنان ثانية، قال نــــزار حيدر:
هنالك فرق كبير بين العراق ولبنان، فالمحاصصة هناك دستورية أي مثبتة في الدستور، أما عندنا فليست كذلك، بل أن الجميع تعامل معها، اضطرارا، فهي بالنسبة للعراقيين كأكل لحم الميتة، نتمنى أن لا نواصل التعامل معها إلا بما يسد رمقنا السياسي كمضطرين من دون أن نبغي أو نعتدي على الديمقراطية، ولذلك نرى أن الجميع هنا في العراق، من مرجعيات دينية وقادة سياسيين وزعماء أحزاب، مصممون على أن لا يسترسلوا مع المحاصصة وقتا أطول من الذي استغرقته لحد الآن، ولذلك ذهب الجميع إلى تبني نظام القائمة المفتوحة في الانتخابات القادمة، حتى لا تستحوذ أعداد معينة من الأحزاب والتيارات السياسية على مجالس المحافظات وتاليا على السلطات المحلية.
لقد أدرك الجميع أن المحاصصة تشل البلد ولا تدع الحكومة تعمل، كما أنها سبب مباشر لإلغاء الكثير من القيم المهمة التي لا يمكن بناء النظام الديمقراطي من دونها، كقيم الكفاءة والنزاهة والخبرة، لان المحاصصة تعتمد المقولة السيئة التي تقول (شرار قومي أفضل من خيار قوم آخرين) وهذا ما يدمر البلد ولا يبني نظاما سياسيا مستقرا أبدا، وهي الحالة التي نراها اليوم في لبنان الذي يمر بين الفينة والأخرى بأزمات سياسية وأمنية حادة وخطيرة، يفشل اللبنانيون في حلها من دون العامل الخارجي، أيا كانت هويته، الشئ الذي لا نريد أن نراه في العراق الجديد.
عما إذا كانت وراء التأييد السياسي الذي شهدته عمليات الموصل، صفقات معينة بين الفرقاء، قال نــــزار حيدر:
وهل السياسة إلا صفقات؟ ولقد رأينا ماذا حصل الأسبوع الماضي في العاصمة القطرية الدوحة من صفقات أنتجت الاتفاق الذي اخرج لبنان من أزمته الأخيرة.
ليس العيب في كون السياسة مجموعة صفقات، إلا أن العيب كل العيب هو أن تأتي الصفقات على حساب الوطن والشعب، ولذلك، وأقول بصراحة، نحن مع الصفقات أيا كان نوعها ولونها، شريطة أن تنتج أمنا وكرامة وخبزا للناس الذين لا زالوا يدفعون ثمن تعنت هذا الطرف أو ذاك، في كل مفاوضات تجريها الحكومة العراقية تحت لافتة المصالحة الوطنية، التي لا زال البعض يتصور بأنها لا تتحقق إلا إذا عاد زيد للحكومة ولم يقاطعها عمرو، أما اليوم فان المصالحة انتقلت إلى الشارع العراقي الذي بدأ يتحسس نتائج نجاحات الحكومة العراقية، ولذلك فان المصالحة منذ اليوم فصاعدا تتحقق بالانجاز وليس بالمفاوضات العقيمة التي لا زالت تجريها الحكومة مع هذا الطرف أو ذاك من دون طائل، فلقد بدا الفرقاء يشعرون بان عدم مشاركتهم في الحكومة سوف لن يعرقل عملها كما كان الحال في السابق.
بغداد، في؛
26 مايس (أيار) 2008
مع الشكر والتقدير سلفا
تحياتي