بثقافة الكراهية صنعنا دكتاتوريات جديدة
ان لحركة التاريخ تأثير على مجمل حياة الشعوب والاوطان سلباً او ايجاباً وحسب تلقي الحكومات والاحزاب السياسية العلمانية (من اقصى اليسار الى اقصى اليمين) والدينية الاصولية والمسيسة! آفاق التطور ومواكبة العلم والمعرفة وحب الحياة، نرى بعض الشعوب والمجتمعات وحكوماتها تستجيب لنداءات التجدد والاستفادة القصوى من تطور العلم باتجاه خدمة وسعادة الانسان، فنراها في مقدمة الدول التي تحترم كرامة الشخص البشري، وحقوق الانسان، كل انسان، ايماناً منها بالتعدد والتنوع وقبول الآخر وتؤمن وتطبق عملياً بتساوي الجميع امام القانون، ونقول عنها الدول المتقدمة والحضارية، ونتباهى نحن بتاريخنا كوننا اصحاب اول الحضارات التي ظهرت على وجه الارض، ونصيح بأعلى صوتنا في المحافل الدولية والمؤتمرات الاقليمية اننا اصحاب القوانين الاولى منها اورنمو وحمورابي، ونقول: ان اوربا وامريكا قد أخذت منا الحساب والفلك والعلوم الاخرى! وعندما يسمعون الينا ينظرون الينا بشفقة ويقولون في سرهم: ماذا دهاكم اذن؟ كنتم الاوائل كما تقولون فلماذا اصبحتم الاواخر؟ فتشوا عن السبب؟الأسباب
انه ليس سبب واحد بل عدة اسباب مجتمعة ادت الى لهاثنا وراء القطار السريع الذي يسير بسرعة عالية مسيطر عليها من قبل الدول المتقدمة بانسانيتها، وعندما يصل القطار في دورته التاريخية ويمر بديارنا، المفروض ان نصعد اليه ونتطلع الى ما يجري داخله من علوم واكتشافات وتطور! وعندما يريد شخصاً او مجموعة مجرد المحاولة يكون هناك تهم جاهزة من قبل "من لا يريدون ان يسطع النور القوي لانهم يخافون منه كي لا يكشفهم على حقيقتهم وخاصة القذارة التي حملوها طيلة عقود من الزمن! لذا نرى وضع العصى في دولاباته (عجلاته) بحيث نحاول ان نبطئ من سرعته ان لم نقدر عن ايقافه كلياً، وبعدها نولول بالغزو الغربي الصليبي والعدو الاستيطاني التوسعي ونصب جام غضبنا عليه بحجج موروثات وشرائع هي التي تعيق الالتحاق بحركة الحياة، عندها نفشل في تقديم اي حل لاي قضية مطروحة، منها القوميات والقومية العربية نموذجاً، وكذلك فرض الدين من خلال أحقية شعار (الاسلام هو المشرع الوحيد او هو الحل؟) اصولياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً، فهل يكون الخالق غير عادل وخاصة عندما ينبرى احدهم (وهم كثر طبعاً) عندما يقول: ان ديني هو أحسن الاديان!! ومذهبي هو الاوحد الذي يملك الحقيقة، مع العلم ان داخل المذهب هناك عدة خيوط تتقاطع في كثير من الاحيان، والمصيبة عندما يقدم شخصيته لنا انه بدرجة عالية من الثقافة وقبول الاخر ويتجه نحو اليسار! بل يدعي انه داخل اليسار! هذا نموذج حي لواقع حال ! كيف نتعامل مع التطوروالتقدم اذن؟، هل يدري انه يؤكد ان الرب غير عادل؟، لا بل نضيف انه يحاول ايقاف عجلة التاريخ ! ولكن عندما تبطئ من حركتها رغماً عنها، نراها قد انطلقت بأقصى سرعتها تاركة وراءها نجاستنا وضعفنا وتفرقتنا وخيانتنا وعندما نستفسر منهم عن السبب! يردون علينا انهم شموا عندنا رائحة الدم والموت التي هي بديل السكينة والامان والسلام، نعم ونحن جميعاً نعرف الاسباب ولكن نضع رؤوسنا بالرمال، ولكي نفيق من سباتنا بعد الوقت الضائع نقرأ الاسباب بموضوعية وشفافية عسى ولعل
1- تدريس وتعليم ثقافية الكراهية والقتل والموت في عقول الشباب والطلبة وحتى الاطفال من خلال مناهج دراسية خاصة وعامة، انها زرع ثقافة الموت وبعدها نشجب ونلبس السواد ونقول لماذا فجر الانتحاري نفسه وقتل مئات الابرياء؟ الم نصنعه بفكرنا وايدينا؟ لماذا نركض وراء القاعدة ودولة العراق الاسلامية! اليست افعالنا نفسها واقوالنا لا تتطابق مع الواقع؟! انظروا الى مواد التدريس الرسمية وغير الرسمية في مدارسنا!!؟؟ حان وقت تعليم وتدريس ثقافة الحياة والحب والا تتحول وقائعنا من اللون الرمادي الى الاسود
2- باليد اليمنى نصنع الدكتاتور وباليسرى نوقع على صك موت الديمقراطية! اليس تمجيدنا وتقديسنا لشخص ما ومهما كانت مرتبته الوظيفية السياسية ولقبه الديني هو صنع دكتاتور محلي – طائفي – مذهبي بامتياز خاص على الطريقة الديمقراطية الدينية!! او تأليهه – تمجيده وكأنه بلا اخطاء كانسان (نوصله الى مرتبة الله ونحن منحنين امامه) – تملق وتزلف الى حد (نعم سيدي انك دائما على حق – لا تلفظ كلام ليس في محله انه كلام لا يقبل النقاش او الخطأ – مولانا بس انت أؤمر(أأمر) ونحن ننفذ! الم يحن الوقت بعد ان نقول: نعم ولا!! وخاصة عن الدفاع عن الحقوق والكرامة الشخصية المهدورة والمسجونة تحت نير المقدس باسم الديمقراطية المفصلة على قياسات الدولار
3- عندما يفرض عليً شيئ غامض لا افهمه، اعمله وامارسه واطبقه وعيني مسدودة! لا ارى لا اسمع لا اتكلم! اذن من انا؟ "هل عرفت نفسك ايها الانسان – سقراط"، هنا طاعتي العمياء تعني انا كشخص لست حرالارادة وعقلي كما هو قد ساهمت في صنع ديكاتور جديد داخل (بيتي – منظمتي – حزبي – ديني – مذهبي – طائفتي) لانه حتماً سادافع واقول ان شرائعي وطقوسي وافكاري هي الوحيدة الاصوب الى الحقيقة، وفي كثير من الاحيان نقنع انفسنا والناس اننا نملك الحقيقة كل الحقيقة والاخرين الى حيث، ولا نقول الى جهنم لئلا يزعل الانتحاريون!
4- عندما نفرض اي فكر او ثقافة او مشروع او دين او مذهب بأسم الله، وخاصة نحن نعلم اننا امام عدة افكار وتواريخ واديان ومذاهب وطوائف ،،، وهنا يأتينا تفكير نود طرحه على الملأ: لماذا لم يخلق الله دين واحد ومذهب واحد وطائفة واحدة ليعيشوا بسلام؟ وعند التفكير اللاهوتي العميق توصلنا الى:
آ- من المؤكد انه سيكون هناك داخل الطائفة الواحدة والمذهب الواحد والدين الواحد والحزب الواحد والمنظمة الواحدة عدة اشخاص مؤهلين ليكونوا هم القادة! ايكون رجل الدين هو القائد؟ ام رجل السياسة المحنك؟ ام المثقف غير المسيس؟ ام هناك حكم رئاسي من ثلاثة او اربعة؟ ماذا ان اختلفوا؟ اذن داخل الواحد توجد الكثرة! فهل نحلها بالدم؟ ام بثقافة الحوار والوحدة
ب- هل ممكن ان نقول بعدها طيب ليكن كل المجتمع رجال دين؟ ومن دين واحد! الله اكبر! تخيلوا ماذا يحدث؟ واي واحد منهم يكون الزعيم؟ طبعاً لا نقول ان جميع سكان الارض يكونون من رجال الدين لاننا لا نتخيل حتى مجرد خيال كيف يكون الوضع! ربما الان تبتسمون لانكم تعرفون ما هو مصير البشرية حينذاك! اذن اليس كل شيئ نسبي من ضمنها الحقيقة كواقع
ج – نسير بالخيال العلمي ونقول: عندما يكون المجتمع من طائفة واحدة ومذهب واحد من دين واحد! وهذا ما يصبو اليه معظم المتزمتين والمتعصبين والتكفيريين اليوم بمختلف مشاربهم! وماذا بعد؟ هل نعود الى تطبيق فكر خاص ووحيد "فشل في قيادة نفسه" بدليل قتل اقرب الناس واولاد العم والعشائر والانتقام والثأر واحد من الاخر! فكيف نعيش اذن؟
حتى المذهب الواحد والطائفة الواحدة من دين واحدة غير متفقة ومنقسمة على نفسها! اذن ما العمل؟ هل نبقى ننزف مدة اخرى قرن كامل اخر او عدة قرون اخرى وبعدها تأتي اجيال اجيالنا وتقول لنفسها ولنا: هل حقاً كانوا آبائنا واجدادنا بهذه السذاجة؟
اذن الى التنوع والتعدد وقبول الاخر! لنترك المحاصصة المذهبية قبل الطائفية المقيتة، لنتجه نحو الانسان وكرامته، نعم فشلت الحلول التي تستند على الموت والقتل والثأر في سبيل الله! هكذا الله غير موجود البتة! الهنا هو اله (الحب واحترام الاخر وتساوي كرامته – اله العيش بسلام ووئام وطمأنينة – اله الافكار والتواريخ والحضارات والثقافات – اله الخصوصيات والعموم ايضاً – اله القانون وحقوق الانسان – اله الخير والحق والجمال)
لنركب قطار الامان والبسمة والفرحة والثياب البيضاء والمزركشة، ولنترك لبس السواد في الفكر والممارسة قبل الملابس! هذا الجيل يناديكم ويصرخ بوجوهكم ويقول: سنحاسبكم آبائي واجدادي على الفرصة التي ستضيعونها بصنعكم دكتاتوريات جديدة لنا ونحن لانريدها! لأننا سوف لا نقع بنفس الاخطاء وخاصة لا ندع الموتى يُقررون عنا!
09/09/09
shabasamir@yahoo.com