Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

بعد«الاسلام هو الحل» الدراما المصرية ترفع شعار «الحجاب هو الحل»

06/02/2006

القاهرة: «الشرق الأوسط»

بمجرد عودتها من أداء شعائر فريضة الحج، وقبل أن تفتح حقائب السفر لتوزع الهدايا على الأهل والأحبة كما اعتادت في رحلات الحج والعمرة السابقة التي لا يعرف عددها منذ أن ارتدت الحجاب عام 1994، تلقت الفنانة عفاف شعيب سيلاً من الاتصالات تطالبها بالاستعداد للبدء في تصوير مسلسلها الجديد «القاهرة 2000» وهو أول مسلسل اجتماعي تقوم ببطولته بعد سلسلة من الأعمال الدينية التي اختارتها على سبيل التحديد لأنها الأكثر مناسبة لظروفها ومعتقداتها، وكان آخرها مسلسل «الإمام محمد عبده» الذي شاركها بطولته الفنان أحمد عبد العزيز وأخرجه شكري أبو عميرة، وسبقه دورها في مسلسل «الشعراوي»، حيث أدت دور زوجته، وكذلك وقوفها على خشبة المسرح قبل ثلاث سنوات لتؤدي دور «رابعة العدوية» لصالح قطاع الفنون الشعبية، وانتهى العرض بمشكلة مع رئيس القطاع وقتها د. حمدي الجابري وصلت إلى أقسام الشرطة والمحاكم، وحصلت على حكم ضده بالحبس، تعذر تنفيذه بعد تركه للقطاع وسفره للتدريس في جامعات الكويت. تعود عفاف شعيب إذن إلى الدراما الاجتماعية التي لمعت من خلالها قبل سنوات الاعتزال والحجاب، وما زال جمهور الدراما يذكر لها دوريها في «الشهد والدموع» و«رأفت الهجان».

العودة إلى الدراما الاجتماعية هذه المرة مختلفة، ليس فقط لأن عفاف شعيب ستؤدي أدوارها بالحجاب، وإنما لأن هناك شروطا أخرى تفرضها وتصر عليها، أهمها وأخطرها أن يكون الدور الذي تؤديه أقرب إلى المثالية، فلا يصح من وجهة نظرها أن تذهب امرأة محجبة وملتزمة إلى ملهى ليلي، أو مكان لا يتناسب مع الحجاب.

وبررت عفاف شروطها لـ «الشرق الأوسط» قائلة: «في بداية تجربتي مع الحجاب ثم عودتي للتمثيل كنت متشددة جداً، وعندي قناعة بعدم التمثيل إلا في الأعمال الدينية فقط، ولكن عندما بدأت أقرأ في الدين وجدت أنه يسر، والأمر لا يحتاج إلى كل هذا التشدد، واطمأن قلبي بعد لقاء جمعني بالشيخ عطية صقر عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، الذي شجعني على قبول التمثيل في الأعمال الاجتماعية وأن أظهر فيها بالحجاب، وأن أقدم نماذج مشرفة للمرأة المسلمة، وأبدى إعجابه بدوري في مسلسل الشعراوي».

وفي الفترة الأخيرة تلقيت نحو 20 سيناريو لمسلسلات تلفزيونية رفضتها جميعاً لأن مخرجي بعضها طلبوا مني إظهار جزء من مقدمة شعري وهو ما رفضته، كما أن أغلبها كان رديئاً على مستوى الكتابة وخالياً من الفكر والمضمون.

وأعتقد أن أزمة الدراما المصرية الآن تتلخص في كلمة واحدة اسمها «الورق»، فالجيل الجديد من المؤلفين محدود الثقافة والفكر، ويظهر ذلك بشكل أوضح في السينما، الأفلام الشبابية الموجودة في السوق عبارة عن «نكتة» تسمعها مرة واحدة، فإذا خرجت من دور العرض لا تتذكر منها شيئاً، على العكس من الأفلام التي قدمها جيلنا، فقد كان لها هدف وموضوع وقضية وليس مجرد ضحك على الذقون. وتتوقع عفاف شعيب أن تكون شخصية المرأة المحجبة شخصية مسيطرة ومؤثرة في الدراما التلفزيونية، لتعوض فترة غيابها الطويل، أو بالأدق تجاهل المؤلفين لها رغم حضورها البارز في الشارع المصري.

والحق إن هذه الشروط والأفكار لا تخص عفاف شعيب وحدها، بل يبدو أنها ستتحول إلى «مانفيستو» تسير عليه الفنانات العائدات من الاعتزال، بل والفنانين الملتزمين وعلى رأسهم حسن يوسف الذي كان قد أثار أزمة أثناء تصوير مسلسله الأخير «عواصف النساء» الذي شاركته بطولته المذيعة الفنانة نجوى إبراهيم، حينما اعترض على تمثيل مشاهد في السيناريو يتزوج فيها نجوى إبراهيم عرفياً، وكان الرفض لأسباب دينية وليست درامية، وتمسك بموقفه بعد أن استشار عدداً من رجال الدين أكدوا له أنه بتمثيله هذه المشاهدة إنما يرتكب اثماً لأنه يشجع على زواج هو أقرب للزنى، وبالفعل قام مؤلف المسلسل محمد الغيطي بتعديلات في السيناريو لتلافي هذه الأزمة التي كانت قد أوقفت التصوير.

الأمر نفسه يتجدد مع الفنانة المحجبة سهير البابلي التي عادت إلى التمثيل بعد احتجاب طويل، واختارت أن تعود من خلال الدراما التلفزيونية عبر مسلسل «قلب حبيبة» الذي تقوم بتصويره الآن مع المخرج خيري بشارة. سهير البابلي ترى أنه لا بد من إنصاف المرأة المحجبة درامياً، ذلك أن 95% من نساء مصر الآن محجبات، وهي ظاهرة في رأيها تدعو إلى الارتياح، وتدل على صحوة دينية في الشارع المصري، ومن ثم يجب أن تنتقل هذه الصحوة إلى الدراما، بتقديم نماذج طيبة من المرأة المسلمة المحجبة.

وتقول إنها اختارت الدراما الاجتماعية وليست الدينية للعودة لأن الأولى هي الأكثر تأثيراً في الجمهور، والأكثر شعبية ومشاهدة، ويمكن من خلالها توصيل مفاهيم ومعان أخلاقية وإنسانية طيبة.

وكانت كواليس مسلسل «قلب حبيبة» الذي يجري تصويره في استديوهات مدينة الإنتاج الإعلامي بالقاهرة قد شهدت ظاهرة جديدة من توابع غزو الفنانات المحجبات للدراما، بوقف التصوير في مواعيد الصلاة، حتى تتمكن سهير البابلي من أدائها في مواعيدها، وهو أمر قبله خيري بشارة، حتى ينتهي بسلام من التصوير، مدركاً بذكاء أن عليه أن يلبي كافة طلبات نجمته التي سيكون ظهورها على الشاشة من جديد حدثاً جاذباً للجمهور وعاملاً أساسياً في نجاح مسلسله.

وبنفس الشروط: الحجاب الكامل، والابتعاد عن المشاهد المخلة، وأن يكون العمل أخلاقياً مثالياً له هدف ومضمون، تعود فنانة أخرى هي عبير صبري، التي كانت قد ارتدت الحجاب قبل نحو 4 سنوات إثر وفاة شقيقها، وكانت عودتها بالتدريج من خلال برنامج تلفزيوني اجتماعي ذي صبغة دينية قدمته على شاشة قناة «اقرأ» بعنوان «لون حياتك»، مكتفية به وبمقال أسبوعي تكتبه في إحدى الصحف المصرية المستقلة، ولكن يبدو أن حنين الأضواء الغامرة كانت له الغلبة، فبدأت عبير تستعد للعودة بشكل أكثر كثافة من خلال تصوير برنامج مسابقات عادي يحمل اسم «بيت العز» استعانت على إخراجه بمخرج إنجليزي متخصص في هذا النوع من البرامج هو روب بانوكي، وذلك كخطوة مبدئية قبل رجوعها للتمثيل، وقالت لـ «الشرق الأوسط»: إنها تبحث الآن عن مسلسل تلفزيوني اجتماعي تتحقق فيه شروطها، وتلقت بالفعل أكثر من سيناريو، ولم تستقر بعد على مسلسل العودة.

وفي الطريق أيضاً نجمة أخرى هي سهير رمزي، التي كانت قد وافقت على بطولة مسلسل ديني تاريخي اسمه «سيدة البربر» يحكي عن دخول الإسلام إلى منطقة المغرب العربي، لكنها تراجعت عن الفكرة، وفضلت أن تكون العودة من خلال مسلسل اجتماعي عصري خوفاً ألا يتقبلها الجمهور الذي اعتادها في أفلامها السينمائية الخفيفة وفي أدوارها البسيطة. سهير رمزي تقرأ الآن سيناريو لمسلسل تلفزيوني اجتماعي، طلبت فيه تعديلات قبل أن توقع عقد بطولته. سهير رمزي سبقتها زميلة أخرى معتزلة إلى الأدوار الاجتماعية هي الفنانة منى عبد الغني، التي لفتت إليها الأنظار في رمضان الماضي بدورها في مسلسل «أنا وهؤلاء» مع الفنان محمد صبحي، في دور الأم المثالية المضحية، وهو دور يتفق مع الحجاب الذي ارتدته منذ سنوات.

تلك الظاهرة لا بد انها أثارت الانتباه في الوسط الفني، والخوف عند بعض النقاد والمؤلفين، وهو ما يعبر عنه الدكتور رفيق الصبان حين يقول: «أخشى أن تتحول هذه الشروط إلى وصاية على الإبداع، لأن الفن لا يمكن تقييمه أخلاقياً، والمثالية الكاملة غير موجودة، ولا بد أن تعبر الدراما عن الحياة بخيرها وشرها، والحجاب ليس هو الشرط الوحيد لالتزام المرأة، ولا ينبغي أن يكون قيداً على المؤلفين».

على أية حال يبدو أن شعار «الإسلام هو الحل» لن يقتصر على جماعة الإخوان المسلمين، التي رفعته في الانتخابات التشريعية الأخيرة في مصر، وحصدت به 88 من مقاعد البرلمان، لكنه سيمتد إلى الدراما المصرية أيضاً، وسيكون شعار مسلسلات قادمة «الحجاب هو الحل». Opinions