Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

بعض الحلول لأزمة المجهول !

تتفاعل أزمة تشكيل الحكومة العراقية يوما ً بعد الآخر و تزداد تعقيدا ً كلما طالت مدة التفاوض بشأن تشكيلها. و قد حاولت أطراف عدة الإدلاء بدلوها في إطار إيجاد حل مناسب لجميع الأطراف . ففي حين دعى البعض إلى تقاسم الفترة الزمنية لرئاسة الوزراء بين كل من السيد نوري المالكي و الدكتور أياد علاوي دعى البعض الآخر إلى تشكيل مجلس للحكم جديد يضم ممثلين عن القوائم الفائزة في هذه الانتخابات. و في الوقت الذي يتعنت فيه كل طرف بموقفه و يحتج على الآخر بتفسير معين للدستور يتناسب و رغبته للحصول على حقيبة رئاسة الوزراء فإن البلاد على عتبة منعطف جديد أقله تدخل أممي لحسم الخلاف.



و قبيل أن يكون اللجوء إلى الخارج حلا ً لمشكلات الداخل تجري مفاوضات اللحظة الأخيرة للإبقاء على العملية السياسية في العراق على قيد الحياة. و قد يكون من المفيد بمكان الاستماع إلى كل الافكار الإيجابية المطروحة على الساحة بعيدا ً عن التشنج السياسي آخذين بالاعتبار حسن النوايا السياسية لهذه الأطراف.

و من خلال الحديث إلى عدد من المفكرين و السياسيين العراقيين يتبين بأن الرغبة في إيجاد حل لهذه الأزمة موجودة و لكنها تصطدم ببعض التصريحات التي تخرج بين الفينة و الأخرى للضغط على حزب معين من جهة أو لتلميع صورة كيان سياسي من جهة أخرى. و تبدو الصورة أوضح عندما تتحدث مباشرة إلى من يشارك في هذه العملية السياسية و تتفهم منهم وجهة نظرهم و مخاوف كل طرف من تجربته مع الأطراف الأخرى. و تكتشف عندها بأن الأزمة الحقيقية في عراق اليوم هي أزمة ثقة متبادلة.



و أحاول اليوم أن أطرح جملة من الحلول التي استقيتها من نقاشات سياسية جرت و ما تزال مع أطراف سياسية في العراق و خارجه. هذه الحلول أو الأفكار تعتمد على مبدأين مهمين هما:

أولا ً- الدستور: فعلى الرغم من اختلاف التفسير المتعلق بالكتلة الفائزة و العديد من الثغرات الأخرى التي يتفق من اجتمع على كتابته على وجودها إلا أنه يرسم الخطوط العريضة لحركة السياسة العراقية و تشريعاتها.

ثانيا ً- وجهات النظر السياسية و مخاوف كل طرف من الطرف الآخر. فالحوار السياسي الذي يجري اليوم يفتقد إلى الطرف الذي يجمع جميع الافكار و يقولبها في بوتقة العراق الواحد الذي يجمع كل المشاركين في العملية السياسية.

و قد يكون أيا ً من هذه الأفكار التي نحاول طرحها مرفوضا ً من جميع الأطراف موضوع الخلاف إلا أنه بكل تأكيد سيكون مفيدا ً جدا ً لبناء أفكار أخرى أكثر قربا ً من هذا الكيان أو ذاك الإئتلاف. و هي بالتأكيد ليست أشد وقعا ً من المحاصصة التي تحكم عراق اليوم و يخالفها كل من شارك في وضعها و صياغتها. لكنها بالتأكيد تراعي هذا الواقع المرير للسياسة في العراق و تحاول إخراج البلاد من نفق مظلم يسير بالبلاد إلى نهاية غير معلومة النتائج.



الاقتراح الأول لحل أزمة رئاسة الوزراء يعتمد على احتساب نتائج الكتل الفائزة في الانتخابات كمصدر لاختيار القائمة المكلفة برئاسة الوزراء و لكنه لا يمنح الحرية المطلقة لهذه الكتلة الفائزة. فالقائمة العراقية التي يرأسها الدكتور أياد علاوي تحصل على منصب رئيس الوزراء و ست وزارات من بينها وزارة سيادية واحدة . في حين يحصل إئتلاف دولة القانون برئاسة السيد نوري المالكي على منصبي نائب رئيس الجمهورية و منصب نائب رئيس الوزراء و عشرة وزارات من بينها حقيبة سيادية واحدة. أما الإئتلاف الوطني العراقي فيحصل على منصب نائب رئيس الوزراء و ست وزارات من بينها وزارة سيادية واحدة.

و يحتفظ التحالف الكردي برئاسة الجمهورية و ست وزارات من بينها وزارة سيادية واحدة. في حين يبقى ثمانية وزارات من بينها وزارة سيادية واحدة توزع على الكتل الأخرى الفائزة.

ويضاف إلى هذا التوزيع الوزاري جملة من الشروط أهمها تمتع كل من نواب رئيس الجمهورية و رئيس الوزراء بصلاحيات أكبر تخولهم وضع فيتو على بعض القرارات بعد أخذ موافقة المجلس الأمني الموجود حاليا ً في العراق.



أما الاقتراح الثاني و هو ايضا ً مبني على مبدأي الدستور و الثقة المتبادلة فإنه جديد من نوعه و يراعي اختلاف التفسير الدستوري من قبل كل من القائمة العراقية و دولة القانون. و هو يعطي حقيبة رئاسة الوزراء إلى كل من الإئتلافين مع مراعاة حق الكتل الأخرى. فبدلا ً من توزيع الفترة الزمنية لرئاسة الوزراء بين العراقية و دولة القانون يشارك كل منهما في هذه الحقيبة لكن بدور محدود لكل منهما على حدى. بحيث يكون السيد نوري المالكي رئيس وزراء لشؤون الداخلية و النفط و يكون السيد أياد علاوي رئيس وزراء لشؤون الخارجية و الدفاع. أما التحالف الكردي فيحتفظ بمنصب رئيس الجمهورية و نائب رئيس الوزراء ، و يحصل الإئتلاف الوطني العراق على وزارة المالية و نائب رئيس الجمهورية ( مع إعطاء صلاحيات أوسع لنائبي رئيس الجمهورية و رئيسي الوزراء). و قد يكون هذا الحل معقدا ً من حيث المضمون لكنه يمكن أن يكون عمليا ً لو تم إسناده بعدد من الفقرات القانونية التي تؤطر عمله و تمنع تعطيل كل جهة لعمل الجهة الأخرى. كموافقة مجمل الوزراء على القرارات المتخذة و إعطاء رئيس الجمهورية الحق في إضافة صوته لفض النزاع المحتمل بين رئيسي الوزراء.



و يبقى القرار الحاسم بيد هؤلاء الذين يعبرون عن رغبتهم في حل هذه الأزمة و إخراج العراق من مأزق يتبعه أزمات. و الغريب أنك تجد لدى حديثك مع معظم هؤلاء السياسيين أنهم جادون في إنقاذ العملية السياسية مما هي عليه اليوم و حتى أنني التقيت بعدد من المسؤولين العراقيين و العرب الذين عبّروا لي عن أملهم في حل قريب يرضي جميع الأطراف لكنهم كلما اقتربوا إلى صيغة مشتركة برزت أزمة الثقة مجددا ً على السطح و خاصة ً و أن لدى كل طرف تجارب سابقة مع الطرف الآخر.



و لا نخفي سرا ً إذا قلنا بأن رغبة الدول الإقليمية في المعادلة السياسية العراقية تشكل عامل ضغط آخر على جميع الأطراف المشاركة. فالعراق لا يعيش بمفرده في هذه المنطقة . و قد ذكر لي احد السياسيين العرب بأن (العراق هاجس يقض مضاجعنا ، فاستقراره علامة استفهام كبيرة و نحن لا نريد أن نتحالف مع المجهول). إذا ً فالقضية لم تعد مجرد تدخل لغرض التدخل بل هي مخاوف حقيقية من مستقبل العراق الذي صرنا حتى نحن العراقيين نجهل بوصلته على مدى سنوات من الزمن.

Sadekalrikaby@gmail.com


Opinions