Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

بلدة بـرطلـّه تطالب بإحترام خصوصياتها

إلى السيّد محافظ نينوى المحترم
إلى السادة رئيس و أعضاء مجلس محافظة نينوى المحترمين
السيد قائمقام برطلة المحترم
الأستاذ حنين قدو عضو المجلس البرلماني المحترم ممثلا عن الشبك
الأستاذ يونادم كنا عضوالمجلس البرلماني المحترم ممثلا عن الكلدواشوريين السريان

تحيّه طيّبه وبعــــــد :

برطلة يا سادتي هو أسم لبلدة عراقية عريقه, وهي كلمة سريانية تعددت تفاسير معناها , فيهم القائل بأنها تعني بر/ طللا أي ابن الظل أو خلف الظل , وأخر يعيد الأسم الى اصله السرياني بيث/ طليي اي بيت الأطفال , إنها من البلدات العراقية العريقة ألتي سكنها أهلها منذ قرون ما قبل الميلاد ,وهم معروفون كونهم من الكلدواشوريين السريان .
تقع هذه البلدة السهلية و الجميلة بأهلها المسالمين عشرون كم شرق مدينة نينوى على الطريق المؤدية إلى مدينة أربيل مرورا بالبلدتين قرقوش وكرمليس اللتان يسكنهما نفس المكوّن الكلدواشوري السرياني المسيحي.

تؤكد العديد من المصادر والأسفار إلى أن بلدة برطله وأهاليها قد أصابهم من القهر والظلم جراء ما عمّ البلاد ليس فقط في عهدنا المعاصر هذا , بل يمتد ذلك بعيدا منذ عهود الغزوات والفتوحات .
في خضم التغييرالحاصل في العراق ما بعد عام 2003, وما يجري في الساحة بعد سقوط النظام الحاكم في بغداد ,لابد أن يكون لأهالي هذه البلدة أيضا تطلعاتهم في العيش الرغيد حالهم حال العراقيين جميعا, يطمح هؤلاء الناس الطيبين الى عيش هادئ في بلدتهم التاريخية تحت ظل نظام وطني وديمقراطي يحترم هويتهم و يصون خصوصياتهم التي أهدرتها العقود العجاف المنصرمة ,ومن ضمن ما يترقبونه من الوضع الجديد , هو إهتمام دولة وحكومةالعراق الجديد في إعادة الأمور إلى نصابها و إستعادة ما تم إستلابه من حقوق وممتلكات هذه البلدة أيام حكم الأنظمة التي كانت تقرر حسبما تمليه عليها مصلحة حاكميها وأحزابهم دون الأخذ بنظر الإعتبار علاقات الناس و ضرورات ديمومة التعايش بألفة ومحبة.

سادتي المسؤولين:

إنّ سجلات هذه البلدة وهكذا أرشيف دوائر محافظة نينوى تؤكد بأن آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية العائدة لأهالي برطلة قد تم إطفائها من قبل دوائر حكومة النظام السابق وقامت بتوزيعها حسب مشيئة القائمين ومصالحهم الحزبية آنذاك, مما تسبب في تغيير واضح لديموغرافية المنطقة , علاوة على أن تلك الاراضي كانت تشكل مصدرا أساسيا لعيش وزرق أهاليها و هكذا للمناطق المحاذية لها .

بعد التغيير الذي حصل في العراق عام 2003 ,ما يحصل بحق هذه البلدة وساكنيها الأصليين لهو أمر يؤسف له حقا, حيث يلاحظ أن ضمن ما تحويه صفحة الصراعات الإثنية والدينية القائمة في عراق اليوم ما بين محاولات معالجة مظلمةالتعريب والتغيير الديموغرافي التي مارسها النظام السابق وبين محاولات التشيييع والتكريد والتسنين التي إبتلى بها بلدنا اليوم , تشهد برطلة وهكذا البلدات المسماة بالمناطق المتنازع عليها, تجاذبات خطيرة تدار من قبل أطراف سياسية سخرّت جهودها في محاولة تغليب مصالحها السياسية التحزبية و ضاربة ً بعرض الحائط كل علاقات الجيرة التاريخية بين مكونات هذه البلدات, لذلك فإن أهالي بلدة برطلة ونحن معهم نناشد ونطالب كل الخيرين من المسؤولين المحترمين أن ينتبهوا إلى ما يجري ويبحثوا ويتدارسوا سبل معالجة الأزمات القائمة والمصطنعه تحاشيا من خلق المزيد منها ثم تركها أوراقا بيد الساسة لتصعيد وإستباحة الصراعات ما بين الجيران الذين عاشوا قرونا وعقود متحابين متكاتفين .

الملفت للإنتباه يا سادتي هو أنه بدلا من التركيز على أهمية إستعادة تلك الأراضي التي تم إطفائها في السابق وإرجاعها لأهلها, تؤكد المعلومات المنشورة والمسموعة بأن المحاولات جارية الآن أيضا لتوزيع أغلب ما تبقى من تلك الأراضي الى الإخوة الشبك و لعوائل الشهداء السياسيين مقابل عدد قليل جدا منها لأهالي برطلة الأصليين من ابناء شعبنا , إن لهذه الممارسة خطورتها التي يعرفها الإخوة المسؤولون قبل أن نتكلم نحن عنها و التي تستوجب عليهم التوقف عندها قليلا خاصة ونحن في ظرف الجميع بأمس الحاجة إلى تهدئة الأمور وتسوية ما حصل من إجحاف بحق أهالي البلدة في السابق , كما نرجو الإنتباه إلى أن ظاهرة خلافات السياسيين وإستشرائها لحد إنتقالها الى أوساط المواطينين لتعبث بينهم لا سامح الله هي مسالة في غاية الخطورة , خاصة وبلدنا العراق كما نرى يمر في مرحلة تتطلب منا التكاتف من أجل تجاوز هذه المرحلة العصيبة , حيث هناك من يريد نقل هذه المشاحنات من ظلمة غرف ساسة الطوائف والمذاهب إلى أروقة و أوساط الناس الطيبة التي عاشت بجيرة وعلاقات تحابب ومودة مدى عقود طويلة .

أن مسألة بناء جامع أو حسينية في اية بلدة مسيحية في حال إستوجب الأمر, هي بلا شك أمر طبيعي حين يحصل ذلك في أجواء وظروف طبيعية تسودها المودة والأخاء كما هو حال أية مدينة أوربية أو أمريكية والأسباب معروفة وهي متعلقة بوعي الناس و دور الدستورالوطني الحقيقي و سلطة القانون في ضمان حقوق الإنسان ومعتقده,لكننا حين نتكلم الآن وبلدنا يرضخ تحت تجاذبات سياسية عقيمة, عن إثارة موضوعة فرض بناء مسجد في القوش مثلا لمجرد أن هناك نصا في الدستور يسمح بذلك, أو بناء حسينية في برطلة, أو توزيع اراضيها لغير أهلها وفي هذا الظرف الحرج بالذات, إضافة إلى الصورة المخيفة التي رسختها في عقول أهلنا مسألة كركوك ومشاكلها التي تزيدها نصوص الدستور المتضمنة تحديد عرقيات و إثنيات مدن كي تضم الى كيانات, نكون في تصرفنا هذا كمن يصب الزيت على النار الملتهبة .

إن مثل هذه المساعي ونحن نعيش اليوم صراعات متشابكة مطلوب تخفيف حدتها وليس العكس, تثير العديد من الشكوك , يفترض بمسؤولينا المحترمين المتربعين على سدة الحكم في بغداد وهكذا في محافظة نينوى أن يأخذوا المسألة على محمل الجد ليجدوا لها الحلول الأكثر منطقية وأكثر قبولا بين الناس في مثل هذا الظرف الإستثنائي .

على سبيل مثال, ما بالكم حين الإستعانة بنص من دستور مليئ بالألغام بحيث يبادر البعض اليوم إلى إنتقاء نص من نصوصه المعتبره قنابل موقوته ويتخذها مبرر يسمح له ببناء مسجد أو فرض منصب وظيفي أو إستحواذ قطعة ارض في مكان تسكنه إثنية وديانة مغايرة, هذا العمل يا سادتنا المسؤولين الكرام في هذا الوقت تحديدا من شأنه أن يزيد من إثارة النعرات ويصعّد من حدة التوتر الإجتماعي , ولا أعتقد بأن هذه من مهام دعاة بناء عراق ديمقراطي مزدهر, ففي برطلة لا يتواجد أكثر من 75 عائلة مسلمة شيعية , وهي أساسا قد وفدت الى البلدة حديثا بفعل حصولهم على أراضي هي ملك أهالي برطلة الاصليين , إذن في الأمر خلل مركب سببه تراكمات أخطاء سابقة ليس إنصافا أن نزيد منها , ولا بد من معالجتها بالشكل الإنساني المعقول .

لذلك وأزاء تصاعد رغبة الناس في العيش و التقرب أكثر الى ما هو حضاري ومتحضر كطموح يجدونه في العيش في بلدات عامرة ومستقرة كبرطلة , يفترض بالمسؤولين ومن أجل حل مثل هذه المشاكل الذهاب إلى ما هو الأفضل والأسلم , كأن يتم على سبيل المثال وعلى مستوى مجلس محافظة نينوى إجراء دراسات و طرح بدائل حضارية تعكس الأمل والطمأنينة في النفوس وتبعدها عن ساحة الصراعات السياسية الحزبية, فمثلا , لماذا لا يتم التأكيد على طرح خطط مشاريع لدراسة فكرة تطوير القرى الشبكية وهكذا اليزيدية و جعل بعض هذه القرى الكبيرة وحدات إدارية كأن تكون ناحية أو قضاء ثم تربط بها القرى الأخرى لتخفيف الثقل إداريا على البلدات الكبيرة و لكي تسهل عملية تقديم الخدمات لها وتوفير كافة مستلزمات العيش والعمل و ممارسة العبادة بحرية.
مسألة أخرى يكثر الحديث عنها شعبيا في بلدة برطلة , ألا وهي ظاهرة إستقدام رؤوس أموال من خارج برطلة باتت تهيمن على إقتصاد البلدة من خلال إرتفاع إيجارات المحلات التجارية العائدة لبلدية برطلة , حيث هناك مجموعات و بتمويل من جهات معروفة تسببّت في رفع هذه الإيجارات كي يصل إيجار المحل الواحد تسعة ملايين دينار سنويا , والحديث يدور عن أن جهة التمويل المالي هي المجلس الإسلامي الأعلى الشيعي.

أمّا ظاهرة الإستحواذ على إدارة الدوائر في ناحية برطلّة , فهي الأخرى تلفت الإنتباه كون الذين يجلسون على كراسي إدارة البلدة هم ليسوا من أهالي برطلة , فمثلا مدير الناحية وهكذا مدير دائرة الكهرباء ومدير الماء والمجاري ومدير النفوس, ومدير البلدية ومديرر الشرطة, كل هذه المناصب الإدارية يشغلها أناس غرباء عن البلدة وليس أهلها وساكنيها الاصليين , إذن هذه كلها دلائل دامغة بأن ما يدور في البلدة هو ليس أمرا طبيعيا ولابد للمسؤولين ان يتابعوا هذه الظاهرة ويجدوا لها الحلول السليمة من دون أن يقع اي ظلم بحق اي طرف.
في الإختتام, نناشد ونتمنى على السيّد محافظ نينوى ومجلس المحافظة وهكذا الاساتذة يونادم كنة وحنين قدو وقائمقام برطلة المحترمون, نناشدهم بضرورة التباحث من أجل إيجاد الحلول الوطنية والإنسانية الناجعة لمثل هذه الإشكالات ومن أجل الحفاظ على جمالية النسيج العراقي كي تبقى العلاقات حميمة كما كانت وأكثر, أمّا في فسح المجال لإستغلالها من قبل أطراف سياسية وحزبية ففي ذلك خطر كبير ليس فقط على برطلة, بل على عموم مناطق وأهالي محافظة نينوى وتوابعها الإدارية.
نشكركم مقدما فيما ستفعلونه من صالح ٍ لأجل العراقيين جميعا ,متمنين لكم الموفقية والنجاح.

ثامــــــر توسا



Opinions