Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

تحالفات خدمة ام ائتلافات سلطة

افرزت نتائج انتخابات مجالس المحافظات الاولية والنهائية جملة من القوائم الفائزة التي راحت تفصح بشكل مباشر عن رغبتها بالتحالف داخل المجالس الجديدة . وتأتي اهمية الموضوع من دراسة التحالفات السياسية السابقة على الساحة العراقية والتي تشكلت منذ التاسع من نيسان والى اليوم واسباب فشل اغلبها المتمثل في اولوية الوصول للسلطة والبقاء فيها لاطول فترة ممكنة ، وان كان ذلك على حساب مبادئها وثوابتها ( او حتى المصلحة الوطنية ) ، على اعتبار ان اصوات الناخبين غنيمة للفائز واستحقاق انتخابي لا يمكن التنازل عنه او التفريط به .

واذا كان التحالف يعد آلية او اتفاقية ترمي الى اجراءات تقود للربط الرسمي بين كيانين مستقلين او اكثر طبقا لاهداف مشتركة ومصالح متماثلة لضمان البقاء في السلطة او المحافظة على النظام السياسي . فأن تأريخ التحالفات السياسية ومبرراتها واشكالها المستندة على الاغراض التي تقام من اجلها تختلف بأختلاف المحفز او القوة الدافعة والموجهة لها ، فقد تكون وسيلة للحماية من التهديد الذي يمثله تيار او افكار حزب آخر على الساحة او وجود تشابه لدى مجموعة من الاحزاب على خلفية مذهبية او عرقية او آيدلوجية .

وفي مقابل التحالفات السياسية وبنائها ، هناك الجانب النظري لعملية التجزؤ والتشظي والتفكك السياسي ، والتي حدثت على سبيل المثال في العراق في الفترة القريبة الماضية ( مثلا الائتلاف العراقي وجبهة التوافق ) وذلك ما يمكن ان نعرفه بأنه تشطير كيان سياسي كبير الى وحدات سياسية صغيرة ومتجانسة تشترك مع بعضها البعض في صفات اكثر من غيرها ، او انها انفصام وانفصال مؤقت يحدث في تكتل حديث التأسيس . اما عن اسبابه في العراق فتعود الى :



1. ان معظم هذه التحالفات كانت وقتية ومرحلية وليست ستراتيجية ، بل كانت ناتجة عن ردود افعال لظروف امنية وصراعات مذهبية معينة تارة ، وخوفا من ترسبات الماضي تارة اخرى .

2. اقتصارها على النخب السياسية الحاكمة مما جعلها عرضة للنزاعات الداخلية وصراعات الزعامة والقيادة السياسية بعيدا عن هموم المواطن ومشاكله .

3. ظلت المشاركة الشعبية فيها محدودة للغاية ، وهي التي كانت ستشكل اداة حماية وصمام امان لاستمراريتها ان وجدت .

4. ان معظم هذه التحالفات كانت تفتقد عنصر التكافؤ بين الاطراف المشكلة لها ، مما يفقدها الوسائل الضامنة لتحقيق الاستمرار ( منها جبهة التوافق وسيطرة احد مكوناتها عليها والغاء دور مكوناتها الاخرى ومنذ اللحظة الاولى لتأسيسها حيث سيطر على 25 مقعدا برلمانيا من اصل ال 44 التي منحت للجبهة ) .

5. يبقى دور العامل الخارجي وتدخلاته كأحد عوائق نجاح واستمرارية تلك التحالفات .



وقد لا تعني الاسباب اعلاه سقوط تلك التحالفات او تلاشيها نهائيا ، بل يمكن ان تكون عملية انقطاع مؤقت في العلاقات ، وهو ما يجب ان نبني عليه الحديث حول التحالفات التي من الممكن ان تنشأ بين الفائزين في انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة . وعلى الشكل التالي :

· دولة القانون + تيار الاحرار ، واصلهم ائتلاف عراقي .

· دولة القانون + شهيد المحراب ، واصلهم ائتلاف عراقي .

· الاصلاح الوطني + تيار الاحرار ، واصلهم ائتلاف عراقي ايضا .

· دولة القانون + تيار الاحرار + شهيد المحراب ، الائتلاف العراقي الموحد .

· الحزب الاسلامي + شهيد المحراب + دولة القانون ، واصلهم جزء من التحالف الرباعي ) .



ان رؤية موضوعية لمستقبل التوجهات السياسية خصوصا وان النتائج النهائية للانتخابات اظهرت مؤشرا ايجابيا ، وان كان نسبيا لبعض القوى العلمانية والشخصيات المستقلة مع استثناء محافظة الموصل التي اكتسحت فيها قائمة الحدباء المحلية النتائج والتي كان احد الاسباب وراء ذلك خلفية الصراع والدافع القومي ، يؤكد وجود تجارب ومحاولات عديدة وثرية للتحالف رغم التنوع في الاتجاهات والايدلوجيات والتوجهات ، ما يعني ان هناك ارضية متينة لاستمرارها وتغير اتجاهاتها بشكل مستمر ومفاجيء احيانا على مبدأ " لا ثوابت في السياسة وانما مصالح ومتغيرات " . ولكن تبقى تلك التحالفات عرضة الى اشكالات عديدة تحول دون قيامها احيانا او استمرارها لمدة زمنية اطول ، منها :

· غياب قانون الاحزاب السياسية المنظم للحياة الحزبية ، من الناحية الداخلية والخارجية ومصادر التمويل ، ضمن مبدأ الشفافية مع الاطراف المتحالفة .

· طغيان الصراع الداخلي (السلطة ) على المصالح المشتركة .

· غياب المشاركة الشعبية .

· ضعف مشاريع الاصلاح السياسي او اختفاءها .

· غياب او تلاشي التجديد بل استمرار النمط مما يعني نهاية التحالف ان آجلا ام عاجلا .



وهنا يطرح السؤال التالي نفسه ، مع كثرة الحديث عن التحالفات داخل مجالس المحافظات الجديدة وبين القوى الفائزة في الانتخابات هذه الايام ، كيف نبني تحالفات حقيقية تخدم الوطن والمواطن ؟

ان رؤية المتحالفين التي تضع نصب عينيها :

1. تكريس مفهوم المواطنة .

2. تعزيز المشاركة الشعبية والتأكيد على دورها في استمرار التحالفات السياسية وتعزيزها ومنحها ديمومة الحياة والتجدد .

3. اعطاء المصالح المشتركة بين الكيانات الحزبية المنضوية البعد الاكبر من ادوات التحالف .

4. التفكير في صياغة آليات تحالف جديدة داخل الحزب او الكيان الواحد تقوم على الانفتاح وفسح المجال لجميع اعضاءه بطريقة اكثر ديمقراطية ، ثم الانطلاق منها للكيانات الاخرى كأولوية في تحقيق مصالح مشتركة واهداف وطنية عليا .

5. الخروج من آليات الديكتاتورية التي تمارسها الاحزاب في انظمتها الداخلية وتحاول عكسها على الكيانات التي تشاركها في التحالفات .

6. التأكيد على عنصر التكافؤ بين الاطراف المشكلة للتحالف وتضييق هوة التباين وتوفير الوسائل الضامنة لتحقيق الاستمرار الاطول .

7. الحد من المؤثرات الخارجية والاتجاه الى المواطن في دراسة همومه ومحاولة تذليلها واداء الخدمة المباشرة له .



كل ذلك ، سيكون كفيلا بأنتاج تحالفات اساسها التجانس في التشكيل والعمل وخدمة المواطن ، وان اختلفت في الافكار والرؤى او حتى الايدلوجية ، اما العبور فوق المرتكزات اعلاه وبحث المصالح الحزبية وتقاسم النتائج بأعتبارها غنيمة انتخابية فأنه سيكون كفيلا بعرقلة عمل المجالس الجديدة من جهة وخلق هجين غير متناغم ، من مراكز القوى داخلها ، طابعه العام كسابقه ، الاستئثار بالمنصب والتمتع بمزاياه بعيدا عن بحث اطر التنمية وتوفير الخدمات الاساسية للمواطن .

Opinions