Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

تحيّه لنادي ألقوش العائلي

وللعاملين في هيئات المنظمات الالقوشية الأخرى كل المحبة والتقدير
‎تعج صفحات التاريخ بأوصاف عديدة لعظمة بلاد ما بين النهرين وعلو أصرح وشواهد حضارتها لدرجة جعلت المؤرخين يطلقون على هذه البلاد لقب مهد الحضارة البشرية. أما مذابح ‏القرون التي قامت بها العناصر البربرية الغازية الطامعة بخيرات البلاد , فقد جعلت البلاد يُضرب بها المثل ليس بالآثار والأضرحة التاريخية التي بناها أبناء بابل وآشور فحسب, بل بما لا يعد ‏ويحصى من الغزوات والمذابح والهجرات التي شهدها شعبه , وإزاء كل هذه النكبات وسيل مذابحها ,مازالت الوقائع تشير إلى إصرار هذا ‏الإنسان الحضاري على البقاء مشدودا برغبة التواصل مع الحياة , الامر الذي يفسر ‏قوة علاقة هذا الإنسان بأرضه، ومدى ما منحته من قدرة على مقارعة التحديات غالبا ام مغلوبا ليتجرع مرارة قسوة الأيام ويتحمل كضمها ‏كلّما عجز عن مطاوعتها لصالحه. بكلمة أخرى تعامل أبن هذه الأرض مع حركة التاريخ بنظرة تفاؤلية حتى في أشد الفترات محنة. ‏وهذه تعد إحدى مزايا النضوج والتفاؤل التي تحث الى موازنة الحالةالمظطربة للتخفيف عن كاهل الإنسان ومظالمه المتراكمة , ومن ‏الطبيعي أن هذه الميزة لا تجد حاضنتها إلا في ثوابت الحفاظ على ذخيرة العطاء وتحريم ردم منابعه بحجة تقلبات الظرف ‏وتأثيراته المرحلية.‎

عند الحديث عن أية مؤسسة إجتماعية او ثقافية في بلدة كألقوش ومجتمعها المعروف بإصالته فإن هذا الامر لا ‏تستوعبه أسطر مقال مقتضب, ولا محاضرة منفردة, بل تحتاج تغطيته إلى مجلّدات و دراسات بحثية عميقة كونه نتاج ‏تاريخ لشعب تعاقبت عليه عوادي الزمن التي أثرت في موزائيك مكونّّه وتأثرت مسمياته ‏ومعتقداته طبقا لمتغيّرات الحقب والأوضاع التي مرت وأحاطت بالمنطقة عبر زمن يطال المكتوب منه ما يناهز الثلاثين ‏قرنا.

فبلدة ألقوش التي تعرف تاريخيا بـ (أيل قوشتي) إحدى أعتى قلاع المعرفة والتحدي التي عرفها تاريخ البلاد و التي لم يهجرها أهلها رغم كل الحروب ‏والغزوات والمجاعات والأمراض ألتي حلت بها. معنى ذلك أن ساكني هذه البلدة هم شعب توارث اجياله خصال حبّ ‏ألأرض التي تأصلت فيه لتصبح حافزا في مسعى أجيالها ومطالبتهم من أجل تعزيز وتطوير أسباب الإستقرار ‏والتمسك بالأرض ومجابهة كافة محاولات إزاحتها أو قلعها من جذورها.
‎‏
عودة إلى نادي ألقوش العائلي ما بعد سقوط النظام فنقول بإختصار: كان في بلدة ألقوش ما قبل سقوط النظام, ‏مؤسسات إجتماعية ورياضية وإتحادات شبابية سعى النظام بكل ما أوتي من قوة من أجل تجييرها و احتوائها لصالح ‏عجلة حزبه لكنه لم يفلح رغم تهديداته ووعيده ضد كل من لم يصطف معه في فرض منهاج حزبه الواحد على كافة ‏مرافق المجتمع. هذه السياسة لم تكن بالامر الهين مما تركت أثرا زاد من معاناة مختلف طبقات المجتمع. فعطاءات ‏الناس باتت مكبلّة , وبسبب مواقفها الوطنية فرضت على نشاطاتها خطوط حمر وضعتها سياسة السلطة ‏وحزبها, مما أدخل البلدة في دوامة معاناة مزدوجة ما بين الاضطهاد وبين الجمود والمراوحة ألذي ألمّ بها ‏لعقود عديدة.

ثم جاءت مرحلة زوال النظام لتكون بداية إنفراج في عموم العراق الأمر الذي إستقبلته الجماهير بإنبهار في ‏غياب السلطة صاحبه شبه إنفلات لسوء إستخدام هامش الديمقراطية ,أي عمّت الأجواء ما يشبه الفوضى , بحيث ‏إختلط فيها الأمر على المواطنين مما تسبب في عجزهم عن تمشية أمورهم بأنفسهم. و أهالي بلدة القوش لم يكونوا ‏إستثناء , بل كانوا الشريحة ألتي عرف عنها مواقفها الصلبة في نضالها ومعارضتها للنظام عقود عده لدرجة ‏ترسخت في الاذهان ثقافة معارضة السلطات وحين فاجأهم الجديد بسقوط النظام و تهافت أطراف متعددة المراجع ‏في أمورهم اليومية, أصاب الأهالي شيئ من الإرتباك بسبب تعدد مراكز القوى وكشعب راحوا يبحثون عن فرصتهم ‏التي طال حرمانهم منها و إنتظارهم لها كي ‏
‏ يبنوا حاضرهم و يصنعوا غدهم بأنفسهم , كأن يستطيع الناس قول كلمتهم بحرية في إختيار ‏ممثليهم ومسؤوليهم المؤهلين لوضع برامج بناءة تتماشى ومعايير هوامش الديمقراطية , أي في أجواء يفترض خلّوها ‏من أية ضغوطات حزبية كما كانت في السابق.
‎‎
وتأسيسا على قاعدة أن البيت لايبنيه إلا أبناءه , أكدّ أصدقاء بينهم من ساهموا في تشكيل اول هيئة لهذا النادي بعد سقوط ‏النظام و أشاروا الى حصول أخطاء أشبه بإختراقات في بداية التشكيل والتي أوعزوها إلى تداخل جهود فردية مدفوعة إستغلتها أطراف معينة تبين أنها بنيت ‏على مواقف وردود فعل مسبقة أرادت من النادي أن يكون أداة لتنفيذ مآربها في توريط البلدة ‏في صراع غاية في التفاهة .
‏‎ ‎
إذن لابد لنا هنا من شكر الهيئة المنتخبة الجديدة على رغبتها في تصحيح الحالة . فقد إتضح بعد كشف الإخوة ‏أسباب الخلل الحاصل والذي أدى ألى خلق المشاكل , وبعد إستلام مهامها في إدارة النادي , أدرك القائمون بأن نجاح ‏النادي وتقدمه لا يمكن ان يتحقق في إحتكام مواقفه وبرامجه على نزوة شخص أو ترضية طرف معين ‏ دون آخر ليصبح النادي منطلقا تدار منه صراعات داخل المجتمع,ولأن النادي مؤسسة لخدمة أبناء البلدة ‏وليس حكرا على من يتبنى موقفا سياسيا محددا, كان لابد من إجراء تصحيح للأمر ورأب الصدع الذي تركته الجهود الغير المحمودة من قبل أولئك القلائل.

من خلال متابعتي وإحتكاكي مع أهلنا وزياراتي المتكررة لبلدتي القوش , والحديث ما يزال عن نادي القوش العائلي, فالحق يقال بأنه وبفضل هيئته الحالية ونهجها الجديد بدأ النادي مسترشدا من عبر التاريخ البعيد والقريب يستعيد عافيته ‏ليشق طريقه في التركيز على تنشيط الفعاليات الثقافية والإجتماعية وتنويعها بهدف توعية المواطن و تجسير الهوات التي ‏سببها البعض في أوضاع مظطربة .

وقد حالفني الحظ في صيف 2008 حضور محاضرة هادئة ومفيدة حول اللغة ‏السريانية ألقتها الأستاذه كريستينا قيس حيدو مشكورة في حدائق النادي , ويبقى الأمل قائما في تحسين الأوضاع كي تتواصل هذه النشاطات و بالإشتراك مع الجمعيات الثقافية الأخرى لتكون الجهود المخلصة منصبة في النهاية لصالح ‏إعادة بناء النهج التقدمّي الرافض لكل ما هو عبثي وإنعزالي.
‏‎
‎ ‎أمّا التظاهرة العلمية الرائعه التي نفذتها اللجنة الثقافية في مناقشة أطروحة السيد سمير توما أستاذ الرياضيات في ‏ثانوية القوش,فهي تعد إنجازا مهما في دلالاته المستقبلية رغم تواضع الإمكانيات لكنه يفتح المجال واسعا بإعتبارها ‏البداية التي ستحث الكثيرين نحو دعم مثل هذا التوجه وتحفز الآخرين للعمل على تبني المسارات التي تجمع مختلف ‏المفكرين بالمثقفين تحت سقف خلق الفكر القويم الذي نحن بأمس الحاجة اليه لهدف بناء الإنسان المبدع.

كما لا يفوتني أن أعرّج على إستعدادية النادي الحالية و سياسته المنفتحة في تلبية طلب أية جهة محليّة سياسية كانت ام ثقافية أم إدارية لإقامة الندوات العامة دون تفريق او تمييز, مضافا الى ذلك منجز تشكيل لجنة تنسيق مع الجمعيات الأخرى في القصبة على أساس رفد المنطقة بفعاليات ثقافية وإجتماعية بشكل جماعي يساهم في كسر الجمود والإنغلاق الذي حاول البعض سبغه على الأجواء.

علاوة على ما تقدم أعلاه, ونظرا لمحدودية كفاءة الأجهزة الإدارية وفروعها الفنيةفي الوقت الحالي , أتمنى على النادي بإعتباري أحد أعضائه أن تبادر هيئته الإدارية بالتعاون مع هيئات الجمعيات الألقوشية الأخرى مجتمعة إلى توسيع الفعاليات داخل القصبة بما يتناسب وهموم أهالي القصبة في المرحلة والمتعلق منها بسوء تدبير القائمين على تقديم الخدمات الأساسية وتقنين طريقة إستهلاكها من أجل ضمان إيصالها و التخفيف عن كاهل ذوي الدخول المحدودة , فالبلدة قد طال حرمانها من الكثير وهي اليوم بحاجة الى من ينهض بواقعها البنيوي في مختلف المجالات, والكل مطالبون بتحقيق الجديد لهؤلاء الناس المحرومين , فالسياسة كما تبدو قد أشبعت الشعب هموما وعذابات وقد جاء اليوم الذي يمكن فيه تقديم شيئ ما , لذا أقترح ما يلي والأمر متروك لقرار لإخوة المعنيين وإمكانية تبنّي ما أقترحه :

1_ إستضافة مسؤولي القطاع المائي الذين كما تشير الوقائع بأنهم مشكورون قد ابدعوا في وقت الأزمات بالتعاون مع الأهالي من أجل توفير المياه الصالحة ,وبدعوة مسؤولي السلطة الإدارية يتم عقد ندوة لتقييم أداء القائمين على هذا القطاع و بحث سبل تطويره ثم مناقشة مشكلة هدر الماء من قبل الأهالي من خلال التوعية ووضع الضوابط الفنيةالتي تحد من ظاهرة هذا الهدر.

2_ إستضافة مسؤولي القطاع الكهربائي الحكومي(الوطني) و أصحاب المولدات ومناقشة سبل تحسين الخدمة سواء في إمكانية زيادة ساعات التشغيل بالشكل الذي يضمن حق المواطن أو الحد من ظاهرة إستغلال الأهاليالي المتكرره , وذلك عبر تشكيل لجنة مشتركة تشرف على طريقة وساعات التشغيل وعلى ضوئها يتم تحديد التسعيرة المناسبة للأمبير.

3_ عقد ندوة حوارية بين الأهالي ومسؤولي الشرطة المحلية(الامنية والمرورية) لمناقشة سلامة المرور و إنسيابية المركبات داخل شوارع القصبة مثل السياقة بدون حيازة الإجازة وتجاوز السرعة المعقولةوكثرة إستخدام المنبه دون مبرر , كي يتم بالتنسيق وبالتعاون مع جهاز الشرطة الحد من هذه التجاوزات و محاسبة المتجاوزين سواء بالغرامات او حجز المركبة أو سائقها.
4_ الحقيقة يجب ان تقال بحق الفرق الساهرة على إظهار المدينة نظيفة, وهي ظاهرة تستحق الإشادة , ومن هؤلاء الساهرين فرقة الأخ نزار ياقو رحيمة التي حيثما ذهبت في شوارع وأزقة المدينة صادفتك هذه المجموعة منهمكة في التنظيف, وهؤلاء الجنود لابد للمدينةبكل مؤسساتها ومنظماتها أن تشكرهم وتثمن جهودهم من خلال التحفيز المعنوي والمادي كي يكونوا مثالا تقتدي بهم بقية الأجهزة الخدمية والإدارية .

4_ كما أناشد الهيئة الإدارية للنادي الى مخاطبة الهيئات الأدارية الأخرى للنوادي والجمعيات من اجل تنظيم و تحقيق لقاءات جماهيرية مع مسؤولي الصيدليات وبحضور الكادر الطبي المحلي لتوعية المواطنين من خلال مناقشة الطريقة السليمة في صرف الدواء ومنع ترويج الأدوية التي نفذ مفعولها من خلال إخضاعها لرقابة لجنة يتم تشكيلها ضمن اللقاء.

5_ عقد ندوة عامة يحضرها الأهالي و كافة ممثلي الجمعيات والنوادي وبحضور المسؤولين الإدارين في قضاء تلكيف والناحية لمناقشة مشروع تخصيص أراضي ومبالغ من قبل الدولة لتشييد بنايات مخصصة للنوادي والجمعيات في بلدة ألقوش المحرومة .

6_ عقد ندوة مخصصة لمناقشة مشروع إقامة مجمع لسوق نظامي يضم أقسام مخصصة لبيع الخضرة والقصابين وبيع المنتجات الغذائية المحلية المختلفة .

ليعذرني الإخوة إن كنت أثقلت عليهم بهذه الإقتراحات , سأكتفي بهذا القدر على أمل أن نستكمل في مناسبات أخرى قادمة , فرحلة الألف ميل تبدأ بالخطوة رقم واحد كي تكون معايير المنافسة المعتمدة متجسدة في مدى السعي إلى تقديم الخدمات وتطوير أوضاع المنطقة وليس الشعارات الفضفاضة.
تمنياتنا بالنجاح والموفقية لكافة العاملين في هيئات الجمعيات والمنظمات والنوادي التي تعمل بإخلاص من أجل خدمة المدينة وأهلها من خلال زرع بذور المحبة بين أهالي المنطقة وتوحيد الكلمة على طريق إحقاق إنتمائنا للوطن الأم والمساهمة في الحفاظ على هويتنا القومية وثقافتنا ككلدواشوريين سريان .


ومن الله التوفيق
Opinions