Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

تنافس إنتخابي أم صراع قومي

من الطبيعي أن يكون للفوز طعم لذيذ ، و الالذ من ذلك عند البعض ، هو الحصول على مناصب و أموال إضافية و لمدة أربعة سنوات أخرى ، و لكن ما يفوق ذلك بالنسبة للإخوة الاشوريين أصحاب القائمتين الآشوريتين الفائزتين في كوتا المسيحيين (زوعا و حزب المجلس الشعبي الاشوري) هو التلذذ و استطياب سحقها لكل ما هو كلداني .
فهم يفرحون لتفوقهم على القوائم الكلدانية ويغنون لفوزهم في محو اسم الكلدان ، ولو آنياً ، من التداول في أروقة السياسة و البرلمان ، و يبتهجون لنجاحهم في توهيم البسطاء الكلدان بعزفهم على وتر الأخوة و الوحدة و الشعب الواحد و اختراع التسميات المزاجية اللاقومية. و الغريب أيضاً ان الفرحة طالت حتى الآشوريين الذين خسرت قوائمهم هذه الإنتخابات ، و للأسف يتصرفون و كأن في هذا الفوز نشوة نصرانتقامية على الكلدان ، ربما رداً منهم على ما اصابهم على ايدي اسلاف الكلدان عام 612 ق.م .
و بذلك نستطيع القول بأن الإنتخابات هذه لم تكن من أجل المنافسة على المقاعد النيابية الخاصة بكوتا المسيحيين ، بل كانت في حقيقتها كان صراعاًَ قومياً مبطناً و مهيئاً له من الجانب الاشوري بقيادة الحزبين الآشوريين الحركة الديمقراطية الآشورية و المجلس الشعبي الآشوري. و الأيام المقبلة ستثبت و تؤكد للجميع صحة هذا الكلام.

من جانب آخر ، لا بد من الإعتراف بأن المسيحيين من القومية الكلدانية قد منيوا بخسارة كبيرة في الإنتخابات البرلمانية العراقية التي أجريت يوم السابع من آذار عام 2010 في منافستهم على المقاعد الخمسة لكوتا المسيحيين التي اقرها قانون الإنتخابات الجائر بحق القومية الكلدانية التي لم ينصفها في كوتا خاصة بها ، و السبب الرئيسي و المباشر في خسارة الكلدان في الانتخابات يعود الى دخولهم الإنتخابات بقائمتين منفصلتين أدتا الى تشويش الصف الكلداني عموماً ثم تشتيت أصواتهم.
وعليه فإن اللوم في ذلك كله يقع على أصحاب القائمتين ، اور الوطنية و المجلس القومي الكلداني ومن تدخل بينهما . أما الناخب الكلداني فقد احتار بين اختيار احداهما ، كون كلتاهما كلدانيتان، و لهما نفس البرامج و فيها شخصيات مثقفة و واعية .

قبل الانتخابات بيوم اتصل بي احد الاصدقاء المعروف بحبه لقوميته الكلدانية و قال لي : أنا محتار لأي من القائمتين أصوت ، ولكي أكون مرتاحاً في دواخلي ، سأذهب انا و زوجتي الى المركز الإنتخابي و سنعطي صوتاً لقائمة أور الوطنية و صوتاً لقائمة المجلس القومي الكلداني.
و من جانب آخر التقيت باحد الشخصيات الكلدانية و ناقشنا وضع القوائم الكلدانية و الانتخابات العراقية فقال لي : لست مقتنعاً بدخولنا بقائمتين متشابهتين و خاصة في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ امتنا ، لذا فإن كلتا القائمتين ستفشلان حتماً ، و من الصعب ان تتستطيع اية واحدة منها من جمع الاصوات بحيث تصل الى حد القاسم الانتخابي للفوز بمقعد برلماني ، لذا و لكي لا نهدر اصواتنا ككلدان و كعراقيين ، افضل ان نصوت لإحدى الكتل العراقية الوطنية و العلمانية لكي نجعلها تتفوق على القوائم ذات الصبغة الطائفية .

و هناك من كان له رأياَ آخراَ ، حيث يقول علناً بأن سوف لن يذهب الى صناديق الإقتراع و خاصة انه متأكد من عدم فوز أي قائمة كلدانية ، وعليه فأن نتيجة الإنتخابات ستكون بالنسبة له غير مهمة مادام لم يكون فيها اي مقعد مسيحي من الكلدان.

كما و كان هناك استعداد لا يستهان به للعديد من المؤسسات الكلدانية من اتحادات و جمعيات في المهجر، بالإضافة الى العديد من الكتاب و المثقفين الكلدان، من ان يقوموا بعقد الندوات و اقامة الامسيات و المساهمة في الحملة الدعائية دعماً للقائمة الكلدانية ، وما ان اعلن عن وجود قائمتين حتى هبطت معنوياتهم و لم يستطيعوا من فعل اكثر من قول بأننا ندعم القائمتين. ولوكانت هناك ثلاثة قوائم لقالوا ايضاَ بأنهم يدعمونها جميعها.


و عليه يبدو جلياً بأنه لو كانت هناك قائمة كلدانية واحدة لكانت قد حصلت على مجموع اصوات القائمتين الكلدانيتين ، يضاف اليها اصوات الذين امتنعوا عن التصويت للسبب الذي اشرنا اليه سابقاً ، و كذلك على اصوات الذين صوتوا للقوائم الوطنية ، بالإضافة الى اندفاع اكبر عدد ممكن من الناخبين الكلدان للتصويت لقائمتهم سواء في الوطن أو في المهجر.
و بذلك كان أكيداً بأن تحصل القائمة الكلدانية على نسبة جيدة من الأصوات تفوق عدد الأصوات القاسم الانتخابي.

و حتى لو كانت القائمة الكلدانية قد فازت بمقعد برلماني واحد ضمن كوتا المسيحيين الخمسة ،صحيح لم يكن هذا المقعد ليمثل ثقل و زخم المسيحيين من القومية الكلدانية ، لكنه كان سيعتبر بداية جيدة في منافسة القائمتين الآشوريتين زوعا و حزب المجلس الشعبي (الآشوري الآشوري الآشوري) اللتان تمتلكان اهم و اقوى ثلاثة عوامل في الإنتخابات وهما المال و الاعلام و دعم الأحزاب الكبيرة لها ، المال من خلال امكانياتهما الهائلة التي تقاس بملايين الدولارات ، و الإعلام الذي يشمل الفضائيتان الآشوريتان (آشور و عشتار) ، بالإضافة الى المواقع الألكترونية و الصحف ناهيك عن دعم بعض الأحزاب الكوردستانية و العراقية لهما.

على كل حال نهنيء كل الفائزين بمقاعد كوتا المسيحيين الخمسة ، و نتمنى لهم التوفيق في خدمة المسيحيين عموماً ، وأيجاد حل لأزمة المسيحيين في الموصل و متابعة ملفاتهم (التي يدعي البعض علناً بأن في حوزته جزء منها) و كشف الجهات التي وراء قتلهم و تهجيرهم .
كما على الفائزين أيضاً ان لا ينسوا بأن مقاعدهم هي مقاعد كوتا المسيحيين ، و ليست مقاعد كوتا قومية للكلدان أو السريان أو الأرمن أو الاشوريين ، وعليه فلا يحق لهم تجاوز حدود صلاحياتهم في هذا الشأن، فهم غير مخولين بالتحدث في الشؤون القومية الكلدانية أو السريانية أو الأرمنية بل و حتى الآشورية.

و على الكلدان أن يعرفوا بأن الخسارة في الإنتخابات لا تعني نهاية كل شيء ، فدخول الإنتخابات نتيجتها إما الفوز أو الخسارة ، لكن علينا الإستفادة من هذه التجربة ، و ان نجعلها دافعاً قوياً لبذل المزيد من الجهد و العمل بأقصى الطاقات من أجل مستقبل مشرف يضمن حقوقنا القومية.
و يجب أن لا ننسى بأن التاريخ مليء بالكثير من التجارب لأمم أصابتها النكسات و الكبوات و الهزائم في مراحل مختلفة من مسيرتها ، لكنها تغلبت عليها بصبرها و بنضالها المستمر لإثبات وجودها و هويتها الى أن اصبحت من الأمم القوية و المتقدمة.

سعد توما عليبك
saad_touma@hotmail.com
2/4/2010



Opinions