Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

ثوب الائتلاف القادم بين مقص الدعوة و ماكينة المجلس الأعلى

تفضي معظم المعطيات المتوافرة حول ما يدور عن إعادة تشكيل الائتلاف العراقي الموحد الى اتساع حجم الهوة بين ابرز مكوني الائتلاف المتمثلين بحزب الدعوة الإسلامية من جهة، والمجلس الإسلامي الأعلى من جهة أخرى، الذي يناضل بدوره لترميم الضرر الذي لحقه إبان انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة.

فحزب الدعوة كما يرى بعض المحليين يحاول قدر الإمكان الناي بنفسه بعيدا عن الضغوط الإقليمية الساعية لإحياء الائتلاف الموحد مجددا، حيث يحاول المالكي التأسيس لتحالفه الخاص لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة، على غرار ائتلاف دولة القانون الأخير، لكن بشكل أكثر شمولية واتساعا يراعي خلاله انضمام مكونات متنوعة من التكتلات السنية وبعض الأحزاب والشخصيات الكردية ليضفي على مشروعة القادم الصبغة الوطنية بعيدا عن التكتلات المذهبية.

يقول القيادي البارز في حزب الدعوة حيدر العبادي: "نريد ائتلافا وطنيا عراقيا جديدا قائما على أسس جديدة، باعتبار أن الائتلاف الحالي نشأ في ظروف تختلف عن الظروف الحالية، إذ كان البلد يمر بظروف استثنائية".

من جهة أخرى يدرك قادة التحالف الكردستاني إن المالكي ومن خلفه حزب الدعوة الإسلامية بات يتمتع بقاعدة شعبية رصينة جعلت منه ندا ورقما في العملية السياسية يصعب تجاوزه، خصوصا بعد جملة الانجازات الملموسة على الأرض.

فالرهان الكردي على تكرار ما حدث مع سلفه إبراهيم الجعفري عندما تم عرقلة إعادة تسنمه رئاسة الوزراء لولاية ثانية بات مستبعدا، كون سيناريو الإقصاء لن يكون متاحا في حال حصل المالكي على أغلبية مريحة في مجلس النواب القادم، خصوصا انه سيضمن تلك الأغلبية وفقا للتقديرات المستقبلية في حال استمرار الأمور على ما هي عليه.

وشكلت زيارة المالكي الأخيرة الى إقليم كردستان وما ترتب عليها من تفاهمات وتفاؤل مبدئي في انفراج الأزمة نجاحا يحسب له، وانعطافة مهمة على صعيد ملف الانتخابات البرلمانية القادمة، وتطويق المشاكل بين الطرفين لقطع الطريق على من قد يستغل أجواء الاحتقان السائد في العلاقة بين بغداد و اربيل كورقة ضغط سياسية ضد حزب الدعوة.

الأبرز في الأمر برمته إن المالكي أصبح أكثر قدرة من أي وقت سابق بفرض أجندته على مختلف التيارات والأحزاب السياسية بشكل صريح ومباشر، دون مراعاة سيرة وتاريخ رفاق دربه القدامى والجهات الإقليمية التي تقف ورائها، في محاولة لدفع بعض الحركات والأحزاب التي قد تمثل عبئا الى خارج الائتلاف القادم، باعتبارها وحسب تقديرات قادة حزب الدعوة تعيق سعيه في الانفتاح على بعض الأطراف السياسية الأخرى التي يأمل في انضمامها الى تشكيله الجديد بأقل نسبة من التضحيات.

الى جانب ذلك يحاول حزب الدعوة إخضاع من ينضم الى الائتلاف القادم بدعم قرارات المالكي والالتزام بعدم خروجه من خيمته بعد دخوله للبرلمان، يقول على العلاق القيادي في حزب الدعوة والمقرب من المالكي: "هناك حديث على طاولة المكونات الائتلافية بشأن آليات عمل الائتلاف وضوابط الانضمام إليه والخروج منه والضريبة التي يدفعها من يدخل ويحوز على مقاعد ثم يخرج من الائتلاف ما سيعرض التشكيل الجديد الى هزات سياسية كما حدث في المرحلة السابقة".

ويرى العلاق أيضا، إن الائتلاف لا يحتاج الى رئاسة أو الى رئيس بل أن تكون له قيادة جماعية ولجان تدير عمله ولا مبرر لوجود الرئيس، في إشارة الى إقصاء المجلس الأعلى من قيادة الائتلاف القادم في حال تأسيسه.

من بعيد يترقب الجانب الأمريكي بصمت مخاض الأوضاع الحالية وهو شبه راض عن ما يحاول رئيس الوزراء العراقي تحقيقه، فيما كان لزيارات بعض الشخصيات العسكرية ذات المعيار الثقيل الى كل من اربيل وبغداد إشارة الى إن الملف العراقي بات يحضى باهتمام اقل قدرا من جانب وزارة الخارجية الأمريكية بعد إيكال معظم الأمور العالقة الى الكونغرس، املآ إلا تطرأ مستجدات مقلقة على الأوضاع الأمنية، لتهيئة الظروف الملائمة للتعجيل بسحب قطعاته المجهدة من العراق.

فيما لا تخفي بعض الأوساط الأمريكية خشيتها من تحول عنيف على المشهد السياسي والأمني العراقي في حال استمر المالكي هذا المنوال، فالأيام القليلة القادمة التي سوف تسبق الانتخابات قد تفرز معطيات مقلقة لمختلف الأطراف وخصوصا حزب الدعوة الإسلامية الرامي الى مسك العصا من المنتصف لتسيير قافلة العملية السياسية بأكبر قدر ممكن من الهدوء والمكتسبات.
Opinions