Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

جاي على بالي انتحر

ما دفعني الى أختيار هذه الجملة كعنوان هو شغفي وتحمسي الكبير لرؤية أرقام كبيرة أمام خانة أسمي في المواقع الالكترونية . حيث الكتابة في مثل هذه المواقع تتطلب عناوين رنانة وكلمات حاذقة لجذب مستعملي الأنترنت ليدخلوا في مجال يقل فيه الترفيه والتسلية كصفحة مقالات هذه . ولكنني بالتاكيد لم اضع هذا العنوان من اجل ما سبق ذكره ، لأنني مقتنع تماما بأن المرة الاولى فقط ستكون الفكرة ناجحة وسيلتفت القراء الى العنوان وبعدها أذا لم يجدوا ترابطا بين خطورة العنوان وفحوى الموضوع ، عندها سيرتد المتلقي عن كتاباتي وسيصبح أسمي مرادفا لأسم رشو رعيا داربي (( رشو راعي الغنم )) هذا الكذاب المخادع الذي كرر التلاعب بالناس فوقع هو في فخ مكائده . وللأمانة فان جملة جاي على بالي انتحر لم أرددها يوما ولم أقلها مع نفسي حتى في السر بالرغم من أنني كأنسان اعاني من مشاكل نفسية وأحباطات في العزيمة وفشل في مجالات متعددة من الحياة وفي مختلف مراحلها العمرية . ولكن تبقى الحياة شيئا مقدسا ومهما لا يجوز لنا مطلقا التفكير في اللعب والاستهتار به حتى لو سارت أيامها في عكس طموحاتنا فليس خطأ ان نكون على قيد الحياة وبالتالي لا يمكن أن يكون الأنتحار هو التصحيح الملائم لذلك الخطأ حتى لو أعتبرناه خطأ . هذه الجملة سمعتها اكثر من عشرات المرات وقرأتها في منتديات كثيرة ولكن لم يتسنى لي مناقشتها ألا مع مراهق صغير لم يبلغ العشرين من عمره بعد كان يائسا ومتعبا وهو يعمل بعمل قذر دون اي أمل في تحسن قادم بل أكد بانه حاول في مرات عديدة ولكنه أخفق في الانتحار . ولكن أيا كان ذلك الشخص المقصود والمردد لهذه الجملة السوداوية عليه ان يعي بأنه ليس وحيدا في مثل ذلك المصير ولن يكون الاخير في المجاميع البشرية التي تعاني من أشياء مشابهة ، من أحباطات من مرارة قد تكون النفس هي منبعها ، او قد يكون المجتمع هو من يرسلها ألينا . نحن كبشر على أعتقادي المتواضع مسيرون لا نملك الكثير من الخيارات لا في ما يتعلق بوضعنا الخارجي ولا حتى بخلق لحظات من البهجة والسرور ترتاح فيها قلوبنا التعيسة من مأسينا . أيا كان وضعك مزريا وعلى اية درجة من الأنحطاط وصلت اليها عزيمتك على الحياة . حتى لو سار يومك وكانه قطار يخترق مترو من الجحيم حتى لو أعتقدت بانك أصبحت عبئا على الناس وعلى الحياة وعلى الله وعلى الوجود . تذكر شيئا واحدا بانك لست وحيدا وهناك الملايين من أمثالك يشاطرونك كل ما تشعر به ويواجهون ربما أضعاف ما تواجهه ولكنهم متشبثون بيومهم القذر وينتظرون بامل غدهم البائس يفرشون أجسادهم بكل سهولة امام عجلة الحياة وسيوف الزمن لا بل اصبحوا مدمنين لطعنات القدر وكأنها وخزات أبر .لا تنسى أبدا بانك يجب أن تستنشق الهواء في كل ثانية حتى لو كان ملوثا وأن تشعر بان بطنك ممتلئة حتى لو كان طعامك مجرد تفاهات . يجب ان تعي جيدا بأن لك كامل الحق في ان تضعف وأضعاف ذلك الحق في ان تخطا وما لا نهاية من الفرص لتعود يجب ان تتخلص من أنانيتك قبل أن تنتحر لأنك ربما وانت حي مهم لذاك الوجه او لتلك العيون ، ولا تعني الحياة دائما أن يعيش الأنسان لنفسه فالعالم مليء بالكثير من الأحياء هم بالاصل موتى ولكنهم يعيشون من أجل يتيم أو ارملة من اجل أم أو أبن من أجل فستان أو بدلة من أجل سيارة أخر موديل أو لتدخين سيكارة بائسة ولكنهم رغم كل ذلك يعيشون ويستمرون لعلهم يكتشفون أسبابا اخرى أهم من تلك التي تجعلهم يتنفسون ولا يفكرون بالقول سأنتحر فلولا الأمل لا تستحق الأرض بأن يطلق عليها موطن الأحياء .


ملاحظة... كل عام والعالم كله بخير . اشكر كل من بعث لي رسائل تهنئة ومعايدات على البريد الالكتروني واتمنى لكم جميعا دوام الصحة والموفقية .


عصام سليمان – تلكيف .

Assyrian_publisher@yahoo.com Opinions