Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

حجاب المرأة في بغداد..إختيار أم إجبار ؟

31/07/2006

بغداد-(اصوات العراق)
في معرض اقيم مؤخرا للفنان (امري سليم) ، وهو فنان فوتوغرافي قديم ، لفتت الانتباه صورة بالاسود والابيض لنساء من الكاظمية في مظاهرة.. زمن الصورة 1959.. حرية النساء في التظاهر آنذاك ليست المظهر الوحيد للاستغراب ، بل كون المتظاهرات كن بمجملهن سافرات.. والسؤال المطروح الآن ، ونحن في عام 2006 .."ترى لو تظاهرت نساء الكاظمية في هذا الوقت ..فكيف ستكون الصورة ؟"
هذه الصورة تطرح تساؤلات كثيرة عن حقيقة وضع المرأة اليوم وكيف يلخص زيها حقيقة ظرف مجتمعها وثقافته، فليست المشكلة في الحجاب أو السفور ، فهو خيار ، لكنها تكمن في العنف الذي يفرض فيه الحجاب على النساء.
تقول ح.س ،وهى موظفة في وزارة النقل بدأت تواجه ضغطا يجبرها على ارتداء الحجاب،إن الضغط لم يكن يستهدفها بالذات إنما " هناك حملة واسعة لتحجيب المرآة العراقية بدأت بتوزيع المنشورات في مناطق عديدة ، ورافق ذلك حملات مكثفة قامت بها إذاعات الاحزاب الدينية.."
وتضيف "هذه الحملة حفزت جماعات متطرفة على استخدام العنف ضد السافرات ، فلم يتورعوا عن ضربهن ، و اذا ما استوجب الأمر بالرصاص، خاصة لمن تجرأت منهن على لبس البنطلون .. كل ذلك خلق الرهبة في قلوب النساء.ولا يقتصر الأمر على الشارع ، فبعض الأحزاب التي حصلت على وزارات تفرض على المنتسبات تطبيق الحجاب كالزام."
وتابعت "تعمدت أن أذهب لمحل لبيع الملابس النسائية كانت تدخله نسبة من السافرات قبل أشهر ،فوجدت الملابس تغيرت..فقد إختفت البنطلونات النسائية وتغيرت فصالات الفساتين . كما تغيرت الزبونات ، فطوال نصف ساعة بقي المحل مزدحما ، ومع ذلك لم تدخل سوى سافرة واحدة بملابس سوداء."
وذلك إشارة واضحة الى انحسار واضح للسافرات في الشارع البغدادي وفي الدوائر الرسمية.
"لم يتركوا الأمر لاختيارنا" .. هكذا قالت الموظفة (ح س) وهي تشكو من القوانين التي "يفرضها مسلحون وقوى سياسية على الشارع وعلى الدوائر الرسمية.. قوانين غير مدونة إنما هي متروكة لامزجة وطريقة من يملكون السلطة رسميين كانوا ام غير رسميين."
الباحثة الاجتماعية منى عبد الرزاق العبيدي تقول إن "الشارع العراقي يعطي صورة حقيقية للمجتمع من غير أي تزويق ،وفي حساباته تدور صورتان تمثلان التناقض المر، التصارع مع الذات وعدم التصالح معها ..فعندما يحتاج المجتمع للمرأة يطلب منها ان تكون اكثر من رجل ،وهذا ما حدث فعلا اثناء الحرب وما تلى ذلك من ايام الحصار،لكن في مقابل ذلك لا يعرف المجتمع الا ان يغمط حقوقها ويعاملها على انها الأضعف."
بعض الأسواق والأماكن العامة ،كمنطقة الباب الشرقي وشارع الرشيد والنهضة وغيرها، اصبحت حكرا على الرجال ،"وبحكم الظروف تصور الرجال ان من حقهم ان يعترضوا طريق اية امرأة توجد او تمر في أي من هذه الأمكنة"..هذا ما تشكو منه سناء محمد الموظفة بالبنك المركزي والتي تضيف "نضطر احيانا الى التأخر بحكم عملنا ، وبالتالي نضطر الى المرور بإحدى هذه المناطق ، وهنا تكون المشكلة الكبرى ،فالحل الوحيد للمرأة ان تطبق المثل في ان لاترى ولا تسمع ولا تتكلم ،هذا في افضل الأحوال."
وتستطرد سناء "اما المرأة السافرة فالاولى لها ألا تفكر في ارتياد أي من هذه المناطق والا فأنها ستعرض نفسها لمشاكل هي في غنى عنها."
طبيبة مسيحية ( ن م ) تعمل في مستشفى يقع في احدى المناطق الشعبية تلقت إنذارا بأن تغطي شعرها..وحجة أنها غير مسلمة لم تردع اولئك الذين قاموا بتهديدها ،وهذا ما تم فعلا.. فقد بلغ التهديد مداه ،فإختطفوها وقاموا بحلق شعرها وأخبروها بأن هذا انذار اول ،"فهي تؤثر بشكل مباشر في نساء المنطقة واللواتي قد يتجرأن على تقليدها ،ولها ان تقرر المصير الذي تختاره."
تقول الطبيبة الضحية إنها حاولت أن تقدم شكوى للجهات الأمنية ، لكن معارفها حذروها من أن ذلك"سيعرضني للمساءلة والدخول في مشاكل الاولى الابتعاد عنها وبالتالي يكون السكوت هو الحل الأفضل."
(ب.ف) عضو في منظمة انسانية ،وهي محجبة ، تقول "عندما تحجبت فعلت ذلك بارادتي ، فالحجاب مسألة شخصية ، غير خاضعة لرأي الغير، انما هو جزء من الحرية التي طالما نادينا بها ، لكن الملاحظ الان هو ان الحجاب بدأ يمثل صورة سياسية."
وتضيف "نمطه وطريقة لبسه يعكسان تيارا معينا ، وله شروط ينبغي التقيد بها. " وتستدرك "ما يحدث الان هو عملية الغاء للاخر وشخصيته ،فالاجبار في أي من اشكاله هو عنف واضطهاد وانتهاك للحقوق الانسانية ،وما تعلمناه انه لا إكراه في الدين."
الشيخ احمد البياتي احد اتباع الطريقة الكستنزانية يقول "ظهرت في الاونة الاخيرة اراء كثيرة تنادي بعدم وجوب الحجاب على المرأة المسلمة ، نحن نسمع هذه الاراء ونناقشها ،فالدين الاسلامي دين متسامح .لا اكراه في الدين ،هذا هو مبدأ الاسلام . يعتمد في ذلك على المصدر الاول في التشريع كتاب الله ثم سنة رسوله ومن اتبعهم بالمعروف ،الاسلام دين محاججة لادين قتل وترهيب."
ويستطرد الشيخ البياتي " ثم انه سبحانه وتعالى لم يقل اقتلوا من لاتغطي شعرها ،لأن الإسلام دين النصيحة . الترهيب وإشاعة الخوف في القلوب ليس هو الوسيلة الصحيحة لجعل المرأة تقتنع بلبس الحجاب ،اذا لم يكن ذلك بمحض ارادتها وبرغبتها المطلقة .اقول لهؤلاء ممن خولوا انفسهم اشاعة الرعب الذي وصل الى قتل النفس التي حرم الله انهم بأفعالهم هذه يعكسون صورة سيئة عن الاسلام الذي هو دين محبة وسلام ."
الدكتورة منى الشمري اخصائية الطب النفسي في احد المستشفيات تفسر اعمال العنف هذه فتقول "هناك نوع من المضطربين شخصيا يطلق عليهم (السايكوباث) ، يتميزون بطبيعتهم بالعدوانية في كل اوجه الحياة ، ويوجد نوع منهم لديه ضعف ، ولذلك يوجه عنفه ضد الاضعف جسديا ، أي النساء ،وهناك نوع من التربية يؤثر في النفسية ،كأن يشاهد الولد اباه يضرب امه وأمه لاترد فيترسخ في ذهنه بان هذا حق من حقوقه."
وتحمل الدكتورة الشمري مسؤولية ذلك للمجتمع "فهو الذي يشجع هذه الحالات" مشيرة الى أنه في "داخل هذا المجتمع يوجد من يعطي لنفسه المبررات ليخرج عدوانيته وينفس عنها."
هذه هي الصورة في بغداد العاصمة ، فكيف حال المرأة في المحافظات ؟ ..تقول واحدة من الناشطات النسويات طلبت عدم ذكر اسمها "لقد انكفأ دور المرأة قياسا لأيام التغيير الأولى ، فالتخويف الذي تفرضه بعض الأحزاب الدينية وسيطرة العشيرة ورغبة الرجل في تهميش المرأة ،كلها عناصر ساعدت على انكفاء المرأة وحرمانها من ابسط مقومات حريتها رغم انها تمثل اكثر من نصف المجتمع، وما ينطبق على العاصمة ينسحب على المحافظات."
Opinions