Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

حكايات في زمن الانتخابات

أحيانا ً تحار الكلمات خجولة من القلم الذي يتقدم لخطبتها ، فترفض أن تكون حبيسة في سطور تختزل على قلتها سنين طويلة من المعاناة و الألم. لكنها تأبى في نهاية المطاف إلا أن تخرج للعلن ، لتفصح من وراء القضبان المرسومة على الصفحات عما يدور من حكايا قد تكون أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع في زمن اللاواقع و اللامعقول.



ففي عراق اليوم كل شيء معقول و العراقيون باتوا مقسمين إلى فئات. فهناك عراقي فئة (أس) و عراقي فئة (جي) و عراقي (هجين) و عراقي (على السكين).

و لا يثبت عراقية العراقي إلا جواز سفر ( أجنبي) !...

نعم ، إنها أحجية عجيبة لا يحل لغزها إلا من وضعها.

أما من لم يمتلك كرامة كونه مواطنيا ً أجنبيا ً فعليه أن يثبت عراقيته بطريقة أخرى. كأن يكون مثلا ً منتميا ً إلى أحد الأحزاب و بهذا يثبت عراقيته أو أن يكون مقربا ً من فلان و علان فيكون عراقيا ً. و بغير هذا فلا هو عراقي و لا يناله هذا الشرف.



و هنا أستذكر ذلك العراقي الذي كان واقفا ً في الطابور في مطار إحدى الدول التي كانت تمنح اللجوء للعراقيين. لكنه كان متنكرا ً بسروال قصير ، صابغا ً شعره بالأصفر و قد زين أذنيه بقرطين فضيين ليوهم موظفة الهجرة بأنه أوروبي. لكن الموظفة سرعان ما شكّت به و ما لبث أن أحاط به رجال الشرطة من كل مكان لمنعه من الدخول إلى داخل حدود ذلك البلد. فما كان من ذلك العراقي المتنكر إلا أن صاح ( الله الله حسين وينه .. بالسيوف مقطعينه) و حقيقة أن المحيطين به من عراقيين كانوا واقفين في الطابور لم يكونوا يتوقعونه عراقيا ً لكنه ما إن بدأ بهتافاته تلك حتى تأكدوا أنه عراقي و تأسفوا لحاله و حمدوا الله الذي من ّ عليهم بأن يكونوا منتمين إلى وطن (احتياط) غير وطنهم يستعينون به على مصائب الدهر و نوائب الزمن التي أصابتهم و ألمت بهم.



و حكاية العراقيين مع جواز السفر قديمة و مريرة و يصح أن نطلق عليها اسم (حكاية من الموروث الشعبي العراقي) ذلك أن كل العراقيين ، كبارا ً كانوا أم صغارا ً ، مسؤولين في الدولة أو خارجها ، يعرفون فصولها و عاشوا تجربتها . و لا عجب في أن تضاف في يوم من الأيام إلى قصص ألف ليلة و ليلة . و من لا يصدق هذا فليسأل تلك المرأة التي جلست في مطار إحدى الدول العربية شهرا ً بأكمله لتقنع الموظف المختص بأن جواز سفرها العراقي أصلي و صادر من جمهورية العراق. لكن الموظف المسؤول كان رافضا ً أن يقتنع بكلامها و بقيت تتسول لابنها الرضيع بين ركاب الترانزيت باحثة عن غيارات لتبدل له ملابسه الوسخة.



و اليوم و بعد انقضاء سبع سنوات على فصل مظلم من فصول الحكايا العراقية نعود لنكتشف أننا لسنا عراقيين.

و هذه المرة يعاقب العراقي لأنه يحمل جوازا ً عراقيا ً من فئة معينة. فلا يحق له الانتخاب و الحصول على حقه الشرعي كباقي شعوب العالم و هذا إن دل ّ على شيء فيدل على أن (فاقد الشيء لا يعطيه) ، و أن الدولة التي تختصر وطنية الإنسان ببضعة وريقات لا يمكن أن تحصل على احترام بين الدول. بل على العكس فالإنسان و المواطن هو من يمنح جواز السفر قوته. و إلا فما هو الفرق إذا ً بين مواطن فرنسي مثلا ً و آخر عراقي. هل يمتلك الفرنسي أجنحة يطير بها أم أن له قدرات خارقة نجهلها. الفرق هو أن دولته منحته هذا الاحترام فغدا إنسانا ً تحترمه الدول.



لقد تساءل أحد رجال الشرطة البريطانية في لندن لماذا يحمل العراقيون جوازات سفر بريطانية في الوقت الذي يتوجهون به لانتخابات برلمانية عراقية . هل هناك مرشحون بريطانيون مثلا ً في البرلمان العراقي أم أن انتخابات بريطانية بدأت قبل موعدها؟

و أنا أتساءل أيضا ً هلى تطالب بريطانيا أو السويد مثلا ً العراقيين المتجنسين فيها بجوازات سفر أو إثباتات عراقية لتمكنهم من التصويت في الانتخابات البريطانية أو السويدية أم أنها تكتفي بإثباتات أصدرتها حكومتيهما ؟



لقد سئم العراقيون هذه الحكاية و اعتقدوا أنهم تخلصوا من زمن الكرامة الزائفة و الانتصارات الوهمية لكنهم ما لبثوا أن استفاقوا على واقع مرير تمثله بضعة أوراق تحرمهم من عراقيتهم و تنسبهم إلى المجهول.

إن كرامة العراق الحقيقية لا تتمثل في جواز سفر من فئة و نوع معين بل تتمثل بالعراقي ذاته فهو مصدر الاحترام و محله.

و ما شهدته بعض المراكز الانتخابية من ظواهر شجار و عراك و تزاحم و تدافع و تدخل الشرطة الأجنبية لفض النزاع بينهم لا يمنح العراق إلا مزيدا ً من التخلف و التراجع إلى ما هو أقدم من زمن الحكايات.

Sadekalrikaby@gmail.com

Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
هجوم مسلح على عدد من أبراج آسياسيل في موصل شبكة أخبار نركال/NNN/ أصدرت شركة أسياسيل للاتصالات بياناتلقت شبكتنا نسخة منه، حول تعرض عدد من أبراجها في الموصل لهجوم مسلح من قبل مجاميع مسلحة، ماادى الى قطع الاتصال فيها. وفيما يلي نص البيان: عائلات تقطع ألف كيلومتر هرباً من التهديد بالقتل تعتبر الشعور بالأمن هو الأهم ... نازحون من البصرة الى الموصل يهزهم الحنين الى مدينتهم الأصلية الموصل – لينا سياوش - الحياة : لم تكن أم خالد (35 عاماً) المرأة البصراوية النازحة مع أبنائها الأربعة وزوجها من قضاء أبو الخصيب في البصرة تتخيل أن يصل بها الحال وعائلتها الى السكن في منزل مشترك المتعددة الجنسيات تزود منطقة النصر والسلام في بغداد بمعدات رفع الانقاض شبكة اخبار نركال/NNN/ بغداد/ افادت القوات المتعددة الجنسيات ، بأن قواتها قامت بتسليم معدات (جرافات) الى السفير العراقي في واشنطن يعتذر للامريكان عن تصريحات المالكي طالب عدد من النواب والشيوخ الديمقراطيين من رئيس الكونغرس الأمريكي، دينيس هاستر، منع رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي من توجيه خطاب في الكونغرس الأربعاء
Side Adv1 Side Adv2