منذ عام 2016، يواجه قانون العفو العام اختبارات صعبة، وسط تخوّف العديد من القوى السياسية، ولا سيما الشيعية منها، من أن تشريعه سيتيح الفرصة لخروج عشرات الإرهابيين من السجون، في مقابل استخدامه سابقاً كورقة انتخابية رابحة من قِبَل أحزاب سنّية، وتحديداً في المحافظات المحرَّرة. وترى القوى السنّية المشارِكة في حكومة محمد شياع السوداني، اليوم، أن «الإطار التنسيقي» لم يلتزم بوعوده بتنفيذ بنود الميثاق السياسي الذي اتّفق عليه أعضاء «ائتلاف إدارة الدولة»، ومنها تشريع قانون العفو العام وعودة النازحين وإخراج «الحشد الشعبي» من «المدن السنّية». وفي ظلّ استمرار الخلافات حول القانون، يتوقّع برلمانيون وناشطون حقوقيون ألّا يحصل اتّفاق سياسي عليه خلال المدّة المقبلة، نتيجة إصرار بعض الأطراف على تمريره كما هو، من دون تعديل محتواه.


وحول هذا الجدل، وما استتبعه من خلاف بين السوداني ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، يلفت رئيس البرلمان الأسبق، محمود المشهداني، إلى أن «خمسين بالمئة من فقرات القانون نالت التوافق السياسي داخل مجلس النواب»، مضيفاً أنه «بعد عيد الفطرة مباشرة، وتحديداً أثناء إكمال ملفّ الموازنة، سيكون القانون على طاولة النقاش تمهيداً لإجراء التعديلات عليه من قِبل اللجنة القانونية لغرض إقراره كاملاً». ويشير المشهداني، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «القانون يُعدّ ضمن البرنامج السياسي للحكومة الذي صوّتنا عليه، ولذا، فهي ملزَمة بتطبيقه، وإقرار العفو العام جزء منه»، مشدّداً على ضرورة تمريره بالنظر أيضاً إلى أن «بعض الجماعات استغلّته لأغراض انتخابية استخفافاً بمشاعر ذوي المعتقلين».
في المقابل، يعتقد رئيس حركة «حقوق» النيابية، سعود الساعدي، أنه لا يجوز «تجاوز الدستور والقانون في أيّ اتّفاقات سياسية»، مضيفاً أنه «لا يمكن القبول بأيّ عودة للإرهابيين، ولا يمكن القبول بأيّ عفو عام عمّن تلطّخت أيديهم بالدماء واكتسبت أحكامهم الدرجات القطعية أو المتّهمين تحت المادة 4 إرهاب». وما بين الرأيَين، يوضح النائب في اللجنة القانونية في البرلمان، رائد المالكي، لـ«الأخبار»، أن «الاتفاق السياسي نصّ على إقرار القانون، لكنه لم يَذكر الصيغة التي سيمضي بها هذا الأخير، وهذه تُعدّ مشكلة كبيرة»، معتبراً أنه «إذا شُرّع القانون وفق صيغة عام 2016، فستكون هناك كارثة، لأن الصيغة المذكورة سمحت بإعادة المحاكمات، وهذا انتقاص صريح من مهنية السلطة القضائية وطعن فيها عندما يقال إن المحاكمات السابقة جرت بناءً على اعترافات انتُزعت بالإكراه». ويشير المالكي إلى أن «الدستور العراقي يمنع العفو عن الجرائم الإرهابية وجرائم الفساد المالي والإداري»، مستدركاً بأن «قانون العفو العام بصيغته الحالية مخالف للدستور، لأنه يعني إطلاق سراح الإرهابيين كما هو مطلوب في الاتفاق السياسي»، مشدّداً على أن «العفو يجب أن تكون له مبرّراته، ولذلك يستحسن أن يكون بشروط، وهذا ما هو معمول به في كلّ بلدان العالم»، محذّراً من أنه «في حالة تشريعه، فسيطعنون فيه لأنه سيعطي الحرية للفاسدين والإرهابيين في الخروج».

من جهتها، تلفت عضو «تحالف السيادة»، عائشة المساري، إلى «وجود بعض الشخصيات المعترضة على القانون، لأن لديها مخاوف من أنه سيشمل المتّهَمين بالإرهاب والداعشيين». وتوضح المساري، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الأبرياء الذين ظُلموا عن طريق المخبر السري والوشايات والمحاكم الكيدية، ستعاد محاكمتهم مرّة أخرى، وستكون محاكمة كلّ معتقَل في محافظته»، مطالِبةً رئيس الوزراء بالإسراع في تمرير القانون لأن «هذا من ضمن المنهاج الحكومي الذي وقّعنا عليه قبيل تشكيل حكومته»، مشيرةً إلى أن «الحكومة وعدتهم بإدراج العفو العام على خشبة التصويت بعد إقرار الموازنة».
أمّا من وجهة نظر قانونية، فيبيّن الخبير القانوني، حيان الخياط، أن العفو العام قانون كان يَصدر كلّ 8 سنوات تقريباً، ولذا، من المحتمل أن يَصدر قانون مماثل قريباً، موضحاً أنه بعيداً عن الجانب السياسي، فإن «العفو العام يعني البدء بصفحة جديدة مع أفراد المجتمع، على أن توضع وسائل كفيلة بإدماج المعفوّ عنهم في المجتمع من جديد». ويستبعد الخياط أن يشمل القانون المطلوبين أو المتّهَمين أو المحكومين بجرائم إرهابية، إذ إنه يُعنى فقط بـ«من انتمى (إلى تنظيمات إرهابية) من دون أن تتلطّخ يداه بالدماء».