Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

خطة الصداميين في التحريض ضد البعثيين

ربما يبدو للعديد من القراء غرابة العنوان فكيف يتآمر الصداميون بالتحريض ضد البعثيين وهنا يتطلب الأمر بتفكير هادئ وتحليل وتفسير عقلاني يستند الى الوثائق والحقائق للخروج بنتائج تؤكد وجود خطة للبعث الصدامي لاجتثاث البعثي وزرع الفوضى وإسقاط العملية السياسية للاستيلاء مجددا على السلطة في العراق .
إن الذين يراجعون تاريخ حزب البعث في العراق وقبله في سوريا ومصر والأردن والسودان واليمن منذ مطلع الأربعينيات من القرن الماضي وحتى يومنا هذا سيكتشف إن لهذا الحزب شعارات جميلة تتحدث عن الأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة والأهداف التي تتناغم مع الوجدان الشرقي والعربي والإسلامي والمتمثلة بوحدة البلاد والحرية بكل أنواعها والاشتراكية بعدالتها البعيدة عن الشيوعية ولكن جوهر الممارسات لقيادات هذا الحزب ولأكثر من 7 عقود يتأكد بان هذا الحزب كان مجرد شعارات وهمية تقف خلفها قيادات سلطوية وعقليات انقلابية تستثمر هذه الشعارات والأهداف لتكون في خدمة أشخاص مصابين بعقدة الدكتاتورية والغريزة الإجرامية وحب المال والسلطة وكان نموذجهم الأعلى صدام حسين .
حيث سبقته في سوريا سلسلة من الانقلابات الدموية وفي العراق نفذ احد الضباط المنحرفين الموالين للبعث والذين كانوا من ضمن مهاجمي قصر الرحاب عام 58 مجزرة رهيبة ضد الأسرة الملكية دون أمر من الزعيم عبدالكريم قاسم ثم سرعان ما انقلبوا على الثورة وارتكبوا مجازر كارثية في 8 شباط عام 1963 حيث قام ما يسمى بالحرس القومي وعلى مدى 9 أشهر بتصفيات جسدية وجرائم بشرية لا نظير لها إلا في تاريخ الفاشية والنازية ومرة أخرى وبعد محاولات متكررة عادوا إلى السلطة عام 68 وبقطار أمريكي كما قال صاحبهم علي صالح السعدي .
ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم لم يطو البعث الصدامي ملفات الإرهاب ولكنه هذه المرة تحالف مع أذنابه ومع القاعدة والمتطرفين في داخل البلاد ومن دول الجوار وفي مقدمتهم ملوك وأمراء الخليج ومشايخ الطوائف المنحرفين الذين شكلوا عمقا استراتيجيا للحرب الطائفية والجرائم العنصرية.
ولعل هذه المقدمة تكفي للمساعدة في تفسير الوقائع الأخيرة التي تحدثت عن تنظيمات سرية للبعثيين الصداميين ومحاولتهم القيام بانقلاب عسكري في المنطقة الخضراء وهذا هو خيارهم الأول بالتعاون مع مندسين في الأجهزة الأمنية وكبار السياسيين المتوغلين في الحكومة والبرلمان ويشكلون العمود الفقري لبعض الكيانات المشاركة في العملية السياسية فهم يتعاطفون مع الحكومة والبرلمان ويتمتعون بامتيازات خرافية وفي ذات الوقت يفتحون قنوات مباشرة مع الصداميين والإرهابيين لتنفيذ عمليات إجرامية يومية في كل مدن العراق باستخدام المسدسات الكاتمة أو الأسلحة الكاتمة للصوت والمفخخات واللاصقات وتوفير ملاذات آمنة لانتحاريين قذرين من السعودية والمغرب العربي ومن مناطق مختلفة لفظتهم لتطرفهم وشعورهم بالدونية نتيجة احباطات عائلية.
وهذا المخطط الذي توفرت له كميات كبيرة من الأسلحة وشخصيات نافذة في الأجهزة الأمنية وحتى من الرئاسات الثلاث مع واجهات وفرتها شخصيات كبيرة من المتنفذين والمهيمنين على العملية السياسية وتأكد ارتباط هؤلاء جميعا بأجندة خليجية وأخرى دولية في مقدمتها بريطانيا التي دربت وقدمت ملايين الدولارات لإثارة الفتنة الطائفية تحت أغطية الحكومات الفدرالية التي يروج لها البعض ولعل الخطة الأكثر خبثا ودهاء قيام هذه المجموعات الصدامية في عمليات تحريض واسعة لترهيب مئات الآلاف من البعثيين الذين كانوا ينتسبون خوفا من أزلام ووكلاء البعث المقبور وإنهم اندمجوا بالعملية السياسية بمجرد سقوط الطاغية.
ولغرض استقطابهم مجددا باستخدامهم في لعبة سياسية كبرى فقد قامت بعض العناصر الصدامية المختبئة بأقنعة الأحزاب الجديدة بمحاولة التحريض على هؤلاء في الجامعات وفي مختلف وزارات الدولة في محاولة لغرض إبعادهم عن العملية السياسية بحجة أنهم مشمولون بالاجتثاث فقامت جهات أخرى بتضخيم الأمر كما حدث في جامعة صلاح الدين حيث وضعت قوائم بأعداد من كبار الشخصية الأمنية والمخابراتية الذين تتسللوا إلى التعليم العالي وحصلوا على امتيازات لا يستحقونها واستمروا بعملياتهم السرية في التخطيط لعودة البعث الصدامي إلى السلطة .
فقد قامت المجموعات الصدامية بحملة دعاية واسعة النطاق صورت للرأي العام بان حزب الدعوة وعلي الأديب وزير التعليم العالي يقود حملة اجتثاث ضد أساتذة الجامعات لخلط الأوراق وترهيب كل البعثيين العقلاء الذين أعلنوا البراءة من حزب البعث الصدامي ولم يتوقف الأمر عند هذه الحدود لان الأجندة كما قلنا هي واحدة محلية وإقليمية ودولية وهذا يفسر اندفاع البعض برفع شعارات الفدرالية في نينوى وصلاح الدين وديالى والانبار ، وحين نتأمل جوهر هذه الدعوات ونبحث في خلفياتها سنجد ان البعث الصدامي هو المهندس لهذه المؤامرة بهدف تحويل هذه المحافظات إلى ملاذات آمنة للصداميين وحاضنات لمجرمي القاعدة والجريمة المنظمة.
وتعد أهم العوامل التي قادت البلاد إلى هذه الحالة الخطيرة هو ضعف العمليات الأمنية المنفذة لهذه المناطق والتي ساعدت على ظهور هذه الخلايا وعدم استئصالها على الرغم من العمليات العسكرية الكثيرة التي نفذت ضدهم وروج لها إعلاميا إن نسبة نجاحها لم تكن حقيقية أو ملموسة بل ما زالت المبادرة بيد الإرهابيين الصداميين الذين يخترقون أجهزة الحكومة كافة وفي مقدمتها الأمنية وقوات الدفاع والمجالس البلدية حيث تسرح وتمرح هذه الزمر ليلا ونهارا داخل الحدود وخارجها ولعل الشرارة الأولى التي كشفت عن النوايا الصدامية ومخططاتها هو اندلاع المظاهرات في هذه المناطق التي كانت ترفع علنا وصراحة صور الطاغية وشعارات البعث المقبور وللأسف إن الإدارات الحكومية في هذه المحافظات كانت متواطئة جدا مع هؤلاء المرتدين حيث وقفوا بوجه الحكومة المركزية وما أشبه اليوم بالبارحة .
وصحيح جدا استحالة عودة البعث إلى السلطة في العراق ولكن الأصح أيضا وجود الصداميين بدون اجتثاث لان ذلك سيؤدي دائما إلى تدهور الوضع الأمني والتخريب الاقتصادي وانعدام السلم الاجتماعي ولعل الخطوة الأولى بإيقاف هذه المخططات الجهنمية يتنفذ بوحدة القوى الوطنية المختلفة في العملية السياسية والقيام بعملية مكاشفة ومصارحة حقيقية تميز ما بين البعثي التائب والصدامي المتآمر والإسراع بعملية التنمية البشرية ومحاربة الفساد وتطهير أجهزة الأمن والقضاء من كل المفسدين والإرهابيين وإفساح المجال للكفاءات وللعناصر الوطنية لتولي المناصب المفصلية المهمة لإدارة الدولة والمجتمع وبهذا فقط نوجه ضربة قاضية لأيتام صدام وأتباع عفلق وبن لادن .

firashamdani@yahoo.com
Mr. FIRAS G. AL-HAMADANI
WRITER & JOURNALIST
Baghdad - IRAQ
Opinions