Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

دماء حلبجة لم ولن ولا تجف

 

يا شهداء حلبجة المظلومة , ما أجمل قيثارتكم لأنها قيثارة المظلومين , بأي كلمات أرثيكم .. وبأي أسلوب أنعيكم يا كواكبا تساقطت من سماوات السمو و الفضائل وهشمتها معاول الدخلاء والإجراء والحقراء من البعثيين والصدامين , فيا زنابق التضحية , ويا عناوين الفداء , ويا أبجدية الاستشهاد , انتم أركان تهدمت في مثل هذه الأيام  , وانتم مشاعل نور أطفئت , وانتم تيجان على رؤوس الكبرياء , أنكم منارات في دنيا العطاء , وهل تكفي الكلمات والدموع والآهات والحسرات بالتعبير عما يختلج في صدورنا من لوعة وألم وحسرة على أعماركم التي تلاشت تحت دخان الأسلحة الكيماوية وغازات الخردل والأعصاب التي صاغها العملاء والأدعياء وكل حثالة الأقدار والمقادير. إن أحذيتكم ونعلكم وملابسكم التي بقيت مرمية في شوارع حلبجة المظلومة هي أسمى وأعلى واغلي من كل الرؤوس المنخورة المحشوة بالغباء والقذارة والنتن .. وإن كل قطرة نزفت من أجسادكم الطاهرة المطهرة هي قارة من الأنوار التي تظل تتوهج في عوالم الشموخ والنقاء , فيا رصيدنا ويا عزتنا وشموخنا لا لم يحصدكم الغادرون والمتآمرون والبعثيون  والعبثيون والإرهابيون , إنكم باقون في عالم الذكرى , إنكم تعيشون في ضمائر الأخيار والأبرار , إن أطيافكم  وأرواحكم  ستظل مساميرا مزروعة في نفوس الحاقدين والمسعورين , فيا كوكبة النقاء ويا اغرودة الأجيال ويا ترنيمة الطيور ويا أكمام الزهور, برقبة من أرواحكم المسفوحة ظلما وعدوانا .. ؟؟ برقبة من أعماركم المذبوحة .. ؟؟  برقبة من دماء أبائكم وأمهاتكم وأخوتكم وأخواتكم ..؟؟ برقبة من أطفالكم ونسائكم .. ؟؟ فمن يعوضكم ومن يضمد جراح عوائلكم ومحبيكم .. ؟؟ فقد أعطيتم كل شيء ,  أعماركم , أرواحكم ,  مستقبلكم ,  دمائكم , فماذا يعطي لكم الآخرون , وخاصة الذين استشهدتم من اجلهم , أن ما يحز القلب ويدمي الفؤاد أن نكتفي بالنعي والتأسي واجترار أنباء ذكرى فواجعكم .. ماذا نقول عنكم وبأي لهجة نغني أسمائكم , وبأي موسيقى نعزف أساطير استشهادكم وتضحيتكم , فعراقنا المفجوع تتزايد فواجعه , وتتعاظم ماسيه وكوارثه , فأي شيء يشفي قلوبنا , ويريح أعصابنا , ويحقق اطمئنانا ويعوضنا عما فقدناه من أحبة وأعزة , فالتراب الذي كان يتطاير من أحذية الأطفال الكرد الذين كانوا يلعبون في أزقة وشوارع حلبجة قبل اختناقهم واستشهادهم  هو كحل لعيوني , وهو أثمن وأغلى وأعلى من هامات الحاقدين المأجورين الغادرين عشاق الجرائم والآثام والدماء . 
 


((يظهر في الصورة الكاتب الصحفي ماجد الكعبي مع شهداء حلبجة عام 1988))


يا شهداء حلبجة .. إن عزائنا بكم لا ينتهي إلا بانتهاء شراذم القتل والشر وزبانية اللؤم والحقد والغدر والعفن , وإننا على العهد باقون , وسنظل بذكراكم نسبح , وبأسمائكم نرتل , فأنكم في مركز الأعصاب ومع نبضات القلوب , وأنكم قد أصبحتم في جنات الخلد تنعمون وأسمائكم وعناوينكم شامخة ساطعة في دنيا البقاء والمجد والخلود . وليعلم الجميع بان كل قطرة من دمائكم تعادل كل دعي ومنتفع قد تربع على مقاعد الدولة وهو لا يمتلك ذرة من الوطنية والغيرة والأهلية , فان استشهادكم قد فضح وعرى جميع الذين يتصدرون الكراسي والمسؤوليات  ولم تصدر منهم أي إشارة أو احتفالية أو تعزية أو  موقف ينم عن مصداقية تعاطفهم مع هذه الكوكبة المغدورة  ومع مدينتهم المظلومة  حلبجة الدم والشهادة , إنما اكتفت القلة القليلة جدا منهم بالوقوف لثوان معدودات استذكارا للشهداء ,  ولم تميط اللثام عن جوهر هذا الإجرام الكيمياوي ومن صنعه ومن خطط له ومن نفذه , فهذا أمر كأنه لا يعنيهم ولا يهمهم بشيء , والذي يعنيهم هو تمتعهم بعطلتهم في عواصم العالم يتبطرون ويتنعمون ويتمطرحون ويقتنون ويعودون محملين بالعطايا والهدايا وما يرضي طموحاتهم ونزواتهم وشهواتهم التي لا تخفى على احد , ولكم الله يا شهداء حلبجة الأبرار, ولكم العزاء يا أيتها العوائل الكردية المنكوبة والمفجوعة , وتضرعي لله بان يديم شهوة وشهية كل عضو في البرلمان وكل مسؤول  لم ينفعل ولم يتفاعل مع دماء الشهداء , الذين وهبوا حياتهم من اجل الوطن  الذي أضحى فريسة للمنتفعين والدخلاء والمأجورين والإرهابيين , وان دموعنا لن تجف على كل من ضحى من اجل هذا الوطن المنكوب , والذي لا يحمل جراحه إلا الاصلاء والنجباء وكل من يمتلك الغيرة والشهامة .

 

 * مدير مركز الإعلام الحر
Majidalkabi@yahoo.co.uk

 

 

 

Opinions