ديمقراطية بمخالب الدكتاتورية
أضافت الأجهزة الأمنية، هذه الأيام نقاطا أخرى مشينة في سجل انتهاكات حقوق الإنسان في العراق، بعد ان تواصلت اعتداءاتها على الحريات السياسية والمدنية التي كفلها الدستور فضلا عن المعاهدات والمواثيق الدولية. فلم تكتف باعتقال أربعة إعلاميين، بعد " جمعة الغضب "، حيث واصلت القوات الأمنية بملاحقة الناشطين من الشباب قبل وبعد مظاهرات يومي 7 و11 آذار، وتمكنت من اعتقال خمسة ناشطين، من الشوارع، بدون أوامر قضائية، مستفيدة من الإرث الكبير لأجهزة القمع التابعة للنظام المقبور، في ممارسة التعذيب الجسدي والنفسي والتهديد بالاغتصاب، وإطلاق الكلمات البذيئة، بعيدا عن قيم شعبنا العراقي، والاستهزاء من الديمقراطية والقانون، والعودة لأخذ التعهدات سيئة الصيت، والتي دأبت عليها أجهزة قمع الدكتاتورية ، وهذه المرة بإجبار المعتقلين، على التوقيع بعدم المشاركة في المظاهرات القادمة. ويعد هذا كله انتهاكا فظا للحقوق المدنية والسياسية، وانقلابا وضاحا على الدستور وانتهاكا للمادة التاسعة التي حددت مهمة القوات المسلحة بالدفاع عن العراق و" لا تكون أداة لقمع الشعب العراقي، ولا تتدخل في الشؤون السياسية".لقد نجحت قوات القمع، من إفشال ادعاء المتنفذين العراقيين وإسكات تبجحهم بكون العراق ينفرد بين دول المنطقة بعدم وجود ضحايا الرأي. فقد أصبح سجل الانتهاكات مخزيا، وأعاد ذكريات القمع والمداهمات المؤلمة، بدلا من اجتثاثها، باعتبارها جرائم تم إدانتها ومحاكمة مرتكبيها. لذا يعد تقديم شكاوى على مرتكبي هذه الانتهاكات، وتقديمهم للقضاء ومحاكمتهم مهمة غير قابلة للتأجيل، ولا تسقط بالتقادم.
على البرلمان والجهات ذات الشأن تدقيق مهمة القوات الأمنية، بإبعادها عن السياسية، وإعادة تأهيلها على احترام حقوق الإنسان، وتخليصها من القيادات التي كانت تمارس إرهاب الدولة بحق المواطنين، وإبعادها عن ارث الدكتاتورية والاستبداد، وإعادة بنائها على وفق المواطنة والكفاءة والمهنية وليس على أساس المحاصصة والفساد.