Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

رأيي كإعلامي وعراقي في إهانة بـوش

سـألني العديد مـن الأصدقاء عن رأيي كإعلامي بالفعل الذي أقـدم عليه الإعلامي منتظر الزيدي وهـو يحضر مؤتمرا صحافيا ممثـلا عن قناة البغدادية . . فكنت أجاوبهم بأن مهمة الإعلامي عنـد مشاركته في المؤتمرات تنحصر في أمرين : الأول تقديم سـؤاله إلى القائم بالمؤتمر ، وغالبا في حال رؤساء الدول يتم تقديم السؤال مسبقا مكتوبا ولا يحق للإعلامي تلاوته أو الكلام ، ومهما كان جواب المجيب ، سـواء اقتنع السائل بـه أو لم يقتنع ، ليس من حقه مناقشة الجواب إلاّ إذا خوله بذلك صاحب المؤتمر . . والأمر الثاني إن مهمة الإعلامي في المؤتمرات هي الإسـتماع لأجوبة صاحب المؤتمر على أسئلة الصحافيين والإسـتفادة منها ، وفيما عـدا هذين الأمرين ليس من حق الإعلامي القيام بأي فعل قـولا أو عملا مهما كان نوعـه موزونـا أو طائشـا .

وعـند كتابة الإعلامي تقريره عن المؤتمر الصحافي ، عليه أن ينقل أجوبة صاحب المؤتمر بأمانة ووضعها بين قوسين صغيرين إذا كان ينقلها لصحيفة مكتوبة ، أمـا إذا كان ينقلها للتلفزيون أو الإذاعة صـوتا فعليه قبل ذكر الجواب أن يقول ( وعلى سؤال . . أجاب قائلا ) وبعـد قائلا ينبغي أن يكون النص بصوت صاحب المؤتمر أو يتلوه هـو ( الإعلامي ) كما قاله صاحب المؤتمـر .

لكـن أيضا من حق الإعلامي ، عند كتابة تقريره عن المؤتمر ، سواء للجريدة أو للإذاعة والتلفزيون ، أن يقـدم رأيا في المؤتمر ، سلبا أو إيجابا ، سواء يكون معبرا عن رأيه الشخصي أو نقلا عن خبير معروف يذكر اسمه أو من دون أن يذكر اسم الخبير أو المعلق ويعوض عنه بعبارة ( ويرى المراقبون ) . . وإلى هنا تنتهي علاقة الإعلامي بالمؤتمر الذي حضره ، إلاّ في حالة حصول حادث جديد مرتبط بالمؤتمر نفسـه فيمكن الإشارة اليه والإستشـهاد بـه .

أما رأيي كعراقي في فعل الإعلامي منتظر ، فأقول : إذا كان تصرف كعراقي غاضب وحاقد على أفعال الأميركيين ، فيكون قد استغل عمله المهني في تصرف خارج إطاره وهـذا لايجوز ، ولكن إذا ارتضى أن يتحمل مسؤولية هـذا الإستغلال وعواقبه وتبعاته ، فيجوز له هـذا الفعل مع استعداده لتحمل كل المسؤوليات المتعلقة به ، بما فيه الحكم القانوني القضائي ، ويبـدو أن منتظر اختـار هـذا المجـال .

وهـنا يقتضي أن أقول : رأيي الشخصي كعراقي ، على رغم كل الأخطاء المحيطة بفعل الزيدي فإنه أعطى درسا بليغا لبوش كي يدرك أن ما ارتكبه الأميركيون مـن آثام في العراق ، نتجت عنـه ردود فعل راهنة وتأريخية حاقدة وغاضبة عليه شـخصيا من العراقيين . . أتذكر كيف استـقبل العراقيون الدبابات الأميركية بالزهور والهلاهل في أول دخولهم بغداد ، وهو ما نقلته الفضائيات في حينـه ، وبتـقديري أن ذلـك لم يكن حبّـا بهم وإنما فرحا بانتهاء صدام وعهده المقيت . . وظنّـا من العراقيين أن الأميركيين سيصححون الأوضاع السيئة بكل ما يقابلها مـن الجيـد والحسـن .

ولكـن الذي حصل كان غير الذي توقعه العراقيون ، فقـد جعلوا العراق مرتعـا للصوص وقطاع الطرق والإرهابيين ومجرمي العـهد الصدامي . . كلنـا سـمعنا ورأينا بالفضائيات والصور التي تناقلتها مختلف وسائل الإعلام ، كيف كانت تقف دبابتان أمـام بوابـة المتحف العراقي وينظر جنودها ويضحكون على براعة اللصوص في إحداث ثـغـرة في حائط المتحف ودخلوهم وأخراجهم ما طاب لهم من الآثار وذهابهم من دون أن يعترضهم جنود المحررين الأميركيين . . وكيف ترك الأميركيون الحدود من دون حراسة وحلّـوا كل القوات المسلحة من الشرطة والجيش ، وتركوا العراق بلا حكومة . . ألخ ما يعني أنهم تركوا العراق غابة يسرح ويمرح فيها أنواع الحيوانات والكواسر والبشر الشواذ كيفما يشاءون وأينما يشاءون من دون حسيب أو رقيب . . فماذا يعني هـذا غير تدمير العراق وجعله مشاعا لكل من هـبّ ودب ؟ . . فهل هـذا لايجوز قانونا دوليا وأخلاقا أميركيا وسلوكا إنسانيا ؟ فكيف لايتحول العراق بعد كل هـذا إلى مـا حـلّ بـه . . وكيف لايحقـد العراقيون على بوش ويتصرف بعضهم معه بكل الوسائل التي ليسـت مسـوّغة ومسـموحة ؟ !

ولابـدّ مـن التطرق إلى تجربتي الشخصية مع الأميركيين . . فحال بـدء العمليات الأميركية لإزالة حكم صدام ، بدأتُ أنـا بكتابة مواضيع عـدة نشـرت معظمها في جريـدة ( المؤتمر ) العراقي التي كانت تصدرها المعارضة العراقية في لندن ، ومن هذه المواضيع : ( محررو العراق أهلا بكم ) و ( خيرا ، يا مستقبل العراق ) و ( إرهابيون وناكروا الإحسان ) و ( السيد بريمر . . مع التقدير ) . . . ألخ وبعد أن ظهرت حقيقة الأميركيين ، نشرت مواضيع عـدة عن مساوئهم في جريدة الحياة بينها موضوع ( التدخل الأميركي في العراق ) و ( الإنتقائية العربية بين التدخل الأميركي في كوسوفو والعراق ) . .

الحقيقـة ، لـي تجربة مـرة مع الأميركيين ، فقـد رأيت بعيني ما حصل في منطقة البلقان ( يوغوسلافيا السابقة ) في البوسنة وصربيا وكوسوفو ومقدونيا . . من تهجير وموت وعذاب وتدمير البلدان ووحدتها وقصف المدارس والمستشفيات والجسور والقطارات وباصات نقل الركاب . . الذي تتحمل مسؤوليته بصورة رئيسية الإدارات الأميركية مباشرة أو غيرها بالنيابة عنها ، ونقلته إعلاميا صحافيا وإذاعيا وتلفزيونيـا بحقيقتـه الكاملة .

ومـن الأمور اللاأخلاقية التي أتذكرها عن الأميركيين وحلفهم الأطلسي ، أنـه عـند توقيع اتفاق ( كومانوفو في 10 / 6 / 1999 ـ و كومانوفـو هي مدينة في شمال مقدونيا محاذية للحدود الجنوبية لصربيا ، حيث لم يستطع لا الأميركيون ولا الحلف الأطلسي تجاوزها لدخول كوسوفو على رغم القصف العنيف لصربيا وكوسوفو على مدى 77 يوما إلاّ أن تخاذل الرئيس الروسي في حينه بوريس يلتسين واحتواء قرار مجلس الأمن 1244 لأنهاء الحرب مع صربيا على بنود تؤكد عودة كوسوفو إلى صربيا بعد فترة قصيرة ، وهي البنود التي انقلبت عليها أميركا فيما بعد وحرضت الألبان لإعلان الإستقلال من جانب واحد في 17 / 2 / 2008 على رغم عدم اعتراف الأمم المتحدة بـه وبذلك ليس استقلالا شرعيا ، وذلك لكي يبقى كوسوفو محمية دائمية لها تستغله للقواعد الحربية البريـة والمحطات الإستخبارية )

أقول : عند توقيع إتفاق كومانوفو ، لأنهاء القصف الأميركي الأطلسي على صربيا وكوسوفو في مقابل إنسحاب القوات الصربية من كوسوفو ، وبعـد إنتهاء التوقيع وتوجه الجنرال الصربي الذي وقع الإتفاق للخروج دفعه الضابط الإنكليزي الذي وقع الإتفاق معه ، ممثلا عن الأميركيين والحلف الأطلسي ، نحو الباب بتصرف لا أخلاقي بقصد إهانته قائلا له : إذهب الآن عند سيدك ميلوشيفيتش . . فنظر إليه الجنرال الصربي وقال : عار عليك وعلى شرفك العسكري أن تفعل هذا بعد توقيع الإتفاق ولو فعلته قبل التوقيع لخرجت رافضا الإتفاق طالبا استمرار الحرب لكي تعلم أنت وأسيادك الإميركيين من هـم الصرب ولكن أسفاً فعلته بعد التوقيع ، وخرج الضابط الصربي . . علما أن الأميركيين وحلفهم الأطلسي لم ينفذوا من هذا الإتفاق إلاّ ما هو لمصلحتهم في حين رفضوا تنفيذ كل ما هو لمصلحة صربيا فيه مثل عودة قسم من القوات الصربية الى كوسوفو وعدم إعلان استقلال كوسوفو وإنما إنهاء إشراف الأمم المتحدة عليه بعد سنوات قليلة وإعادته إلى السيادة الصربية .

ومـن أخلاق الأميركيين أذكر أيضا (( أفاد الناطق باسم الإدارة الدولية لكوسوفو ديريك شـيبل يوم 20 / 3 / 2004 ، بأن حصيلة الأحداث التي وقعت في كوسوفو في ثلاثـة أيام ( 17 و 18 و 19 / 3 / 2004 ) التي شنها الألبان ضد الصرب ، هي : قتل 28 شخصا صربيا وجرح أكثر من 700 آخرين بعضهم في حال خطرة ، وحرق 110 بيوت للصرب وتدمير أو إلحاق أضرار جسيمة بـ 25 كنيسة وديرا أرثوذكسـيا صربيا مسجلة ضمن الآثار التأريخية لدى منظمة اليونسكو وهي تحت حماية الأمم المتحدة ، كما لجـأ 900 صربي إلى القوات الدولية كفور طلبا للحماية نتيجة هجمات الألبان عليهم )) هذا التصريح صادر عن الإدارة الدولية التابعة للأمم المتحدة ولا يمكن أن يشك بـه أحد لأنه رسـمي دولي ، وقـد نشرته أنا بنصه ضمن تقرير مفصل عن الأحداث التي يتعلق بها في الصفحة الثامنة من جريدة الحياة التي أعمل فيها بتاريخ 21 / 3 / 2004 كما تحدثت عنه في راديو مونت كارلو وبي بي سي لندن وقنوات تلفزيونية عـدة ، وأيضا تناقـلته وسائل إعلام عالمية كثيرة . . والمهم ليس نشر الخبر ولكن على رغم أن الألبان الذين قاموا بما تحدث عنه الناطق الدولي صورتهم كاميرات التلفزيونات المحلية والعالمية ولكن لم يتم تقديم أي ألباني للمحاكمة ، لأن أميركا وصفت ما حصل بأنه ( صراع عرقي يحدث في كل بلد ) . . في حين أن محكمة لاهاي لاتزال حتى اليوم تحكم بعشرات السنين سجن على الصرب بتهم إضطهادهم للألبان على رغم عدم وجود أي أدلة واسـعة لذلك ، بناء على رغبة أميركا ، بينما الألباني الكوسوفي راموش خيرالدين ( أحد قادة جيش تحرير كوسوفو ) برأته محكمة لاهاي بناء على طلب أميركا من 37 تهمة جرائم حرب منها قتل وتهجير وتعذيب واضطهاد الصرب وغيرهم ، فهل يمكن في أي عدالة ، غير العدالة الأميركية ! أن 37 تهمة موجهة لشخص بأدلة ضحايا وشهود أن لاتثبت منها ولا تهمة ؟ وبعد كل هذا وغيره في البلقان والعراق ، أليس من حق الناس في البلقان والعراق أن يكرهوا الزعماء الأميركيين ؟ ومن هـو المذنب في هذا الكره غير ممارسات الأميركيين أنفسهم ؟!! .

هـذا لا أكتبه اليوم في المواقع لحادثة حصلت لبوش في العراق ، وإنما أعيد تذكيره بعدما تحدثت عنه بجلاء ودون خوف أو وجل ، لأنه حـق ، كتابة في جريدة الحياة ، وإذاعة مونت كارلو وغيرها وتلفزيونا الجزيرة وأبو ظبي وغيرهما . . هذه حقائق والساكت عن قول الحقيقة هو شـرير أعمى ، وإذا كان إعلاميا فإن لـم يقـله فهو إمـا جبـان أو مأجور . . وما كنت يوما بشهادة المنصفين من هذا الفصيل . . ومـن الشهادات الكثيرة التي قيلت بحقي ، أنقل واحدة منها للإشارة وليس الحصر ، الشهادة التي كتبتها ( جريدة السفير اللبنانية ) بقلم أحـمد المغربي في نيسان 1999 أثناء عمليات القصف الأميركية الأطلسية لصربيا وكوسوفو في موضوع بعنوان ( جميل روفائيل : المراسل إيقاع الحدث ) أقتطف من الشهادة هـذا الجـزء الصغير :

(( على مدار السنوات الطويلة للحروب في البوسنة والهرسك ، ظل صوت جميل روفائيل مراسل إذاعة مونت كارلو يأتي من سكوبيا ، ويبدو أن المكوث طويلا في المحل الواحد أعطى روفائيل ما يلزم من الخبرة والدراية في الشأن البلقاني المتشابك ، عـند بـدء الضربات الأطلسية . . أيـا كان الأمر فإن خطوة السلطات في بريشتينا عاصمة كوسوفو بـدت وكأنها اللحظة المنتظرة للمراسل جميل روفائيل ، إرتفع صوته من إذاعة مونت كارلو تارة من البلقان وتارة من الحدود مابين كوسوفو والبلقان ودائما على إيقاع الحدث وصولا إلى صناعة الصورة للحدث ، استبق جميل روفائيل وبيومين كاملين إقرار خافيير سولانا وقيادة الحلف الأطلسي بحدوث تصفية عرقية . . أذاع روفائيل أخبار المجازر والتصفيات ووصف الوحدات العسكرية التي نهضت بها . . جمع روفائيل أخباره استنادا إلى شبكة علاقاته داخل بريشتينا والتي يبدو أنه نسجها في دقـة الخـلد ودأبـه أثناء مكوثه المديد في البوسـنة ، أيضا ثمـة هامش للتذكير بأن تلفزيون الجزيرة التقط جميل روفائيل وكذلك بعضا من الوجوه الأخرى في مونت كارلو محمد كريشـان الذي يقدم برنامج حصاد اليوم والمراسلين على الجزيرة ، يبـدي البعض الضيق من الإختزال الإعلامي الذي حققته محطة الجزيرة ويتساءل آخرون عـن سطوة إذاعة مونت كارلو لعلها لحظة مناسبة للنقاش ـ أحمـد المغـربي ))

لكـن ، هـذا لايعني أنـني لم يكن لـي معارضون نشروا الكثير من المواضيع ضـدي أذكر منهم واحدا كمثال هو ( عبداللـه صالح الرشيد من الرياض ـ السعودية ) الذي كتب رسالة إلى جريدة الحياة التي أعمل فيها بعنوان ( يبكون تدمير الجسور ) ولأن الجريدة واثـقة من صواب نهجي وصدق ونزاهة ما أكتبه فقد حوّلت لي رسالة هذا الشخص قبل نشرها ، كما كانت تحول لي رسائل غيره ، طالبة مني أن أكتب الرد عليها ليتم نشره مباشرة في مكان واحد مع رسالة السعودي ، وبعد أن كتبت الرد ، نشرت الحياة في 2 / 6 / 1999 الرسالة وردّي . . وأدناه أجزاء من الرسالة وردّي عليها :

(( يبكون تدمير الجسور . . : أفرزت حرب البلقان على يد الصرب حفنة من المراسلين عاشوا على حساب معاناة أهل البوسنة والهرسك ومن ثـم إقليم كوسوفو الجريح ، هؤلاء المراسلون يصدق فيهم قول الشاعر مصائب قوم عند قوم فوائد ، وهنا يبرز إلى الذاكرة جميل روفائيل الذي يرى نفسه مرة خبيرا بشؤون البلقان ومرة صحافيا ومرة مراسلاً تلفزيونياً وهو في الواقع محابياً ومحامياً عن الصرب ، لمست ذلك عيانا وأنا أراه يبكي تدمير الجسور في صربيا . . وعلى كثرة ما أرى هذا المراسل في القنوات الخليجية لم أسمع منه كلمة تعاطف صريحة ولم أر أنه أجرى مقابلة مع أحد ضحايا التطهير العرقي من ألبان كوسوفو بل أراه يترجم وينقل أقوال الصحف الصربية كل صباح عن الحملة الأطلسية . . ولهذا المراسل وأمثاله نقول : ان للباطل جولة وللحق جولات وانه على الباغي تدور الدوائر ، عانت البوسنة والهرسك من مغالطاته الكثيرة في ذروة محنتها قبل خمس سنوات . . وسبق لسفير البوسنة والهرسك في المملكة العربية السعودية أن كشف فيضا منها في مقال طويل نشره في جريدة الحياة ، بقي في النهاية أن أسأل روفائيل هل يرضيه الواقع المزري لشعب كوسوفو ؟ وهل تغيضه الحملة الأطلسية التي ستعيد الحق إلى أهله ؟ وماذا عمل له شعب البوسنة والهرسك وكوسوفو حتى يقف ضدهم ـ الرياض عبداللـه صالح الرشيد )) .

وتم نشر ردّي التالي في وقت واحد مع الرسالة في جريدة الحياة ( 2 / 6 / 1999 ) ومما جاء في ردّي : (( . . للحقيقة لايمكن أن أكون محابيا ومحاميا عن الصرب ، إذ طردني الصرب منذ 1/ 7 / 1993 بأمر من أمن بلغراد وبختم أحمر على جواز سفري . . وليتك رجعت إلى عدد جريدة الحياة 5 / 7 / 1993 الصفحة الولى وقرأت ـ بلغراد تطرد مراسل الحياة بعد اتهامه بالإساءة الى الصرب ـ وأعداد أخرى تناولت ما لحق بي من ضيم وما كتبه الأستاذ جهاد الخازن رئيس تحرير جريدة الحياة في حقله اليومي ـ عيون وآذان عني في 10 / 8 / 1994 . . ليس عيبا أن أبكي تدمير الجسور والمصانع ، ليس في صربيا وإنما في أي مكان من العالم ، لأنني إنسان لا أتشفى من مصائب تلحق بالناس المساكين من دون ذنب ، سواء في البوسنة أو صربيا أو كوسوفو وغيرها . . علما بأنني إعلامي ومن واجبي أن أن أنقل وجهات النظر المختلفة بغض النظر عن موقفي الشخصي ، الغريب أن السيد عبداللـه يقول إنه لم يـر مقابلة أجريتها مع أحد ضحايا التطهير العرقي ، ولعلني الصحافي الأول الذي تابع التطهير العرقي في كوسوفو منذ بداياته وأجريت مقابلات منها على سبيل المثال : في أعداد الحياة 28 / 6 / 98 نازحون بالآلاف ينتظرون الإغاثة الدولية الغائبة و 29 / 6 / 98 كلهم جيش تحرير كوسوفو ولا حاجة لمتطوعين أجانب و 30 / 6 / 98 شهادات الجرحى قصة تصدي البندقية للقذائف والصواريخ و 5/ 7 / 98 الحرب في كوسوفو كما يرويها أطفال المدرسة الإبتدائية . . ولمعرفة المزيد المزيد أرجو السيد عبداللـه تصفح أعداد جريدة الحياة ولكن بعيـن بصيـرة ، ويبدو أن السيد عبداللـه متابع لكتاباتي منذ خمس سنوات ، التي ردّ على بعضها السفير البوسني في السعودية مرتيـن ، وللتذكير فإن أحد الردّين كان في 22 / 7 / 94 على مقالي ـ مشكلة البوسنة معقدة والتقسيم شـر لابدّ منه ـ ومما يؤكد موضوعية هذا المقال أن التقسيم إلى الكيانين الصربي والمسلم ـ الكرواتي حصل فعلا بعد سنة وخمسة أشهر من كتابتي المقال . . والرد الآخر للسفير كان في 28 / 8 / 95 على موضوعي ـ على رغم التنديد صار التطهير العرقي أمل السلام في البلقان ـ . . ومما يؤكد صحة موضوعي أنه حتى اليوم فإن نتائج التطهير العرقي في البوسنة لاتزال على حالها كما كانت أيام الحرب البوسنية . . كل ما أوضحته يؤكد أنني لاأقف ضد شعب البوسنة والهرسك ، بل أنا مع كل حقوقهم الشرعية ، من دون إنحيـاز أو نفـاق )) .

وأخيـرا . . أقول بوضوح ، إن ما قام بـه الإعلامي الزيدي خطـأ جسيم لايليق بإعلامي يحترم مهنته والوسيلة الإعلامية التي يعمل فيها . . ولكن في الوقت نفسـه ، أنا كإنسان عايش آثـام الأميركيين في العراق وأماكن أخرى ، أقول : مرحى لـك يا منتظر ، فقـد فعلت حسنا ورائعا ، لأنك جعلت الأميركيين والعالم على إدراك بما يستحقه الأميركيون ، فقد استقبلهم العراقيون بالزهور والهلاهل لأنهم أزاحوا عن صدور العراقيين صدام وجرائمه الذي ضرب أبو تحسين وغيره تمثاله وصورته بأحذيتهم . . ولكن عندما كرر الأميركيون شرور صدام بالعراق لم يبق أمام العراقيـين غير أن يعاملوا رئيسهم بالشكل الذي عاملوا صدام . . والضرب بالأحذية على الحكام الظالمين بالعراق مكرر منذ أيام الملكية ، وهـو أسلوب يبدو أنه أصبح متداولا في العراق ، وإن لـم يكن حضاريا ، لكنه صار تقليديا سواء نـال الرضـا أو لـم ينـل .
Opinions