Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

رؤية أولية للحوار حول الأوضاع الاقتصادية في إقليم كردستان العراق وسبل معالجتها/ الحلقة الأولى

توصيف الحالة العامة
لا يختلف الواقع الاقتصادي في محافظات إقليم كُردستان عن سائر المحافظات العراقية الأخرى, كما أن عموم واقع عموم الإقليم لا يختلف كثيراً عن مجمل الوضع الاقتصادي في العراق كله. فقد كان على مدى عقود اقتصاداً مهمشاً ومتخلفاً ومكشوفاً على الخارج. وازداد هذا الانكشاف في أعقاب الخلاص من الهيمنة البعثية على الإقليم, إذ لم تقم حكومتا الإقليم على أمتداد الفترات المنصرمة بل حتى بعد توحيد الحكومتين بحكومة واحدة, باي جهد حقيقي للتنمية الاقتصادية, بل تركزت على جوانب معينة, في حين اعتمدت على إشباع حاجات الناس بالاستيراد السلعي لا غير. وفي ضوء ذلك فهذا الاقتصاد يعاني من تشوهات شديدة واقتصاداً ريعياً ومكشوفاً بالكامل على الخارج.

فما هي سمات هذا الاقتصاد في الوقت الحاضر؟ يمكن في تقديري تلخيصها بالنقاط التالية:

1. لا تزال ظاهرة التخلف الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي تميز الواقع الراهن في إقليم كُردستان, وهي نتيجة منطقية لسياسات النظم التي حكمت العراق طيلة العقود المنصرمة, ولكنها ليست منفصلة عن السياسة المنتهجة منذ سقوط الهيمنة البعثية على الإقليم.

2. كما أن سمة التخلف هي التي تتجلى في اختلال بنية الاقتصاد واعتماده على موارد النفط الخام. فهو اقتصاد استخراجي ريعي. وإذا كانت الزراعة في السابق تساهم مساهمة مهمة في تكوين الدخل القومي لإقليم كردستان, كما هو الحال في بقية أنحاء العراق, فأن الزراعة لم تعد تلعب ذلك الدور السابق في تكوين الدخل القومي بسبب إهمالها والتركيز على استيراد السلع الزراعية.

3. إن تخلف وتشوه بنية الاقتصاد في الإقليم قد أدى على تشوه متناغم في البنية الاجتماعية ووجود المزيد من الهامشيين ومن الفقراء والمعوزين وغياب العمال والشباب المنتج في الزراعة والخدمات الإنتاجية.

4. وجود بطالة مكشوفة واسعة في كردستان ولم تبذل الجهود المناسبة لامتصاصها, وحين بذلت بعض الجهود في هذا الصدد برز الأمر في نشوء بطالة مقنعة كبيرة جداً تتراوح بين 50-60% من القوى العاملة في أجهزة الدولة وفي أجهزة الحزبين الرئيسيين الحاكمين وبعض القوى الأخرى. وهي تتسبب في إشكاليات اجتماعية كبيرة كما تستنزف الكثير من الدخل القومي وخزينة الإقليم.

5. ويعاني إقليم كردستان من ظاهرة الهجرة المتواصلة للكوزادر العلمية والفنية المهنية إلى خارج البلاد بسبب عدم توفر مستلزمات الاحتفاظ بهذه الكوادر. والمتوفر منها في الإقليم لا ستثمر استثماراً عقلانياً, كما يلعب التشابك الحزبي بالحكومي إلى هيمنة الحزبيين بغض النظر عن الكفاءة على المواقع الأساسية ويحرم منها المستقلون.

6. الفقر الواسع بين فئات المجتمع الكادحة واتساع غير معهود للفجوة الدخلية بين الفقراء والأغنياء واصحاب النعمة الحديثة, وبسبب السياسات غير السليمة التي تمارس هناك والتي تساعد على تفاقم هذه الحالة غير الصحية وغير العادلة.

7. استمرار الاتفاع في اسعار السلع والخدمات مما يرهق الفئات الكادحة والفقيرة والمعوزة, والتي تقود إلى مزيد من التذمر والرفض للسياسة الراهنة.

8. سوء استخدام الموارد وقلتها حالياً بالقياس إلى حاجات إعادة الاعمار والتنمية, إضافة إلى انتشار الفساد المالي والإداري في الإقليم كما هو الحال في القسم العربي من العراق.

9. استمرار وضع البيئة الملوثة وندرة الجهود المبذولة لتنظيف البيئة وحمايتها.

10. التوزيع الاعتباطي وغير العقلاني لعقارات الإقليم او الدولة العراقية على قوى وفئءات معينة بحيث تثير المزيد من المشكلات وتأتي على حساب المجتمع والاقتصاد الوطني وخزينة الإقليم مباشرة.

11. ندرة وسوء استخدام الأرض الزراعية والموارد الأولية المتوفرة. وهي سياسة مرتبطة بالتجارة الخارجية وانتهاج سياسة الباب المفتوح أمام الاستيراد بالشكل الذي لا تشعر الحكومة والمواطن بضرورة التصنيع وتحديث الزراعة وتنمية الدخل القومي.

12. غياب أي تنسيق فعلي وضروري بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية بما يسهم في تحقيق تدريجي للتكامل الذي يسهم في إشباع الحاجات وتنمية التراكمات والثروة الاجتماعية في الإقليم.

13. غياب البرنامج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي الواضح في سياسة الحكومة الكردستانية وغياب الرقابة والمتابعة على نشاطاتها وما ينجز وما يتخلف عن الإنجاز والمحاسبة الفعلية لصالح التنمية والنمو الاقتصادي المعجل في الإقليم. كما أن غياب السياسة الاقتصادية الحكومية والتركيوز على البناء والخدمات فقط لا يساعد على تحقيق التراكم الرأسمالي الضروري في المرحلة الراهنة. ومما يثير الانتباه أن الحكومة لا تمتلك حتى الآن استراتيجية تنمية واضحة وبعيدة المدى, تماماً كما هو الحال في العراق كله حتى الآن.

14. عدم وجود قطاع حكومي ضروري في المرحلة الراهنة في اقتصاد الإقليم, كما أن القطاع الخاص لم يتوجه صوب التثمير الإنتاجي في القطاع الصناعي أو في القطاع الزراعي وفي الخدمات الإنتاجية والدراسات الفنية والمهنية والبحث العلمي.

إن هذه الوقائع تضع شعب كُردستان وحكومته ومجلسه النيابي وجهاً أمام المهمات الراهنة والقادمة, أي لما ينبغي أن تكون عليه السياسة الاقتصادية والاجتماعية في الإقليم.

لا شك في وجود عدد من المستشارين والخبراء الذين يعملون منذ سنوات في أجهزة الدولة وفي مجلس الوزراء والوزراء, ولكن لم يضظهر ما يذكر نتيجة عمل تلك المؤسسات والكوادر العلمية.







وقبل التطرق إلى استراتيجية التنمية والمهمات التي تواجه إقليم كُردستان نشير إلى عدد من الملاحظات التي نقترح أن تدرس من جانب حكومة الإقليم:

أ‌. معالجة التحديات والمهمات المختلفة, وخاصة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أساس افتراض إن الإقليم - كياناً مستقلاً - يجب توفير كل مستلزمات إدامة وجوده واستمرار تطوره.

ب‌. معالجة ذات التحديات باعتبار أن إقليم كُردستان يشكل جزءاً متكاملاً من الاقتصاد والمجتمع في العراق بما يوفر حرية الحركة والعمل والتفاعل المتبادل والشامل.

ت‌. الأخذ بنظر الاعتبار التعاون في الظروف الراهنة بين الوضع في بغداد والإقليم ووضع برنامج مؤقت لكُردستان العراق يهدف إلى استغلال المزايا المتوفرة في كُردستان العراق لتوفير قدر مهم من احتياجات العراق من المنتجات والخدمات من الإقليم ذاته لدعم عملية التنمية في الإقليم من جهة, وللحد من استنزاف موارد العراق في الدول الأخرى من جهة أخرى.

ث‌. وضع استراتيجية متوسطة وبعيدة المدى تأخذ بالاعتبار البدء بعمل مشترك عندما تصبح المحافظات العراقية في القسم العربي من العراق قادرة على التنسيق والعمل المشترك.

ج‌. أن يكون الاعتماد على المبادرة والقطاع الخاص في عملية التنمية واقتصاد السوق الاجتماعي الذي يسعى إلى تأمين علاقة عقلانية بين العمل ورأس المال, وبين النمو الاقتصادي والحياة الاجتماعية للسكان لضمان السلم الاجتماعي في كُردستان والتطور الهادئ.

ح‌. تنشيط دور الدولة في مجالات لا يستطيع القطاع الخاص ولوجها, أو أنها تمس أمن وسلامة وثروات الإقليم والمجتمع بشكل عام وفي شؤون الإدارة والأمن وحماية البيئة والثروة الوطنية.

خ‌. الاعتماد على الاستثمارات المتوفرة في داخل الإقليم وتلك الاستثمارات الموجودة في الجانب العربي من العراق والسعي لمنع هربها إلى الدول المجاورة, وكذلك تحفيز رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في داخل الإقليم وفي العراق, إضافة إلى استثمار موارد الدولة والمساعدات والقروض الخارجية, لتأمين تسريع عملية إعادة إعمار كُردستان والتنمية الشاملة الاقتصادية والبشرية.

د‌. ضرورة التوسع في مناطق اقتصادية حرة تسمح بحركة رؤوس الأموال والتوظيف وبناء المشروعات الاقتصادية, الإنتاجية والخدمية, في المدن الكُردستانية المختلفة.

وتتطلب الفقرتان الأخيرتان بشكل خاص إصدار التشريع المناسب حول الاستثمار الأجنبي والمناطق الاقتصادية الحرة التي تنظم النشاط الاقتصادي لرؤوس الأموال الأجنبية وتمنح المحفزات المناسبة لتنشيط دخول رؤوس الأموال الأجنبية إلى اقتصاديات كُردستان العراق. وهناك مشروع قانون مطروح للمناقشة, بدا لنا مناسباً لهذه المرحلة من تطور الإقليم.







ثانياً: استراتيجية التنمية في إقليم كُردستان


يمكن تحديد المشكلات التي يعاني منها إقليم كُردستان بما يلي:



هذا الواقع الراهن والمعرفة الفعلية بالإمكانيات المتوفرة يسمح لحكومة إقليم كُردستان تحديد استراتيجية الإصلاح الاقتصادي والإعمار والتنمية المنشودة في الإقليم, والتي يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:

· إزالة التخلف المتعدد الجوانب من خلال تغيير البنية الاقتصادية والاجتماعية وإزالة واعية ومستمرة للاختلال الهيكلي الراهن.

· زيادة الموارد المالية للإقليم وتوجيهها لدعم الميزانية الاعتيادية وميزانية التنمية الاستثمارية ودعم الفئات الكادحة من السكان والاعتماد في ذلك خلال المراحل الأولية على زيادة الموارد النفطية. يضاف إلى ذلك ضرورة استثمار بقية الموارد الأولية لتقليل دور النفط على المدى البعيد.

· التنمية البشرية التي تشكل قاعدة البناء والتطور الاقتصادي والتقدم الحضاري لإقليم كُردستان خلال العقدين القادمين.

· تطوير مراكز البحث العلمي والتكنولوجي بتعزيز العلاقات مع معاهد العلم والتقنيات في العالم المتقدم, إضافة إلى ربط تلك المعاهد ومراكز البحث العلمي بالمؤسسات والمشاريع الاقتصادية والجامعات والكليات.

· تطوير إنتاج الطاقة والصناعات التحويلية وخاصة الصناعات الإلكترونية والآلات الدقيقة ومشتقات النفط والصناعات البتروكيماوية, إضافة إلى الصناعات الزراعية لتطوير الأمن الغذائي.

· وضع برنامج للإصلاح الإداري ومكافحة الفساد المالي والإداري والمحسوبية والمنسوبية والحزبية الضيقة.





ثالثاً: التحديات التي تواجه كُردستان


عند متابعة الوضع المتحرك في كُردستان العراق والعراق عموماً والمنطقة المحيطة بها, وفي ضوء استراتيجية التنمية في الإقليم, يمكننا الإشارة إلى وجود عدد من التحديات المتزامنة التي تستوجب المعالجة من جانب حكومة إقليم كُردستان حالياً وعلى امتداد السنوات العشر القادمة, وهي:

1. التحديات السياسية

2. التحديات الاقتصادية

3. التحديات الاجتماعية

4. التحديات العلمية والتقنية

5. التحديات التربوية والثقافية

أوجه التحديات أو المهمات المتشابكة التي يفترض معالجتها:



1- التحديات السياسية: وأهمها:



· القوى المناهضة لتطور فيدرالية كُردستان في العراق, وهي قوى إسلامية سياسية متنوعة وقوى قومية شوفينية. ولا تخلو القوى الديمقراطية من جماعات ترفض الفيدرالية التي تقترب من الكونفيدرالية, وتقترن بهذا الموضوع مسألة كركوك أيضاً.

· التحديات التي تبدو اليوم هادئة نسبياً, ولكنها قد تتفاقم في المستقبل لتؤثر على العلاقات باتجاه سلبي بين كُردستان العراق وبين إيران وتركيا وسوريا إذا ما تصاعد نضال الشعب الكُردي في أقاليمه الأخرى.

· التحديات الكُردستانية التي تكمن في اتجاهين: القوى الإسلامية السياسية التي تمتلك أرضية في كُردستان وقابلة للنمو, خاصة وأنها تغذى من قوى خارجية ومن دول الجوار, من جهة, والقوى المتطرفة التي تريد إعلان قيام دولة كُردية مستقلة, رغم عدالة القضية, إلا أنها يمكن أن تكون متعجلة لا ترى المخاطر المحتملة, وهي غير قليلة في المرحلة الراهنة, من جهة ثانية.

· والتحدي المهم جداً يكمن في مدى قدرة القوى الكُردستانية على معالجة وتسريع وحدة الإدارة والمؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية في الإقليم والتخلص من الثنائية القائمة حالياً, بالرغم من تنفيذ قرار وحدة المجلس النيابي والحكومة.



ومعالجة هذه القضية ترتبط بكيفية معالجة حكومة الإقليم للتحديات اللاحقة في مجالات تنشيط وتطوير المجتمع المدني وممارسة حقوق الإنسان وحقوق القوميات والحياة الدستورية والبرلمانية السليمة التي تستند إلى العمل الجماعي والمؤسسي, وإضعاف دور القوى والأحزاب الإسلامية السياسية من خلال تنشيط عملية التنوير الديني والاجتماعي والسياسي, وكذلك العمل المبرمج والهادف في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ..الخ. وإزاء هذه التحديات السياسية التي يمكن أن تنعكس على الوضع الأمني الداخلي, يفترض العمل على تسريع وتنظيم فعال للوحدة داخل المجتمع الكُردستاني وإدارته, وسد الثغرات الأمنية وتقليص النفوذ الإيراني والتركي في كُردستان العراق وتعزيز التحالف الديمقراطي على نطاق العراق على المدى المتوسط والبعيد, وكذلك تنشيط التحالف مع القوى الدولية التي تقدم حماية مناسبة حالياً لكُردستان العراق.

Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
وفد من تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الآشورية يلتقي في بغداد رئيس مجلس النواب العراقي شبكة أخبار نركال/NNN/ أصدرت اللجنة الإعلامية لتجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الآشوريةبياناًن حول لقاء وفد من التجمع برئيس مجلس النواب اسامة النجيفي في بغداد. وفيما يلي نص البيان: مصرع قبطي في إشتباكات طائفية بالأقصر زمان-القاهرة

عادت الاصطدامات ذات الطابع الطائفي الي واجهة الاحداث في مصر وحذر مصدر في الداخلية المصرية في تصريح لــ (الزمان) من احتمال اتساعها اذا لم تتدخل الهيئات السياسية والدينية لتهدئة الاوضاع الأربعاء اليوم الثالث من صوم نينوى " باعوثا دنينواي " القراءات الطقسية: القراءة الأولى: يونان 3 / 1 _ 10 وكانت كلمة الرب إلى يونان ثانية قائلاً . . . + يونان 4 / 1 _ 10 فساء الأمر يونان مساءة شديدة . . . البرلمان العراقي.. وحوار الصفعات الوطني والثأر الديمقراطي كلاهما منكوب،الشعب العراقي وبرلمانه الموقر،ونكبة الأخيرلا تصلح للتعبيرعن نكبة الأول،او تمثيلها بمنجزات وطنية تضعها على طريق الزوال،فهي نكبة التخندقات الطائفية،والتكتلات السياسية (وغير السياسية) المعارضة بلا أجندات لرؤية سياسية مغايرة او حلول ناجعة توحد ا

Side Adv2 Side Adv1