رئيس الجمهورية يلقي كلمة في القمة العربية الاقتصادية بشرم الشيخ
19/01/2011ِبكة أخبار نركال/NNN/
ألقى فخامة رئيس الجمهورية جلال طالباني اليوم الأربعاء 18/1/2011 كلمة في القمة العربية الإقتصادية والتنموية والإجتماعية بدورتها الثانية في مدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية.
وفي ما يأتي نص كلمة فخامة الرئيس.
"بسم الله الرحمن الرحيم
فخامة الاخ الرئيس محمد حسني مبارك المحترم
صاحب السمو أمير دولة الكويت الشقيقة الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح المحترم
اصحاب الفخامة والسمو والمعالي رؤساء الوفود الشقيقة
معالي الامين العام للجامعة العربية
الضيوف الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعرب، بداية، عن جزيل الشكر والامتنان للاخ والصديق العزيز فخامة الرئيس محمد حسني مبارك وللشقيقة الكبرى مصر لحسن الاستقبال وكرم الضيافة وتوفير افضل الاجواء لالتئام هذه القمة.
كما أقدم خالص الشكر للأخ العزيز صاحب السمو الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، لاسهامه البالغ والمهم في عقد وانجاح القمة العربية الاقتصادية الاولى ومتابعة قراراتها.
أن انعقاد هذه القمة العربية وبمثل هذا المستوى الرفيع انما يدل على ادراك للدور المتعاظم للاقتصاد في عالمنا المعاصر الذي يشهد ترابط وتداخل عمليات التنمية في مختلف اصقاع العالم. ومن الحري بنا، نحن الدول المنضوية تحت لواء الجامعة العربية ، ان نعزز اواصر التعاون والتنسيق في مختلف الميادين لتحقيق الاستقرار والرفاهية لشعوبنا والامن والسلام في المنطقة والعالم.
أن جمهورية العراق على اتم الاستعداد للمساهمة بكل همة ونشاط في هذا العمل التكاملي، مسخرة لذلك ما حباها الله من طاقات وخبرات بشرية وخيرات وثروات طبيعية. ولعل انطلاق حكومة الشراكة الوطنية برئاسة الاستاذ نوري المالكي سيغدو حافزا ومعجلا لعمليات الاعمار والتنمية في بلادنا التي عانت طوال عقود من الاستبداد السياسي والاقتصادي والحيف الاجتماعي، ومما جرته الحروب والحصار والارهاب وعدم الاستقرار من اهوال وخراب .
لقد قطعنا شوطا مهما على طريق التخلص من بقايا ذلك الارث الثقيل وسنمضي قدما الان بخطى واثقة بعد قيام الحكومة التي يترأسها الاخ المالكي والتي تشكلت بارادة عراقية خالصة ومثلت اجماعا وطنيا . وهذا ما ادركه الاشقاء الذين توافد العديد منهم في الاسابيع الماضية الى بغداد التي طال اشتياقها اليهم، وتوقها الى العمل معهم سوية لمواجهة التحديات الكثيرة الشاخصة امام مجتمعاتنا في الميادين السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية. ان من شأن التكامل الاقتصادي العربي القائم على اسس التكافؤ والمنفعة المتبادلة ان يوفر الاثراء المتبادل لاقتصادات بلداننا ويتيح لها الاندماج بالاقتصاد العالمي مع مراعاة الخصوصيات التاريخية والدينية والقومية لمنطقتنا. وينبغي أن نضع نصب اعيننا أن الهدف الاسمى للتنمية والتكامل الاقتصادي، هو تحقيق خير الانسان ورفاهيته واطمئنانه الى غده، وذلك بتوفير فرص العمل والتكافؤ في الحصول على الوظائف وتقاضي اجور عادلة وتقليص التباين الاجتماعي. ولن يتسنى تحقيق هذه الاهداف الا في بيئة ديمقراطية تكفل الحريات وتصون حقوق الانسان . وبالسير على هذا الطريق سوف نتمكن من معالجة معضلات كبرى تواجهها مجتمعاتنا مثل الارهاب والتطرف ، وفي الوقت ذاته نحقق التقدم في مجال الخدمات والتعليم والصحة والثقافة وتحسين البيئة وغيرها.
وعلى الصعيد العملي فأن من بين الاولويات التي تؤيدها جمهورية العراق دعم مشاريع الربط الكهربائي العربي ووضعها موضع التنفيذ دون عوائق، بما في ذلك عبر تعديل ومواءمة واستحداث التشريعات الوطنية ، ودعوة القطاع الخاص الى الاشتراك في هذه المشاريع من اجل انشاء سوق عربية للطاقة الكهربائية. كما سيكون العراق رافداً اساسياً يمد خط المشرق العربي بالغاز الجاف ليساهم في توفير هذه الطاقة المهمة لأشقائه . ويعمل العراق لتشييد شبكة سكك حديد حديثة لربط مشروع خط سكك الحديد لدول الخليج بسوريا و تركيا ومنها الى أوروبا وبذلك نوفر ممراً أقصر لنقل البضائع من دول الخليج لاوروبا وبالعكس .
كما نؤيد البرنامج الطاريء للامن الغذائي العربي، وندعم الاتجاه الذي يطالب المؤسسات والصناديق الانمائية العربية والاقليمية والدولية بالمساهمة في توفير ما يلزم من متطلبات مالية.
ولا بد من السعي لاستكمال اقامة الاتحاد الجمركي العربي والعمل على اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة لذلك ، تمهيدا للوصول الى السوق العربية المشتركة المنشودة.
أن وضع استراتيجية للامن المائي في المنطقة العربية هو ضرورة ملحة من اجل مواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية للتنمية المستدامة، ودعم مشروع الادارة المتكاملة للموارد المائية، وندعو صناديق ومؤسسات التمويل العربية للمساهمة في تمويل تنفيذ هذا المشروع.
وينبغي تعزيز المشاريع والقرارات الهادفة للحد من البطالة في الدول العربية ودعم التشغيل من خلال منظمة العمل العربية والجهات المعنية في الدول العربية، ونؤكد على ضرورة جعل العقد الحالي عقدا عربيا للتشغيل وخفض البطالة الى النصف على الاقل.
وتحقيق ذلك يجب ان يتم بالتزامن مع وضع الاستراتيجيات الكفيلة بالحد من الفقر في الدول العربية وتمويل المشروعات الخاصة في هذا المجال، ودعم الاتجاه القاضي بوضع سياسات اقتصادية اجتماعية تتيح خفض معدلات الفقر الى النصف في فترة اقصاها سنة 2015، ونؤكد على الالتزام بتمويل شبكات الامن الاجتماعي، وتوفير التمويل اللازم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
ولضمان مستقبل بلداننا واجيالنا القادمة يجب تنفيذ خطة تطوير التعليم للسنوات العشر القادمة ونؤيد ما اقترحته قمة الكويت من زيادة موازنة وزارات التعليم في الدول العربية وتخصيص كافة الموارد اللازمة لها.
أن القمة الحالية تكتسب اهمية اضافية لاننا نرى فيها مساهمة جادة وفاعلة للشركات الخاصة ورجال الاعمال ، الى جانب منظمات المجتمع المدني التي تلعب دورا متعاظما. وينطوي هذا الواقع على ادراك واضح لكون صناع القرار الاقتصادي العربي لا يمكن ان يصوغوا استراتيجيات التنمية ويفعلوا ما يتخذون من قرارات الا بمساهمة القطاع الخاص وممثلي المجتمع المدني وبخاصة جيل الشباب الطالع.
اصحاب الفخامة والسمو والمعالي
الحضور الكرام
ان مؤتمرنا هذا ينعقد في ظرف بالغ الحساسية والتعقيد في منطقتنا خاصة وفي العالم عامة، الامر الذي يقتضي من القادة واصحاب القرار ان يضعوا ايديهم على النبض دائما ، يستقرئون الاحداث ويواكبونها ويتبادلون الراي والمشورة في مستجداتها وافاقها.
وفي هذا السياق فان القمم العربية التي غدت تقليدا دوريا يمكن ان تلعب دورا هاما واساسيا في معالجة الملفات الانية الملحة ووضع المشاريع الاستراتيجية المستقبلية. ومن هنا فأن القمة العربية القادمة في بغداد ستغدو محفلا مهما للتداول والبحث عن الحلول واستشراف المستقبل.
وتكتسب هذه القمة اهمية اضافية كونها سوف تؤكد دعمكم الاخوي لشعب العراق الناهض والذي واجه محناً صعاباً واجتاز اختباراتٍ شاقةُ، وتفادى الوقوع في شباك الاحتراب الاهلي وتوصل ابناؤه على اختلاف اديانهم ومذاهبهم وقومياتهم الى قناعة راسخة بأن العراق هو هويتهم الجامعة المحصنة لخصائص كل منهم.
أن العراقيين لم يتنكروا يوما لروابط التاريخ واللغة والدين وهم يؤكدون انهم جزء اصيل من الحضارة العربية الاسلامية وان بلادهم السائرة على طريق استتباب الامن والاستقرار هي عضو مؤسس وفاعل في جامعة الدول العربية، وستكون بخيراتها الوفيرة وعطاء ابنائها عنصرا اساسيا في المنظومة التكاملية العربية على جميع الاصعدة.
وكلنا ثقة وأمل في أن الاشقاء العرب سوف يلبون دعوتنا لحضور القمة القادمة في عاصمة جمهورية العراق، بغداد، وأن نتشرف باستضافة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة الدول العربية الشقيقة.
ان بغداد تتطلع وبشوق الى استقبال القمة العربية القادمة.. اننا نتوق لرؤياكم اهلا كراما في بغدادكم.. ونتمنى لمؤتمرنا هذا التوفيق واشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".