Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

رئيس القائمة العراقية في حديث لـ «الشرق الأوسط»: لن أذهب إلى إيران.. ولن ألتقي أي مسؤول إيراني سرا

29/01/2012

شبكة اخبار نركال/NNN/
علاوي: لا قوانين في العراق.. والأمور ماضية باتجاه التفرد وهذا يقود إلى الديكتاتورية..
رئيس القائمة العراقية في حديث لـ «الشرق الأوسط»: لن أذهب إلى إيران.. ولن ألتقي أي مسؤول إيراني سرا..

معد فياض
بين بغداد وأربيل تنشط حركة الدكتور إياد علاوي، زعيم كتلة العراقية رئيس الوزراء العراقي الأسبق، ومعه بعض قيادات كتلته للتحاور مع القيادات الكردية التي يقول عنها «إننا نرتبط معهم بتحالفات تمتد لعقود طويلة من النضال ضد الديكتاتورية». ويؤكد زعيم «العراقية» أنه في تحركاته لم يتراجع عن أهم موضوعين: الأول عمله الدؤوب والجاد من أجل تحقيق البرنامج السياسي لكتلته، «من أجل بناء دولة المؤسسات واستقرار العراق والعراقيين»، والثاني اعتراضه المستمر على «التدخل الإيراني في الشأن الداخلي العراقي ودول المنطقة». في أربيل، عاصمة إقليم كردستان، حاورت «الشرق الأوسط» الدكتور علاوي الذي أصر على أن تحقيق أحد خياراته الثلاثة التي طرحها في خطابه الأخير الموجه للشعب العراقي هو ما يحقق استقرار العراق، «من خلال تحقيق الشراكة الوطنية الحقيقية»، واصفا دور الإدارة الأميركية في العراق بـ«الفاشل»، مشيدا بتصريحات الأمير تركي الفيصل في ما يتعلق بموضوع التدخل الإيراني في شؤون المنطقة.. وفي ما يلي نص الحوار:

- كيف تجد اتجاه الأوضاع السياسية في العراق؟
* الأوضاع متجهة نحو مسارات صعبة للغاية لأسباب عديدة، في مقدمتها طبيعة العملية السياسية التي بنيت على أسس خاطئة من تهميش وإقصاء وطائفية سياسية، مما قاد إلى عدم بناء مؤسسات دولة قادرة على تقديم الخدمات للمواطنين، وفي مقدمتها الأمن وعدم تنفيذ مفردات الشراكة الوطنية التي تم التوافق والاتفاق عليها، وهذا يؤدي إلى توترات صعبة يمر بها البلد اليوم، ثم تصاعدت التوترات إلى ممارسات خطيرة، منها قضيتا الأخوين طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية، وصالح المطلك نائب رئيس الوزراء.

- في ما يتعلق بقضية الهاشمي، ألا تثقون بالقضاء العراقي؟
* لا توجد قوانين في البلد، والقضاء مسيّس والقوانين تحت تأثير التسييس، وهناك إجراءات خارج حدود القوانين وبالضد من الدستور وخروقات دستورية، لهذا لا يوجد مفهوم سيادة القانون وليس هناك مفهوم لاحترام وسيادة مبادئ الدستور بالكامل.

- منذ متى بدأت هذه الخروقات؟
* هي لم تتوقف.. مثلا هناك النظام الداخلي لمجلس الوزراء، حتى الآن لم يصدر ولم نعرف عنه أي شيء، ثانيا التعيينات برتبة «أمير لواء» فما فوق بالجيش والمستشارين يجب أن تناقش أسماؤهم حسب الدستور من قبل مجلس النواب لإقرار الأسماء ليتم التعيين أو لا، ولم يتم ذلك وهذا خرق دستوري، وفي ما يتعلق بالمعتقلين فحسب الدستور يجب ألا يبقى المعتقل بالسجن لأكثر من 24 ساعة وتجدد له من قبل القاضي لمرة واحدة ولا يحجز بسجن سري ويجب أن يكون له محام، وهذا غير موجود.

- المواطن العراقي يتساءل: أنتم تعرفون بكل هذه الخروقات والإجراءات من قبل، لماذا إذن شاركتم في العملية السياسية؟
* لا، العملية السياسية شاركنا بها بسبب غياب الخيارات، شاركنا فيها لمحاولة إصلاحها وقد تصدينا لكل الانحرافات فيها بدءا بمحاربة الطائفية السياسية وتبني مشروع المصالحة الوطنية وضرورة أن تكون العملية السياسية شاملة لا تستثني سوى الإرهابيين والقتلة، وهذا طريقنا لإصلاح العملية السياسية الذي قد ينجم عنه، إذا تم، الإصلاح وبناء دولة مؤسساتية.

- لماذا لم تختاروا أن تكونوا في المعارضة؟
* معارضة العملية السياسية تقصد؟

- نعم.
* يعني أن نخرج من العملية السياسية ونعارضها من خارجها؟! كيف يجوز ذلك؟!.. كيف يحدث هذا؟! العملية السياسية ليست وقفا على أحد، هناك مفهوم أن تعارض الحكومة في البرلمان، هناك أن تعارض العملية السياسية، ونحن لسنا من المؤمنين باستخدام العنف على الإطلاق وليس لنا سوى استخدام الأساليب الدستورية والأساليب الحضارية، لهذا اخترنا تارة المشاركة في الحكومة وأخرى في معارضة الإجراءات التي لا تخدم الاستقرار ولا تخدم الدستور، سواء في مجلس النواب أو مجلس الوزراء.

- خصومكم يتهمونكم بأنكم تقدمون قدما في الحكومة وأخرى في المعارضة؟
* نحن ليس عندنا في العراق ديمقراطية وليس هناك استقرار والحكومة جزء من العملية السياسية نشارك بها وندعم الاتجاهات الصحيحة ونعمل أيضا على تصحيح الاتجاهات الخاطئة ونعارضها، هذه الحكومة التي اشتركنا فيها كجزء من اتفاق وعلى أسس معروفة، وهي أن تقوم على شراكة حقيقية ووفق تسعة محاور، لكن هذه الشراكة لم تتحقق بسبب فشل عملية الشراكة بل وفشل مؤتمر أربيل، لهذا أطلق فخامة الرئيس جلال طالباني دعوة لاجتماع وعقد مؤتمر وطني، لو كان هناك مجلس نواب فاعل وحكومة فاعلة ولو كانت هناك شراكة حقيقية لما كان هناك أي سبب لعقد هذا المؤتمر الوطني. عندما فشلت القوى السياسية في تشكيل الحكومة عقدنا مؤتمر أربيل بمبادرة من الأخ مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، واليوم عندما فشلت العملية السياسية دعا فخامة الرئيس إلى مؤتمر آخر نستطيع تسميته «أربيل 2»، ففي «أربيل 1» تشكلت الحكومة، وفي «أربيل 2»، وحسب اعتقادي، النظر في أسباب عدم تنفيذ النقاط المتعلقة بالشراكة الوطنية.

- قلتم في تصريحات سابقة إذا عقد المؤتمر الوطني في بغداد فلن نشارك فيه، هل ما زلتم متمسكين بذلك؟
* نحن قلنا إنه يجب توفير أجواء سليمة تضمن نجاح المؤتمر، وهذا يتم عبر عدة مسارات، أولها تفكيك الأزمة الحالية وتخفيف التوتر ومشاكل الاعتداءات على جماهير «العراقية» وقياداتها وأنصارها، ثانيا إذا لم يحضر الصف الأول من قادة الكتل السياسية وعلى رأسهم طبعا الرئيس طالباني، وبارزاني رئيس إقليم كردستان، والسيدان عمار الحكيم زعيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، ومقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، فلن تكون للمؤتمر أي أهمية، هؤلاء القادة لعبوا دورا مركزيا لإرساء دعائم العملية السياسية، والأخ بارزاني هو صاحب المبادرة التي تشكلت بموجبها الحكومة الحالية وفق معايير الشراكة الوطنية الواضحة، في غياب هؤلاء لن نصل إلى نتائج حقيقية ولنا تجارب في ذلك، حيث اتفقنا باجتماعات مضنية حول تطبيق الشراكة الوطنية وناقشنا تسعة محاور ولم يتحقق منها أي شيء.

- باعتقادكم، ماذا تحقق من مبادرة أربيل غير تشكيل الحكومة؟
* لا شيء سوى ذلك.. لم يتحقق أي شيء غير تشكيل الحكومة.

- في خطابكم الأخير الذي نقلته جميع وسائل الإعلام طرحتم ثلاثة خيارات لإصلاح الأوضاع، بينها اثنان يدعوان لاستقالة نوري المالكي رئيس مجلس الوزراء، باعتقادكم كيف ستكون الأوضاع إذا لم تتحقق الخيارات التي طرحتموها؟ وهل تعتقدون أنه سيكون هناك طريق للعودة للعمل مع المالكي؟
* نعم نحن طرحنا ثلاثة خيارات تتعلق بالشراكة الوطنية الكاملة، وأن يتحمل التحالف الوطني مسؤوليته الكاملة لترشيح رئيس لمجلس الوزراء، وتشكيل حكومة للقيام بانتخابات مبكرة، والآن هناك تأييد لخيار الشراكة الوطنية والديمقراطية التوافقية مع أن هناك من يؤيد الخيارات الأخرى، واليوم عرفت أن الأخ عدنان المفتي الرئيس السابق لبرلمان إقليم كردستان يؤيد خيار الشراكة الوطنية الحقيقية.

- هل هناك أي متسع لكم للعمل مع المالكي؟
* هذا يعتمد عليه، إذا قرر المالكي أنه هو جزء من كل فستكون هناك إمكانية للتعاون معه، أما إذا كان قراره بأنه ليس جزءا من الكل فسيكون من الصعب العمل والتعاون معه، اليوم من الصعب أن ينهض شخص وحده بحكم العراق، لا كحزب ولا كطائفة ولا كقومية، هذا معروف، وإذا لم يصر توافق والكل يعتبرون أنفسهم جزءا من قصة أكبر اسمها العراق فلن يعمل أي أحد مع الآخر، لهذا أنا طرحت هذه الخيارات الثلاثة والقرار الآن للمالكي وحزبه وكتلة دولة القانون، فيما إذا كانوا هم جزءا من الكل أو أنهم يريدون الانفراد بحكم العراق.. هذا هو الذي سيحدد المسارات.

- باعتقادكم، ما هو رأي التحالف الوطني؟
* لنا في التحالف إخوة عملنا معهم وتحالفنا معهم لعقود من السنين ضد الديكتاتورية وهم مع خيار الشراكة الوطنية، وبالنسبة لقسم من الإخوة في التحالف الذين لنا صلة بهم يعتقدون أنه لا يمكن لأحد الانفراد بالسلطة.

- هل ستتمخض اجتماعاتكم مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني عن تحالف بين كتلة العراقية والتحالف الكردستاني، لا سيما أن زياراتكم لأربيل متكررة؟
* نحن حلفاء مع الإخوة الكرد لأكثر من 30 سنة وقاتلنا معا ضد النظام السابق، نحن حلفاء مع الرئيس طالباني والأخ بارزاني رئيس إقليم كردستان لترسيخ الديمقراطية الناجزة. هدفنا ليس تشكيل محور ضد آخر بل نحن حلفاء أصلا مع الإخوة الكرد والإخوة في المجلس الإسلامي وغيره من أجل الوصول إلى نتائج للخروج من المأزق الحالي للعراق، والذي أضيفت إليه فصول جديدة، خاصة في ما يتعلق بالسياسات الإقصائية والتهميشية للمحافظات، مما أدى بالمحافظات إلى أن تتبنى خيار تشكيل الأقاليم حتى تتخلص من سياسات التهميش، وهذا أمر جديد في الحقيقة دخل في المعادلة السياسية وصلب بناء دولة العراق، وعلى الرغم من أن الدستور يؤيد إقامة الأقاليم في ظروف معينة فإن اتجاه المحافظات الآن لهذا الخيار هو نتيجة سلوك الحكومة.

- أنتم حذرتم، ومنذ وقت مبكر، خلال أحاديثكم لـ«الشرق الأوسط» من خشية التفرد بالسلطة في العراق، كيف ترون الأمور اليوم؟
* بالتأكيد الأمور ماضية باتجاه التفرد، وهذا يقود إلى الديكتاتورية.

- هل هناك خشية من انزلاق العراق إلى حرب أهلية؟
* أتمنى ألا تصل الأمور إلى هذا الحد لكن بالتأكيد أن الطائفية السياسية هي السائدة، أنا كنت قد حذرت مرارا من الوصول إلى هذه النتيجة. الطائفية السياسية هي مقتل العملية السياسية والدولة العراقية وبنائها وسوف تنهي العراق. الأمر الوحيد الذي يقود لاستقرار العراق هو أن يكون العراق لكل العراقيين وأن يكون الكل سواسية، وأضرب مثلا بسيطا على ما أقوله، وهو ما قام به ضابط من أهالي الحويجة ومن أنصار «العراقية».. قام باحتضان إرهابي يرتدي حزاما ناسفا انفجر به واستشهد كي يحمي الآخرين، في هذا التصرف البطولي دلالة كبيرة تعني أن المواطن العراقي لا يفكر بعقلية طائفية، لكن للأسف أن قسما من النخب السياسية يفكر بطريقة طائفية، أما الشعب العراقي فلا يحمل مثل هذه الأفكار، بدليل هذا الحادث الرمزي الكبير بمعناه، وقبله حادث استشهاد عثمان العبيدي. الطائفية السياسية ستؤدي إلى تصدع في البنية الرئيسية للعراق، لا سمح الله، لهذا فأنا طرحت الخيارات الثلاثة التي من خلال أحدها على الأقل نصل إلى توازن في العملية السياسية وتحقيق توازن في العمل المشترك لبناء الدولة العراقية حتى يرجع العراق ليس للعراقيين فحسب، وإنما أن يلعب دورا مهما في استقرار المنطقة ككل، عوضا عن أن تكون المنطقة عرضة للاستباحة وعرضة للتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي والقتل والتمزيق مثل ما يحصل وما نعيشه، لو كان العراق قويا وبلدا معافى وسليما، كان سيسهم باستقرار المنطقة، ولكان عاملا مهما في منع التدخلات الأجنبية في الشأن الداخلي.

- هل العراق في عزلة عربية ودولية؟
* نعم.. بالتأكيد في عزلة وعزلة كبيرة، باستثناء الجانب الأميركي الذي يسرح في البلد ويروح ويجيء «بكيفه» مثلما يريد، وغيره لا يوجد أحد.

- وكيف ترون الدور الأميركي في العراق؟
* الدور الأميركي مرتبك وغير واضح، وهم منشغلون بمشاكلهم، أميركا لا تبحث عن مخرج سياسي، وهمّها المشهد الأميركي نفسه ولا يهمها الاستقرار في العراق أو في المنطقة، عندهم انتخابات وهذه سنة انتخابات ويهمهم التنافس الانتخابي ويستخدمون العراق كورقة من الأوراق في هذه الانتخابات. ما يهمنا نحن هو أمن واستقرار بلدنا وشعبنا، عندنا مثل عراقي يقول «الذي يضرب بالعصي هو غير الذي يعدها أو يحسبها»، فشعبنا يذبح كل يوم بينما الذي يجلس في واشنطن أو شيكاغو أو نيو جيرسي يراقب «يحسب العصي التي يضرب بها شعبنا» ولا يهمه ما يجري هنا، نحن عندنا مشكلة حقيقية تتعلق بمعانات شعبنا وباستشهاد العراقيين الأبرياء يوميا. نحن نتمنى أن نحتفظ بعلاقات جيدة مع أميركا كدولة تكاد تكون الأهم في العالم، لكن أجد من واجبنا تنبيه أميركا حول مخاطر ما يجري في العراق ودور العراق في استقرار وأمن المنطقة وتحقيق التوازن الذي يعيد العراق إلى الحظيرة الدولية بشكل سليم.

- هل تعتقدون أن الولايات المتحدة فشلت في العراق مما قاد الأوضاع في البلد إلى هذا الوضع؟
* بالتأكيد أميركا فشلت في العراق.. فشلت ليس في العراق وحده بل حتى في أفغانستان وباكستان والصومال والسودان، وكذلك في سير عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.. كلها متوقفة وفاشلة، وهذا الفشل أصبح وبشكل واضح يؤدي إلى المزيد من الإرباك في السياسة الأميركية، وأملي أن يتحدث القادة العرب بشكل صريح وواضح جدا مع الإدارة الأميركية لتعيد النظر في سياساتها وأن تتعامل مع المنطقة كشريكة وليس من باب التدخل بالشأن الداخلي وفرض سياسات على شعوب المنطقة، وإنما يجب أن تكون شريكا حقيقيا ومهما ليس على صعيد المنطقة وإنما على صعيد الأوضاع العالمية ومعالجة التدهور الاقتصادي الهائل الذي يحصل في العالم.

- هناك من السياسيين العراقيين من يعتب على العرب بسبب ما يسمونه غياب الدور العربي في العراق، ما هو رأيكم؟
* أنا لا أعتقد أن هناك غيابا للدور العربي في العراق، ولا أعتقد أن العرب في رغبتهم أو تصميمهم نسيان العراق، هذا ما لا أتصوره، وإنما لم يتدخل العرب في الشأن العراقي في البداية استجابة للموقف الأميركي الذي طمأن العرب بأن الوضع العراقي سليم ولن يحدث أي تدخل خارجي وانتهى الأمر كما هو عليه الوضع الآن، أن البلد يعيش بهذه الحالة وأنه نتيجة ضعفه (العراق) أصبح عرضة للتدخلات الإقليمية، والدليل على ما أقوله هو تصريحات قاسم سليماني مسؤول «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني، من جانب، والملابسات التي تحصل بين العراق وتركيا من جانب آخر. سليماني يقول علانية إن «العراق تحت نفوذنا»، والمحزن أننا لم نسمع أي تصريح من أعلى المستويات في الحكومة (العراقية) يدين هذا التصريح، وهذا مؤشر مهم على أن العراق أصبح عرضة لتدخلات دول الجوار بشكل واضح.

- كيف ترون الدور التركي في ما يتعلق بالعراق؟
* نستطيع أن نقيس الدور التركي في العراق من عدة أبعاد: الأول هو إصرار تركيا على تنمية العراق ومساعدة العراقيين في عملية التنمية، الثاني هو أن تركيا وإلى مدى قريب جدا كانت منفتحة على العراق والعلاقات معها جيدة، والثالث هو أنه كانت هناك مشكلة تتعلق بحزب العمال الكردستاني (التركي المعارض) وما زالت قائمة لكن الحوارات بين القيادة التركية والقادة الكرد في إقليم كردستان العراق كفيلة بحل هذه المشكلة، وحاولت تركيا أن تبني علاقات جيدة مع العراق وإيران وسوريا ودول أخرى، وأن تخلق حالة من التوازن في المنطقة من جهة، ومع الولايات المتحدة من جهة أخرى، وأن تبني وضعا يساهم باستقرار العراق. وأتذكر أنه قبل أكثر من عام وقبيل تشكيل الحكومة في العراق سعت تركيا لإيجاد قنوات للتفاهم مع كل من إيران وسوريا كي تتشكل حكومة تمثل الطيف السياسي العراقي وفق شراكة وطنية واضحة من دون أن تنحاز إلى أي جهة.. لم تنحز للأكراد ولا لـ«العراقية» ولا لدولة القانون أو التحالف الوطني، وإنما كانت تبحث عن مشتركات لدفع المنطقة باتجاه العراق، لكن هذا الفهم في العلاقة بعد إصرار إيران على الوقوف بوجه «العراقية» بشكل واضح وكامل، وبعد تشكيل الحكومة العراقية، بدأ هذا التوافق الإقليمي بالتصدع وصولا إلى الشتائم المتبادلة وتصريحات إيران التي تسيطر على العراق وجنوب لبنان، وهذا هو الأمر المؤسف والذي يحز بالنفس في الحقيقة.

- صدرت من السفير الإيراني لدى العراق حسن دنائي فر تصريحات حول ملابسات دعوتكم لمقابلته ببغداد، نريد أن نسمع منكم حقيقة هذه القصة.
* ليس هناك أي التباس أو ملابسات، بطلب من قيادة كتلتنا العراقية تم الاتفاق على أن أتحدث مع السفير الإيراني لدى العراق، وأن أوجه له دعوة غداء في مقر «العراقية» ببغداد وبحضور قادة كتلتنا جميعا، وأن نحمله رسالة للقيادة الإيرانية حول التدخل الإيراني بالشأن الداخلي العراقي، وأنه على إيران أن تقف على مسافة واحدة من الكل، وأنا لا أعرف رقم هاتف السفير الإيراني فاتصل به أحد قادة «العراقية» وقال له إن الدكتور علاوي سوف يتحدث معك، وفي اليوم التالي طلبت من مديرة المكتب أن تتصل به وتحدثت معه وقلت له إننا نريد أن نتحدث معك مع قادة ورموز «العراقية»، فقال «إن شاء الله، وأنا مستعد وهذا شيء ممتاز»، لكنني فوجئت مؤخرا بتصريحات غريبة تصدر عنه في هذا الموضوع. أريد أن أوضح أننا لسنا ضد إيران بمعنى أننا مع التدخل في الشأن الإيراني، بل العكس تماما نحن نحترم التاريخ والجغرافيا ونحترم علاقات الجوار ومستقبل العلاقات مع جيراننا ونعتقد أن العلاقات الصحيحة يجب أن تقوم على ركيزتين: عدم التدخل بالشأن الداخلي واحترام سيادة العراق من جانب، والحفاظ على المصالح المشتركة من جانب آخر، لهذا عرضت على الكثير من قادة المنطقة أننا ومع قادة «العراقية» لا مانع لدينا أن نلتقي مسؤولين إيرانيين في دولكم.

- على ألا يكون اللقاء في إيران.
* لا.. لا.. لا أبدا، ليس في إيران، على الإطلاق ليس واردا في ذهني هذا الموضوع، أعني زيارة إيران، لكن حقيقة كنا نريد أن نلتقي، قيادة «العراقية» وأنا، في أي بلد عربي أو في أنقرة مع المسؤولين الإيرانيين ونتحدث بشكل واضح وإذا توصلنا إلى نتائج معقولة تهم مصلحة العراق والعراقيين والإيرانيين فعند ذاك سأزور إيران، لكني لن أذهب إلى إيران من دون أن نحقق نتائج ونتفق على برنامج.. لن أذهب إلى هناك لأكرس لواقع الحال وللتدخل الإيراني ليس في الشأن الداخلي العراقي وحسب بل في دول المنطقة الأخرى، أولا وأخيرا نحن عندنا ولاء للوضع العربي وسلامة الدول العربية ودول المنطقة، وأنا أعتقد أن مشاكل المنطقة مترابطة مع بعضها البعض، لهذا فأنا حريص على معالجة كل المشاكل مع إيران، لكن هذا يجب أن يتم ضمن ظروف وإجراءات عملية واضحة، منها وعلى رأسها أن تتحقق لقاءات عملية في دول مهمة.. لربما يطرح سؤال مفاده أن علاوي ليس رئيسا لدولة أو حكومة بل أنا عضو في مجلس النواب ورئيس كتلة سياسية (العراقية) فلماذا تتحدث إيران معي؟ أنا لا أعرف لماذا تدعوني إيران لزيارة طهران؟ ولماذا تريد التحدث معي؟ لكنني أعرف بالتأكيد لماذا نريد نحن في «العراقية» الحديث مع المسؤولين الإيرانيين، وذلك لإيضاح مسائل مهمة تتعلق بالتدخل الإيراني بالشأن الداخلي العراقي وتوقف هذا التدخل، وكذلك المشاكل بين إيران والدول العربية، لهذا نحن حريصون على التحدث مع المسؤولين الإيرانيين، ولكن أي لقاء سري أو انفرادي مع مسؤولين إيرانيين، أو أي لقاء في إيران قبل الوصول إلى نتائج مهمة لن أوافق عليه بأي شكل من الأشكال. لهذا فأن أذهب إلى إيران لمجرد الزيارة أجده بلا معنى، مع أني أتسلم وباستمرار دعوات منهم لزيارتهم وقد رفضتها كلها، قلت لهم أنا جزء من كل، من قيادة «العراقية»، ولن أذهب إلى طهران لأغراض الاستعراض الإعلامي والتقاط الصور.. هذا لا يهمني وليس مهمتي.

- كيف تجدون تصريحات الأمير تركي الفيصل حول التدخلات الإيرانية بالشأن العراقي والعربي؟
* الأمير تركي الفيصل رجل سياسي خبير ومتمكن، وهو جزء من القيادة السعودية، ومثقف وله دور كبير باتجاه العمل من أجل استقرار الأوضاع في المنطقة، وهو لا يتحدث لمجرد توجيه الاتهامات بل هو يتكلم عن حقائق أشار إليها الأخ الأمير الفيصل، وهذا ما نعانيه نحن جميعا من مشاكل التدخلات الإيرانية في شؤون المنطقة (كان الأمير تركي الفيصل الذي شغل من قبل منصب رئيس المخابرات السعودية وكان سفيرا للمملكة في واشنطن، قد شجب التدخل الإيراني بالشأن الداخلي في العراق ولبنان ودول المنطقة، واعتبره تهديدا لأمن المنطقة ككل، جاء ذلك في كلمة ألقاها في (قاعدة مولسووث) الجوية البريطانية في كامبردج شاير، التي يستخدمها حلف شمال الأطلسي كمركز لجمع المعلومات الاستخباراتية عن منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط).

- إذا لم يتحقق عقد المؤتمر الوطني ماذا سيحدث؟ وما هي الخطوة المقبلة؟
* مثل قصة مؤتمر أربيل، إذا فشل تحقيق عقد المؤتمر أو تم عقده وفشل في النتائج، فإن على التحالف الوطني أن يتحمل مسؤوليته باتخاذ الإجراءات، إما أن يقود التحالف الوطني العراق منفردا وإما أن يبحث عن بديل لتحقيق الشراكة الوطنية الحقيقية وتحقيق التوازن في العملية السياسية، لكن بالتأكيد إذا أخفق المؤتمر في تحقيق أهدافه فإن على الإخوة في التحالف الوطني، وبينهم إخوة مناضلون ونحن نعرفهم ولنا معهم علاقات طويلة، أن يتخذوا الإجراءات الكفيلة لضمان سلامة العراق.

- كيف ترون وحدة كتلة العراقية اليوم؟
* الكتلة موحدة.. نعم هناك اجتهادات شخصية في بعض المواقف، ولا أخفيكم سرا أني شخصيا كنت جزءا من اتخاذ القرار في ما يتعلق بقرار تعليق حضور نواب «العراقية» في مجلس النواب قبل أن تتطور قصة الأخوين طارق الهاشمي وصالح المطلك، وفي اجتماع آخر صار الحديث عن احتمالات التصعيد في موضوع حضور الوزراء، فقلت إنه يجب أن يناقش الإخوة في قيادة «العراقية» هذا الموضوع، وخلال اجتماع، لأنني لم أكن طرفا باتخاذ هذا القرار، هناك اجتهادات، لكن وحدة «العراقية» مضمونة.. نعم هناك إفرازات تحدث، مثل ما يحدث في أي كيان أو تحالف آخر، لكن الجسد الكبير للكتلة باق وقوي.

- أنتم اليوم تتجهون إلى مقركم في بغداد، ترى هل تخشون على أمنكم الشخصي هناك؟
* بالتأكيد.

- هل هناك مخاوف على حياتكم؟
* نعم، وبالتأكيد، لكن ماذا نفعل؟! علينا أن نبقى من أجل خدمة شعبنا وبلدنا.


صحيفة الشرق الاوسط العدد 12115 الصادر بتاريخ 29 كانون الثاني 2012
Opinions