Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

رائحة الكتب المحترقة تختلط بالجثث في (شارع المتنبي)... وإنتشال ضحايا جدد

06/03/2007

بغداد -( أصوات العراق)
بين أنقاض المحلات التي تحولت إلى ركام في (شارع المتنبي) وسط بغداد ،جلس واثق أحمد أمام محله في وقت مبكر من اليوم الثلاثاء... وجالت عيناه لدقائق في المكان الذي كان يضم المئات من الكتب الدينية والتاريخية القديمة والحديثة ولم يعد به إلا بقايا محترقة ،
وقال " أفضل العودة إلى داري... بدلا من البقاء هنا وإجترار الحسرات والألم."
وضرب إنفجار مروع لسيارة مفخخة كان يقودها إنتحاري ،أمس الإثنين ،شارع المتنبي... الذي كان يمثل مكان إلتقاء المثقفين والأدباء العراقيين ورئة تنفس الثقافة العراقية ،وحوله الإنفجار في لحظات إلى كومة من الأنقاض لعشرات الآلاف من الكتب والمجلدات التاريخية والنادرة المحترقة .
وأسفرت عمليات الإنقاذ ،التي مازالت مستمرة حتى اليوم الثلاثاء ،عن العثور على تسع جثث إضافية... كان الدخان مازال ينبعث في قسم منها. ويقول أحد رجال الشرطة العراقية إن عملية إنتشال الجثث "مازالت مستمرة" ،موضحا أن احتمال العثور على عدد آخر من الجثث هو "احتمال قائم."
وقالت الشرطة العراقية الإثنين إن إنفجار (شارع المتنبي) أوقع (30) قتيلا و(65) جريحا .
ويقع (شارع المتنبي) بداية شارع الرشيد ،أقدم شوارع مدينة بغداد... وأحد أبرز معالمها ، وتقع على مقربة من شارع المتنبي منطقة ( القشلة) التي كانت مقرا للحكومة العراقية في العهد الملكي ،وشهد هذا المقر تتويج عدد من الملوك الذين حكموا العراق بداية إستقلاله عن الدولة العثمانية .
ومازالت المنطقة حتى اليوم تحتفظ بمعمارها القديم، وهي تمثل شاهدا ومعلما تاريخيا لمدينة بغداد القديمة.
واحتشد العشرات من اصحاب المحلات وعمال انقاذ وعدد من العوائل في وقت مبكر من اليوم الثلاثاء لمعرفة مصير عدد الاشخاص الذين مازالوا مفقودين حتى الان.
ومن تحت اكوام الانقاض الهائلة للكتب والمجلدات المحترقة التي غطت الشارع، تمكن رجال الانقاذ واصحاب المحلات اليوم الثلاثاء من انتشال تسع جثث من تحت هذه الاكوام كان الدخان مازال ينبعث في قسم منها.
ولم يتمكن اي من الحاضرين التعرف على اي من هذه الجثث لانها كانت متفحمة ومحترقة بالكامل.
ومع العثور على الجثث التسع اليوم الثلاثاء يرتفع عدد الذين لقوا حتفهم إلى (39) شخصا ،
وإصابة ما يقرب من (65) آخرين بجروح .
وقال إحسان عبد الهادي ،وهو أيضا صاحب محل في الشارع ،إن الإنفجار "دمر المكتبة العصرية... حيث إحترقت بالكامل ،وهي أقدم مكتبة في الشارع... وتأسست في العام
(1908) وتضم آلاف الكتب التاريخية الثمينة ،والتي لا يمكن أن تقدر بثمن... ولا يمكن أن تجدها في أي مكان آخر."
وأضاف عبد المهدي لوكالة أنباء ( أصوات العراق) المستقلة اليوم أن "مكتبة النهضة ،وهي
أكبر مكتبة في الشارع ،دمرت واحترقت بالكامل... وهي الأخرى تضم آلاف الكتب التاريخية
والدينية والقانونية التي تحاكي تاريخ العراق القديم والحديث."
ولم يكن بالإمكان التجول في الشارع أو مجرد الإنتقال من مكان لآخر او من محل إلى آخر ، بسبب كمية الاكداس الهائلة التي تغطي أرجاء المكان... وبسبب رائحة الدخان المنبعثة من الجثث المحترقة ،والتي كان الجميع مهتم بالبحث عنها وإنتشالها من تحت الانقاض.
وقال أحد عمال الإنقاذ إن عملية تنظيف الشارع ورفع الأنقاض "قد يستغرق وقتا طويلا ،
خصوصا وان العديد من المحلات مازالت تحترق وعمليات انتشال الجثث مازالت مستمرة."
وأضاف أن كمية الانقاض التي تغطي الشارع "والتي تمثلت بشكل كبير باكداس من الورق والكتب المحترقة اضافة الى كميات كبيرة من مواد البناء والتي كان سببها تهدم العشرات من المحلات بالكامل تقدر بعشرات الاطنان."
وأحدث الإنفجار حفرة عميقة وسط الشارع ،وقال عماد عباس (صاحب محل في الشارع) إن "مايقارب الـ (70) محلا تضررت... (40) منها دمر بالكامل ،إضافة إلى تدمير نحو (15) من المطابع الصناعية الموجودة في الشارع... فضلا عن سبع عمارات سكنية دمرت بالكامل."
وقال آخرون ،إن مقهى ( الشاهبندر ) الذي يعتبر أحد المعالم المهمة في هذا الشارع ،
دمر هو الآخر بالكامل.
ويمثل (مقهى الشاهبندر ) ملتقى الأدباء والمثقفين والكتاب والفنانيين ،وأغلبهم من كبار السن... إعتادوا الحضور إلى هذا المكان رغم كل مايعاني منه البلد من تدهور أمني كبير.
وفى متجر لبيع الصحف المحلية والعربية والمجلات في ساحة الطيران وسط بغداد ،قال أحد العاملين إن السيد قحطان حسن الربيعي صاحب المتجر "إختفى منذ أمس ،حيث كان ذاهبا لتبضع القرطاسية والمجلات من شارع المتنبي."
وأضاف لـ ( أصوات العراق) اليوم "الربيعي لم يعد منذ أن ذهب إلى شارع المتنبي قبل وقوع الإنفجار ,وكلما حاولت الإتصال به أجد هاتفه مغلقا... ولا نعرف شيئا عن مصيره."
وذكر قريب للربيعي أن عائلته "بحثت في كافة المستشفيات ،دون أن تجد ما يدل على مقتله في الإنفجار" ,مشيرا إلى أن العائلة "بحثت بين جثث متفحمة جراء الإنفجار ،وضعت في كرفان بمدينة الطب ،ولم يستطيعوا التعرف عليه... بسبب الإحتراق والتشوه التام الذي أصاب الجثث."
وقال إن العائلة "ما زالت تبحث على أمل العثور عليه... خاصة وأن هناك جثثا أخرى لا زالت تحت ركام وأنقاض الإنفجار" ,وأوضح أن العائلة "ستقيم مجلس عزاء للسيد الربيعي ،في حال عدم العثور عليه." Opinions