Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

شركات النفط تلوث أجواء البصرة

 يعاني لفته أبو كرار من التهاب حاد في الجهاز التنفسي مع انسداد في الشرايين وحساسية في الدم رغم أنه لم يتجاوز الأربعين من عمره، فيما تؤكد تقاريره الطبية أن حياته في خطر بسبب استنشاقه الهواء الملوث الناتج عن مواقع استخراج النفط.

الأخ الأصغر لأبي كرار والذي يرافقه في جولاته بين عيادات الأطباء يقول لـ"نقاش" أثناء وجوده في عيادة أحد الأطباء "نحن نتخوف من فقدانه والأطباء ينصحوننا بتغيير سكنه والابتعاد عن الملوثات وإلا تدهورت صحته أكثر".

لكن هذا الأمر ليس سهلاً، فالرجل ولد في ناحية الشعيبة وتنفس هوائها وعمل فيها هو وأخوته وابناءه، أما اليوم فباتت رئتيه مشبعتان بالدخان والملوثات التي تنتجها الشركات النفطية الأجنبية والتي لا تبعد مواقع أعمالها عن منزله سوى 100 مترفقط.

المعاناة من التلوث لا تقتصر على شخص بعينه فازدياد عمل الشركات النفطية تسبب في استفحال أعراض التلوثات الناجمة عن استخراج النفط، وبات سكان النواحي والمناطق المتاخمة لحقول النفط يعانون من التهابات الرئة والحساسية والربو كما يتعرض الأطفال لإصابات تنفسية خطيرة.

حبيب الكعبي دفع الكثير من المال لعلاج أبنه أحمد الذي مايزال في ربيعه السابع بعدما لازمه ضيق في التنفس وسعال متكرر.

يقول الكعبي "يسعل الصغير طيلة الليل ولا تنفع الأدوية وقلوبنا تتمزق لحاله، فنحن نختنق بسبب تلك الأدخنة التي تنبعث من آبار النفط والملوثات التي تنتجها الشركات النفطية ولا نمتلك السبل الكفيلة لتفادي تلك الملوثات".

يؤكد الدكتور عارف عادل حمود مدير المركز الصحي في منطقة الشعيبة وجود العشرات ممن يعانون من أمراض مختلفة بسبب احتراق المخلفات النفطية القريبة من المنطقة وتصاعد الدخان الأسود الكثيف.

ويقول "تم تشخيص حوالي 90 حالة مصابة بأمراض عدة ناتجة عن التلوث منها التهابات الرئة والحساسية في الدم ومعظم أمراض الجهاز التنفسي والقصور الكلوي إضافة إلى عدة حالات لتشوهات خلقية في الولادات الجديدة، وهي حالات متكررة مع تسجيل عدّة حالات لأمراض سرطانية لسكان المنطقة في مستشفيات البصرة التخصصية وفي مستشفى الزبير العام".

وتعمل على ارض محافظة البصرة ( 590 كلم جنوب بغداد) في الوقت الحالي عشر شركات نفط دولية في مقدمتها لوك أويل الروسية وشل الهولندية واكسون موبيل الأمريكية وايني الايطالية، فضلا عن خمس شركات لاستثمار الغاز ضمن جولات التراخيص الثلاث التي منحتها الحكومة العراقية لتلك الشركات في وقت سابق. 

ويرى قيس الموسوي مسؤول المجلس البلدي في منطقة الشعيبة ان الشركات النفطية لا يهمها سوى الحصول على النفط وزيادة انتاجه، ويقول "لا أحد يبالي بما يتعرض له الأهالي في تلك المنطقة، ولأننا لا نملك صلاحية التخاطب مع هذه الشركات، نطالب الحكومة المحلية في البصرة بالتدخل وانقاذ نواحي الزبير من الموت بعدما بدأت ملامح هجرة جماعية للسكان الذين يقطنون قريباً من حقول النفط ومصفى الشعيبة بسبب ارتفاع نسب التلوث".

مصادر شركة نفط الجنوب تؤكد التزام شركات التراخيص بالمعايير البيئية، عازية ما يشاع إلى رغبة البعض بالضغط على الشركة لأغراض التعيينات أو الحصول على مكاسب أخرى.

يقول الناشط البيئي والتدريسي في جامعة البصرة الدكتور شكري ابراهيم الموسوي " لقد بلغ التلوث الحاصل من عمل الشركات النفطية درجات خطيرة على البيئة وعلى صحة الانسان في المحافظة التي تعاني أصلاً من بؤر الاشعاعات الناجمة عن مخلفات الحروب، كما أن مدينة الزبير ونواحيها تنال القسط الأوفر من الملوثات كغازات اول اوكسيد الكاربون وثاني اوكسيد الكاربون وان هناك آلاف الأطنان المكعبة من الدخان الهيدروكربوني الســام تنتشر في سماء المدينة مسببة تدهورا في نوعية الهواء ما يؤدي الى تدهور عام في صحة الناس".

ومع تصاعد وتيرة المخاطر الصحية دعا قائممقام قضاء الزبير عباس رشم الحيدري الحكومة في بغداد إلى التدخل مباشرة وإيلاء الموضوع عناية خاصة ووضع حد لزيادة التلوث البيئي.

الحيدري قال لمراسل "نقاش" إن قضاء الزبير ينتج 65% من نفط العراق، لكنه في الوقت نفسه يعاني من قلة التخصيصات وانهيار البنية التحتية والتصحر والتلوث البيئي.

بينما اقترح رئيس المجلس المحلي للزبير وليد خالد المنصوري ان تجد الشركات النفطية آلية للعمل على رفع المخلفات والتقليل من أنبعاث الأدخنة والغازات وأضاف "نقترح استخدام الحفر المائل بالقرب من المناطق السكنية مع ترك مسافة خمسة كيلو مترات عن الحدود البلدية للقضاء وإقامة حزام أخضر حول مدينة الزبير".

ويسعى المسؤولون في الزبير إلى الحصول على دعم الحكومة المحلية في البصرة للضغط على الشركات الاجنبية للقبول بالشروط ضمن العقود المبرمه معها.

وتسعى بعض الأطراف المحلية إلى رفع دعوى قضائية ضد شركة نفط الجنوب بسبب التجاوز على التصميم الأساسي لقضاء الزبير من قبل شركات النفط الأجنبية العاملة في البصرة وتهديد صحة الناس جراء الملوثات المرافقة لاستخراج النفط.

ومهما كانت الاجراءات التي سيتم اتخاذها فهي لن تساعد في إنقاذ حياة أبو كرار الذي استفحل في جسده المرض لكنها قد تفلح في إنقاذ الكثيرين غيره.


 

Opinions